كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الحفل التكريمي للقائد الراحل مصطفى شحادة 4-11-2016
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السادة العلماء، السادة النواب، الإخوة والأخوات،الحفل الكريم، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
في البداية أرحب بكم جميعاً في هذا اللقاء التكريمي لقائد عزيز وكبير وحبيب، هو الأخ الحاج مصطفى شحادة (أبو أحمد)، أرحب بكم وأشكركم على هذا الحضور باسم العائلة وباسم حزب الله، وإخوان الحاج أبو أحمد في المقاومة الإسلامية.
أنا في نيتي في الوقت المتاح أن أتكلم كلمة حول المناسبة وحول هذا القائد الذي نحيي ذكراه في هذا اللقاء، وكلمة حول الإستحقاق الرئاسي والعهد الجديد طالما أنه والحمد لله هذا أنُجز، فإلى حين الانتخاب وصار عندنا رئيس، يوجد ملف عمره سنتان ونصف، نتكلم فيه كلمتين ونقفله ونذهب إلى مرحلة جديدة، وكلمة حول الوضع الحكومي الحالي والمستجد، وكلمة حول وضع المنطقة، طبعاً إذا بقي وقت إن شاء الله.
أنا في البداية أذكّر بقول الله عز وجل: "من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا".
مجدداً أنا يجب أن أتوجه بالتعزية إلى عائلة الأخ العزيز والقائد الحاج مصطفى شحادة، إلى أهله وإلى زوجته المجاهدة والمضحيّة وإلى ابنته وأبنائه وإلى إخوانه وأخواته وإلى كل أحبائه ورفاق دربه، وهو إبن العائلة المقاومة والمجاهدة منذ البدايات، هي العائلة التي قدمت أيضاً من بين أبنائها الشهداء في هذا الطريق، وتحمّلت الكثير من الصعاب والشدائد وصبرت منذ الانطلاقة الأولى لهذه المسيرة، أعزيهم بفقد هذا القائد وهذا العزيز وهذا الحبيب، الذي كان أستاذاً للمجاهدين وأباً للشهداء وأخاً كبيراً لهم، واسأل الله تعالى أن يحشرهم معه إن شاء الله.
الحاج مصطفى الحاج أبو أحمد، عندما أتكلم عنه في الجزء الأول من الكلمة إنما أتكلم من موقع الشهادة الحسية، يعني التجربة المباشرة والشخصية، ليس قال لي فلان عن فلان، لا أتكلم عن تاريخ بعيد ولا عن شخص لا أعرفه، وإنما عن شخص أعرفه عن قرب، عملنا سوياً ومشينا في الطرقات سوياً، وحضرنا في الشدائد سوياً.
أبو أحمد كان أحد الرجال الأوائل في بدايات هذه المسيرة، وفي بدايات تكوين حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان، وفي بدايات هذا التشكّل وهذا التشكيل وهذا الالتقاء بين مجموعة كبيرة من الشباب المؤمن والمتديّن والمقاوم والمجاهد، ومنذ الأيام الاولى وليس منذ السنة الأولى أو الشهور الأولى، بل منذ الأيام الأولى لتشكّل حزب الله كان الحاج مصطفى واحداً من هؤلاء المساهمين في البدايات، كان شاباً في مقتبل العمر، 22 سنة 23 سنة كما هو حال الكثيرين من الجيل المؤسس في هذه المسيرة وفي هذه المقاومة، وعاش كل شبابه وعمره في هذه المسيرة وختم له وهو رغم مرضه يتحمل المسؤولية فيها، كان من المسؤولين المؤسسين في الميدان، في الجبهة وبقي في الميدان ولم يغادره يوماً إلا إلى مثواه الأخير.
كان الأخ المؤمن والشجاع والواعي وصاحب الإرادة الصلبة من النوع الذي لا يتسرب الخوف إلى قلبه، يعني أنا مثلاً في ذهني توجد مجموعة أشخاص ومجموعة إخوة،هؤلاء أصلاً لا يدخل الخوف إلى قلبهم، في الشدائد والحروب والقتال والخطوط الأمامية لا يهتزون ولا يتزحزحون ولا قلبهم يرجف ولا أعصابهم تهتز، واحد من رموز هذه النوعية. كان الأخ مصطفى شحادة، القريب جداً من الشباب والمجاهدين والناس حباً ولطفاً وأخوّةً وصداقةً وتواضعاً، عندما نعود إلى البدايات، إلى تلك البدايات في 1982، يعني إلى عددنا القليل في حزب الله، إلى تنظيمنا المتواضع، إلى إمكانياتنا المحدودة، يعني عندما كنا قليلاً، نخاف أن يتخطّفنا الناس من حولنا، يعني عندما نعود إلى زمن الغربة، كان لحزب الله عرين في بيروت الغربية، كان لحزب الله عرين في فتح الله، وكان ليث هذا العرين هو مصطفى شحادة (أبو أحمد)، وكان حامي هذا العرين هو مصطفى شحادة (أبو أحمد).
حزب الله، هذه الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، كانت هذه الشجرة وما زالت جذورها الضاربة في الأرض قوية وصلبة منذ بداية التأسيس، هذا أحد أسباب أن هذه الشجرة لم تهزّها العواصف والرياح العاتية وصمدت أكثر من ثلاثين عاماً، مع أنها كانت تُبتلى وتُمتحن في كل عام مرة أو مرتين، وكان الحاج مصطفى ابو أحمد أحد جذورها القوية والراسخة الذي جعلها ثابتة في الأرض وتعانق السماء.
إيمانه وتدينه والتزامه بقضية المقاومة وطريق حزب الله، كل ذلك دفعه إلى تحمل المخاطر على المستوى الشخصي، وهو الذي كان يقاتل بيده ويحضر في الخطوط الأمامية ويفتح صدره للنيران ويواجه التحدي وهو الذي أصيب بالجراح، وكاد أن يقتل ويستشهد في أكثر من مرة وفي أكثر من ساحة.
كان الحاج مصطفى من البنائين الأوائل الذين أحسنوا البناء وأتقنوا البناء وأوجدوا هذا البنيان الجهادي، وعزّزوه وطوّروه حتى غدا مع الزمن قوة قادرة على طرد الإحتلال ومواجهة التهديد والعدوان والدفاع عن الوطن والأمة في أكثر من جبهة وفي زمن واحد.
لو كان لي أن اختار مفصلاً مركزياً في سيرة وحياة هذا القائد الجهادي، ليُعرف بعض حقه وفضله، عادة في حياة أي كادر وأي قائد وأي شخص ممكن أن يعيش أربعين سنة أو خمسين سنة ويكون له جهاد ونضال، مثلاً، عشرات السنين، مثل الحاج مصطفى، كل شخص في النهاية توجد في حياته وفي سيرته مفصل أو مفصلين أو ثلاثة أساسية، يشار إليها بالبنان ويُعرف من خلالها هذه الشخصية وفضلها وحقها.
ليس كل شيء يكشف عن حقيقة جوهر الإنسان، هناك أحداث محددة ومعينة هي التي تكشف عن جوهر أي إنسان، وحقيقة أي إنسان.
لو كان لي أن أختار مفصلاً، سأختار المفصل التالي، وسأتكلم عنه، ليس من أجل أن أنكأ جراحاً أو أثير شيئاً من الماضي، وإنما لأخذ العبرة للحاضر وللمستقبل.
الحاج مصطفى كان مسؤول حزب الله العسكري في منطقة بيروت الغربية. في سنة 1987 وعلى أثر القتال الداخلي الذي كان قائماً في ذلك الحين بين مجموعة من القوى السياسية في بيروت، دخلت القوات السورية إلى بيروت وانتشرت على المستوى العسكري. حصلت حادثة مفجعة وقاسية ومؤلمة في ذلك الوقت، في الشهر الثاني من عام 1987 في منطقة فتح الله، فيما عرف لاحقاً بمجزرة فتح الله، قضى فيها من إخواننا وشبابنا 18 شهيداً، من خيرة الشباب، كانوا موجودين في نفس المبنى، في الطابق الأول، وكان الحاج مصطفى موجوداً ربما في الطابق السادس أو الثامن لا أذكر، لكن في نفس المبنى.
طبعاً أنا سأشير إلى هذه الحادثة لأقول، قبل أن أتعرض لها، أننا نحن دائماً كنا أمام تحدٍّ وأمام معاناة في الإدارة السورية السابقة، كان في الإدارة السورية السابقة من يسعى لسبب أو لآخر إلى أن يكون هناك قتالٌ بين الجيش السوري وحزب الله، وحصلت أحداث كثيرة في الثمانينات وحتى في التسعينات، لكن كانت هذه الحادثة أخطرها وأكبرها.
بالتأكيد كان هناك من يريد أن يفرض واقعاً ميدانياً معيناً على القيادة السورية في ذلك الوقت، (القيادة) المتمثلة بالرئيس الراحل حافظ الاسد، الذي كانت نظرته لمسألة المقاومة في لبنان ولحزب الله في لبنان نظرة استراتيجية منفصلة عن المنافسات الداخلية والصراعات الداخلية والمعارك الداخلية في لبنان، ولكن في الإدارة السورية ـ الآن هذا أصبح من الماضي على كل حال، لكن يجب ان نذكر ذلك ـ من كان يسعى في ذلك الوقت، لحسابات معينة ولأسباب معينة، لأن يدفع الأمور باتجاه قتال كامل وواسع بين الجيش السوري وحزب الله. الآن لا أريد أن أدخل في الأسباب، لكن هذه كانت واحدة من معاناتنا، وهذه المعاناة استمرت بعد ذلك.
أيضاً، مع الوقت كان هناك من يراهن على قتال بين المقاومة والجيش اللبناني، وهذا ما خُطط له في مجزرة 1993، عند مستديرة المطار، أيضاً عندما سقط لنا 10 شهداء من الإخوة والأخوات، وخمسون جريحاً، كانت جراحهم في الرأس وفي الصدر، وكان علينا مرة أخرى أن نصبر لنفوّت المؤامرة، وهناك أيضاً من كان يفكر ويدرس ويبحث ويخطط لصدام بين الجيش اللبناني والمقاومة، عام 2005، بعد خروج القوات السورية من لبنان، ولكن الدراسة في ذلك الوقت أوصلته إلى مكان (أيقن فيه) أن هذا رهان خاسر، لأن عقيدة الجيش وتركيبة الجيش وقيادة الجيش وضباط الجيش وثقافة الجيش اللبناني، التي تكوّنت خلال عقود، تأبى أن تسير في هذا الاتجاه.
على كلّ هذا واحد من التحديات والآلام والمرارات التي عشناها خلال عقود من الزمن، في ذلك الوقت.
لنرجح لأخينا العزيز الحاج مصطفى، في ذلك الوقت ونتيجة ما حصل، يعني قتل إخواننا في مجزرة فتح الله من قبل جنود سوريين أُعطيت لهم الأوامر بأن يفعلوا ذلك، وما تبعه من تفاصيل مستفزة، يعني كان هناك تعمّد في الاستفزاز، حتى نذهب باتجاه رد الفعل غير المدروس الكبير الذي يؤدي إلى المواجهة الكبيرة.
بطبيعة الحال، في تلك الليلة، كل إخواننا وشبابنا في بيروت الغربية استنفروا، تجمعوا وتكتّلوا، وأخذوا نقاطاً، وهناك شباب من الضاحية ـ أيضاً نتيجة هول الحادثة ـ جاؤوا إلى بيروت. كان قائد الميدان هو الحج مصطفى. وكانت كلمة واحدة منه، أمر واحد، طلقة واحدة، كانت كفيلة بوقوع كارثة في الشهر الثاني من عام 1987، كان يمكن أن تحصل مواجهة كاملة وشاملة، ليس فقط في بيروت والضاحية، وإنما في كل مكان بين حزب الله وبين الجيش العربي السوري.
وبالرغم من أن الشهداء كانوا أصحابه وإخوانه وأحباءه وأصدقاءه و"شبابه"، وهذا يعني الكثير، لكن هذا القائد كان من الانضباط والطاعة والحكمة وتحمّل المسؤولية ورباطة الجأش والصبر والسيطرة على الغضب وأيضاً الوعي الكبير (بحيث أنه) لم يحرّك ساكناً، و"مسك" الشارع و"مسك" المجموعات بأكملها، وكان بانتظار القرار الذي ستتخذه قيادة حزب الله في ذلك الوقت.
بالفعل، الإخوة في قيادة حزب الله في ذلك الوقت، طبعاً لم يكن لدينا أمين عام ـ كانت قيادة جماعية مثلما هي الآن قيادة جماعية لكن بدون أمين عام ـ اجتمع الإخوة ودرسوا خلفيات الحادث ونتائج الحادث وتداعيات الحادث وأجمعوا أنه يجب أن نتحمل ونصبر ونضغط على جراحنا لأن هناك من يريدنا ان نذهب إلى صدام، المستفيد الأول منه هو إسرائيل ومن يدعم إسرائيل، المشروع الأمريكي في لبنان والمنطقة، تعرفون في ذلك الوقت الأميركيون كانوا حاضرين وفاعلين ومؤثرين مباشرة في كل أحداث المنطقة. بالرغم من ألم المصاب يجب أن نتحمل هذه المسؤولية ونتجاوز هذا الأمر ونذهب إلى علاجه بطريقة مختلفة.
وأنا أذكر في تلك الليلة، الساعة 12:30 ليلاً، مجموعة من الإخوة القياديين، من قيادة حزب الله المركزية، ركبوا في السيارة وتوجهوا إلى بيروت في ظلام الليل، رغم المخاطر جاؤوا إلى الضاحية، كانوا يعتبرون أنه الآن يجب أن نتكلم مع الحاج مصطفى، يجب أن نتكلم مع الشباب، والأمر صعب، إلخ...
أذكر أنني كنت مع الإخوة في ذلك الوقت في السيارة نفسها، ذهبنا في السيارة إلى حيث الأخ الحاج مصطفى شحادة موجود، نزلت أنا تكلمت معه، لم يحتَج الأمر سوى إلى نصف دقيقة: يا حاج عظّم الله أجرك، بارك الله بك وبإخوانك، قرارنا أننا لا نريد أن نذهب إلى صدام، هناك من يريد أن يجرنا إلى فتنة، إلى قتال على حساب المقاومة وعلى حساب شهدائنا، هذا يخدم أميركا واسرائيل، نريد أن نضبط أنفسنا وأن نلمّ شبابنا ونجمع سلاحنا وننكفىء وأن نرى هذا الموضوع كيف نعالجه في المستقبل، (وكان جوابه): أمر مطاع، انتهى.
في تلك الليلة أبدى هذا القائد، كما قلت، عبّر ، بيّن جوهره: طاعة، ولاية، انضباط، صدق، إخلاص، تواضع، الوعي، الحكمة، الإدارة، الصبر، الحس القيادي، تحمل المسؤولية، يكفي هذا.
لنا أن نفترض أنه في تلك الليلة لم يرد أحد على أحد، وأن الناس تفلتّت أو كان القرار شيئاً آخر. لكن هنا لأن القرار لم يكن شيئاً آخر، تأتي مفصلية وجود قائد اسمه مصطفى شحادة في تلك الليلة. لو ذهب إخواننا وشبابنا ومقاتلونا إلى المواجهة الشاملة في بيروت، كانت كارثة حقيقية، على الجميع، وعلى مشروع المقاومة بالدرجة الأولى.
هذا مفصلي، أنا أستحضره دائما ولا يغيب عن بالي لحظة على الإطلاق، لأن هذا من المفاصل الصيرية. هذا ليس حدثاً عادياً، هذا مفصل مصيري، كان يمكن أن يأخذنا باتجاه ونحن كنا نريد أن نسير باتجاه آخر (مختلف تماماً)، باتجاه الجنوب والقدس والمعركة الحقيقية الأساسية.
طبعاً، بعد ذلك صار هناك تواصل مع الرئيس حافظ الأسد، وتمّ فهم حقيقة ما جرى، ومنذ ذلك الوقت صارت هناك عناية خاصة والتفاتة خاصة وحذر خاص من شخص الرئيس الأسد، وفُتحت قنوات مختلفة لمنع حصول أو دفع الأمور باتجاه فتنة من هذا النوع أو مشروع من هذا النوع، وكانت أياماً قاسية.
على كلّ، في تلك الحادثة يحضر هذا القائد، بعدها واصل تحمّل مسؤولياته على مستوى منطقة كل بيروت وليس فقط بيروت الغربية، أيضاً في الجنوب، في عمليات المقاومة، في جهود المقاومة، أيضاً في تأسيس السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال، في ذلك الوقت، في التسعينات، كان له دور أساسي وجوهري،
وفي كل الأحوال، كما بدأ من بيروت الغربية عاد إليها في سنوات عمره الأخيرة، مسؤولاً ومجاهداً ومتحملاً للمسؤولية وقائداً وأباً وأخاً كبيراً للإخوة، حتى قضى نحبه بعد صبر طويل مع مرض عضال.
أحببت أن أقدم هذه الشهادة بحق هذا القائد، الذي كان نموذجاً في الوفاء وفي الإيمان وفي الصدق والعطاء بلا حدود وفي الشجاعة والشهامة، وفي الاستعداد للفداء في كل الخطوط الأمامية.
في المعركة التي أصيب بها بالجراح وكاد أن يُستشهد، أنا التقيته خلال يوم أو يومين بعد إصابته، وكان أيضاً رابطاً يده ويحمل بندقية في اليد الأخرى، لم يتذرع لا بمرض ولا بجراح ولا بضعف ولا بأي مشكلة من المشاكل، لم يتخلف يوماً عن الحضور في ساحة قتال أو مواجهة ميدان.
الحاج مصطفى شحادة، أبو أحمد، القائد الراحل، هو بحق أسد من أسود الله وسيف من سيوف الله في هذه المسيرة الإلهية المباركة، رحمه الله إن شاء الله وحشره مع الأنبياء والأولياء والشهداء والصديقين والصالحين.
إذا سمحتم لي أريد أن أنتقل قليلاً للاستحقاقات القائمة:
أولاً: في الملف الرئاسي، الحمد لله في 31 تشرين الأول أنجز هذا الاستحقاق وصار للبنان رئيس للجمهورية، هو فخامة الرئيس العماد ميشال عون.
أنا بالعنوان الرئاسي أحب أن أتكلم ببعض النقاط، مثل ما قلت، لكي نغلق الملف فيما مضى، لأنه حُكي كثيراً ولكن نحن طبعاً تكلمنا القليل، يعني غيرنا الذي تكلم كثيراً على مدى سنتين ونصف، وننتقل إلى الملف الحكومي.
النقطة الأولى: على مدى عامين ونصف تقريباً، اليوم فرصة أن أعيد وأقول إنه بعد إنجاز الانتخاب أننا نحن في حزب الله ظُلمنا كثيراً، سنتين ونصف، واتُهمنا كثيراً، وصار هناك الكثير من التجني علينا، ويستطيع الذين ظلمونا والذين اتهمونا والذين تجنّوا علينا سنتين ونصف أن يراجعوا أنفسهم وحساباتهم وماذا كتبوا وتكلموا خلال سنتين ونصف، بشكل أساسي حكاية أن حزب الله إذا كان يريد انتخابات رئاسية فهو لا يريد العماد ميشال عون رئيساً، وهو يكذب على العماد عون ويخدعه.
ونحن لم نكن في يوم من الايام لا كذابين ولا خداعين، بعد ذلك ترقّوا (إلى) أن حزب الله أساساً هو لا يريد رئيساً في لبنان، ومشروعه هو الفراغ الرئاسي وهو يعطل انتخاب أي رئيس، لا ميشال عون ولا سليمان فرنجية ولا أي أحد ـ مع حفظ الألقاب ـ وبنوا على ذلك الكثير من الأوهام والأقاويل والاتهامات والتحاليل، ولم يتركوا شيئاً محلياً وإقليمياً ودولياً إلا وأدخلوه ببعضه، وحمّلونا أياه.
في البداية اعتبروا أن حزب الله يسجن الاستحقاق الرئاسي من أجل المفاوضات النووية بين إيران والخمسة زائد واحد، والملف الرئاسي اللبناني هو على طاولة المفاوضات في فيينا. وتعبنا و"جف ريقنا" ونحن نقول لهم: يا جماعة كفى توهما وكفى تخاريف ولا تتحدثوا بكلام فارغ، على طاولة المفاوضات في فيينا لا يوجد شيء سوى النووي فقط، لا لبنان ولا غير لبنان. طبعا ليس هناك من يسمع.
وجرى الاتفاق النووي ولم تحلّ الرئاسة في لبنان، وتبين أن ما تحدثنا به صدق وما كانوا يتحدثون به هو افتراء وكذب، وتبيّن أنه على طاولة المفاوضات النووية لا يوجد شيء اسمه لبنان ولا ملف الرئاسة ولا المقاومة ولا سورية ولا أي شيء، لا يوجد إلا الملف النووي، لأن الجمهورية الإسلامية ولأن سماحة الإمام الخامنئي وقيادة الجمهورية الإسلامية رفضوا بشكل قاطع أن يُناقش شيء آخر غير الملف النووي على طاولة المفاوضات، انتهى هذا (الموضوع)، ولاحقا تحدث الأمريكي بهذا.
تبيّن أننا صادقون وغيرنا يظلمنا، ومع ذلك تابع (هؤلاء) أن حزب الله يسجن ويحبس الاستحقاق الرئاسي بانتظار ما يحصل في سورية. وألف مرة خرجنا وقلنا يا أخي لا تنتظروا ما يجري في سورية ولا ما يجري في المنطقة. تعالوا، تفاهموا، اجلسوا وتحدثوا، والعماد ميشال عون هو ممر إلزامي، اذهبوا وتحدثوا معه، تفاوضوا معه وتفاهموا معه. لم يرد أحد.
بكل الأحوال اليوم وصلنا في 31 تشرين الأول لنتيجة أن هذا (الاستحقاق) ليس له علاقة لا بملف نووي ولا بأحداث بسورية ولا إيران فاوضت أحدا أصلاً. عندما تحدث الرئيس هولند مع الرئيس روحاني قال له هذا شأن لبناني "شوفوا اللبنانيين بما يتفقوا"، الفاتيكان تحدث مع إيران، وإيطاليا تحدثت مع إيران، وروسيا تحدثت مع إيران، كل الناس تحدثوا مع الإيرانيين فقالوا لهم هذا الموضوع عند اللبنانيين، لدينا حلفاؤنا وأصدقاؤنا وهذا شأنهم، نحن لا نتدخل فيه. بكل صدق، بكل شفافية، إيران وسورية أرادا لهذا الاستحقاق أن يكون لبنانيا بحتاً، والذي لم يكن يريده أن يكون لبنانياً هو أحد غيرنا ولسنا نحن. وهذه النقطة الأولى وأكتفي بهذا المقدار.
لاحقاً هناك أناس ربطوا (الموضوع) بالصراع السعودي الإيراني، أنه الآن سننتظر السعودية وإيران ليتفقوا في العراق واليمن وبسورية والبحرين، وملف الرئاسة أحد هذه الملفات. كله كان كلاماً ليس له أساس، أوهام، نحن كنا منذ اللحظة الأولى صادقين في موقفنا وصادقين في دعمنا للمرشح الطبيعي العماد ميشال عون، صادقين في أننا نريد انتخابات رئاسية، وفي أننا نريد هذا الرجل رئيساً للجمهورية، ولم نتخلف عن هذا الموقف لحظة واحدة على الإطلاق، وكل ما كان يمكن أن يؤدي إلى انجاز هذا الاستحقاق ويوصل هذا الرئيس ونستطيع أن نفعله فعلناه على طول الخط. هذه نقطة.
النقطة الثانية حتى ننهي هذه النقاط. حتى بعد الانتخاب، للأسف الشديد، هناك من يصر ويريد أن يقول إنه هو صاحب الفضل، مع أننا نحن لم نتحدث عن فضل، ولا نود المن على أحد، لا البلد ولا شيء، ولا نقارب هذا الموضوع لا من قريب ولا من بعي.د لكن هناك جهة مصرة أن تقول إن حزب الله لم يكن يريد العماد عون، وهم حشرونا حتى ذهبنا إلى الانتخاب بـ 31 تشرين الأول. بلغة الشارع البسيطة العامية: "يا حبيباتي كنتوا احشرونا من سنتين ونصف". لمَ تحشروننا الآن؟ لمَ انتظرتم سنتين ونصف لحشرنا، "كنتوا احشرونا" من سنتين ونصف ويظهر مَن المخادع ومَن الصادق. لا داعي لأن أدخل بجدل وأناقش نوايانا ونواياهم.
كذلك هناك من يصر ـ ونحن نريد أن ننتهي ولا أريد فتح سجال، ننهي هذا وننتهي من الملف الرئاسي ـ
من يصر أنه حقق انجازاً وانتصاراً أنه الآن جيد أن يتعلم الناس أن الانتصار هو إسقاط أهداف العدو أو الخصم. نحن وأنتم مختلفون، بحرب تموز كنا نحن نقول إن انتصارنا هو أننا أسقطنا أهداف العدوان الإسرائيلي، وأنتم تقولون كلا، هذا ليس انتصاراً. الآن ظهر أن هناك منتصر في البلد، أنهم هم اكتشفوا أو علموا بأن هدف حزب الله هو الفراغ الرئاسي، ومن أجل إسقاط هدف حزب الله تبنّوا العماد ميشال عون للرئاسة من أجل إسقاط الهدف وإلحاق الهزيمة بحزب الله وتحقيق انتصار.
عظيم، عظيم جداً. أنتم تتهموننا أن هدفنا هو الفراغ الرئاسي لمدة سنتين ونصف. "كنتوا اهزمونا" من سنتين ونصف وتبنوا ترشيح العماد عون وانتخبوا رئيس جمهورية، وكنتم وفرتم على البلد الفراغ سنتين ونصف ومعه كل هذه التداعيات التي تتحدثون عنها، تعطيل مؤسسات والوضع المالي والاقتصادي.. إلخ.
"هذه السوالف" حشرناهم وهدفهم الفراغ، مع ذلك أنا أقبل، لا مشكلة، ليس فقط أنا، أنا وإخواني نقبل، لمن يتحدث فليتحدث بما يقول، من حقق انتصارات ليقل إنه حقق انتصارات، ومن حقق انجازات ليقل إنه حقق انجازات، لا مشكلة على الإطلاق. المهم أنه بعد 31 تشرين الأول يوم آخر في لبنان.
هذا المهم بالنسبة لنا، هذا المهم، ولذلك شاهدتم خلال كل الأسابيع الماضية، رغم اشتداد الحملة وكثرة هذا الكلام الذي ليس له أساس وليس له أي قيمة، نحن لم نعلق ومررنا عليه، لأنه مثلما تحدثت أنا يوم الأحد بذكرى الشهيد الحاج علاء (رحمة الله عليه) كان هدفنا حقيقة أن يتحقق الانجاز ويسير.
وهناك البعض أيضاً، هناك إحدى القوى السياسية تبين معها أنها هي تريد تبني العماد عون لأن التزام حزب الله معه فقط التزام اخلاقي وليساً قائم على أساس سياسي. غريب أن هناك قيادة حزب في لبنان، قيادة سياسية ومكتب سياسي طويل عريض ويجتمعون، ونحن على مدى سنتين ونصف نقول إننا نحن ندعم ترشيح العماد عون، ليس فقط أخلاقاً ووفاء وإنما أيضاً بما يمثل من مواصفات كذا وكذا وكذا وكذا "وعلى شوي سنكتب معلقات كنا" ومن يمثل، بما يمثل ومن يمثّل. خرج أناس أصلا على مدى سنتين ونصف لا يسمعوننا ولا يقرأون الصحف ولا يطلعون على الحيثيات. هناك قوة سياسية بالبلد اسمها حزب الله تدعم مرشحاً، لمَ تدعمه، لم تقرأوا، لم تسمعوا، لم تناقشوا، تبيّن لديكم أن الموضوع موضوع أخلاقي فقط. هذا غير كافٍ لأن تقارب هذا الترشيح من الزاوية السياسية.
اكتفي بالملاحظات الثلاث: من حشرنا ومن أسقط أهداف الفراغ ومن اعتبر أن موقفنا هو فقط موقف أخلاقي ليس له علاقة لا بالرؤية الاستراتيجية ولا بما يمثل العماد ميشال عون ولا بمن يمثل العماد ميشال عون.
ثالثاً: أريد أيضاً مع بداية العهد الجديد لأنه قيل كثيراً عن تفاهمات وصفقات رئاسية واتفاقيات واتفاقات وكذا.
نحن بيننا وبين العماد عون، مع فخامة الرئيس، هناك التفاهم الذي عقد في شباط 2006 في كنيسة مار مخايل، تفاهم علني ومكتوب ونُشر بوسائل الإعلام. لا يوجد شيء له علاقة لا بالرئاسة ولا بأي تفاصيل من هذا النوع. هذا كان التفاهم الذي بيننا، انتهى. الآن نحن لا يوجد تفاهم بيننا وبين العماد عون ولا يوجد صفقة رئاسية حتى يكون الأمر واضحاً. لا أعتقد أن هناك من يتهمنا أو يتهم العماد عون بهذا، لكن ليكون واضحاً: لا يوجد شيء.
بالعكس، نحن بناء على تجربة السنوات العشر، من شباط 2006 وحتى الآن، لما دعمنا هذا الترشيح دعمناه من موقع الثقة بالرجل. حتى عندما تفاهمنا على دعم ترشيحه، وقبل أن نعلن بعدة أشهر، وتناقشنا بهذا الموضوع، هو سألني: بالنهاية إذا أردت التفاوض والنقاش، وسألتقي مع قيادات سياسية، أنتم حزب الله تدعمون ترشيحي، ما الذي تريدونه بالضبط؟ قلنا له: جنرال نحن نثق بك، نحن نثق بك، أنت بالنسبة لنا رجل صادق ورجل واضح ورجل شفاف ورجل مستقل ـ أنا لم أكن أجامله والآن أتحدث بهذا بالاعلام ولا أجامل أحداً ـ رجل مستقل، وهذا دائما كنت أقوله بالمناسبات: العماد عون لا يتبع أحداً، لا دولة ولا سفارة ولا محوراً، ولا أحد. ما يقتنع به هو، ما يريح ضميره يقوم به، يتخذ القرار. (قلت له) نحن نثق بك وبهذه المواصفات وباستقلالياتك وبصدقك وبوطنيتك خلال السنوات من التجربة.
الآن هناك أناس يأتون يفتحون ملفات قديمة. "شو بدنا" بالملفات القديمة. الآن الناس ماذا وأين، بالشدائد الكبرى والمحن، بحرب تموز وما بعد حرب تموز، نحن يا إخواننا وأخواتنا والسادة المشاهدين في بداية عهد جديد، ليعرف المشاهدون: كل ما بيننا وبين فخامة الرئيس العماد عون هو هذه الثقة، لا يوجد شيء (آخر) ولسنا متفقين على شيء ولا نجري صفقة بشيء، ونحن تكفينا هذه الثقة، اليوم نحن مطمئنون جداً، لأن الذي يسكن قصر بعبدا هو رجل وقائد وصادق وشجاع ووطني وشخصية مستقلة و..جبل، جبل. هذا بالنسبة لنا لا يُشرى ولا يُباع "ولا يبرِم ولا يفتِل" لديه ثوابت ولديه مبادئ يثبت عليها ويسير عليها، هذا بالنسبة لنا ما كان مطلوباً، وهذا الذي وصلنا له. لم نكن محتاجين لنجري مع العماد عون أي اتفاق أو صفقة رئاسية. هذه النقطة الثالثة.
النقطة الرابعة، أيضاً بالملف الرئاسي، يجب أن نتوقف ملياً أمام الدور الإيجابي الكبير الذي قام به دولة الرئيس نبيه بري يوم الانتخاب، وإدارته الدقيقة والممتازة لإنجاز هذا الاستحقاق.
يعني ببساطة، رغم أن الرئيس بري أعلن موقفه من ترشيح العماد عون وقال له أنا لا أريد أن أصوّت لك، أنا أريد أن أصوّت للوزير سليمان فرنجية، وبعد ذلك لما قال الوزير فرنجية نضع ورقة بيضاء فأيضاً إخواننا في حركة أمل وكتلة التنمية والتحرير التزموا بالورقة البيضاء. باللعبة السياسية كان الرئيس بري يستطيع وأيضاً ومعه آخرون، أن "يطيّروا النصاب" بـ 31 تشرين الأول ، كان يستطيع، لكنه لم يفعلها وحافظ على الميثاق.
وحتى أثناء الجلسة، لما حصلت هذه الهمروجة التي تابعها كل اللبنانيين ـ والتي بين هلالين بعض النواب آذوا من خلالها صورة المجلس النيابي، وآذوا صورة البلد كله ـ لما حصلت هذه الهمروجة هناك أناس صاروا يشتغلون من أجل تأجيل الجلسة، وهذا يريد أن يخرج وهذا يريد أن يهرب. دولة الرئيس كان حاسماً وقوياً في ضبطه ومنعه لأي تسرب في الجلسة، مجرد أن انتهت الدورة الأولى بسرعة فتح الدورة الثانية، وأدار التصويت بالشيء الذي شاهدناه كلنا إلى أن انتهى إلى الانتخاب الذي حصل، وكان مجهزاً لخطاب التهنئة، ومجهزاً لجلسة القسم، يعني أيضاً هو مستعجل، يريد أن ينهي هذا الاستحقاق، بالرغم من موقفه الذي كان واضحاً وعلنياً ولم يجامل فيه.
بكل الأحوال، مجريات جلسة 31 تشرين الأول هي شهادة كبيرة لدولة الرئيس نبيه بري، الذي يثبت مرة جديدة، ليست هذه أول مرة، يثبت مرة جديدة أنه رجل دولة بامتياز، وأنه الضمانة الوطنية الكبرى في الزمن الصعب، وكل من يختلف معه أو من اختلف معه في الاستحقاق الرئاسي يجب أن يحفظ له ذلك.
خامساً، النقطة الخامسة: أنا خلال الأسابيع الماضية والأشهر الماضية بالاستحقاق الرئاسي كنت دائماً أذكر وأتحدث عن الحليف الشريف الوزير سليمان فرنجية، الآن وقتها أن أذكر واحدة من النقاط الأساسية التي تدفعني لأطلق هذا الوصف: "الحليف الشريف" ولا أريد أن أقولها لأمجّد بالوزير الفرنجية وإنما لنبني على الشيء مقتضاه.
الوزير فرنجية، حتى بعد أن رشّحه تيار المستقبل للرئاسة، كان عنده فرصة ذهبية أن يُنتخب رئيساً، ولكن من اليوم الأول التزم معنا، هنا معنى الالتزام، يعني هنا لما بدأ يُحكى بالبلد، الحمد لله الآن يُحكى كثيراً عن الأخلاق، هذا ما نريده، يُحكى عن الالتزامات، الالتزام والوفاء بالالتزام، هذا ما نريده، هذا الذي أريد أن أبني عليه بعد قليل. التزم معنا، قال: أنا أقدر حراجة الموقف ولذلك أنا لن أذهب إلى جلسة انتخاب رئيس حتى لو يريدون أن ينتخبوني أنا، إذا أنتم غبتم عن الجلسة، هذا التزام مع حزب الله كان، هذا التزام معنا.
حسناً، بكل بساطة هكذا بحسبة عددية، الرئيس بري كان يحضر الجلسات، لم يكن يغيب، بصفته رئيس مجلس، ومعه الكتلة، لكن هناك مجموعة من الحلفاء كانوا يغيبون معنا، يعني لما نذكر مثلاً الوزير سليمان فرنجية وكتلته، الآن غير نحن وتكتل الإصلاح والتغيير، نذكر مثلاً حلفاءنا القوميين السوريين، نذكر المير طلال، نذكر، الآن لا أعرف النائب قاسم هاشم كان يحضر أو كان يغيب، لكن أكيد النائب عاصم قانصو كان يغيب معنا، هناك مجموعة من النواب كانت تغيب معنا، وإلا كتلة الوفاء وتكتل الإصلاح والتغيير لوحدهم لم يكن ليستطيعوا أن يعطلوا النصاب، صحيح أو لا؟ حسناً، هؤلاء الأخوة بقوا معنا. الوزير فرنجية قاطع الجلسات التي يراد فيها أن ينتخب هو رئيساً للجمهورية. يعني لا بأس بلحظة تأمل قليلاً، بكل بساطة يستطيع الوزير فرنجية يأتي لحزب الله يقول يا إخواننا هذه كثرة أخلاقكم وأخلاقي ستذبحنا، يا أخي عندي فرصة تاريخية، دعوني أصبح رئيس جمهورية، مع ذلك لم يقل، وعلى الإعلام قال، أنا التزمت وأنا أفي بالتزامي، هذا يعني الحليف الشريف، هذا يعني الرجل الرجل، هذا يعني من تستطيع أن تأمنه على وطنك وعلى قضاياك الوطنية وعلى مصيرك وعلى ناسك وعلى مقاومتك، وهذا الذي نحتاجه للبلد، هذه التجربة نحن نريد أن يُبنى عليها، ماذا يعني إذا بالبلد، تقول لي القانون هو الضمان، الناس تلعب على القوانين "طالع ونازل"، كل واحد يفسر القانون مثلما يريد، والدستور؟ "لحّق على تفاسير للدستور"، والميثاق والميثاقية أيضاً أصبحت مطاطة بشكل غير مفهوم. الضمانة الحقيقية لبناء دولة، الضمانة الحقيقية لقيام وطن، الضمانة الحقيقية لتتطور بنية الدولة، الضمانة الحقيقية لعيش أفضل في هذا البلد، ما الضمانة الحقيقية؟ هو صدق الالتزام بين القوى السياسية والقيادات السياسية في البلد، يجب أن يتغير شيء في هذا البلد،.
بشكل دائم، من السياسي الشاطر؟ الذي يكذب، الذي يطعن بالظهر، الذي يغدر، الذي يترك بنصف الطريق، بالسياسة اللبنانية هذه السياسة، لما أقول سياسي شاطر، "هلأ نحن مثلاً في حزب الله يقولون عننا معتّرين، نحن بالسياسة معترين، لا نحن لسنا معترين، أبداً لسنا معترين"، "ونوزّع فهم" بقدر ما تريدون، ليس أنا طبعاً، حزب الله، أنا أقلّهم وأصغرهم، لكن ما نحتاجه أنه نريد أن نغير المفهوم، في هذا البلد إذا بقيت الناس تخاف من بعضها، أنه والله أناس يعقدون اتفاقاً لكن لا أحد يأمن للآخر، أناس يعقدون تفاهماً لا أحد يأمن للآخر، أمام أول مصلحة حزبية أو شخصية أو عائلية أو مذهبية أو طائفية يترك صديقه وحليفه وتفاهمه والاتفاق الاستراتيجي والخيار الاستراتيجي ويلحق مصلحته الصغيرة، هكذا لا يُبنى بلد، هكذا نقطع وقت وأعان الله اللبنانيين إذا أكملنا هكذا. من هذا الاستحقاق الرئاسي مطلوب أن يُأخذ هذا الدرس، أنه عندنا في لبنان هناك أخلاق وهناك التزامات وهناك رجال دولة وهناك قامات وهناك عقول، إذا تضامن الناس وتفاهموا وتعاونوا نستطيع أن نبني دولة ونقطع ببلدنا في مواجهة كل هذه التحديات.
النقطة الأخيرة بالملف الرئاسي: نحن ندعو إلى أن يتعاطى الجميع بايجابية مع العهد الجديد، من أيّد، من صوّت للعماد عون ومن لم يصوّت له، ولنعتبر كلبنانيين أننا أمام فرصة وطنية كبرى للانطلاق من جديد وللعمل سوياً من أجل الحفاظ على بلدنا ومعالجة أزماته ومواجهة التحديات القائمة في هذا المحيط المتلاطمة أمواجه، هذا المحيط الصعب، أعاصير وزلازل من حولنا، ونحن رهاننا كبير جداً في حزب الله على قدرة فخامة الرئيس ميشال عون والعهد الجديد على إدارة كل الاستحقاقات الوطنية المقبلة بكفاءة عالية وصدر واسع وأبوّة للجميع.
ننتقل إلى ملف الحكومة أيضاً بكلمتين.
أولاً: بكل صدق، نحن نتوجه بالشكر والتقدير لدولة الرئيس تمام سلام الذي أبدى خلال هذه المدة كلها صبراً وتحملاً وحكمة وهدوءاً ما شاء الله، وحقيقةً أن البلد كان يحتاج شخصية كهذه في مرحلة كهذه، واستطاع أن يدير الأزمة، الآن لم تكن هذه الحكومة قادرة أن تحل الأزمة، ولكنه استطاع أن يدير الأزمة بأقل خسائر ممكنة، واضح أن دولة الرئيس سلام بذل جهوداً كبيرة جداً قدر طاقته واستطاعته، بالرغم من الصعوبات الموجودة بالبلد. نحن نشكره على هذا التحمل وعلى هذا الصبر، وإن شاء الله بفترة تصريف الأعمال أيضاً يُكمل صبره وتحمله في الفترة التي نأمل أن لا تطول كثيراً.
ثانياً: في مسألة تكليف رئيس جديد للحكومة، نحن في كتلة الوفاء للمقاومة لم نسمِّ الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة ولم نسمَّ أحداً أساساً، لم نطرح أي اسم، ولكننا قمنا بكل التسهيلات الممكنة ليحصل هذا التكليف، ولتبدأ مرحلة جديدة، نأمل أن تكون خيراً على لبنان وعلى الجميع.
ثالثاً: العناوين الأساسية التي نتطلع إليها في الحكومة المقبلة، في عمل الحكومة المقبلة، لن أتحدث عنها الآن، سأترك الحديث عنها للأخ رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، لأنه هو ووفد من الكتلة سيلتقيان بالرئيس المكلف ويحكون ما هي العناوين التي نتطلع إليها في كتلة الوفاء وفي حزب الله، وبعد ذلك أخونا رئيس الكتلة الحاج أبو حسن هو سيصرح للإعلام حول هذه العناوين الأساسية، فأنا أترك له ولا أستبق الأمور، لكن هناك نقطتان بالشأن الحكومي سأتكلم عنهما:
النقطة الأولى، رغم أن هذه سيتحدث عنها الحاج أبو حسن بالإعلام ومفهومة وواضحة ولكن لا أريد أن أقطع عنها لأهميتها، أننا ندعو إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، إلى حكومة وفاق وطني، الآن بعض الناس يقولون لك معارضة وموالاة، في هذا البلد هناك أناس "مصدقين" أنه لا ندري أين نعيش. هذا البلد يحتاج حكومة وحدة وطنية، يحتاج لتضافر كل القوى، يحتاج لتعاون كل القوى، هناك البعض يتمنى أن يكون أحد ما بالمعارضة حتى هو "يعني يقشّ شمال ويمين" هؤلاء مشتبهون، يعني هؤلاء الشباب مشتبهون، مصلحة هذا البلد خصوصاً بهذه المرحلة، خصوصاً بهذه الظروف هي حكومة وحدة وطنية وحكومة وفاق وطني. على كل حال الرئيس المكلف قال إنه سيمشي ويسعى بهذا الاتجاه وهذا جيد، هذه بداية جيدة.
اثنين: هذه النقطة التي أنا أريد أن أفصّل فيها قليلاً. ما تم تداوله خلال الأيام الماضية أو الأسابيع الماضية في وسائل الإعلام، طبعاً كله كان تحليلات وتسريبات ومصادر، طبعاً نحن ليس عندنا شيء رسمي اسمه مصادر، أو أصدقاء كانوا ينقلون عن مسؤولين بالحزب، لكن ما أريد أن أؤكده رسمياً الآن. حول مسالة الحكومة المقبلة وأيضاً التفاوض حول التشكيل الحكومة المقبلة.
لكن اسمحوا لي أن أقول مقدمة صغيرة، في الحكومات الماضية التي شاركنا فيها مع التيار الوطني الحر في الحكومات، أظن ثلاث حكومات بالحد الأدنى، حسب ذاكرتي، أو أكثر، ثلاث أو أربع، كان يحصل مفاوضات على تشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب وعدد الوزراء ونوعية الحقائب، وكان تكتل الاصلاح والتغيير يشعر بالغبن، يقولون إنهم لا يعطوننا حقنا ويظلموننا ويقزموننا ويحجموننا ونحن بهذه الحالة لا نشارك. فكنا نحن، حزب الله وحركة أمل، حزب الله ودولة الرئيس نبيه بري نقول للتيار الوطني الحر ولتكتل التغيير والاصلاح: كلا في حال كنتم غير راضين ولم تشاركوا فنحن أيضاً لا نشارك، وكنا أيضاً نفاوض من أجل أن يحصل تكتل الإصلاح والتغيير على ما يرضيه وما يقنعه، وكان يتأخر تشكيل الحكومة أحياناً أشهر، 3 أشهر، 6 أشهر، 7 أشهر، 9 أشهر، ما شاء الله كان يتأخر تشكيل الحكومة، مع العلم أنه بحسب التوزيع الطائفي في لبنان ما يعني الحصة الشيعية يكون محسوماً في الشهر الأول، العدد والحقائب، ولكن كنا نرفض أن ندخل نحن والرئيس بري إلى حكومة لا ترضي تكتل الإصلاح والتغيير والتيار الوطني الحر، ونحن نتكلم عن شيء عمره سنوات، ولا نتكلم عن خمسين عام ومئة عام.
بالنسبة للحكومة المقبلة:
أولاً فيما يعني موقفنا نحن، لا أريد أن أعيد ما قلته قبل أسبوع حول طبيعة العلاقة ما بين حزب الله وحركة أمل والعلاقة الاستراتيجية والمقاومة وغيره، كل ذلك "حافظينه بصم" وكررناه اأف مرة، ولكن يكفي من ناحية تكتيكية سياسية بحتة، ضعوا الموضوع الاستراتيجي جانباً، إذا كان الرئيس بري وحركة امل بالحكومات السابقة كانوا يقولون نحن لا نشارك إذا لم يشارك التيار الوطني الحر وحزب الله بالحكومة، بطربق طبيعي جداً أن يأتي حزب الله ويقول بالحكومة المقبلة: إذا لم يشارك الرئيس بري وحركة أمل نحن لا نشارك ولا نستطيع أن نشارك.
ليس لهذا علاقة بأن هذا يستهدف العهد الجديد، لا يزايدنّ أحد علينا بالعهد الجديد، نحن على مدى سنتين ونصف نجلد بسبب العهد الجديد، لا يزايدنّ أحد علينا بهذا الموضوع، هذا موضوع بالسياسة هكذا وبالاخلاق هكذا وبالوفاء هكذا وبالأخوة هكذا. بل سأقول أكثر من ذلك: من حق الرئيس بري على تكتل الإصلاح والتغيير والتيار الوطني الحر أن لا يشارك في حكومة لا يشارك فيها الرئيس نبيه بري، ليس المطلوب أن يعلنوا ذلك ولكن المطلوب أن يفعلوا ذلك.
ألم نقل إننا سنمضي في حياة سياسية جديدة (فيها) صدق ووفاء وأناس تقف عند الحقائق وليس عند المجاملات؟ هذه حقائق من المفترض أن تؤخذ بعين الاعتبار.
النقطة الثانية أيضاً في هذا السياق، يعني بهذه النقطة الملاحظة الثانية: نعم، كل ما قيل في وسائل الاعلام صحيح، نحن غداً أو بعد غد، كتلة الوفاء للمقاومة تلتقي الرئيس المكلف، ستقول العناوين وستقول له أيضاً، المعني بالتفاوض حول الحقائب وتشكيل الحكومة بالنيابة عن حركة أمل وعن حزب الله سوياً هو دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري، هو معني أن يفاوض حول حقائب، حول اعداد، نحن لسنا جهة مفاوضة، طبعاً نحن نتابع مع دولة الرئيس بري في اتصالاته، في النتائج التي وصل لها، نحن على الخط تماماً، ولكن هو المعني بهذا التفاوض.
ختاماً بالملف الحكومي، أود أنا أن أؤكد أنه ليس هناك أحد منا يريد أن يعطل أو يؤجل أو يعذب أحداً، كلّا ابداً. يوجد نقاش طبيعي المفترض أن يحصل، في حال كان الناس واقعيين وكانوا صادقين وكانوا إيجابيين وبادلوا الإيجابييات بإيجابية ، تمشي الأمور بسرعة.
يعني ربما يستخرج احدهم في النقاش أنه في مكان ما ـ سأكون شفافاً وصريحاً أيضاً ـ في مكان ما، ربما يا أخي حزب الله، ربما حركة أمل، ربما سوريا، يخرج أحدهم ويتهم هؤلاء بأنهم لا يريدون للرئيس سعد الحريري أن يؤلف حكومة، هؤلاء يريدون أن يبقى ضعيفاً، رئيساً مكلفاً، غير مؤلف، معلقاً بين السماء والارض لتأتي الانتخابات النيابية، وستسمعون الكثير من هذا الكلام. أنا أقول لكم إن هذا غير صحيح، بكل صدق، وفي حال أراد أحد أن يعمل بهذه الطريقة فيستطيع أن يعمل هكذا، وكل شيء بهذا البلد ممكن، لكن الناس التي سهّلت التكليف هي حريصة بأن يحصل تأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن، لكن المطلوب الإيجابية، التعاون، والقناعة بعدم الاقصاء وبضرورة التعاون جميعاً، وأنا سمعت في اليومين الماضيين كلاماً مشجعاً بالحقيقة، أنه نريد أن نتجاوز خلافاتنا. نحن مختلفون في الموضوع الإقليمي، مختلفون في موضوع سوريا، مختلفون في موضوع إيران، مختلفون في موضوع السعودية، مختلفون في موضوع البحرين، في موضوع اليمن، وأيضاً بموضوع فلسطين، يعني أنا اقول نحن مختلفون في الكثير من الملفات، ولكن هذا هو البلد، دعونا نضع خلافاتنا جانباً بتعاوننا في حال لدينا نية تعاون، وأنا أؤكد: نحن وفريقنا لدينا نية تعاون.
نحن نريد لهذا العهد أن ينجح، ربما معنيون أكثر من سوانا بأن ينجح هذا العهد، وأيضاً نحن نريد لهذه الحكومة أن تؤلف وأن تنجح، فإذاً لا يذهب أحد إلى النوايا على طريقة السنتين ونصف الذين مضوا، اذهبوا تعاطوا مع النوايا على أنها نوايا طيبة وإيجابية وصادقة، وقابلوها بنفس الطيبة والإيجابية والصدق.
وعلى كل حال نحن ننتظر نتيجة المباحثات والمحادثات الحكومية لنرى إلى أين تصل الأمور. إذا كنا نحن نستطيع في مكان ما أن نساعد أو أن نقوم بدور إيجابي لتسهيل الأمور لن نوفر جهداً، ولكن الأصل هو أن يتم التعاطي مع من يفاوض باسمنا جميعاً بالصدق والإيجابية المطلوبة.
النقطة الأخيرة بالملف الحكومي، بالملف السياسي الداخلي، أود أن أقول: اللبنانيون امام فرصة جديدة، اليوم نحن بلدنا مستقر أمنياً بنسبة كبيرة والحمد لله، هذا بفضل تضحيات الجيش والأجهزة الأمنية ورجال المقاومة ووعي الناس وتفهّم القوى السياسية، يوجد مجموعة عوامل توصل إلى الأمن في لبنان، لا يوجد عامل واحد وحيد يُنسب إليه هذا الفضل وهذا الانجاز، هذا إنجاز مهم.
اليوم لدينا تقارب سياسي معقول، الناس تقول إنها تريد أن تتكلم مع بعضها، تريد أن تمد يدها إلى بعضها، لدينا عهد جديد وأمام فرصة حكومة جديدة، ولدينا وضع بالإقليم مضطرب جداً، ولا يوجد افق، غير واضح أنه يوجد افق، أنا مصرّ على الذي تكلمت به قبل عدة شهور، غير واضح أنه يوجد أفق، بالعكس، (هناك) المزيد من الحروب المشتعلة والقتال الدامي.
نحن كلبنانيين نحن أمام فرصة تاريخية لنحمي بلدنا ونتعاون فيما بيننا لنحل مشاكله، الذي نقدر عليه من مشاكله، نستطيع أن نؤجل القضايا العالقة، القضايا التي نستطيع أن نتفاهم عليها نذهب لنعمل عليها، نعيد إحياء المؤسسات، ولكن هذا كله له علاقة بالروح الإيجابية والنية الصادقة والطيبة.
بالموضوع الإقليمي كلمتان فقط، وإن كان هذا الموضوع يستحق أن أعطيه وقتاً، لكن في الأسبوع المقبل في يوم الشهيد لدينا بعض الكلام نقوله، لدينا ذكرى وعد بلفور عندما أعطى من لا يملك أرضاً لمن لا يستحق ـ كما يقال - الوعد الذي أُسس على أساسه الكيان الصهيوني، واستُخدم فيه اليهود الصهاينة في المشروع البريطاني. وإلا فاليهود والمشروع الصهيوني كان يبحث عن دولة في أي مكان. كانت الأرجنتين خياراً، كانت أوغندا خياراً، كانوا يبحثون أيضاً في أوروبا في مكان ما، لكن الانكليز، العقل الانكليزي، الاستعمار القديم ومن معه، فكّر في منطقتنا وفي كيفية تقسيمها وشقها والسيطرة عليها واستنزافها... وكانت فلسطين واحدة من خيارات المشروع الصهيوني. الإنكليز أتوا بهم إلى فلسطين. وجاءت قصة "أرض الميعاد، وأرض الآباء والأجداد واللبن والعسل وما إلى ذلك، وإلا الجماعة ما كانت فلسطين هي خيارهم القاطع والحاسم. كانت لديهم مجموعة خيارات من بينها فلسطين. ولذلك عندما نقارب إسرائيل أنها القاعدة العسكرية الاستعمارية، الثكنة العسكرية المتقدمة للاستعمار القديم والاستكبار الحديث الذي يمثله الآن الولايات المتحدة الأميركية، هو هذا.
الوقفة أمام هذا الوعد وهذه المناسبة، وإعادة تثقيف الأمة وتذكيرها بما جرى في ذلك الوقت وموقف الحكّام العرب والأنظمة العربية ومن باع ومن اشترى ومن وقف ومن خان، هذا الماضي كله مهم. هذا الماضي لا يجوز أن يتجاهله أحد، لكن في كل الأحوال وعد بلفور، صنع دولةً لكن هذه الدولة لا تستطيع البقاء في هذه المنطقة لأنها خارج الطبيعة وخارج القوانين الطبيعية وخارج القوانين التاريخية وخارج السنن وخارج إرادة الأمة، والمسألة هي مسألة وقت.
النقطة الأخرى، لأنه فقط لا يمكن بلعها، على الرغم من أن بعض الإخوان قالوا :"خلينا رايقين. نحن على طول رايقين"، لكن حقيقةً هذا الاتهام الذي وُجه للجيش اليمني واللجان الشعبية في اليمن بأنهم أطلقوا صاروخاً باليستياً باتجاه مكة المكرمة، "يا خيي هذا لا ينبلع" ولا يصدق ولا يهضم، يعني هناك كذبة كبيرة صنعتها السعودية وتريد أن يصدقها ويماشيها العالم كله، طبعاً العالم لم يصدقها، بالعكس، هناك جهات دولية نفت ذلك، وهم لم يقدموا أي دليل، لكن للأسف الشديد هناك بعض وسائل الإعلام، وبعض الدول، مداراةً، مراعاةً، خوفاً، طمعاً، ماشوهم في هذا الأمر.
من يصدق أن هذا الشعب اليمني الطيب، المتدين، الصبور، المصلي، الصائم، أهل الحج والعمرة ، الذين هم دائماً أهل النخوة لحماية الحرمين الشريفين طوال التاريخ، هؤلاء الناس تأتي وتتهمهم أنهم يقصفون مكة! هم قالوا نحن قصفنا مطار فلان الفلاني في جدة، انت اجلب دليلاً أنهم قصفوا مكة، اقنع العالم. إذا كان لديك دليل نحن أيضاً الذين ندافع عن إخواننا اليمنيين سنقول لهم هذا عمل مدان، لكن لماذا الافتراء إلى هذا المستوى؟ لماذا الظلم؟ لماذا التجني إلى هذا الحد؟ فوق مظلومية هؤلاء الناس الين يُقتلون ويُذبحون ويُقصفون كل يوم، يُتجنى عليهم وتتم إدانتهم من أعلى المنابر الإسلامية في العالم الإسلامي بتهمة قصف مكة المكرمة. هذا أمر معيب وفاضح ولا يوصل إلى أي نتيجة على كل حال.
الموصل، حلب، المنطقة، إن شاء الله نعود ونتحدث.
رحم الله قائدنا العزيز وأخانا الحبيب وفقيدنا الغالي الحاج أبو أحمد، الحاج مصطفى شحادة، وحشره الله مع أنبيائه وأوليائه وأوصياء أنبيائه والشهداء والصالحين، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ على عائلته بالصبر والاحساس بالاعتزاز والفخار، وعليكم جميعاً بالطمأنينة والسلام وراحة البال والعزة والنصر والكرامة، والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.