كلمة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي خلال احتفال تأبيني أقيم في حسينية بلدة طيرفلسيه الجنوبية، بحضور عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات، وحشد من الأهالي، وجاء فيها:
إننا إذ أنجزنا مهمة تحرير معظم أراضينا ولا زلنا نخوض معركة تحرير مياهنا وأراضينا التي هي عرضة للعدوان الصهيوني، ونحن إذ أنجزنا معظم المهمة في دحر العدوان الأميركي الصهيوني السعودي على سوريا والمنطقة، نحن قادرون أيضاً بعون الله وأزره على مواجهة التحديات التي تواجه أهلنا وتنزل بساحة شعبنا.
إننا إذا تمكنا من هزيمة العدو الصهيوني والعدو التكفيري، فنحن لسنا عاجزين عن مواجهة الأعداء الذين يحدقون بأهلنا، ونحن قادرون على إدارة مجتمعاتنا من خلال مؤسسات الدولة والمؤسسات الأهلية، ولكن الذي حصل حتى الآن، أننا انصرفنا لوقت طويل عن المؤسسات التي تدير الشأن العام، لأننا كنّا منغمسين تماماً في خوض معاركنا الكبرى التي لا نزال نخوضها، ولكننا اليوم، وكما كنا منذ أكثر من عشر سنوات، ومنذ دخولنا الندوة النيابية، كنا ولا زلنا نحمل هموم الناس، ففي وقت من الأوقات كنا معارضة شرسة للسياسات الاقتصادية التي اعتمدت في الحكومات التي تعاقبت على لبنان من عام 1992 إلى عام 2005، وهذه المعارضة يجب أن نتذكرها اليوم، لأننا حين نتحدث عن أزماتنا، فهذه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية من الكهرباء والمياه والطرقات والتلوث والنفايات لم تولد بالأمس، بل هي قائمة منذ ما بعد الحرب الأهلية التي توقفت عام 1992، ولكن مشروعاً جاء إلى السلطة، وبفعل دعم الوصاية السورية، قال إنه قادر على إعادة الإعمار، وإيجاد الأجوبة التي تفي المواطنين حقهم، وزعم هذا المشروع التي قاده الرئيس رفيق الحريري بدعم من الثلاثي السوري عبد الحليم خدّام، وحكمت الشهابي، وغازي كنعان، أنه بإمكانه أن يؤمن معالجة النفايات والطرق والكهرباء والمياه، وها نحن بعد أكثر من ربع قرن على هذه الوعود، ورثنا بعدما دخلنا إلى الدولة ديناً باهظاً يفوق الـ80 مليار دولار، ومؤسسات عاجزة مهترئة ينخرها الفساد، وبتنا أمام أهلنا مطالبين ومن حقهم أن ننهض بما زعم من قبلنا بهذا المشروع الذي تحدثنا عنه.
إننا لا نجد داعياً أن نتحدث لأهلنا عن المقاومة، فهم كانوا ولا زلوا روادها، ولا لنتحدث عن مقاومة الهيمنة الأميركية، فأولادهم كانوا السباقين إلى دحر الهيمنة في هذه المنطقة، بل نجد أنفسنا في كل مناسبة، مدعوّين إلى التطرق لهموم الناس وحاجاتهم، وفي هذا الإطار، فإن ما نحتاجه لا سيما في قضاء صور، هو المبادرة إلى إيجاد حل جذري لمشكلة النفايات التي استشرت فأصبحت تهاجم خراج القرى، وتهاجم دخانها البيوت بما فيها من أطفال ونساء وشيوخ، تلقي عليهم بأمراض لم نسمع بها من قبل.
إن معالجات النفايات التي اعتمدت حتى الآن خائبة وفاشلة وكسولة، ولذلك سعينا في المجلس النيابي إلى إيجاد الآلية المناسبة للتعامل معها، ولذلك ذهبنا إلى اعتماد خيار التفكك الحراري، ولقد دعونا بالأمس وندعو اليوم البلديات واتحادات البلديات إلى المسارعة لاعتماد هذه الآلية، لأن ليس من قرية مستعدة لا في هذا القضاء ولا في غيره من الأقضية، أن يكون لديها مطمر صحي.
لدينا رؤية واضحة قدمتها أكثر من جهة ومن مهندس بخصوص آلية التفكك الحراري التي خضعت ولا زالت لاختبارات نظرية، ونحن ذاهبون إلى تجربة عملية في عيترون لتكون هذه التجربة مثالاً يحتذى في غيرها من القرى، ومن هنا دعونا ونكرر دعوتنا لبلدية صور واتحاد بلديات قضاء صور، بأنه أمامكم وعلى طاولتكم مشروعاً من منظمة تتعاون مع الأمم المتحدة، ولديكم عرضاً متكاملاً من مهندس مخترع ذي فكر خلّاق ألا وهو المهندس محمد عجمي، ولديكم عروضاً من جهات أخرى حصلتم عليها، فإلى متى تنتظرون اتخاذ القرار العملي ببدء معالجة النفايات على أساس هذه الطريقة، مع العلم أننا في كتلة الوفاء للمقاومة قد التزمنا في خطتنا السنوية أن نعمل لاعتماد هذه الآلية، ونعرف أن الأخوة في حركة أمل معتمدين هذه الآلية، لا سيما وأننا تحدثنا مع زميلنا الوزير الأستاذ علي حسن خليل في هذا الشأن، وعلمنا أيضاً من مسؤول العمل البلدي في حزب الله في المنطقة الأولى أن مسؤول العملي البلدي في حركة أمل في إقليم جبل عامل هم أيضاً معتمدون هذه الآلية، وبالتالي ماذ ينتظر الاتحاد والبلدية في صور لإقرار هذا المشروع، وعليه فإذا لم يسير الاتحاد في هذا الموضوع، فعلى كل خمس قرى أن تجتمع وتتفق هي وأحد المهندسين لكي يجدوا صيغة مناسبة، ونحن قدمنا لاتحاد بلديات صور عرضاً لا يحتاج إلى تمويل، وإنما المطلوب من الاتحاد هو تأمين قطعة أرض، وكل العمل الآخر يتم على هذه المنظمة التي تتعاون مع الأمم المتحدة.
وفي ما يتعلق بموضع نهر الليطاني، فلقد قلنا إننا أنجزنا في عام 2017 قانوناً خصص 474 مليون دولار للجنوب، وهؤلاء مخصصين لحماية حوض الليطاني من التلوث لتأمين معاجلة شبكات الصرف الصحي والنفايات، وأدرج بنوداً في موازنة العام 2017 والعام 2018، وبالأمس أقدم رئيس مصلحة الليطاني على خطوة جريئة، حيث أشهر أسماء الذين يلوثون نهر الليطاني من مصانع ومعامل البلديات، فهذه الخطوة وإن كانت ضرورة، إلاّ أنها لا تكفي لوحدها، ولذلك على مؤسسات الدولة أن تتحرك، لأننا في المجلس النيابي خصصنا أموالاً لجميع الإدارات المعنية، وبالتالي يجب عليها أن تتحرك، وفي هذا الإطار دعونا إلى خطوة عاجلة بإنشاء شبكات ومحطات للصرف الصحي، على الأقل في المرحلة الأولى في البلدات المطلة على نهر الليطاني.
إننا ماضون وسنكمل في الاتجاه الذي بدأه رئيس مصلحة الليطاني، لأن هذا النهر الذي منعنا الإسرائيليين من أن يصلوا إليه في العام 2006 ، وقاتل إخواننا قتالاً منقطع النظير لكي لا يصل العدو إليه، من الواجب علينا أن نحميه اليوم من التلوث كما حميناه بالأمس من أن تصل إليه الأيدي الصهيونية المجرمة، ولذلك لا تستطيع اليوم أي إدارة معنية في لبنان أن تقول لا أمتلك الأموال اللازمة، لأن الأموال واردة في بنود موازنتي 2017 و2018، وما عليهم إلاّ التحرك، ونحن نتحرك باتجاههم، وسنتابع معهم حتى تنشأ الأعمال وتتكرس.
إننا حين نحمل هذه الهموم، فهذا لأننا نعتقد أنه كما حملنا البندقية في وقت من الأوقات، يجب علينا أن نحمل المعول لهدم الفساد، ونحمل أدوات البناء لتشييد مؤسسات دولة قائمة على أساس القانون، وفي هذا المجال نذكر أننا قد تمكنا من خلال التواصل مع مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة من تحسين التغذية الكهربائية إلى حد ما في الجنوب، وسنواصل في هذا الاتجاه، وسنكون كتلة واحدة من جميع نواب المنطقة الذين يعملون من أجل الإيفاء بحاجات المواطنين وحل مشاكلهم.
إن الشأن الإنمائي الذي نوليه الأهمية لا يصرفنا عن قضايانا الاستراتيجية، ونحن نعرف أن ما حققناه من انتصارات بفضل صمود أهلنا وتضحياتهم، هو الذي فتح زماناً جديداً للمنطقة، وبالتالي يجب أن يقتنع من لم يقتنع بعد في المنطقة أنه كما هزم في سوريا، هو مهزوم في كل موقعة يتواجه فيها مع جبهة المقاومة التي تمتد على مدى هذه المنطقة، ولذلك ليس من داعٍ لتأخير تشكيل الحكومة، وعليه فإننا نقول للأصدقاء والخصوم جميعاً في لبنان، إن الحكومة هي حاجة لجميع اللبنانيين، لأنها ستكون حكومة إنمائية في الدرجة الأولى، وليس هناك من وقت لهذه الحكومة حتى تنغمس في الشؤون السياسية قبل أن تنهض بحاجات الناس على المستوى التنموي، ولذلك يطالب اللبنانيون بهذه الحكومة التي يجب أن تتأسس على نتائج الانتخابات النيابية، فلا نستطيع اعتبار أن الانتخابات النيابية حصلت وكأن شيئاً لم يكن، بل هي أوجدت واقعاً جديداً وعلى أساسه يجب أن تتشكل الحكومة.
إننا طالبنا في الجلسة الماضية للّجان المشتركة بإعادة تشكيل اللجنة الفرعية لدراسة اللامركزية الإدارية، ونحن جادون في إقرارها لنصل إلى وضع يستطيع كل قضاء قادر على أن يحل مشاكله بقدراته الذاتية، كما أن الدولة لا تتخلى عن واجباتها ومسؤولياتها، والواقع اليوم أن البلديات تعيش تحت هيمنة من أكثر من جهة في الدولة، ولذلك فإن خطواتها محدودة، وعليه فإننا نتطلع إلى لا مركزية إدارية تطلق الفرصة أمام المجتمع المحلي لكي يبني ذاته بالاستناد إلى مقومات الدولة.
إن تجربة إيلاء الشؤون المتعلقة بالبناء لقوى الأمن الداخلي هي تجربة فاشلة، والقرار الذي أخذه مجلس الوزراء أن تصبح الرخص وكأنها تصدر من قيادة قوى الأمن الداخلي، أنتج تجربة خرّبت البناء في الجنوب وقوى الأمن الداخلي معاً، فلا البناء يتحرك ولا قوى الأمن الداخلي باتت سليمة، فتحوّل كل مخفر وقائد للمنطقة بل وأعلى رتبة من ذلك إلى ما يشبه المرجعية لإصدار رخص البناء على أسس استنسابية مما يعني أنها تصدر بلا أسس، وهذا الوضع يجب أن ينظر به مجلس الوزراء، وأن ينتهي الزمان الذي تتدخل فيه قوى الأمن الداخلي بأمور البناء، وبالتالي علينا أن نوجد صيغة جديدة نعود إلى دور ينطلق من البلديات ويصل إلى المجلس الأعلى للتنظيم المدني، ويعود إلى البلديات دون أن يؤدي ذلك إلى تشويه المجتمعات بأبنية عشوائية.