شدد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور حسن فضل الله على أن هذا الفعل الإجرامي الذي ارتكبه هؤلاء القتلة التكفيريون ضد أهالي كفريا والفوعة من المدنيين العزل والأطفال والنساء والشيوخ يندى له جبين الانسانية كل الانسانية، لا سيما وأن العالم الذي يدّعي الدفاع عن حقوق الانسان والمدنيين والأطفال والنساء والشيوخ لم يرَ هذا المشهد كما عيون الكثيرين في عالمنا العربي والإسلامي، وعليه فإن قدر هؤلاء المستضعفين أن يضحوا ويبذلوا الدماء من أجل أن يبقوا أعزاء، وأن لا يُذلوا أو يقهروا، فهؤلاء شهداء الانسانية، وقد قضوا لأنهم أرادوا أن يبقوا أحراراً وأعزاء في دنياهم وآخرتهم.
وخلال احتفال تأبيني أقيم لفقيد الجهاد والمقاومة علي عبد الرحمن الأطرش في حسينية بلدة ديرانطار، لفت النائب فضل الله إلى أن هؤلاء المظلومين المضطهدين من أهل كفريا والفوعة اضطروا ليخرجوا من ديارهم وقراهم وبلداتهم وأرزاقهم وبيوتهم من ضمن هذا الاتفاق الذي تم بسبب ما تعرضوا له من حصار وتجويع وقتل، ولكن أولئك القتلة لم يكتفوا بأن يتركوا هؤلاء الأطفال والنساء والشيوخ تاريخهم وتراثهم وأرزاقهم، وإنما تربصوا بهم واستهدفوهم بهذه الطريقة الوحشية، ليقتلوا الأطفال والمدنيين، وليقدموا للعالم أجمع صورة واضحة عن وحشيتهم، وهذا ما كان يخطط له هؤلاء التكفيريون لو تمكنوا من دخول هاتين القريتين، مشيراً إلى أنه عندما كان المجاهدون والشهداء يقاتلون في سوريا، فذلك من أجل أن لا نرى هذا المشهد في لبنان، ومن أجل أن نحمي هؤلاء المستضعفين والفقراء والمعدمين والمضحين الذين قتلوا لأنهم ينتمون إلى تراث وثقافة وبيئة، ولأن أعداء هؤلاء هم من القتلة المتوحشين الذين يقتلون لأجل القتل.
وفي الشأن اللبناني رأى النائب فضل الله أننا أمام فترة زمنية فاصلة من هنا حتى ال15 من أيار موعد الجلسة النيابية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، والتي نريدها أن تكون جلسة لإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، وما جرى من تأجيل لهذه الجلسة ولذلك الموعد، كان في سياق دستوري متفاهم عليه، حيث أخرج البلاد من إمكانية الوصول إلى أزمة، وبالتالي فإن الخطوة التي قام بها رئيس الجمهورية ولاقاه بها رئيس المجلس النيابي، جاءت في إطار المسؤولية الوطنية التي يحددها الدستور من جهة، وتحددها مسؤولية الحفاظ على البلد والتفاهم على قانون جديد للانتخابات من جهة أخرى.
وأكد النائب فضل الله أننا نريد لهذا لبلد أن يعيش حالة هدوء واستقرار بعيداً عن التشنج ومحاولات جرّه إلى مشكلات هو بالغنى عنها، ولذلك لم تكن لدينا نحن في حزب الله وحركة أمل أي مشكلة من هذا التأجيل، بالعكس تماماً، فنحن تجاوبنا وتفهمنا، وقلنا إن هذه الخطوة تفسح المجال أمام مزيد من النقاش الداخلي للتفاهم على قانون انتخابي، ونحن من موقعنا المشترك، كنّا ولا نزال نؤكد أن القانون العادل الذي يعطي للبنانيين كل اللبنانيين الفرصة المتساوية والحق في اختيار ممثليهم في المجلس النيابي، هو القانون الذي يعتمد الاقتراح على أساس النسبية الكاملة بمعزل عن تقسيم الدوائر، والذي يؤدي إلى إيصال النواب الممثلين الحقيقيين للشعب، بعيداً عن المحادل وغيرها، ولا تكون نتائجه واضحة قبل أن نذهب إلى العملية الانتخابية، ولكن في الوقت نفسه الذي نقدم فيه وجهة نظرنا ونناقش هذه الوجهة مع الجميع، فإننا لا نقفل الأبواب على إخراج الأفكار الأخرى، وكنّا دائماً نقول تعالوا وقدموا لنا أي صيغة تؤدي إلى تمثيل صحيح وعادل ومنصف لكل اللبنانيين، ونحن منفتحون على النقاش، لأننا لسنا من الأفرقاء المقفلين والمغلقين، وعليه فإن أي قانون عادل ومنصف، نناقشه ونقدم الملاحظات ونسير به.
واعتبر النائب فضل الله أنه ليس هناك من إمكانية لأحد في لبنان أن يفرض صيغة معينة على أحد، فتركيبة وطبيعة بلدنا الطائفية الموجودة منذ نشأة لبنان منذ عام 1920، تفرض التفاهم على الأمور الأساسية، ونحن من الأفرقاء الذين لا نقول أن من لديه أكثرية عددية هو الذي يفرض رأيه، بل إننا نريد قانوناً للانتخابات يحدد مصير السلطة في لبنان، لأن مجلس النواب هو أم السلطات، فهو الذي ينتخب رئيساً للجمهورية ويسمي رئيساً للحكومة ويعطي الثقة للحكومة ويحاسبها، وهو الذي يسنّ القوانين، وبالتالي فإن لم يكن هناك مجلساً للنواب اليوم، فليس هناك سلسلة رتب ورواتب ولا موازنة، وهذا يعني أن قانون الانتخاب هو من الأمور الأساسية في لبنان التي تحتاج إلى تفاهم وتوافق، فنحن لا نستطيع فرض رأينا، ولا يستطيع غيرنا فعل ذلك، بل إننا نستطيع تحديد معايير ونقدم ملاحظات وقد قدمناها، ولكن إن لم يحصل اتفاق وتفاهم داخلي على هذا الطرح، فإنه لن يستطع أحد أن يفرض شيئاً.
وأكد النائب فضل الله أننا نريد قانون انتخاب يراعي المناصفة بين المسلمين والمسيحيين التي هي موجودة أصلاً في الدستور ولا يستطيع أحد أن يمسّ بها، ولا يجب أن نأخذ البلد إلى تشنج طائفي، فبعض الأفرقاء في الخارج يعملون في الليل والنهار على إثارة المشكلات بين الطوائف في لبنان، وهناك من يمنّي النفس منذ عشر سنوات إلى اليوم لضرب التفاهم القائم بخاصة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، ونحن نقول لهم "خيطوا بغير هالمسلة"، فهذا التفاهم ثابت وقائم ومستمر، ونحن في لبنان نريد لرئيس الجمهورية أن يكون دوره أساسياً، وهو في المقابل كان له مواقف مشرفة في القمة العربية وقبلها، وبالتالي فإنه عندما يقوم بخطوات تخفف من التشنج، فيجب أن نكون جميعنا معه، مؤكداً أنه لن يكون هناك خلاف بيننا وبين رئيس الجمهورية أو بيننا وبين التيار الوطني الحر، ولكن قد يحصل بعض التباين والنقاش أحياناً حول قانون الانتخاب أو غيره وهذا أمر طبيعي، مشيراً إلى أن ما حصل في الأسبوع الماضي من إعادة لمّ البلد، هو أمر كنا نريده ووصلنا إليه، وسنعمل على التفاهم أكثر من أجل أن يكون بلدنا بغير الصورة التي هو عليها في حياته السياسية.
ودعا النائب فضل الله كل مواطن في لبنان لأن يبدأ بممارسة مسؤولياته من الآن ويؤدي دوره وواجبه في محاسبة السلطة، فالانتخابات ستحصل ولو بعد حين، وسيكون لدينا مجلس نيابي جديد، ونحن من جهتنا سنحاسب هذه السلطة من موقعنا السياسي والنيابي، فصحيح أننا شركاء في الحكومة، ولكن هناك فرق بين من يكون في المعارضة وينتقد من دون أن يقدم البدائل، وبين من يكون في الحكومة وينتقد بعض السلوكيات والممارسات ويقدم الحلول والبدائل، ونحن انتقدنا وقدمنا الحلول والبدائل في الموازنة التي أحيلت إلى المجلس النيابي، حيث ألغينا كل الضرائب التي تطال الفئات الشعبية، وفي سلسلة الرتب والرواتب مهما كانت النتيجة، فإننا كذلك سنرفض وسنسقط بالآليات القانونية والدستورية أي محاولة لفرض ضرائب جديدة، ولا يقول لنا أحد أنه إن لم يكن هناك ضرائب جديدة فلن يكون هناك سلسلة، لأننا قدمنا لهم بعض البدائل والتوفيرات في الجمعيات وغيرها التي تغنينا عن فرض ضرائب جديدة، وهذا إن لم نذكر السرقات بالأرقام الموجودة في قلب الموازنة، والتي نستطيع في توفيرها أن نوفر مبالغ طائلة، وننفذ سلسلة الرتب والرواتب من دون أن يدفع الناس أي مبلغ مهما كان بسيطاً، وكذلك فإننا قمنا بمواجهة ظواهر الفساد التي سنستمر بمواجهتها أياً تكن الاعتبارات والتداعيات.