
كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي خلال رعايته حفل تكريم جرحى المقاومة الإسلامية، والذي أقامته مؤسسة الجرحى بمناسبة يوم الجريح في قصر الخزامى في بلدة وادي جيلو، وقد جاء فيها:
إننا جميعاً في لبنان مدينون للجرحى ولتضحيات المجاهدين ولدماء الشهداء، ولسنا نحن في حزب الله أو في حركة أمل فحسب، بل اللبنانيون جميعاً مدينون لهذه التضحيات بما يشهدونه اليوم من استقرار وأمان.
إن من زار عرسال بالأمس ما كان بإمكانه أن يزورها لولا قتالنا التكفيريين في سوريا ولاحقاً في الجرود اللبنانية، ولكانت الآن عرسال تحت إمارة أبو مالك التلة، ولما كان بإمكان أحد أن يقيم فيها احتفالاً انتخابياً أو أن يلتقي أحد فيها، ولذلك نقول لهم، وإن كانوا في موقع من يشنون الحملات علينا، نحن وأنتم تدركون ذلك في قرارة أنفسكم، أنه لولانا لما كنتم اليوم تنعمون بما تنعمون به، سواء من مؤسسات قائمة أو من أنشطة تقومون بها على جميع الصعد.
إننا اليوم أمام فرصة تاريخية لا تتكرر، لأن القوم ما عدوا يريدون هذا القانون الانتخابي الجديد، وسيعملون ما بوسعهم إذا كانت لهم الأكثرية في المجلس النيابي القادم، لكي يسقطوا هذا القانون ويأتوا بقانون جديد، وبالتالي فإن الفرصة متاحة أمامنا نحن نهج المقاوم، نحن حركة أمل وحزب الله وحلفاءهما، لا سميا وأنه منذ عام 1943 حتى عام 1990 نحن لم نكن جزءاً فاعلاً من آلية اتخاذ القرار في لبنان، فجاء اتفاق الطائف ليدخل تعديلات صنعت قدراً من المشاركة بين مكونات لبنان في صناعة القرار، ولكن نحن بما نمثل من مكون لبناني، كان يفترض أن يكون دورنا محفوظ في السلطة الإجرائية على توقيع وزير المالية، ولكنه انتزع منّا عام 1992، ومن هذا العام حتى العام 2005، كان صاحب القرار في السياسة الداخلية في لبنان وفي السياسة الخارجية، هو من يدير الملف البناني في سوريا، فعلى الصعيد الخارجي كان يحدد السياسات الرئيس حافظ الأسد، ولكن على مستوى السياسة الداخلية في لبنان، كان الذي يحددها الرئيس رفيق الحريري، مستنداً على علاقاته الوثيقة مع حكمت الشهابي وعبد الحليم خدام، وهذا ليس سراً، ولذلك وبغض النظر عما يبدو من الخارج، نحن ما كنا جزءاً من السلطة الإجرائية من عام 1992 حتى عام 2005.
إننا منذ العام 2005 وحتى عام 2018، لم نكن أكثرية في المجلس النيابي، وبالتالي لا يمكن أن نسقط قانون عن المجلس النيابي إلاّ ويكون مشفوعاً بموافقة الأكثرية النيابية، حتى إذا شئنا أن نمرر قانوناً لمصلحتنا، وجب أن يكون هذا القانون متضمناً لمصالح لهم يحققونها وإلا لا يمر القانون، وهكذا حصل في نقاش التسوية الضريبية في موازنة عام 2018، حيث كنّا نحن والرئيس بري والأخوة في حركة أمل معارضين لتمرير التسوية الضريبية في قانون الموازنة عام 2018، ولكن لأن بيدهم الأكثرية، مرت التسوية الضريبية ضمن هذا القانون.
منذ العام 2005 إلى العام 2018 نحن ندفع ضريبة السياسات التي لا نصعها على مستوى السياسة الداخلية، فسياستهم التي فرضوها على لبنان لا سيما في المجال الاقتصادي، هي سياسة الاقتراض للإعمار، ولكن وصلنا إلى مديونية هائلة دون أن يقوم الإعمار على مستوى البنى الأساسية التي يحتاجها المواطن من كهرباء وماء وتعليم واستشفاء، وعليه فإن هذه الانتخابات لا تشبه أي انتخابات جرت بعد الحرب الأهلية، بل نقول أكثر من ذلك، إن هذه الانتخابات لا تشبه أية انتخابات جرت حتى قبل اتفاق الطائف بأنها تقوم على النسبية، بمعنى أنه ليس بوسع من يحصل عل 51 بالمئة أن يحتل المقاعد كاملة، وبالتالي فإن الفرصة هي أننا الآن بنسبة التصويت التي حصل في العام 2009، قادرون على ضمان 27 نائباً، ولكن إذا رفعنا نسبة التصويت، قد نحصل على ما يحذرون منه، وهذا قد عبّر عنه الوزير محمد الصفدي عندما قال إن الآخرين قادرون على الحصول على 40 نائباً، واليوم للطرف الآخر في بعلبك الهرمل مقعدين ويعملون للحصول على المقعد الثالث الشيعي الذي يساوي 127 مقعداً على حد اعتبارهم، وبالتالي إذا ارتفعت نسبة التصويت إلى حد الـ70 بالمئة، نحن نستطيع منعهم من الحصول على حاصل انتخابي، وفي غيرها من الدوائر على سبيل المثال (بنت جبيل مرجعيون حاصبيا النبطية)، نحن مهددون بفقدان نائب واحد، وبالتالي علينا أن نرفع الحاصل الانتخابي برفع نسبة المشاركة، عندها سيخسون مقعداً، فيأتي المرشح الذي نريده مع رمزيته الهامة في ما يتعلق بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
إن معركتنا ليست معركة الصوت التفضيلي، وإنما هي رفع الحاصل الانتخابي، لا سيما وأن معركة الصوت التفضيلي هي معركة من خسر وأصبح يريد أن يرى أن يريد أن يوزع خسارته، فنحن لا يعنينا أين يذهب الصوت التفضيلي حتى في دائرتنا التي نحن فيها الآن، وما نريده هو رفع الحاصل الانتخابي، فبالأمس كان لدينا أحد الصحفيين المطلعين، وقال لنا إن الطرف الآخر يعيشون أجواء أن باستطاعتهم الحصول على مقعد في دائرتنا، وبالتالي فإننا نقول نحن لا نتصرف في العملية الانتخابية على أن الأمور منجزة إلاّ عند إقفال صندوق الاقتراع، لأن في ظل تصويت لكتلة ناخبة من مكونات مختلفة، فكل الاحتمالات واردة، ولذلك نحن معنيون برفع نسبة التصويت لكي نربح فرصتنا.
إننا لولا القوة التي نحن عليها لحكموا منفردين، فمن تاريخ 11/11/2006 إلى أيار 2008 حكموا منفردين، وقد أخذت حكومة فؤاد السنيورة المبتورة غير الشرعية وغير الدستورية 1200 قراراً، وقد اعتصمنا في الشوراع، ولكن لم يهمهم، وبالتالي حتى نجنب أنفسنا كل هذا، يجب أن نستفيد من هذه الفرصة، ونحن نعتقد أنه إذا رفعنا نسبة التصويت بين أهلنا إلى الـ70 بالمئة، نحن نستطيع أن تكون كتلتنا نحن وحركة أمل وحلفاؤنا، نواتاً لأكثرية نيابية هي التي تقرر السياسات لاحقاً بما فيها الاقتصادية، وإذا لم نحصل على هذه الكتلة الوازنة، فعلى من يفتش عن الخلاص مما صرنا فيه، أن ينتظر طويلاً، لأننا إذا شئنا مواجهة الفساد، فإنها تبدأ بمواجهة الفساد الأكبر، والفساد الأكبر في لبنان هو إمساك تلك المجموعة من عام 1992 إلى العام 2018 بالقرار الاقتصادي، بحيث أوصلتنا إلى ما أوصلتنا إليه، وبالتالي إذا لم نحارب هذا الفساد وحررنا القرار اللبناني بما فيه القرار الاقتصادي من هيمنة الأكثرية، فإننا في هذه الحالة نكافح فساد أصغر لا يقدم ولا يؤخر في الشؤون الهامة، وبالتالي فإن من يشء مواجهة الفساد، فالفساد يبدأ من هنا، ومن يرد تغيير الوقع الذي نحن عليه، يجب أن يبدأ من هنا، ولذلك من لا يذهب إلى صناديق الاقتراع ويدلي بصوته، فلا يطالب أحد بالإصلاحات حينما نفقد هذه الفرصة التاريخية، لأن القرار لن يكون عند حركة امل أو حزب الله.
إننا سمعنا بالأمس أحد المرشحين الذي هو وزير في الوقت نفسه في جولته على المرشحين، يصف لهم أن ترشيحة وترشيح لائحته يصبان في الدفاع عن هوية لبنان العربية، ومن هنا فإننا نريد أن نسأل، لولا قتالنا الاحتلال الاسرائيلي، ودفعه إلى الاندحار، هل كان للبنان هوية عربية، بالطبع لا، وبالتالي لكان لبنان سيحمل والعياذ بالله الهوية الإسرائيلية، واتفاق 17 أيار نص وواضح في الدلالات على ذلك، وعندما قاتلنا التكفيريين من أن يجتاحوا لبنان، ليس أننا حافظنا على الهوية العربية للبنان، بل أبقينا لبنان بلداً تعددياً يجسد عيشاً واحداً ويحمل الهوية العربية التي من مكوناتها الإسلام الأصلي لا إسلام الذبح والتكفير والسبي والتهجير، واليوم عن أي هوية عربية يتحدثون، أنا بالأمس قرلت وأكرر اليوم، نحن معركتنا ليست مع منافسينا في لوائح منافسة، فأنا لا أعرف من هي أسماء المرشحين في اللوائح المنافسة، ونحن لسنا معنيون بقراءة الأسماء ولا بقرائة الاتجاهات، لأن المعركة واضحة، فهذه الانتخابات ستقرر هوية لبنان، ولذلك قلت إن المعركة اليوم هي بين نهجين.
إن نهجنا نهج المقاومة الحاضر في صيدا والبقاع الغربي والجنوب الثالثة والشمال وعكار والمنية والضنية وفي كل المناطق، فهذا نهجنا ونحن واحد، يجمعنا أننا نرفض التخلي عن القضية الفلسطينية، وأننا نؤيد الشعب الفلسطيني في انتفاضته ومقاومته، وأننا في خط مقاومة العدوان الصهيوني، لأن لا وسيلة للعرب، حيث كان يقال في القدم، إن هناك تفاوض قريب، ولكن التفاوض انتهى كخيار عربي حتى على مستوى الأنظمة، لأنه لم يعد هناك دائرة تفاوض مع الجانب الإسرائيلي.
إن هويتنا العربية واضحة، هي عروبة البندقية المقاومة للعدو الصهيوني، وعروبة الشعب الفلسطيني الذي من جمعة إلى جمعة ببأس شديد وبأيدٍ عزلاء من السلاح يواجه القناصة الإسرائيليين، فيذهب منهم الشهداء والجرحى، لا سيما ذاك الذي كان على كرسي متحرك، حيث أطلق عليه النار بكل وحشية، وعليه فإن عروبتنا هي عروبة هؤلاء الشباب في غزة والضفة وفي كل موقع تجري فيه مقاومة العدو الصهيوني، وعروبتنا هي عروبة الذين أسقطوا الهجمة الأميركية الغربية الصهيونية على سوريا دولة المقاومة، وأما عروبة البعض، فهي مرجعيته السياسية التي تكمن ببن سلمان آل سعود، ولذلك نعم، فإن المعركة الانتخابية في لبنان هي بين نهج بن سلمان، وبين نهج المقاومة، وبين عروبة بن سلمان وبين عروبة الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني والشعب السوري المقاوم، وكل مقاوم على مدى العالم العربي، فنحن عروبة المقاومة، ونحن العروبة الحقيقية، وبالتالي كل عروبة تسقط العداء مع الصهيونية، هي ليست عروبة، بل هي انقلاب على العروبة، وإذا أردنا أن نتحدث عن عروبة بن سلمان، فلرأيناها واضحة، لا سيما وان صفقة القرن هي عروبة بن سلمان، وتسليم كل شيء للعدو الصهيوني، والقدس ستسلم للعدو الإسرائيلي وفق هذه الصفقة، ولا عودة للاجئين، ولا دولة بل حكم ذاتي، وحتى الذي كان ينتهج سبيل التفاوض مع العدو الصهيوني، لم يستطع أن يوافق على التنازلات التي قدمها محمد بن سلمان لمستشار ترامب، فكيف بالمقاومين الفلسطينيين، وبالتالي فإن عروبة بن سلمان هي إدخال إسرائيل إلى كل بيت عربي بزعم أنها دولة صديقة، واختلاق صراع آخر مع جمهورية إيران الإسلامية بتقديمها على أنها العدو، ولذلك فإن الصراع في لبنان هو بين هوية سعودية تساوي الهوية الإسرائيلية، وبين عروبة النهج المقاوم الحاضر لمقاومة العدو الصهيوني في كل ساحة من ساحات المواجهة حتى لو امتدت إلى ماليزيا، أو كانت بتونس، ونحن نعبّر عن هذا التيار والاتجاه المقاوم، وما نريده للبنان أن يكون له العروبة الحقيقية، وأما عروبتهم، فهي عروبة زائفة والاستسلام للكيان الصهيوني.