كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله في الذكرى السنوية لشهداء الوعد الصادق والدفاع المقدس في محلّة المساكن، بحضور عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات وعوائل الشهداء، وحشد من الأهالي، وقد جاء فيها:
إن ما نحن عليه من أمن وسلام واستقرار وعزة وكرامة، إنما كان بفضل دماء شهدائنا وتضحيات أهاليهم، فبهذه الدماء الزكية، استطعنا أن نحرر أرضنا التي كانت محتلة، وتمكّنا من حماية بلدنا من أن يكون مستباحاً من العدو الصهيوني، وقد مرّ 12 عاماً منذ العدوان الصهيوني الأخير على لبنان، وفي ظل الظروف التي كانت في المنطقة لا سميا العدوان على سوريا وما أصابها، كان يمكن أن يكون لبنان عرضة لعدوان صهيوني أعنف بكثير من الذي شهدناه في العام 2006، ولكن النصر الذي تحقق بفعل التضحيات خلال عام 2006، وبسبب تراكم القدرات والخبرات ولا سيما هذا الاستعداد للشهادة الذي بدا أمام العالم جميعاً أننا لا يمكن أن ننفني مهما كان حجم التضحيات التي نقدمها، ولولا ذلك لكان بلدنا عرضة لعدوان جديد.
إننا حين نحيي ذكرى شهدائنا اليوم، فإننا نعلن أننا بشهدائنا لا سيما في الدفاع المقدس، تمكنا من أن نكتب لهذا البلد مستقبلاً مستقراً، ولو أننا لا سمح الله لم نكن على قدر التحدي، وسيطرت المجموعات التكفيرية على سوريا، لما بقي لبنان، ولكان أصبح في خبر كان، ولكان أهله بجميع طوائفهم بين مهجر ونازح أو ذبيح وأسير وسبية تباع في سوق النخاسة على ما رأيناه في سوريا والعراق.
إننا بهؤلاء الشهداء الذين نحيي ذكراهم اليوم نقول لأنفسنا وللجميع، إننا نحن الذين لم نبخل بتقديم التضحيات من أجل أهلنا، لن نبخل في أي مجال عن القيام بما يلزم من أجل الحفاظ على كرامتهم وعزتهم وسلامتهم وأمنهم.
إننا ندعو أحباءنا وأصدقاءنا وإخواننا ومجتمعنا وبيئتنا وكذلك خصومنا إلى التأمل في حدث استعادة جثمان شهيدنا العزيز الذي كان منذ بدايات الحرب في سوريا، وهو الشهيد الذبيح ذوالفقار عز الدين، فنحن وبعد مضي سنوات طويلة على استشهاد شهيدنا، أبينا أن يبقى جثمانه بعيداً عن أمه وأهله، حيث أجرت الوحدات المختصة من المقاومة مئات الفحوص إلى أن توصلنا إلى تحديد جثمان الشهيد، وعملنا على استعادته إلى بلده، لأن الأرض التي خرجته مجاهداً، أرادت أن تحتضنه شهيداً، وعليه فإننا ندعو الجميع إلى مراقبة هذا الأمر والتأمل فيه بوضوح لمعرفة كيفية عملنا، فنحن ما تركنا شبابنا الذين استشهدوا في أرض المعركة، وعملنا على تفتيش حبة تراب بحبة تراب لكي نعيد جثمان شهيدنا، لأن للإنسان عندنا كرامة، أكان حياً أم ارتحل عن هذه الدنيا إلى جوار الله، فنحن من مدرسة تكرم الإنسان في حياته وبعد رحيله عن هذه الدنيا، لذلك آلينا على أنفسنا ولا زلنا أن نستعيد جثمان كل شهيد ليعود إلى أهله وأرضه، والموفق إلى الله.
إننا نشير إلى هذه المسألة لكي يفهمنا القريب والبعيد، أننا إذا كنا على هذا المستوى من العناية بأهلنا وشبابنا وبالإنسان عندنا بعد رحليه عن هذه الدنيا، فكيف بنا ولا زال هذا الإنسان بيننا أماً أو أختاً أو أباً أو أخاً أو إبناً أو ما إلى ذلك، فمن هنا كان واجبنا نحن في المقاومة أن نرعى الشهداء وأهاليهم بعد استشهاد ابنهم، وأن نعمل من أجل تأمين العيش الكريم لهم.
إننا لسنا في سباق ولا في تنافس مع أحد، ولا نريد أن نباهي أحد، بل إن أقصى ما نسعى إليه، هو أن نتمكن من إيفاء أهل المقاومة وشعبها ومجتمعها بالبعض القليل من الحد الأدنى من حقوقهم علينا، ولذلك نحن نحمل قضايا هذه المنطقة والمدينة وهذه القرى في هذا القضاء، إلى الوزارات والإدارات والمؤسسات والجهات المحلية والأجنبية من أجل أن نحصل على هذه الحقوق حتى في حدها الأدنى.
إننا نضع يدنا بيد كل من يسعى إلى أن يحافظ الإنسان على مستواه اللائق وعيشه الكريم، فنحن نسعى لتعزيز المستشفيات الحكومية في المنطقة لكي لا يحتاج أي مريض إلى أن يكسب ود من هذا أو ذاك ليحصل على دوائه، وإلى تعزيز التعليم الرسمي والمرحلة الجامعية لكي يبقى الطالب من أبنائنا قادراً على تحصيل علومه من دون أن يكون ثقلاً مرهقاً يكاد يقسم ظهر أبيه أو عائلته، وكذلك نسعى إلى توفير الحاجات الأساسية، لأنه لا يمكن أن يكون مقبولاً أن هذا الشعب التي قدم هذه الدماء والأجساد الطاهرة، أن يبقى مضطراً أن يعيش في ظروف قاسية ومعاناة نعرفها، لأننا نعيش معه وبينه كما يعيش هو، ومن هنا كانت دعوتنا الجميع إلى أن نعمل كتفاً إلى كتف من أجل استعادة حقوق هذه المنطقة، لا سيما على الصعيدين الإنمائي والتنموي.
إننا سعينا دائماً إلى إيجاد المشاريع التي من شأنها أن تحسن نمط الحياة ونوعها، ولا زلنا نسعى في هذا الاتجاه، ولذلك من حمل السلاح دفاعاً عن وطنه وشعبه وأهله، لا يمكن إلاّ أن يعمل من أجل بناء دولة المؤسسات والقانون في لبنان، ومن هنا كان من الطبيعي أن نكون في موقع الدفاع عن خزينة هذا البلد وإدارته من أن تمتد إليهما أيدي الفساد التي كما نعرف استشرت حتى بلغت حالاً لا يمكن أن تكون مقبولة فيه، فقد أصبح بلدنا في الدرجة 162 من استشراء الفساد في العالم، وهذه درجة لا تليق بنا، فنحن الذين نقدم الدماء الطاهرة من أجل حماية بلدنا، لا نقبل أن يقترن الاسم الزكي لعوائل الشهداء من أسماء الفاسدين الذين ينهبون من خيرات هذا البلد، ولا نقبل أن تعطى هذه السمة لهذا المجتمع الفاضل والمضحي والكريم والسخي.
إننا سنعمل مع إخواننا في حركة أمل ومع النواب في المجلس النيابي من أجل إيجاد الأطر القانونية لحل المشاكل التي يعاني منها المواطن اللبناني، وسنسعى بصورة أولية إلى تعزيز الهيئات الرقابية لكي تكون كل صفقة تعقدها الدولة اللبنانية تحت إشراف هيئة رقابية، فنحن نريد أن نعمل من خلال هذا المجلس الذي انتخبوه أهلنا، وأمّن نوعاً من التوازن بين الكتل النيابية، على استعادة الدور الرقابي للمجلس النيابي على السلطة التنفيذية، وبالتالي يجب أن يكون للنائب هيبته في تعامله مع أطراف السلطة التنفيذية ومفاصلها، لأننا نحن من يراقب عمل السلطة التنفيذية، ولا يمكن أن نكون أسرى لخدمات يجب أن تقوم بها السلطة التنفيذية دون منّة منها على أحد، لأن هذا واجبها.
إننا ونحن نستذكر الدماء، لا يمكن أن تذهب من بالنا صورة المجزرة التي فاقت في جريمتها المجازر التي يرتكبها الصهاينة بحق شعوبنا العربية، فنتذكر المجزرة التي ارتكبتها قوات آل سعود ضد أطفال اليمن عبر غارات طائراتهم الحاقدة على باص مدرسي للأطفال، فذهب ضحيته العشرات من الأطفال الشهداء والجرحى.
نحن الذين لا نسكت على ظلم، والذين خبِروا معنى المجازر والجرائم التي ارتكبها الصهاينة بحقنا، لا نستطيع إلاّ أن ندين بقوة وبشدة السلوك الإجرامي العدواني الذي يقوم به آل سعود ضد الشعب اليمني وأطفاله، ولكننا لا نكتفي بالإدانة للسلوك السعودي الإجرامي، بل نحمل مسؤولية هذه الجريمة للإدارة الأميركية التي تقدم دعماً مفتوحاً للعدوان السعودي على اليمن، ونحمّل أيضاً الحكومات الأوروبية المسؤولية عن هذه الجريمة، لا سيما الحكومات التي تمد السعودية بأدوات القتل وفي الطليعة بريطانيا التي هي شريك كامل في الجرائم التي ترتكب في اليمن.
إننا نسأل، أما آن الأوان أن يشعر من لديه حس إنساني بأنه ينبغي وبصورة عاجلة إقفال المجزرة التي افتتحها منذ أكثر من عامين بن سلمان آل سعود على اليمن العزيز والأبي والشهم والكريم، وإذا كان هناك من حد في لبنان يريد أن يتحدث عن وقوفنا إلى جانب الشعب اليمني، فعليه أن يخجل عن صمته على الجرائم التي ترتكب بحق اليمن، فنحن لا يمكن أن ننسى أنه في عام 2006 عندما كان معظم حكومات العرب وأنظمة العرب تصفنا بأننا مغامرون، وتتفرج على مقتلتنا، كان الشعب اليمني ينزل بأسره في صنعاء وغيرها ليعلن عن وقوفه إلى جانبنا اللبنانيين، ولذلك فإن أقل الوفاء منا نحن اللبنانيين أن نقف إلى جانب اليمنيين الذين يذبحون بأشرس مما فعل الصهاينة، وعليه فإنن نقولها وبكل مسؤولية، إن الإجرام السعودي فاق بأضعاف الإجرام الصهيوني، وأن الوحشية السعودية تجاوزت بعشرات المرات الوحشية الصهيونية.