كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي خلال احتفال تأبيني أقيم في حسينية بلدة حاريص الجنوبية، بحضور عدد من العلماء، وفعاليات وشخصيات، وحشد من الأهالي، وقد جاء فيها:
إننا نقف في مواجهة المحاولات التي تستهدف الطبقات الفقيرة في لبنان، ونحن وقفنا وبشكل قوي إلى جانب إحقاق المطالب المشروعة للشرائح الاجتماعية أو المختلفة، والتي عُبّر عنها بما صار معروفاً اليوم بسلسلة الرتب والرواتب، وأعلنا وقوفنا إلى جانب المطالب المشروعة الواردة في هذه السلسلة، ولكن قال من بيدهم الشؤون المالية والاقتصادية، إن إقرار السلسلة يجب أن نوازيها في مقابل إيرادات تحول دون زيادة العجز في الموازنة، مما يسبب بركود ثم تضخم ثم انهيار على غرار ما جرى ببعض الدول.
إننا اشترطنا منذ البداية وفي حوارنا مع القوى السياسية التي تشكل هذه الحكومة، أننا لن نقبل التوجهات التي ترمي إلى زيادة أعباء ضريبية على الطبقات المحرومة والفقيرة والمتوسطة، وقلنا بوضوح، إن جملة من الإجراءات يجب أن تتخذ لناحية القضاء على الفساد الإداري والمالي، الذي ينتشر في الجسد الإداري اللبناني بصورة عامة، وليس مقتصراً على قطاع دون آخر، لدرجة أنه تسرب حتى إلى القطاع الموكول إليه مكافحته، ونعني بذلك القطاع القضائي الذي فيه قضاة محترمون ونزهاء، ونقدم لهم احترامنا، ولكن في المقابل هناك من وصلت إليه جرثومة الفساد وأصيب بها.
بالأمس بدأ المجلس النيابي بمناقشة جدول أعمال مؤلف من 27 بنداً، ونحن من خلال متابعتنا لوقائع الجلسة، وجدنا أن مناخاً من التطويل والتكرار يطغى على بعض المداخلات، لدرجة أننا شعرنا أن هناك من يريد إطالة أمد التوصل إلى البنود المتعلّقة بسلسلة الرتب والرواتب، وبالتالي مشينا في إقرار اتفاقيات تتعلّق بتأمين المياه لجبل عامل، وبتأمين المياه من سد بسري لبيروت والضواحي، إلى أن وصلنا إلى البند العاشر، ولاحظنا أن الأجواء ليست إيجابية، وعندها وقفنا وطالبنا دولة رئيس نائب المجلس النيابي أن يقرّب البندين 26 و27 إلى البحث، على أن نبدأ بسلسلة الرواتب وليس بالإيرادات والواردات، فوافق معنا المجلس النيابي على تقديم البندين، ولكن مع إصرار على إبقاء البند المتعلّق بالضرائب قبل البند المتعلّق بالرواتب، وبعد الموافقة على المقترح وتقديم البندين، بقيت عملية التمييع والتطويل التي لا تقتصر على أحد دون آخر.
نحن كنّا واضحين في رفض أي ضريبة تطال المواطن الفقير أو متوسط الحال أو المحروم في كل البنود التي طرحت، إلى أن نفاجأ بالأمس بنشر لائحة ضريبية على وسائل التواصل الاجتماعي لا علاقة لها على الإطلاق في ما كان يجري ويتم تداوله في المجلس النيابي، وقد اطلعنا على بعضها وكان مضمونها أن ربطة الخبز والبنزين وغيرها قد ارتفعت أسعارها، ولكننا لم نتطرّق بالأصل إلى هذا الأمر، وعليه فإن هذا النوع من المحاولات اسمه الحرب النفسية بامتياز، ونحن دعونا وندعو إلى إجراء تحقيق حتى النهاية لمعرفة من سرّب هذه اللائحة التي شنّت حرباً نفسية على المواطن اللبناني وقامت على إشاعة الأكاذيب المتعلقة بالضرائب، مما جعل البعض يكره سلسلة الرتب والرواتب، والبعض الآخر يسقط ثقته بمن اختاره في الندوة البرلمانية.
إننا نؤكد على ضرورة وجود معارض، ونحن أيضاً حتى ولو كنّا شركاء في الحكومة، فإننا نختلف مع بعض القوى السياسية فيها على كيفية طرح الضرائب، والدليل على ذلك هو ما جرى بأول من أمس، ونحن من جانبنا أصررنا على أن يكون هناك رسم إنتاج على طن الترابة بقيمة 6000 ليرة لبنانية تؤخذ من شركات الترابة، ولا تُحمّل مسؤولياتها للمواطن اللبناني، ولكن البعض كان مع رسم استهلاك، والذي بتقديرنا هذا يطال المواطن اللبناني، وبالتالي أن تدفع شركات الترابة التي تنتج هذا المنتج من ربحيتها، لا سيما وأنه تبيّن أن هذه الشركات تربح على أقل تقدير في الطن الواحد ما يقارب ال17$، وبعد التصويت بالأسماء كانت النتيجة أن 25 صوتاً ضد رسم الانتاج أي أنهم مع رسم الاستهلاك، وصوتاً ممتنعاً، وأربعون صوتاً مع أن يكون رسماً للإنتاج وليس رسماً للاستهلاك.
إن المصارف اللبنانية تهدد وتمنّن في نفس الوقت، بحيث أنها تقول إنها هي التي تصنع الاستقرار المالي، وأن سعر صرف الدولار الآن ثابت مقابل الليرة اللبنانية لأنها تعمل بالطريقة المناسبة، فهكذا تكون المصارف تمنن اللبنانيين، ولكن تهددهم في نفس الوقت، لأن أي محاولة باتجاه المصارف تعني هز سعر صرف الدولار، ونحن نعرف منذ أن انطلقنا أننا سنكون أمام عملية صعبة للتوصل إلى انتزاع أرباح ضرائب على أرباح المصارف.
إذا كانت المصارف قد اعترفت منذ سنتين أنها تربح 1.7 مليار دولار سنوياً، مع العلم أنها تربح أكثر من ذلك، ولكنهم يعترفون بهذا الرقم، وعليه فإنه ليس وارداً على الإطلاق أن نقبل بتهرّب المصارف من تحمّل مسؤولياتها الوطنية في تمويل سلسلة الرتب والرواتب، لا سيما وأنها تحاول اليوم القول إنها ستدخل أرباحاً إلى الخزينة اللبنانية بقيمة 750 مليون دولار الذين هم ضرائب تؤخذ من المودع اللبناني، ولكن ضريبة أرباح المصارف لا تأخذ من المودع اللبناني، وأي عملية سيقوم بها المصرف لأخذ هذه الضريبة من المودع، ستكون موضع ملاحقة مثل موضوع شركات الترابة، التي ستُلاحق إن حمّلت رسم الانتاج للمستهلك اللبناني، فهل تتحمل المصارف مسؤولية تسميم الأجواء على النحو الذي يؤدي إلى هز الاستقرار في لبنان، وإلى إفقاد اللبنانيين الثقة التي تكاد تكون معدومة بمؤسساتهم، ولماذا لم نرَ أحداً من الذين رفعوا أصواتهم يطالب المصارف بتحمّل مسؤوليّاتها بدفع ضريبة على الأرباح، ولماذا يتمكن لوبي المصارف من مدّ أيديه إلى كثير من الذين يتولّون الشراكة في القرار السياسي، ونحن مختلفون في هذا الموضوع مع قوى سياسية داخل الحكومة، فالحقيقة وراء تقييد سلسلة الرتب والرواتب منذ سنتين، هي ليست كما قيل ووضع في الواجهة بأن السلك العسكري قد طالب بالمساواة، بل إن من عطّل هذه العملية كانت المصارف.
إننا لن نتراجع اليوم عن تمسكنا بإقرار المطالب المشروعة التي يعبَّر عنها باسم سلسلة الرتب والرواتب، ولكننا في المقابل مصرّون على رفض أي نوع من أنواع الضرائب التي تطال المحرومين والفقراء، وهذا أمر قد أعلناه وقلناه، ولذلك فإننا صوّتنا ضد زيادة 1 بالمئة على القيمة المضافة التي لا تفرض على المواد الأساسية ومنها المواد الغذائية وما إلى ذلك، وعليه فإننا مدعوون إلى أن نكون على يقظة وانتباه، وأن لا نذهب ضحية الإشاعات الكاذبة التي قد يخرج بها علينا البعض، ونحن في تاريخ المقاومة طالما سمعنا إشاعات وحوصرنا وكنا لوحدنا، ولكننا ما تراجعنا عن مسارنا إلى أن كتب الله لنا النصر فاحتفلت الناس بذلك النصر، وبالتالي فإننا نقول لأهلنا أن يطالبوا بما هو حقيقة، فلو قصّر نائب يقولوا له ذلك، ولو أخذ موقفاً غير السياسة التي يجب أن تُتخذ فليقولوا له أنه انحرف، ولكن لا يجوز أن نطالب من يقاتل على الجبهة السياسية والنيابية بفواتير أو رشتّات كاذبة ومضللة.