كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله للشهيد المجاهد علي محمد باز في حسينية بلدة الشهابية الجنوبية، بحضور عدد من القيادات الحزبية، وعلماء دين وفعاليات وشخصيات وحشد من الأهالي، وقد جاء فيها:
إن الإدارة الأميركية اليوم تواجه انسداد خيارات في سوريا، وهي إذا ذهبت إلى تسوية مع الطرف الروسي، فهي لا تفعل ذلك من موقع الاقتدار، بل من موقع تخفيف الخسائر بعدما فقدت أدواتها القدرة على تحقيق انجازات، بل صارت وبالاً على الإدارة الأميركية وحلفائها.
إن هذه الصورة الواقعية والموضوعية التي تقر بانهزام المحور المعادي للمقاومة يجب أن تكون واضحة لدى خصومنا في لبنان، لا سيما وأنهم أجروا حسابات خاطئة كنّا نحذرهم سلفاً من خطئها، وراهنوا على وعود بأن الإدارة الأميركية وحلفائها ستحقق النصر، وعندها سيكون لهم اليد العليا في لبنان، وكنا نقول لهم إن ذلك لن يحصل، وأن حلفاءكم سيهزمون، وأنه من الأفضل لكم أن ترسموا سياسات واقعية على أساسها تنسجون علاقاتكم وتصوراتكم لمستقبل لبنان، ولعلاقاتكم مع شركائكم في لبنان.
اليوم أنتم أقررتم أنكم أخطأتم في تشخيص المصلحة والموقف من انتخابات رئاسة الجمهورية، وقال قائلكم لقد أخطأنا بالانتظار عامين ونصف، وكان من الأفضل لو مضينا إلى انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية في فترة مبكرة بدل أن نطيل الفراغ بهذا الشكل، واليوم نحن نخاطبهم بوضوح وموضوعية وواقعية، ونقول لكم اقرأوا جيداً ما يحصل في سوريا، حيث أنه ما عاد أمام حلفائكم فيها أي فرصة للانتصار، والوقت المتبقي ليس إلاّ لاستكمال انتصارنا نحن في محور المقاومة وحلفائها على الصعيد الدولي والإقليمي واللبناني، وبالتالي فمن الأنسب للبنان والأفضل لكم أن تقرأوا هذه المعادلة جيداً بدل أن تصيبوا قاعدتكم بخيبة، أو أن تصابون أنتم بالخيبة من جراء حسابات خاطئة مرة أخرى.
إن من يتحدث عن أن لا دولة ولا نظام في سوريا، وأنه سينتظر حتى رحيل الرئيس الأسد وإقامة دولة جديدة في سوريا، عليه أن يعرف أن هذا الكلام لم يعد أحد يتحدث به، وأن هذه لغة قد أسقطها الزمان وأسقطناها نحن بدماء شهدائنا، وأن العالم كله بات يتعاطى مع هذا الواقع الجديد الذي اسمه أن الدولة السورية انتصرت في معركتها على الإرهاب وضد العدوان الذي استهدفها، وبالتالي عليكم أن تنتبهوا من استعادة لغة كنتم تتحدثون بها منذ أربع أو خمس سنوات، لأنها لم تعد نافعة اليوم، وستخيبكم وتخيّب جمهوركم، وعليه يجب أن تتحلوا بالواقعية، لا أن تنتظروا سنة وسنتين، ومن ثم تقولون يا ليتنا لم نطل هذا الوقت الذي مر.
إننا ندعو خصومنا السياسيين إلى الحديث الصريح مع حلفائهم الدوليين والإقليميين، لأنه لم يعد هناك إمكانية لانتصار المحور المعادي للمقاومة في سوريا، لا سيما وأنه سيكون هناك تدبير للمناطق الباقية التي تقع تحت سيطرة الجماعات المسلحة، وهذا لا يغيّر من حقيقة أن قوام الدولة السورية متين وصلب وثابت، فحين تعقد حليفتكم الإدارة الأميركية الاتفاقات مع روسيا والتي أبرزها أن يستلم الجيش السوري خط الحدود الأردنية السورية، فذلك يعني أنها ليس قادرة على البقاء في قاعدة التنف، ولا حتى تلك الأشكال الهولامية التي سلحتها ودربتها وأنشأتها قادرة على تحقيق شيء، وبالتالي لا خيار لها في التنف إلاّ الانسحاب.
إننا سمعنا في لبنان من يطالب بعدم فتح ملف العلاقات مع سوريا، لأن هذا الملف هو محل خلاف بين السياسيين اللبنانيين، وعليه فإننا نسأله، هل العلاقات مع الولايات المتحدة والعلاقة مع النظام السعودي هي ملف وفاقي، فنحن مختلفون معكم على شكل العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك على العلاقة مع النظام السعودي الذي نعتبره نظاماً طاغوتياً وعدوانياً وإجرامياً يرتكب المجازر في اليمن والعوامية والعراق وسوريا عبر أدواته، وأنتم تعتبرونه أنه حليف لكم، فإذا أردنا أن نعمل وفق قاعدة تنحية الملفات الخلافية، إذاً لتقف العلاقات مع من نعتبر أننا مختلفون بشأن العلاقات معهم، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركة والنظام السعودي، وأما إذا أردنا أن نتصرف على أساس المصلحة اللبنانية، فأي مصلحة للبنان في أن يعزل نفسه عن جاره وشقيقه الوحيد، فسوريا فيها دولة ومعروفة العنوان، وهذه الدولة بعد ستة سنوات من الحرب، لا زالت قادرة على تأمين الكهرباء إلى جميع مناطقها، بل وتبيع كهرباء للبنان، في حين أن دولتكم التي بدأتم تبنون بها منذ العام 1992، والتي استدنتم فيها ديون باهظة، هي عاجزة عن تأمين الكهرباء للمواطن اللبناني.
إن مصلحتنا تكمن في إعادة العلاقات مع سوريا لعديد من الأسباب، في طليعتها عودة النازحين إلى سوريا، ومن يتحدث عن ربط عودة النازحين بالتسوية السياسية بالأزمة السورية، فإننا نقول له، لو افترضنا أن التسوية السياسية لم تتم، فهل نترك أزمة النازحين السوريين التي اعترفتم أنها تشكل عبئاً على لبنان واقتصاده، علماً أن المعركة في جرود عرسال الظافرة، بيّنت أنه بإمكان إعادة هؤلاء إلى سوريا، وبالتالي فإن إعادة العلاقات إلى طبيعتها مع سوريا هي حاجة لبنانية وليست سورية، والذي يتحدث عن أن العلاقات مع سوريا ليست مصلحة للبنان، علينا أن نسأله ما هي مصلحة لبنان، هل عندما يأمر الأمير أو الملك بإعادة علاقاتنا مع سوريا، عندها يكون في ذلك مصلحة للبنان، وهل ننتظر أمراً ملكياً أو أميرياً لإعادة العلاقة مع سوريا، فنحن دولة ذات سيادة، ومصلحتنا في إعادة هذه العلاقات وتطويرها على قاعدة الأمن المشترك بين البلدين، فكل من يشكل تهديداً للأمن السوري وفقاً لاتفاق الطائف، يجب أن لا يكون له مكان في لبنان، والجميع بات يعرف أن ما يسمى المعارضة السورية، ليست إلاّ امتداداً استخبارياً سعودياً وصهيونياً وأميركياً، حيث يستشفى أفرادها في المشافي الصهيونية، ويتلقون دعماً من الصهاينة، وعليه فإن ما يسمى المعارضة السورية، ليس إلاّ يافطة يقف وراءها وتحتها وعليها مجموعة من العملاء المأجورين الذين يتقاضون رواتب بخسة من أجل خيانة وطنهم خدمة لأعداء وطنهم وفي طليعتهم العدو الصهيوني.
كنا نأمل أن تتراص الصفوف اللبنانية وراء الجيش اللبناني في معركته التي قررت السلطة السياسية وفخامة رئيس الجمهورية أن يخوضها للقضاء على داعش واستعادة الأراضي اللبناني، وهنا نود الإشارة إلى أنه وحتى وقت قريب كانت المواقف اللبنانية على اختلاف انتماءاتها وراء الجيش في معركة الجرود التي تحتلها داعش، ولكن منذ أن أبلغ الأميركيون السلطات اللبنانية أنهم لا يوافقون على أن يخوض الجيش الآن هذه المعركة، بدأت أصوات في لبنان حقيقة وجهتها هي التصويب على الجيش اللبناني، ومنعه من أن يخوض هذه المعركة، ولو أنها تصوّب على حزب الله أو على سوريا، فالذين وقفوا ليقولوا لا للتنسيق مع الجيش السوري، أو لا للتنسيق مع حزب الله، أو إرسال القوات الدولية "اليونيفيل" لكي تشارك الجيش بخوض المعركة، فهؤلاء وبكل صراحة يرددون صدى موقف أميركي الذي لا يريد أن يخوض الجيش اللبناني هذه المعركة.
إن جواب المسؤولين اللبنانيين السيادين الذين ما كان قرارهم إلاّ من أنفسهم دوماً، لا سيما من فخامة الرئيس العماد ميشال عون، بأن هذه المعركة هي قرار سيادي، ولن نتراجع عن خوضها، فعندها جرب مسؤولون آخرون أن يدخلوا في تعقيدات كان من شأنها أن تؤجل المعركة إن لم تؤدِ بها إلى تعليقها كلياً، ولكن عندما تأكد أن الجيش اللبناني سيخوض هذه المعركة، بدأت أصواتهم تحاول محاصرته في الإجراءات التي ينبغي أن يتخذها.
أيها المعترضون على قيام الجيش بما يلزم لإنجاح معركته في الجرود ضد داعش، لو كان أولادكم في الجيش اللبناني، وسيهاجمون هذه المواقع، هل كنتم ترفضون القيام بالإجراءات اللازمة لتقليص عدد الضحايا البشرية وجعل المعركة أسهل، لماذا نريد أن نأتي "باليونيفيل" لكي تخوض المعركة، وبالتالي هذا لن يحصل أبداً، ولن يكون هناك تعديل للقرار 1701.
نحن من موقعنا في المقاومة، ومن تجربتنا في القتال في سوريا، قلنا على لسان سماحة الأمين العام ونقول الآن، نحن لن نترك الجيش اللبناني، ولا أبناءنا في هذا الجيش عرضة لاستشراس داعش واستفرادها بهم، وسنقوم بواجبنا في مد يد العون الميدانية إلى هذا الجيش حيث يلزم وحيث يطلب، بحيث نحافظ ما أمكننا على أرواح أبنائنا، لأنه كما أبناء المقاومة هم أولادنا، فإن أبناء الجيش هم أولادنا، وكما نحن حريصون على أبنائنا في المقاومة، نحن كذلك حريصين على أبنائنا في الجيش اللبناني.