بمناسبة ذكرى وعد بلفور المشؤوم، وتأكيداً على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، أقام اتحاد الشباب الديمقراطي (أشد) ومنتدى الفكر والأدب، ندوة سياسية تحت عنوان "وعد بلفور المشؤوم وقانون القومية الصهيوني العنصري"، وذلك في مقر المنتدى في مدينة صور، بمشاركة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي، وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية ومسؤول الإعلام في لبنان الأستاذ فتحي كليب، وبحضور رئيس المنتدى الدكتور غسان فران، وممثلين عن الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية، وفعاليات وشخصيات ومهتمين.

قدم الندوة عضو الهيئة الإدارية لمنتدى الفكر والأدب الأستاذ مروان فران، لتفتتح بعدها بالوقوف دقيقة صمت عن أرواح الشهداء، ومن ثم كانت مداخلة للنائب الموسوي قال فيها إن هذه المناسبة دأبنا على إحيائها من أجل التذكير على الدوام ببدائه يراد لها أن تندثر وتتحول إلى نقائضها، والتذكر الآن وكما في كل آونة، هو عملية تندرج في سياق الجهد المقاوم لمنع تزييف الوعي الذي كان يمارس على الدوام، والآن يمارس بصورة عالية متوسلاً أدوات نتطرق إلى بعضها.

وأضاف النائب الموسوي نحن تاريخياً وسياسياً نستطيع القول إننا انتقلنا مما يسمى وعد بلفور إلى وعد ترامب الذي نعيشه الآن، فوعد بلفور أدى غرضه إلى حد ما في مطلع القرن، وأما الآن فنحن أمام مرحلة جديدة تعيشها القضية الفلسطينية تتمثل في الوعد الذي قدمه الرئيس الأميركي للحركة الصهيونية، وعليه فإن ذكر إسم فلسطين في هذه المرحلة هو ضرورة، لأن المراد هو شطب إسم فلسطين من الخارطة، والبقاء على إسم الشعب الفلسطيني هو أيضاً ضرروة، ولا نحتاج معها لتذكير أحد بأن ثمة توجهاً واضحاً عند الإدارة الأمريكية والحركة الصهيونية وجزء كبير من الأنظمة الرجعية العربية، للعمل على طمس هوية الشعب الفلسطيني وتحديداً الشعب الفلسطيني في الشتات، والهدف من البادرة الأميركية إلى سحب المساهمة في وكالة الأونروا، هو إلغاء هذه الوكالة، وتحويل ملف اللاجئين الفلسطينيين إلى ملف مفوضية الأمم المتحدة للاجئين بصورة عامة، وإنهاء الاستثناء الفلسطيني المتمثل بتمسية اللاجئين الفلسطينيين، والهدف من ذلك هو مواكبة الجهد السياسي الرامي إلى إسقاط حق عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم وديارهم ووطنهم.

وتابع النائب الموسوي من الأمور التي ينبغي التذكير بها وهي من البدائه ولكن يراد الآن مسحها وشطبها، هو الصراع مع الحركة الصهيونية التي منها الحركة الصهيونية في كل مكان في العالم، لأنه تآزر عضوياً مع الكيان الصهيوني والكيان الصهيوني، وذلك من أجل أن نبقى على وعي بأن طبيعة المعركة ليست مع هذا الكيان الذي يجاورنا جغرافياً، بقدر ما أن المعركة هي مع الحركة الصهيونية بأسرها، وهنا لا بد من التذكير ببديهة جرى طمسها نسبياً، أن هذه الحركة الصهيونية، هي جزء من أدوات الاستعمار الغربي، وكانت ولا تزال على هذا النحو، وبالتالي فإن الصراع مع الحركة الصهيونية، هو وجه من وجوه الدفاع عن استقلالية قرارنا كمنطقة وأمة وشعب، وهذا الصراع مع العدو الصهيوني، يعني هذه الصراعات بأسرها.

وأردف النائب الموسوي إذا بدا إلى أنني أشير إلى بدائه، فهذا أمر طبيعي لأننا في زمن طمس البدائه، وتحويلها إلى نقائض، مثلاً، هناك من سعى بصورة حثيثة لإلغاء الصراع مع العدو الصهيوني واستبداله بصراعات من نوع آخر، أي أنه بات لدينا صراع بين ما يسمى التحالف العربي والدولي مع اليمن، والآن هناك الآلاف من القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى والملايين من الجائعين اليمنيين تحت عنوان هذا الصراع، الذي اسمه هو احتواء النفوذ الإيراني، فإذاً الآن تصرف مئات المليارات من أجل هذا الصراع الذي يشتت الجهود نحو الصراع مع العدو الصهيوني، لأن الشعب اليمني في أكثر من مناسبة، أظهر استعداداً منقطع النظير للانخراط في معركة مواجهة العدو الصهيوني.

ورأى النائب الموسوي أن التحريض المذهبي هو صورة من صور إبدال طبيعة الصراع مع العدو الصهيوني، فبدلاً من أن يكون الصراع مع العدو هو الصراع الأساسي والمركزي، أصبح من يريد أن يكون هناك صراع بين هذا المذهب وذاك المذهب، وهذه الطائفة وتلك الطائفة، وهذا العرق وذاك العرق، وأحياناً إلى صراع بين ديمقراطية واستبدادية، وكل هذه الصراعات هي من أجل طمس المسألة الجوهرية التي هي اسمها الصراع مع العدو الصهيوني، وهنا يجب أن نسجل، أن صاحب الدور الأكبر في عملية تمديد المفاهيم هذه، هو كالعادة وعلى الدوام الدور السعودي، لطالما كانت السعودية منذ تأسيسها خنجراً في الموقف العربي، والآن له اسم طائفي أو قومي فارسي عربي أو سني شيعي، ولكن في زمان عبد الناصر، ما كان إسم هذا السعي الذي بذلته السعودية لضرب عبد الناصر، ولإجهاض حركته.

وقال النائب الموسوي اليوم تواصل السعودية الدور نفسه الذي لعبته على مدى عقود مضت، ويمكن البعض يتذكر الكلام الذي قاله محمد بن سلمان منذ عدة أشهر، "بأننا نشرنا الوهابية في العالم بناء على طلب حلفائنا"، أي أن الإدارة الأميركية طلبت نشر هذا الفكر العدائي الإجرامي بغية إثارة الانقسامات بين المسلمين، وتوجيه الصراع إلى محاور كالشرك والتوحيد وهكذا.

وتابع النائب الموسوي السؤال الآن المطروح هو كيف نواجه وعد ترامب والتحديات الجديدة، ويهمنا أن نقول إن الجميع ممن يسعى لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني، قد تأكد أنه لم يعد من خيار سوى المقاومة، فإذا كان هناك فصائل في وقت من الأوقات آمنت بأن المفاوضات يمكن أن تستعيد جزءاً من الحقوق الفلسطينية، فالآن وصل الجميع إلى الحقيقة التي كنا نقولها دائماً، أنه لن تكون التسوية طريقاً لاستعادة الحقوق الفلسطينية، وبالتالي فإن الشعب الفلسطيني اليوم بفصائله كلها، مقتنع أنه لم يعد لديه من طريق سوى طريق المقاومة، وعليه فإن المطلوب اليوم هو كيف يمكن تقديم الدعم للشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الجديدة من المقاومة، والتي هي استمرار لمراحل ممتدة من مقاومة الشعب الفلسطيني.

وأضاف النائب الموسوي هنا يهمني أن أؤكد على أهمية الإيخاء اللبناني الفلسطيني، فهذا أمر يجب أن نشدد عليه، لا سيما نحن هنا في الجنوب حيث معظم المخيمات الفلسطينية، لأنه يمكن هناك من يسعى إلى إثارة الضغائن والأحقاد وما إلى ذلك، وإننا نرصد تحركات لسفارات تسعى إلى رمي بذور الشقاق، والحمد لله أننا بالتعاون مع الفصائل الفلسطينية، استطعنا احتواء كثير من محاولات الاختراق هذه، في هذا المجال فإننا ندعو إلى القيام بما يلزم لإعادة تنظيم صفوف جبهة المقاومة بامتداداتها، أي من فلسطين إلى سوريا إلى العراق إلى اليمن، على النحو الذي ينسق جهود فصائل المقاومة على اختلاف انتماءاتها، ويمكن في وقت من الأوقات، خلقت الأزمة السورية مشكلة في صفوف جبهة المقاومة، وهذا أمر يجب أن نتجاوزه في هذه الفترة، وأن نعود إلى أفضل العلاقات التحالفية والوحدوية على مستوى جبهة المقاومة الممتدة على مدى العالم، بل على مدى العالم العربي تخصيصاً.

وتابع النائب الموسوي هنا في ما يتعلق بالإيخاء اللبناني الفلسطيني، ندعو بصراحة وبشكل ملح إلى إطلاق حوار بين الفصائل الفلسطينية والتيار الوطني الحر، لتبديد المخاوف بشأن التوطين، ووضع جدول عمل مشترك لمنع حصول هذا التوطين، لا سيما وأن التوطين لا يمكن أن يواجه لا عبر التسوية ولا عبر المفاوضات، وإنما لا  يمكن مواجهته إلاّ من خلال تحرير فلسطين على النحو الذي يمكن الشعب الفلسطين من العودة إلى أرضه، وعليه فإن التضييق على الشعب الفلسطيني فضلاً عن أنه عمل غير إنساني، لن يحقق هدف منع التوطين، بل سيسيء إلى هذا الجسد الذي سميناه الإيخاء اللبناني الفلسطيني.

وأكد النائب الموسوي أننا والأخوة في حركة أمل تقدمنا باقتراح قانون يتعلق بإخضاع جميع صفقات الدولة لإدارة المناقصات العمومية، وقد أحسن من قال إن هذا الاقتراح في حال إقراره، سيشكل المفتاح الأساسي للإصلاح في لبنان، بل هو المحرك الأساسي للقضاء على الفساد، فلا حاجة بنا إلى التذكير، أن الطريقة التي كانت تتم بها المناقصات، قد أدت إلى فساد كبير، سواء في طبيعة المنشآت، أو في الأموال التي صرفت على أشغال سواء هنا أم هناك.

وأضاف النائب الموسوي الآن نحن تقدمنا بهذا الاقتراح إلى الهيئة العامة في الاجتماع القادم، ولذلك يهمنا أن نخاطب الكتل البرلمانية، فلقد أكدتم جميعاً في كل مناسبة على أنكم تريدون مكافحة الفساد، وأكدتم أنكم مع الإصلاح، وأنكم تريدون الحفاظ على موارد الدولة وأموال الخزينة، وعليه فإن أمامكم اقتراح القانون هذا، وقد قدمناه بصورة المعجل المكرر، بمعنى أن يتم إقراره في هذه الجلسة، لا أن يحال إلى اللجان لمواصلة البحث فيه، ولذلك فإن الكتل النيابية اليوم أمام امتحان لصدقيتها في ما يتعلق بطرحها لشعار مكافحة الفساد، وهذا الامتحان هو في التصويت بنعم على صفة العجلة حتى نناقش اقتراح القانون في الجلسة التشريعية، وفي المرحلة الثانية هو التصويت على اقتراح القانون وإقراره.

وشدد النائب الموسوي على أننا سنطالب في هذه الجلسة دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، بأن لا يتم التصويت برفع الأيدي فقط كما تجري العادة، وإنما بالمناداة بالأسماء، لكي يعرف المواطن اللبناني من هو النائب الذي وافق على إخضاع الصفقات لإدارة المناقصات، ومن هو النائب الذي لم يوافق، وحينها سينكشف الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وسنعرف من يريد الإصلاح  ومن لا يريد الإصلاح، وسنعرف من يريد أن يكافح الفساد، ومن يريد أن يستمر في الفساد وتغطيته.