كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي خلال احتفال تكريمي أقامه حزب الله للشهيد المجاهد محمود أحمد الحوراني في مجمع السيدة الزهراء (ع) في مدينة صيدا، بحضور عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات، وحشد من الأهالي، وقد جاء فيها:
إنني أتوجه إليكم يا أهلنا في جميع المناطق اللبنانية، بالشكر على ما قدمتموه في العملية الانتخابية، وبحمد الله تعالى كان ما قدمتموه لا يقل افتخاراً عما قدمتموه في أي مجال جهادي آخر، والحمد لله أنكم باستجابتكم لقائد المقاومة في لبنان السيد حسن نصر الله، هزمتم أكثر من قوة سياسية معادية، وأسقطتم أكثر من مشروع هدف إلى إيقاعنا تحت السيطرة والهيمنة والنفوذ الغربي والسعودي، فلكم أسمى آيات الشكر حين توجهتم إلى صناديق الاقتراع، لا سيما وأننا كنا قد صارحناكم بالقول، بأن الانتخابات هي فرصة تاريخية لن تتكرر، وشرحنا لكم أثناء الحملة الانتخابية لماذا هذه الانتخابات هي فرصة تاريخية لن تتكرر، وبحمد الله لقد اغتنمتم هذه الفرصة على وجه يمكن القول إنه الوجه الأحسن.
لقد قلنا إننا نطمح إلى تحرير القرار اللبناني من السيطرة التي تمت عليه منذ عام 1992 حتى عام 2018، ونستطيع اليوم القول بكل ثقة، إننا خرجنا من الهيمنة التي فرضت علينا منذ ذلك التاريخ وعلى مدى هذه السنين، وبالتالي خطونا خطوة واسعة نحو تحرير القرار الوطني اللبناني من الهيمنة السعودية ومن النفوذ الغربي إلى حد كبير.
إننا اليوم بفضل هذا التصويت نعيد للمؤسسات الدستورية في لبنان فعاليتها بعدما شلت بفعل السيطرة الآحادية، واليوم نحن أمام مجلس نيابي فيه قدر مهم جداً من التوازن بين كتلته على النحو الذي لن يسمح لأي جهة سياسية أن تأسر القرار اللبناني مجدداً، وتجعله عند هذا الأمير أو ذاك السفير، والحمد لله أن نهجنا المقاوم، وأن حلفنا نحن في حركة أمل وحزب الله، قد حققنا انتصاراً موصوفاً، ويكفي للتدليل على هذا الانتصار أننا بكل ثقة نستطيع اليوم التوجه من هنا وباسمكم إلى دولة الررئيس نبيه بري بالتهاني على كونه رئيس المجلس النيابي مجدداً بالتزكية وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني، لأنه لا يوجد هناك اليوم نائب يستطيع أن يقف بوجه الرئيس نبيه بري مرشحاً لرئاسة المجلس النيابي، لا سيما وأن الـ27 نائب الشيعي هم تحت راية حركة أمل وحزب الله معاً.
إن عدد المقاعد الذي تمكن هذا النهج من الحصول عليه، هو مطمئن لكي نعرف أن نهج المقاومة لن يطعن من المجلس النيابي، ولن يكون بوسع أحد أن يستخدم المؤسسات الدستورية جميعاً كمنصة لطعن المقاومة بظهرها، لا سيما وأنكم يا أهلنا اليوم بهذه الانتخابات حميتم دستوريا وسياسياً ودبلوماسياً المقاومة من أي محاولة للاستهداف من داخل مؤسسات الدولة.
إننا على مستوى العلاقة بيننا وبين حركة أمل، قدمنا نموذجاً يحتذى فيه العالم العربي بأسره، وذلك من خلال إمكانية اتحاد قوتين سياسيتين وتحقيق نتائج غير مسبوقة، فهذه العلاقة بيننا وبين الأخوة في حركة أمل تعلو فوق توصيف التحالف، هوي أكثر وأكبر من تحالف استراتيجي، ولقد قالها الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله، بأن روحاً واحدة تحل في جسدين قد يختلفان بالأسلوب، لكن روحهما واحدة، وعليه فإن هذه الوحدة وهذا الحلف الذي هو أكبر من الحلف، سيستمران بعد الانتصار بأعمق مما كانوا عليه ما قبل الانتصار، وأما الذين يطلقون أوصافاً طائفية على هذا التحالف أو على هذا الثنائي كما يقولون، أريد أن أذكرهم كيف يتصرف هذا الثنائي، حيث أن هذا الثنائي سواء حركة أمل أو حزب الله قدموا التضحيات بأشكالها المختلفة حفاظاً على لبنان والاستقرار والوفاق فيه، فقد قدمنا معاً التضحيات لدحر الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك قدمنا التضحيات معاً من أجل حماية لبنان من العدوان التكفيري، وأما على مستوى مقتضيات الوفاق الوطني السياسية، فنحن لم تخلُ مناسبة أو مرحلة ولم نقدم فيها التنازلات من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية.
إننا اليوم مطالبين بقضيتين أساسيتين أمام أهلنا الأوفياء الذين لبوا نداءنا واقترعوا للوائحنا، أولاً أن نواجه الفساد، وهذا يتطلب أن تكون قدرتنا داخل المؤسسات مؤهلة لمواجهة الفساد، وثانياً أن نحقق التنمية في حدها الأدنى في مناطق تعاني من الحرمان، ولذلك سنعمل وفقاً لهذه الانتخابات ونتائجها في تكوين المؤسسات الدستورية.
إننا نتوجه إلى شهيدنا العزيز بالقول له، إننا ومن خلال الانتخابات النيابية، ومن خلال جهادك في سوريا أنت وإخوانك، أسقطنا عامودين من أعمدة صفقة القرن التي أبرمت بين بن سلمان السعودي وجاريد كوشنر المتعلقة بتصفية القضية الفلسطينية على أساس لا قدس ولا عودة للاجئين واستمرار الاستيطان وما إلى ذلك، وعليه فإنه لو سقطت سوريا وسقط لبنان لأصبح سيد وصاحب القرار في هذه المنطقة هو بن سلمان الذي يستطيع حينذاك أن يفرض بقوة وكلائه المحليين في لبنان وسوريا، الصفقة التي أبرمها مع الأميركيين.
إننا اليوم نقول للشعب الفلسطيني إننا من خلال تحرير القرار في لبنان من الهيمنة السعودية، ومن خلال دحر الهجمة الصهيونية الأميركية السعودية على سوريا، ستبقى سوريا ولبنان إلى جانب الشعب الفلسطيني في كفاحه من أجل استعادة حقوقه كاملة، وعليه فإن الشعب الفلسطيني اليوم يستطيع الاطمئنان إلى أن اللبنانيين والسوريين المقاومين الذين لم يتركوه مرة في ساحات النزال، لن يسلموه إلى صفقة القرن وأصحابها، بفعل انتصارنا في سوريا، وبفعل فوزنا في الانتخابات النيابية، ونحن أسقطنا جزءاً كبيراً من صفقة القرن التي سنزهق روحها إن شاء الله تعالى في كل بلد عربي تحاول التسلل إليه لفرض نفسها أمراً واقعاً عليها.