خطاب سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى أسبوع الشهيد القائد حاتم حمادة ـ الحاج علاء في القماطية 23-10-2016
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السادة العلماء، والسادة النواب، الإخوة والأخوات، السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.
وباسمي وبالنيابة عن حزب الله وعائلة الشهيد أرحب بكم جميعاً وأشكركم جميعاً على هذا الحضور وعلى هذه المواساة.
من واجبي أيضا أن أتوجه إلى عائلة شهيدنا القائد، إلى أبيه وأمه وزوجته وابنه وابنته وكل فرد من أفراد عائلته الشريفة، وكذلك إلى إخوانه ورفاق دربه في الجهاد والمقاومة، أتوجه إليهم بأسمى آيات التبريك على هذا الوسام الإلهي الذي ناله بحق قائد مجاهد مقاوم مخلص نقي طاهر كالحاج علاء، وأعزّيهم أيضاً بفقد هذا الوالد وهذا الأخ الحنون العطوف المحب، وكلنا بطبيعة الحال نتفاعل ونتأثر ونتألم لفقد أعزتنا وأحبائنا، ولكن كما تعلمنا من سيدنا الحسين (عليه السلام) في مثل هذه الأيام نقول: هوّن عليّ ما نزل بي أنه بعين الله.
وكل هذه التضحيات وكل هذا الجهاد، كل هذه الشهادة والجراح والآلام، إنما هي تحت عين الله وفي سبيل الله ومن أجل رضا الله ودفاعاً عن عباد الله وعن القضايا الكبرى وعن المقدسات. ولذلك تهون أي مصيبة ومهما كبرت التضحيات، تبقى موضعاً للافتخار والصبر والاحتساب.
اليوم، أود في هذه المناسبة المباركة والعزيزة، ونحن نحيي ذكرى هذا الشهيد القائد أن أتحدث في جزئين: الجزء الأول يرتبط بالشهيد وجهاده وطبيعة المعركة القائمة من خلال جهاده وشهادته، والجزء الثاني يرتبط بالوضع اللبناني والاستحقاق الرئاسي حيث دخلنا في مرحلة مهمة يجب التوقف عندها بشكل كبير.
في القسم الأول: عندما نتحدث عن شهيدنا القائد الحاج حاتم أديب حمادة، المعروف في أوساطنا وفي صفوفنا بالحاج علاء، بالمناسبة قليلون الذين يعرفون اسمه الحقيقي حتى داخل المقاومة وداخل الحزب، الشباب الذين قاتل معهم، الشباب الذين قادهم، فلذلك أنا أحياناً حسبما يسبق اللسان أحياناً أقول حاج علاء وأحيانا أقول حاج حاتم، هو واحد على كل حال.
هو ابن هذه العائلة المجاهدة والمباركة وهو ابن هذه البلدة الطيبة، بلدة القماطية، والتي تعيش في قلب جبل لبنان، في عمق العيش الواحد مع اللبنانيين من أبناء الطوائف والمذاهب المختلفة، وهو ابن هذا الجبل بكل ما يعنيه جبل لبنان من تاريخ وقيم، وهو ابن هذه المقاومة الإسلامية التي التحق بها وهو شابّ، وشاب فيها حتى الشهادة، ومن الطبيعي أن يجمع في شخصيته كل تأثيرات هذا الانتماء، الانتماء إلى هذه العائلة الطاهرة، الانتماء إلى هذه البلدة الطيبة، الانتماء إلى هذا الجبل الأشم والانتماء إلى هذه المقاومة المظفرة.
الشهيد علاء في مسيرتنا بدأ عمله في الكشاف مربياً للأطفال الصغار، وهذا يكشف عن جانب من الشخصية. عادةً من يعمل من الشباب في الكشاف يظهر عنده جانب الحنان والعاطفة والأبوة، هو شاب صغير، هو أب يمارس فعل الأبوة من عطف وحنان وحنو على هؤلاء الصغار لتربيتهم، لهدايتهم، للأخذ بأيديهم.
في مدرسته، في التحصيل العلمي، كان جاداً نشيطاً وذكيا ومتفوقاً. في الجامعة العربية، في الوقت الذي كان يدرس ويتعلم كان يتحمل المسؤولية العامة كما هو حاله منذ الصغر، وكان مسؤولاً للتعبئة الطلابية في حزب الله في الجامعة، مسؤول طلاب وطالبات حزب الله في الجامعة العربية، وأبدى حينها الكثير من صفات القائد والمسؤول والمدير.
أنهى دراسته الجامعية في الجامعة العربية وحصل على شهادة الهندسة الكهربائية وجاء والتحق بالمقاومة مهندساً، من الجامعة إلى الميدان وليس إلى مكان آخر. لم يجبره أحد، لم يحرجه أحد، لم يلزمه أحد، وكان يستطيع أن يختار أي شيء، أي خيار، أي طريق، أي نمط عيش. ولكن حاتم الشاب المسكون بالإيمان وبروح الجهاد وبالإحساس القوي بالمسؤولية العامة تجاه وطنه وشعبه وأهله وأرضه وعرضه والمقدسات، ترك كل شيء، لم يذهب بإجازته الجامعية إلى أي شركة وإنما ذهب بإجازته الجامعية إلى المقاومة إلى الميدان وبالاختصاص الذي يعرفه. دخل إلى المقاومة وعمل في المقاومة منذ البدايات في المجالات الفنية، الفنية ولكن في الأرض، في الميدان، بين يدي الخطر، في الجبهة، في القتال. اختصاصه العلمي ساقه في مسار واضح إلى سلاح الدفاع الجوي ولذلك كان يترقى في مسؤولية هذا السلاح في المقاومة في الجنوب قبل عام 2000. وعندما كان الانتصار عام 2000 والتحرير، كان الشهيد علاء مسؤولاً للدفاع الجوي في الجنوب، وبعدها أصبح مسؤولاً للدفاع الجوي لكل المقاومة وحزب الله في لبنان.
عندما فُرضت حرب تموز 2006 على لبنان كان الشهيد علاء مسؤولاً للدفاع الجوي في لبنان ويتواجد في كل المواقع.
وعندما بدأت الأحداث في سورية وبدا أن الخطر يقترب وخصوصاً في منطقة القصير والقلمون والحدود الشرقية، حيث سيطرت الجماعات المسلحة على الكثير من المدن والبلدات في الأحداث الجارية آنذاك واستشعرنا جميعاً الخطر، وكان لا بد من التوجه إلى هناك لحماية لبنان ولحماية البقاع ولحماية الهرمل بكل بلداتها وقراها، وحماية بعلبك بكل بلداتها وقراها، ومساعدة الساكنين داخل تلك المنطقة في منطقة القصير، الذين كانوا يهدَّدون بالقتل وبالقمع وبالقلع وبالسبي من مختلف الطوائف المتواجدين هناك كثير منهم من أصول لبنانية وكثير من أصول لبنانية أيضاً كان لا بد من التوجه إلى هناك، فكان الشهيد علاء من أوائل القادة الذين حضروا في الميدان، منذ المعركة الأولى في تل مندو في ريف القصير. ومنذ أن ذهب لم يغادر الميدان، كان عشقه للميدان قد أعاده للميدان من جديد، وهو الذي كان يتولى مهاماً مركزية ويستطيع أن يقتصر من الحضور في الميدان على ما يحتاجه وما تحتاجه أو ما تقتضيه المهام المركزية. لكنه ترك كل شيء وذهب إلى الميدان. هناك كان من بين القادة الأساسيين الذين أداروا المعركة وقاتلوا فيها وحضروا في الخطوط الأمامية، وكان الانتصار الكبير الأول، وأبعد الخطر عن منطقة الهرمل بدرجة كبيرة وعن عشرات آلاف الساكنين في بلدات وقرى القصير.
بعد ذلك بدا الخطر الآتي من القلمون، وكلكم تذكرون كيف تحولت بعض البلدات في القلمون ـ للأسف الشديد ـ إلى معامل لتصنيع السيارات المفخخة أو لتفخيخ السيارات وإرسالها إلى لبنان، إلى الضاحية الجنوبية وإلى البقاع، إلى الهرمل، إلى النبي عثمان، إلى أماكن أخرى. ولم يكن الحل في أن نقوم باجراءات أمنية فقط، الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية والمقاومة، لحماية بلداتنا وقرانا من السيارات المفخخة، بل كان الحل الأساسي والجذري أن نذهب إلى هناك، إلى مصانع السيارات المفخخة، إلى شبكات الاجرام والإرهاب التي ترسل السيارات المفخخة، وكانت عملية القلمون، وكان من قادتها الأساسيين الميدانيين أيضاً في الخطوط الأمامية، الشهيد القائد الحاج علاء.
وكان الانتصار الثاني في القلمون، وهكذا مع بقية المنطقة الحدودية السلسلة الشرقية، إلى الزبداني، إلى جرود عرسال، إلى ان انتهينا إلى الواقع الذي يعني حصر الجماعات المسلحة في بعض الجرود، في بعض جرود عرسال، حيث يحيط بهم الجيش اللبناني من جهة، وبعض مواقع المقاومة والجيش السوري من جهة أخرى، ما أثّر على الفعالية، لا أقول انتهى الخطر نهائياً ولكنه تضاءل بدرجة كبيرة جداً، وبدليل، بين هلالين ـ من بوابة الشهيد علاء أتحدث بالموضوع الأمني ـ بين هلالين، نجد أنه خلال كل الفترة الماضية لم تعد تأتي سيارات مفخخة من تلك الأماكن، ليس لأنهم لا يريدون إرسال سيارات مفخخة، ولكن لأن ظروف تفخيخ السيارات كما كانوا مرتاحين بالقلمون انتهت، لكن ما زال هناك إمكانية ما في جرود عرسال، الحصار المفروض على هذه الجماعات المسلحة يمنعها أو يساعد على كشف أي سيارات مفخخة يمكن أن ترسل إلى المناطق اللبنانية. ولذلك كل الشبكات التي تم اعتقالها خلال الأشهر الماضية وحتى خلال الأسابيع الماضية من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية المختلفة كان يتم تشغيلها مباشرة من الرقة، ويتم تجنيدها في المناطق اللبنانية أو إرسالها من الخارج وإدارتها من الخارج، وهذا يعني أن القاعدة الخلفية الأساسية للعمل الإرهابي الأمني الذي كان يتمثل في القلمون وفي جرود عرسال وفي السلسلة الشرقية والزبداني تراجع إلى الحد الأقصى، ولا أقول انتهى مئة بالمئة، ولكن تراجع إلى الحد الأقصى.
هذا لم يأتِ بالمجان، لم يأتِ بالبيانات ولا بالاستنكارات ولا بمحض الدعاء وأنما بذلت من أجله دماء كثيرة جداً من المقاومة ومن الجيش اللبناني ومن اللبنانيين ومن السوريين، الذين أيضاً قاتلوا بدورهم في الجزء السوري من هذه المعركة، وكان للشهيد علاء ـ كما قلت ـ الأدوار القيادية الأساسية في غرفة العمليات وفي الميدان أيضاً.
اليوم إذا كنا نحن في مختلف المناطق اللبنانية ننعم بالأمن الذي تتطلع إليه الكثير من شعوب المنطقة ودول المنطقة، فببركة هذه الدماء وهذه التضحيات، هذه الدماء وهذه التضحيات يجب أن نعرف فضلها، وأن نعترف بفضلها، وأن نشكر لها ولأهلها ولعائلاتها، سواء من شهداء الجيش أو شهداء الأجهزة الأمنية أو شهداء المقاومة، أن نشكر لهم هذه التضحيات، وهم يدفعون ثمن هذه التضحيات. قبل أيام، أحد العسكريين في بلدة عرسال لماذا يُقتل؟ لماذا يُقتل من آل عز الدين؟ يُقتل لأنه ينتمي إلى هذه المؤسسات التي تُقاتل الإرهاب. الجميع يدفعون ثمن مواجهة الإرهاب، ولكن الناس جميعاً ينعمون ببركات هذه التضحيات وببركات هذه الدماء.
الشهيد علاء بقي حاضراً في هذا الميدان ولم يُغادر على الإطلاق، وفي السنوات القليلة الماضية كان هو المسؤول، يعني كان لدينا مقر قيادي لمنطقة القلمون- الزبداني في حراسة الحدود الشرقية للبنان، وكان الشهيد علاء قائد هذا المقر.
في الأسابيع القليلة الماضية كان الاحتدام الكبير في معركة حلب، وقلنا منذ البدايات أن معركة حلب هي معركة مصيرية لكل المنطقة، كما هي الآن معركة الموصل معركة مصيرية لكل المنطقة. لماذا نتحدث أحياناً عن الموصل كمعركة مصيرية أو عن حلب كمعركة مصيرية؟ لأنه ستكون لها تداعيات، نتائج المعركة العسكرية والميدانية ستكون لها تداعيات هائلة وكبرى على المستوى العسكري والميداني والإستراتيجي والسياسي والحلول السياسية والتطلعات السياسية والتوقعات لدى الأطراف المختلفة.
في كل الأحوال، كان هذا الإحتدام الكبير حيث تذكرون أنه تم جمع كل الجماعات المسلحة من شمال حلب ومن حلب ومن أدلب ومن مناطق مختلفة، وجيئ بحشود مختلفة من الخارج عبر الحدود التركية، وأجانب كثر، وشُنت هجمات واسعة جداً وكبيرة جداً على حلب، صمد فيها الجيش السوري والقوات الحليفة للجيش السوري في تلك المناطق وسقط فيها الكثير من الشهداء، ولكن تحققت فيها الكثير من الإنجازات والانتصارات.
العالم كله احتشد خلف معركة حلب. على كلٍ، نحن كان لنا حضورنا الممكن، وأنا دائماً لا أبالغ في الحديث عن حضورنا في أي معركة في سوريا، وكان لا بد من تعزيز الكادر القيادي المتواجد هناك، نحن لنا قادة هناك منذ مدة طويلة، يعملون وحاضرون في الميدان، ولكن تم تعزيزهم بقادة آخرين، كان في طليعتهم الشهيد علاء، والشهيد علاء قبيل الإستشهاد، كانوا في طور تحقيق إنجاز ميداني، الحمد لله الآن تحقق في نقطة حساسة جداً ومؤثرة في معركة حلب، واستشهد وهو في الخطوط الأمامية.
وقضى حياته في هذا الطريق وأنهى هذا الطريق بالشهادة، بالعاقبة الحسنة التي يتطلع إليها كل مجاهد وكل مقاوم وكل عاشق.
قضى شهيداً وقائداً في هذه المسيرة وفي هذه المقاومة، وعلى طول الخط كان يؤدّي الواجب كما بقية المجاهدين والشهداء ويحقق الإنجازات ويراكم الإنجازات والانتصارات.
في كل الأحوال، الشهيد علاء الشهيد حاتم حمادة قضى في معركة حساسة لها تأثير حاسم في بقعة ما من معركة حلب، هذه المعركة وكان قبلها في معركة القصير وفي معركة القلمون، وفي السلسلة الشرقية وفي الزبداني وفي أماكن أخرى معارك كثيرة وعديدة، في سوريا وفي العراق وفي اليمن وفي...وفي... الخ، وهذه المعارك الميدانية متعددة ومتنوعة، ولكن هناك معركة واحدة ، هناك معركة كبرى.
اسمحوا لي أن أقول هنا كلمة مختصرة عن هذه المعركة الكبرى وأدخل إلى الإستحقاق اللبناني،
هذه في الحقيقة معركة واحدة ، نحن منذ البداية، نحن في حزب الله نتكلم عن أنفسنا، منذ البداية فهمنا ودرسنا وبحثنا، والله يا إخواننا يا أيها السادة والسيدات نحن (ما رحنا لا شوطة عاطفة ولا قصة أنّا متحمسون ولا قصة حالة إنفعال عاطفي أو ما شاكل، كلا..)، نحن منذ البدايات درسنا الوضع جيداً وقرأنا جيداً ماذا يجري في المنطقة ككل، منذ بداية الأحداث من تونس، وصولاً إلى سوريا. ما هي الأسباب في سوريا؟ وما هي الأهداف؟ وما هي الجماعات التي تتحرك على الأرض في سوريا؟ لم تكن تحليلاتنا نأتي بها من وسائل الإعلام، مع إحترامي إلى وسائل الإعلام، هذه ليست إهانة لهم، لأنه أحياناً هناك شيء يُتكلم عنه في وسائل الإعلام ليس له أساس من الصحة، توجد تركيبات، وسائل الإعلام مهمتها أن تنقل الخبر من الواقع وليس أن تصنع خبراً وتفبرك خبراً، وفيما بعد يُبنى عليه تحليلات خاطئة\. كلا، نحن ذهبنا إلى المعطيات الميدانية، من هي الجماعات؟ وما هي خلفياتها؟ وما هي ارتباطاتها؟ من أين مالها؟ ومن أين سلاحها؟ ما هي أهدافها وما هي ماهيتها وطبيعتها؟ إلى أين يريد أن يصل هؤلاء؟ وعلى ضوء دراسة كاملة ووافية ودقيقة وشاملة وعميقة لأحداث المنطقة أخذنا خيارنا، ولم يأمرنا أحد أن نذهب إلى سوريا، ولم يلزمنا احد أن نذهب إلى سوريا، ولم يحرجنا أحد كي نذهب إلى سوريا، ولكن بملء الوعي والفهم والقناعة ودقة التشخيص ذهبنا إلى هناك.
الشهيد علاء، وكل من سبقه من شهداء، وكل من لحقه في هذه الأيام من شهداء، هم شهداء البصيرة والمعركة الواعية والهادفة والواضحة والتي عندنا لا غبار عليها، ولا شبهة فيها، من أي زاوية من الزوايا، ومضت الأيام تكشف هذه الحقائق التي كانت مخفيّة على كثير من الناس، وبدأت الوثائق تظهر، والأرقام تبين، والنوايا والمشاريع وكل واحد ماذا يريد، هذه الدولة الإقليمية وتلك الدولة الإقليمية، وهذه الجماعة المسلحة وتلك الجماعة المسلحة، وبدأ يظهر من سلّح ومن موّل ومن سهّل ومن أتى بهم من كل أنحاء العالم، ومن حرّض ومن عطّل الحل السياسي، ومن عطّل الحوار الوطني في سوريا، ومن هو مصرّ على الدمار والقتل والخراب.
كل يوم بعد يوم الأرقام والوقائع تكشف هذه الحقائق للناس، لمن يريد حقيقةً أن يرى الحقيقة، ويعترف بها ويبني عليها موقفه. الذي أخذ موقفاً مسبقاً، أياً تكن الحقائق، انتهى (الأمر) بالنسبة له. لكن الذي يبحث عن الحق وعن موقف الحق يجب أن تعني له هذه المعطيات والمستندات والوثائق والأرقام، يجب أن تعني له شيئاً في تعديل رؤيته وفي تعديل فهمه وفي تعديل قناعته، وبالتالي في تعديل موقفه وفي تغيير موقفه من الأحداث والصراع القائم فعلاً في منطقتنا.
يوماً بعد يوم تبيّن أن المعركة هنا ليست مجرد معركة إسقاط نظام هنا أو هناك، وتتجاوز، أسمحوا لي أن أقول، لكم تتجاوز المعركة استهداف محور المقاومة. ذكرت هذا سابقاً ولا آتي بجديد وإنما أؤكد عليه، هذه معركة كانت تستهدف إحداث تغييرات وجودية، تغييرات ديموغرافية، تغييرات في الخريطة السياسية وفي تشكيلات الحدود وفي تركيبة الكيانات الوطنية.
هناك جماعات بشرية موجودة في المنطقة، لا اريد أن أخيف أحداً، لكن الوقائع قالت ذلك، هناك جماعات بشرية موجودة في المنطقة منذ آلاف السنين أو منذ مئات السنين على تفاوت الحال، ما كان يجري في السنوات الماضية كان يهدف إلى إقتلاعها، بشرياً رجال ونساء وأطفال، تاريخ وحضارة وثقافة، كنائس وأديرة ومساجد وأضرحة ومقامات، ليس فقط إقتلاع الوجود البشري والديموغرافي، بل اقتلاع كل ما يمتّ في التاريخ لها بصلة، ولو كان حجراً أو قلعة أو مسجداً أو ديراً أو ضريحاً أو مقاماً أو جبلاً أو حجراً على جبل، أو أثراً في متحف ، كان مطلوباً مسح كل شيء، هذا في وثائقكم موجود وفي غير الوثائق، السلوك والأداء، أداء داعش وأخوات داعش من جبهة النصرة وغيرها، وأيضاً جبهة النصرة يحاولون ان يعقلونها قليلاً، الأداء والسلوك خلال السنوات الماضية يؤيد هذا الإتهام الذي نوجهه إلى هذا المشروع، وإعادة تشكيل خرائط المنطقة، وأنا هنا لا أقصد الحديث عن الأقليات الدينية أو الأقليات المذهبية، حتى في الدائرة السنيّة، كان المطلوب لون واحد، وفكر واحد، وتكفير ما سواه، وشطب ما سواه، وإلغاء ما سواه. ولذلك دائما كنت أقول وأصرّ على القول: إن أشد الناس معاناةً من هذه المحنة التي صنعها من صنعها هم أهل السنّة في المنطقة، وهم الذين دفعوا الخسائر الكبرى نتيجة هذه المؤامرة وهذا الحقد وهذا التفكير وهذا التخطيط..
من مواصفات هذه المعركة القائمة منذ سنوات، من مواصفاتها انه لا توجد أية ضوابط، لا يوجد شيء، لا قانون دولي ولا قوانين ولا أنظمة ولا ضوابط، لا ضوابط إنسانية ولا أخلاقية ولا قومية ولا عروبية ولا عرقية ولا.. ولا... لا يوجد شيء، لا يوجد شيء على الإطلاق، توجد شريعة غاب، وكل شيء مباح لتحقيق هذا الهدف، كل شيء مباح لتحقيق هذا الهدف، لا بأس أن يُضحى بالإسلام وبسمعة الإسلام وبقدسية القرآن لا بأس.. ، وأن تُسفك كل الدماء.. ولا بأس أن لايبقى شيء من القيم... المهم أن هناك هدفاً يريد البعض أن يصل إليه وأن يحققه.
في كل الأحوال، هذه من أهم ومن أخطر مواصفات المعركة الحالية، ولذلك إذا أخذنا بعض الشواهد المعاصرة، أية معركة في النهاية تستند إلى قانون وإلى قواعد إشتباك وإلى قواعد حرب وإلى قواعد صراع. في هذه المعركة لا توجد قواعد، في كل المنطقة لا توجد قواعد، مثلاً: من اليمن، حرب تشن على شعب بكامله، ودمار هائل لم يترك شيئاً، وحصار لشعبٍ كامل، الملايين الملايين، نحن دائماً كنا نصرخ في موضوع حصار غزة، في غزة مليون أو مليون ونصف أو مليونين فلسطيني مظلوم محاصر، أما في اليمن ما لا يقل عن 15 إلى 20 مليون يمني محاصر منذ سنة ونصف، طيب ما هي قاعدة هذه الحرب؟ على أي أساس؟
افترضنا أنها تضرب اهداف عسكرية، عندما ضربت الصالة الكبرى في صنعاء، أنا أتكلم هنا ليس لأعيد كلاماً قديماً، حسناً ماذا حصل؟ وكيف انتهى الموضوع! أين مجلس الأمن ! أين لجان التحقيق الدولية! أين الموقف الدولي! لا يوجد شيء، أين العالم الاسلامي، لا يوجد شيء، أين العالم العربي! لا يوجد شيء، مئات الشهداء والضحايا في ضربة واحدة، لا أحد يستطيع أن يدافع عنها، لا أحد يستطيع أن يقول إنها خطأ أو اشتباه، انتهى الموضوع عند التحالف السعودي وجماعته أنه أعطي معلومات خاطئة وانتهى الموضوع، يعطيكم ألف عافية. الآن في كلمتين: هذه الحرب لا يوجد فيها قواعد.
حتى إذا ذهبنا إلى السياسة اليوم، مثلاً في العراق، العراقيون بدمائهم واجهوا داعش وألحقوا الهزيمة بداعش، والعراقيون الذين قاتلوا داعش ليس الشيعة فقط، الشيعة والسنة والعرب والكرد والتركمان والايزيديين والمسيحيين، الكل على اختلاف أحجامهم وإمكاناتهم، العراقيون في موقف وطني موحد حقيقي في مواجهة داعش، يوجد إجماع حقيقي في مواجهة داعش، الآن يقاتلون لتحرير محافظة الموصل وليس مدينة الموصل، محافظة بكاملها، يوجد بلدات ومدن وقرى تحت سيطرة داعش، ثم يأتي من يأتي، مثلاً للأسف الشديد، يأتي من الموقف التركي، يقول أنا أريد أن أقاتل في الموصل، ولا أحتاج إلى إذن من أحد، لماذا؟ دفاعاً عن أمني (أمن تركيا). حسناً، بالمقابل الحشد الشعبي العراقي الذي هو عراقي، ممنوع أن يقاتل في الموصل، وهو عراقي، ممنوع أن يقاتل دفاعاً عن أرضه وعن شعبه وعن وطنه وهو العراقي، ويحتاج إلى إذن من تركيا. أما تركيا فلا تحتاج إلى إذن لتدخل إلى العراق. والأسوأ من هذا ـ هذا يبيّن الأهداف التي تحصل في المنطقة ـ الأسوأ من هذا أنه في الوقت الذي يقدم العراقيون فيه كجيش وشرطة وعشائر وأكراد وعرب وسنة وشيعة وتركمان وحشد شعبي وحشد عشائري، يقدّمون يومياً عشرات الشهداء ومئات الشهداء لتحرير الموصل، تأتي تركيا لتقول إنها تطالب بإعادة النظر بإتفاقية لوزان 1923 وأن الموصل لتركيا ويجب أن تعاد إلى تركيا. الجماعة يقدّمون دمهم لاستعادتها وتحريرها من يد داعش. فلتصبر قليلاً على طلبك؟! حسناً بأي ميزان؟
وهذا هو المنطق الذي تخاض فيه معركة حلب، هذا هو المنطق، غداً سيقال لما يحصل، هناك يأس من السيطرة على سورية، وقد يئسوا من ذلك ومن إسقاط النظام في سورية، وقد يئسوا من ذلك، سيأتي يوم ويقال تفضلوا وهم يأتون الآن بكل هذه الجماعات المسلحة من كل أنحاء العالم لتقاتل في حلب من أجل أن يأتي أن يقال حلب لنا، لتركيا، وليس للسوريين، وليست للشعب السوري.
حسناً، هذا ينكشف يوماً بعد يوم. من الأمثلة، انا لا اريد أن أطيل بعد أكثر بالأمثلة. اليوم العالم كله يدين داعش، العالم كله يعترف بإرهاب داعش، وأنها منظمة ارهابية، وأنها ارتكبت من الجرائم، من الذبح بالسكاكين، الذي رأيناه على التلفزيونات، أنها ذبحت من الرجال والنساء، وأنها قتلت وأنها دمّرت وأنها ارتكبت المجازر وانها وانها وانها ارتكبت الفظائع وما يندى له جبين الانسانية، ثم تأتي الوثائق الاميركية التي لم تنكرها السيدة كلينتون، لم تقل لا ليس صحيحاً، لم تستصدر نفياً عن رسائلها المتعلقة بالموقع الالكتروني التابع لها، والتي تعترف فيها أنه من بداية الطريق، كانت السعودية ودول إقليمية أخرى تدعم داعش وتموّل داعش.
حسنا، داعش لم تفعل مثل القاعدة، وهي جزء من القاعدة، انها صنعت 11 ايلول وقُتل 3000، يا عمي داعش حتى الآن قتلت عشرات الآلاف، ذبحت ذبحاً بالسكين المئات بل الآلاف، أعدمت الآلاف، دمرت الشعوب دمرت عائلات، دمرت دولاً، وما زالت تدمّر وتقاتل في سوريا، في العراق، في ليبيا، في مصر، في اليمن، في نيجيريا، في أفغانستان، ثم تعترف وزيرة الولايات المتحدة الاميركية بنفسها أن السعودية ودولاً أخرى هي موّلت ودعمت داعش حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، هل هناك في العام من يحاكم هذه الدولة التي دعمت أبشع وأفظع إرهاب ارتكب باسم الإسلام وباسم من على العلم الأسود للأسف الشديد، هذه الدائرة المكتوب داخلها "محمد رسول الله" هذا متعمد، هذا ليس بالصدفة، اسم محمد رسول الله الذي اشرقت شمسه على كل الكون، يراد لظلام وسواد داعش ومن يقف خلفها فكراً ومالاً ودعماً أن يساء إلى هذا النبي. أخطر شيء يفعل في هذا الزمن. هل هناك اليوم في العالم العربي، في العالم الإسلامي، في العالم كله، في ما يسمى بالعالم الحر، في مؤسسات العالم الحر التي تدعي أنها تدافع عن حقوق الانسان، هل أتى أحد ليقول يا أخي نحن نطالب بتحقيق مع الدول التي دعمت داعش وموّلت داعش، وبالتالي تتحمل مسؤولية كل الجرائم والمجازر التي ارتكبتها داعش، يا أصدقاء أميركا في لبنان، يا أصدقاء أميركا في المنطقة، صديقتكم أميركا، عزيزتكم هيلاري كلينتون هي تقول إن السعودية ودولاً أخرى بالاسم هي التي موّلت ودعمت وقوّت وسهّلت عمل داعش في المنطقة، حتى هي تقول (إنهم دعموها) أكثر مما أراده الأميركيون، يعني هي دخلت معهم في النقاش، الأميركي يريد أن يوظف داعش لأهداف محددة، وهؤلاء يدعمون، يمكن أكثر من تحقيق الأهداف التي يريدها الأميركيون. هذه هي المعركة الموجودة الآن في المنطقة، لا تعالج بأن ندسّ أنفنا في التراب، لا تعالج بالانهزامية ولا تعالج بالحيادية، ولا تعالج بالبيانات والاستنكار، وإنما تعالج بالحضور الحقيقي في هذه المواجهة على كل صعيد سياسي، إعلامي، نفسي، ميداني، اجتماعي، ثقافي، وإلا الخطر هو يحدق بالجميع ويستهدف الجميع.
هذه المعركة التي استشهد فيها الشهيد القائد الحج علاء هي معركة قائمة ومستمرة، نحن سنواصل تواجدنا فيها، ما قاله قبل قليل وسمعتموه وسمعه المشاهدون، هذا الفتى الكربلائي الحبيب، علي الرضا، ابن الشهيد، هذا يعبر عن ثقافة أجيالنا، عن الوعي، عن البصيرة، عن الفهم، عن القناعة. هذا ليس تلقيناً، علي الرضا كان يتكلم من قلبه، من أعماق روحه، كلنا نعرف أننا نحن اللبنانيين جرّبنا، لأنه لدينا الكثير من الكلام ووسائل الاعلام وإطلالات تلفزيونية، ومقابلات تلفزيونية، ببساطة نستطيع أن نعرف من يتكلم من قلبه، من أعماق روحه، ومن ينافق على الناس ويكذب عليهم، ويدجّل عليهم. علي رضا، ابن الشهيد، كان يتكلم من أعماق قلبه، وهذه قلوب كل أبناء هذه المسيرة الذين لن يخلوا الساحة. وأنا قلت يوم العاشر من محرم، وأعود وأختم هذا الجزء من الكلام بهذه الجملة: لكل الذين في لبنان يعدّون علينا شهداءنا، حتى للأسف الشديد مثلاً بعض وسائل الاعلام، بعض الجهات،عندنا إخوان بطبيعة الحال، نحن مسيرة عمرنا الآن 34 عاما، لمّا بدأنا فيها بعض الشباب كانت أعمارهم 18 20 25، بعض الإخوة 30 40، فالآن يوجد جيل من حزب الله صار عمرهم 70 سنة، 60 سنة، قرابة ال 80 سنة، بطبيعة الحال نحن بشر أيضاً، نمرض ونتعب، وبعض إخواننا الذين مثلهم مثل بقية الإخوان في هذا البلد، يمكن إذا أحد يُبتلى بمرض عضال، ممكن أن يتوفى أحد في حادث سير، فكلما توفي أخ من إخواننا في حادث سير أو بمرض عضال، نقول نحن عنه الفقيد فلان الفلاني ونحتفل به ونشيعه، تأتي وسائل الإعلام لتقول لا، هذا قتل في سورية، ولكن حزب الله ينعاه فقيداً، عيب عليهم، هل نحن نخجل من شهدائنا في سورية؟! نحن نفتخر بشهدائنا في سورية، نفتخر بالشهيد حاتم، بالشهيد علاء، بالشهيد السيد ذو الفقار، بالشهيد أبو محمد الاقليم، بسيل طويل عريض من الشهداء، قافلة من الشهداء.
أنا قلت يوم العاشر، وأريد أن أختم بهذه الجملة: لمن يراهنون على تعبنا، أو تعب عائلاتنا، بطبيعة الحال هناك الآلاف من المقاتلين من إخواننا موجودون في الجبهات بشكل يومي، وخلفهم بالتالي آلاف العائلات التي تتتبّع اخبارهم، من يراهن على تعبنا عليه أن ييأس، نحن قاتلنا إسرائيل من عام 1982 إلى العام 2000 إلى ان صنعنا التحرير، ولما حررنا بال 2000 نحن وبقية فصائل المقاومة، لم نذهب لنجلس في بيوتنا، ولم نذهب لـ "نشمّ الهواء"، وإنما ذهبنا نجهّز للمعارك الآتية التي نعرف أن إسرائيل ستشنّها لأنها صاحبة مشروع وأطماع في لبنان وفي المنطقة. نحن قوم لا نملّ ولا نتعب، لا من الوقت ولا من الحرب ولا من الشهداء ولا من الجراح ولا من الجوع ولا من الحصار ولا من الاتهام ولا من الظلم.
هذا جزء من إرثنا الثقافي، هذا جزء من جيناتنا، هذا ليس من شيء له علاقة بالتركيبة الحزبية أو بالمدرسة النتظيمية، هذا جزء من ماهيتنا، من الدم الذي يجري في عروقنا، نواصل حتى آخر الخط.
وأقول لكم اليوم، في ذكرى هذا الشهيد القائد، في هذه البلدة الطبية التي قدّمت شهداء قبل الشهيد علاء، وفي جوارها بلدة كيفون، أيضاً شقيقتها بلدة كيفون أيضاً التي قدّمت شهداء أيضاً في هذا الطريق: نحن سنواصل حتى آخر الخط، ولا يراهننّ أحد ـ لأي اعتبار من الاعتبارات ـ على انكسارنا أو انهزامنا أو تراجعنا أو ضعفنا أو ما شاكل.
بالنسبة إلينا، الحالة الوحيدة التي تعيدنا إلى لبنان هي الانتصار في سورية، فقط، عندما ينتصر هذا المحور في سورية، عندما يسقط المشروع الآخر في سورية، مشروع التقسيم، مشروع السيطرة على سورية من قبل الجماعات التكفيرية، ومن يقف خلف الجماعات التكفيرية.
نعم، حينئذ لا يعود هناك أي سبب لبقائنا في سورية، نعود كمقاتلين إلى لبنان، وبعدها نذهب إلى سورية كزوار، كأخوة، كأشقاء، كسوّاح، كجيران، هذه هي الحالة الوحيدة.
وأنا أقول لكم، على كل الاحوال، من خلال كل المجريات في المنطقة، المشروع الآخر عانى من إخفاقات كبيرة جداً وخطيرة جداً، ومعالم الفشل تتضح، وانسداد الأفق أمامه في الكثير من الأحوال أيضاً واضح وبيّن.
في الحد الأدنى، نحن الآن في العام الخامس أو السادس، أقول لكم، على كل المحاور والجبهات، أستطيع ان أقول: نحن حتى الآن منعنا الجماعات التكفيرية وهذا المشروع الخطير في المنطقة من أن يحقق الانتصار الذي يريد، وألحقنا به الهزيمة في الكثير من المعارك وفي الكثير من الجبهات.
نحن يعني كل هذا المحور، حزب الله يعني جزء من هذا المحور. وما نتطلع اليه هو الانتصار الحقيقي، لأننا ندافع حقيقةً عن أمتنا، عن شعوب أمتنا، عن تاريخها، عن حضارتها، عن دينها، عن أديانها، عن مقدساتها، عن وجودها البشري وعن كرامتها وعن عزتها.
في الشأن اللبناني:
لا شك أنه في الأيام القليلة الماضية حصل تطور مهم جداً، وهو إعلان رئيس تيار المستقبل دعمه وتأييده لترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، ما فتح الباب على مصراعيه أمام إنجاز الاستحقاق بشكل واقعي في الموعد المقبل.
بالرغم من أن خطاب الإعلان من قبل رئيس تيار المستقبل كان تصعيدياً ضدنا، يعني هو يريد أن يعلن ترشيح العماد عون هجم علينا نحن من أول الكلمة لآخرها، مع ذلك أنا لن أقف عند هذا الموضوع وإن كان لنا حق الرد ولكن لن نرد الآن، بعد حين إذا احتاج الأمر، أنا أريد أن آخذ الجانب الإيجابي من الخطاب، لأننا نحن نريد أن نصل إلى نتائج ايجابية لمصلحة البلد.
المرحلة بشكل عام بالتأكيد هي تحتاج إلى ترفّع، ترفّع عن الحساسيات، ترفّع عن الحسابات وحتى ترفّع عن التوصيفات.
نحن اخترنا الصمت الرئاسي، كما يقولون، في الإعلام، المصطلح لسنا نحن من أصدره، لكن قرأنا إنهم يقولون الصمت الرئاسي، ليس لأن موقفنا غير واضح، أو لأن هناك التباساً بالموقف أو تردداً أو إعادة نظر أو حسابات، لا، بل لأننا لا نريد - عادة أنا أخطب، إخواني يخطبون، العلماء، النواب، المسؤولين - بالنهاية لما نريد أن نتكلم ممكن كلمة زائدة، كلمة ناقصة، نحن تبانينا أنه يا إخوان نحن نريد لهذا الاستحقاق أن ينجز، فلا نريد أن نقول كلاماً يستفز أحداً ولا نريد أن نقول كلاماً يزعج أحداً، ونريد أن نبتعد عن كل أدبيات الربح والخسارة والانتصار والهزيمة ومن كان معه حق ومن ليس معه حق ومن عليه حق والنوايا والأهداف. دعونا بعيدين عن هذا الموضوع كله. الذي يريد أن يوصّف هو حر أن يوصف، لكن نحن كحزب الله لا نريد أن نقارب المسائل بهذه الذهنية ولا بهذه الطريقة. وأعود وأقول لكم لأننا لا نريد أن نزعج أحداً ولا أن نستفز أحداً، خصوصاً في الأيام القليلة الماضية كان هناك قليل من المشاعر وبعض الانفعالات المعينة، وبطبيعة الحال أي موقف بحجم الموقف الذي أُعلن عنه قبل أيام سيترك تداعيات في الساحة عند من يؤيد وعند من يرفض وعند من يعترض.
وفيهذا الوقت الذي سأتكلم فيه عن الاستحقاق الرئاسي سأتكلم فيه بهذه الروحية أيضاً.
ونحن نريد في الحقيقة بعيداً عن أي ضجيج إعلامي أن نعمل فيما بقي من وقت متاح لمراكمة الايجابيات ومعالجة العقد ما أمكن.
في هذا السياق يجب أن أؤكد على ما يلي:
أولاً - والمنتظر، هناك أناس ينتظرون موقف حزب الله، شيء غريب، مع ذلك سأقول موقف حزب الله - أولاً، كل ما يجري عندنا يمكن مقاربته من خلال حوار، كل هذه المستجدات السياسية التي طرأت على الساحة أكيد سيعالج من خلال حوار ويقارب من خلال حوار، وأنا أؤكد لكم: ليس هناك أحد لا في الحلفاء، في الأصدقاء ولا في الخصوم، وأنا أتكلم عن الاثنين، ليس هناك أحد يفكر بعقلية الفوضى ولا بعقلية العودة إلى الحرب الأهلية، وما نُسب إلى قيادة حركة أمل أو إلى حركة أمل من كلام من هذا النوع هو غير صحيح وأنا أعلم أنه غير صحيح، وقيادة الحركة نفته بشكل حاسم، لكن للأسف الشديد بعض الجهات الإعلامية وبعض الجهات السياسية، وبالرغم من النفي القاطع والحاسم لقيادة حركة أمل لهذا الكلام ما زالت تشتغل عليه للتخويف وللتحريض ولايجاد مناخات سيئة في البلد.
إذاً النقطة الأولى، أؤكد: ليس هناك أحد يفكر بهذه الطريقة وأياً كان الموضوع السياسي صعباً أو شاقاً أو معقداً. من خلال الحوار، من خلال النوايا الطيبة، من خلال الايجابية يتم مقاربته ومعالجته أو تدوير الزوايا فيه أو تنظيم الخلاف حوله.
- ثانياً، من المسلم به أيضاً عند الجميع، وأنا أؤكد لكم بشكل قاطع وحسام وجازم، يعني مثل ما أريد أن أطمئن بهذه الجهة أيضاً أريد أن أطمئن بهذه الجهة. ليس هناك أحد الآن في لبنان يفكر بعقلية إدارة ثنائية للبلد، لا ثنائية على أساس مذهبي، ولا ثنائية على أساس طائفي ولا ثنائية على أساس حزبي، الجميع لديه من الوعي ومن المعرفة ومن تراكم التجربة ما يجعله يعتقد ويجزم ويستوعب تماماً أن لبنان المركّب بهذه الطريقة لا يمكن أن يدار ولا يتحمل أن يديره أي ثنائي مهما مثّل هذا الثنائي في البلد من قيمة سياسية أو شعبية أو غير ذلك، وأعتقد أنا شخصياً ألمس هذه القناعة عند الجميع، عند الحلفاء وعند الخصوم.
لكن في هذه النقطة أيضاً، حتى نكون شفافين وصريحين، هناك بعض المعطيات وهناك بعض المعلومات أثارت قلقاً في مكان ما، يجب أن يعالج هذه القلق. كما كنا نقول في السابق لا تديروا ظهوركم أيضاً نقول الآن لا تديروا ظهوركم. هناك نقاط قلق لها أسبابها ونحن وأنتم، في الحد الأدنى القيادات السياسية تعرف أسبابها، يجب أن نبادر جميعاً لمعالجة نقاط القلق هذه، في هذا البلد نحتاج إلى مستوى معين حتى لو لم تتوفر الثقة الكاملة، مستوى معين من الثقة بما يفكر به فلان أو فلان أو فلان أو الجهات الفلانية، ويجب أن نصارح بعضنا البعض بنقاط القلق وأن نعالج نقاط القلق هذه، وهذا أمر ممكن.
المسألة الثالثة: نحن كنا دائماً نقول في السابق عندما كنا نُطالب كحزب الله بممارسة جهد معين باتجاهات معينة - الآن تلاحظون أحياناً أُجمل لأنني أريد أن أترك المجال للعمل - باتجاهات معينة لإنهاء هذا الاستحقاق الرئاسي بشكل إيجابي ومطلوب، وكنا دائماً نقول هناك طرف أساسي في البلد اسمه تيار المستقبل عندما يعلن موقفه ويحسم أمره حينئذ هذا يشكل قاعدة انطلاق لنناقش ونتواصل ونبحث أكثر من أي وقت مضى مع بقية أصدقائنا وحلفائنا في هذا الاستحقاق، وكنا نحن سابقاً دائماً على نقاش ما بيننا وبين حلفائنا، لم ينقطع هذا النقاش في يوم من الأيام، ليس أنه لم نكن نتكلم، الآن بعض الناس يقولون لم يبذلو جهداً، من قال لم يبذلوا جهداً، لكن جهد بمعنى ماذا؟ يمعنى نتناقش ونتحاور ونقيّم الأمور ونطلب مثلاً إعادة دراسة المسائل ونبحث عن مخارج.
أما البعض يفهم الجهد هو ضغط، يفهم الجهد هو تبعية مثلاً، هذا طبعاً شيء يحتاج إلى تعديل بالثقافة السياسية، للأسف ليس فقط عند بعض الناس، حتى عند بعض القيادات السياسية، يجب إعادة النظر بهذه الثقافة. عندما نقول حلفاء، حليفان، حليفان يعني اثنين، يعني ليس جهة واحدة، ليس حزباً واحداً، ليس تنظيماً واحداً، يعني قيادتان وتنظيمان أو تياران أو حزبان أو جماعتان يلتقيان في مساحات واسعة من المشتركات ويختلفان في أمور، إذا كانوا حلفاء ينظمون الخلاف ويسيرون باتجاه ما هو مشترك.
التحالف لا يعني التبعية، التحالف لا يعني كل ما أتخذ حليف قراراً يجب أن يلحقه كل الحلفاء، هذه اسمها تبعية. هناك بعض الناس في لبنان يفهمون التحالف تبعية، وثقفوا قواعدهم على هذا الأساس، ولذلك عندما يختلف حليفان في موقف معين أو في تشخيص معين أو في مقاربة معينة يأتون بسرعة ويعملون على نقطة الخلاف لإحداث شرخ وفتنة بين هذين الحليفين وهذا أمر خاطئ.
هذان الحليفان، يتفقان في الكثير من المسائل وقد يختلفان على بعض المسائل، لكن إذا كان التحالف بينهما ـ أنا أحكي هذه المقدمة لأن هناك شيئاً أريد أن أقوله بالتفصيل ـ إذا كان التحالف بينهما قائماً على قاعدة الثقة والمودة والقناعة والفهم والمساحة المشتركة الواسعة، فأي خلاف في أي موقف صغير أو كبير لا ينسف التحالف ولا يفسد في الود قضية. نحن هكذا نفهم التحالف، ولذلك منذ دخولنا في الحياة السياسية نتعاطى مع حلفائنا باحترام ونريد أن نتعاطى معهم باحترام، نحن لا نأمر حلفاءنا ولا هم في موقع من يقبل أن تُوجَّه إليهم الأوامر، لهم شخصيتهم ولنا شخصيتنا، ونحن لا نضغط على حلفائنا، نحن نتحاور، إذا قبلوا واقتنعوا بالنهاية يعملون ما هم مقتنعين فيه، الذي يرضي ضميرهم، الذي ينسجم مع مبادئهم. بعض الناس يقولون لك اضغطوا على فلان وفلان والجهة الفلانية والجهة الفلانية، نحن لا نفعل ذلك، نحن عندنا موقف عام، نخدم هذا الموقف العام بما نطيق، بما نستطيع، ومع حلفائنا نتحاور، هكذا نفهم التحالف.
بكل الأحوال، الآن بعد هذا الإعلان، نحن بدأنا جهداً، سنواصل الجهد، يعني أعطيكم علماً ولكن دون الدخول في التفصيل، سنواصل الجهد، ما نتطلع إليه هو أن نصل إلى استحقاق رئاسي هادئ، معقول، مطمئن حيث نستطيع أن نعالج العقد، حيث نستطيع أن نحل المسائل، حيث نستطيع أن نقرّب وجهات النظر، نحن بدأنا ببذل جهد على هذا الصعيد وسنكمل إن شاء الله، لكن هل نوفق أو لا نوفق؟ هذا متروك للوقت.
- رابعاً: على طول الانتخابات الرئاسية، على طول الخط، انطلاقاً من النقطة الثالثة، للأسف الشديد مثل ما تكلمت سابقاً، هناك أطراف سياسية، لا أريد أن أتكلم عن الإعلام، دعوا الإعلام جانباً، هناك قوى سياسية همّها وغمّها كان كيف تستفيد من التنوع أو الإختلاف في وجهات النظر حول الاستحقاق الرئاسي لايجاد شرخ أو خلاف بل فتنة وهي تتطلّع إلى فتنة، أنا لا أسيء الظن، أنا مؤمن بما أقوله، تتطلع إلى فتنة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، يعني ما بينهما، وبين حزب الله وحركة أمل، وبين حزب الله وتيار المردة وحزب الله وبقية الحلفاء، بمعزل عن موقف بقية حلفائنا في تأييد العماد عون أو تأييد الوزير سليمان فرنجية، للأسف الشديد هذا الموضوع يُعمل عليه من بداية الانتخابات، لكن بالأشهر الأخيرة خصوصاً، بالشق الذي له علاقة بيننا وبين أمل، لأنه أختم بالشق الذي له علاقة بيننا وبين التيار وأقول موقفنا وننتهي من هذه "السالفة" كلها.
بالشق الذي له علاقة بيننا وبين إخواننا بحركة أمل، أنا أحب، أود أن أقول لهؤلاء ولكل المراقبين والمتابعين، إن العلاقة بين حركة أمل وحزب الله على المستوى القيادي وعلى المستوى القاعدي وعلى المستوى الشعبي هي أعمق وأقوى وأصلب من أن تنال منها كل هذه الفبركات والسوالف والاستغلالات السيئة التي يلجأ لها البعض. وأقول لكم هي أقوى بكثير، ما هو قائم من علاقة على قاعدة فكرية وعلى قاعدة عقائدية وإيمانية وسياسية وثقافية ووحدة المنشأ وعلى المستوى العاطفي وعلى مستوى المودة والقرب النفسي هو أقوى وأصلب من أن تنال منه هذه الأمور.
فيما بيننا وبين حركة أمل، وبالخصوص شخص دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري، هو أعمق بكثير، سواءً كحركة وحزب، وأيضاً اسمحوا لي أن أقول أيضاً على المستوى الشخصي بيني وبينه، وأنا أعرف هذا وهو يعرف هذا، وفي الحزب وفي الحركة يعرفون ذلك.
في المسائل التي قد نختلف فيها نحن نتفاهم، طبعاً حتى في موارد الخلاف التي نتفاهم حول تنظيمها و إدارتها البعض يحاول أن يقول توزيع أدوار، قولوا ما تريدون، لا بأس. مثلاً، في الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس حضرنا جميعاً لأنه كان هناك أمان دستوري اسمه أي شخص يحتاج لثلثي الأصوات، وليس هناك مرشح حائز على ثلثي الأصوات، فهناك أمان دستوري، ذهبنا وشاركنا، صراحة يعني.
في الجلسة الثانية تشاورنا، دولة الرئيس قال أنا رئيس مجلس، بمعزل أنا من أدعم ومن أرشح وبمعزل أنه إذا أنا حضرت وحصل نصاب من يتم انتخابه، أنا رئيس مجلس، أنا وكتلتي لا نستطيع أن نغيب، حتى لخدمة هذا الهدف السياسي المشروع، نتيجة موقعي كرئيس مجلس، وهو منصف في هذا وهذا حقه الطبيعي. حسناً، دولة الرئيس وكتلة التنمية والتحرير أخذت قراراً أن تحضر كل الجلسات ولم تغب يوماً، وكتلة الوفاء للمقاومة أخذت قراراً أن تغيب، يعني أمل حضرت وحزب الله غاب، خير إن شاء الله؟ هذا اختلاف في الأداء، هذا ليس توزيع أدوار، هو تفهم موقفنا، لو نحن قلنا له نحن بصدق ندعم العماد عون، إذا أتينا وشاركنا في جلسة سينتخب غيره هذا لا يتناسب ولا يتلاءم مع صدق التزامنا مع العماد عون في مسألة انتخاب الرئيس، فهو تفهم موقفنا ونحن تفهمنا موقفه، هم حضروا ونحن غبنا، هذا ليس توزيع أدوار، هذا اسمه حلفاء يتفهمون بعضهم ويفهمون بعضهم ويحترمون بعضهم.
حسناً، بعد ذلك، بالترشيحات، سارت الأمور، لا أريد أن أعود وآخذ الكثير من وقتكم، إلى أن وصل موضوع ترشيح رئيس تيار المستقبل للوزير سليمان فرنجية. نحن كان عندنا التزامنا، دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري والأخوة في حركة أمل لديهم حيثياتهم ولديهم منطلقاتهم ولديهم أسبابهم، لما واحد يجلس ويناقشهم يقول لك واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة، خمسة، أخذ خياره بدعم ترشيح الوزير الصديق سليمان فرنجية، نحن بقينا على هذا الموقف وهو كان لديه هذا الموقف. حسناً، لم يكن توزيع أدوار، أنا أعود وأقول لكم، كان تفهّم وتفاهم، على كل حال، نحن نتفهم موقفه وحيثياته ومنطلقاته وهو أيضاً يتفهم موقفنا وحيثياتنا ومنطلقاتنا، وإلى الآن وصار هناك جهد وتواصل وكلام ونقاش وتقييم كبير بيننا.
في الموضوعات السياسية، موضوع البلد، موضوع الرئاسة، موضوع ما بعد، ما قبل، إلى أين؟ كنا نضع بعضنا في الأجواء، وكان في القراءة السياسية لما يمكن أن يحصل يمكن أن يكون هناك أحياناً تفاوت بسبب تفاوت المعلومات والمعطيات بيننا، ولكن ولا لحظة من الحظات كان أحدنا يشك في الآخر، أو كان أحدنا يتهم الآخر، أو كان أحدنا يفترض أنه يتحرك من وراء ظهر الآخر، كل شيء نحن كنا نضع أخواننا بالجو وهم كانوا يضعوننا في الجو، لأن هذا يعزز الثقة، الثقة ليست كلمة تقال على المنبر وقصيدة شعر نمدح بعضنا البعض فيها، فهي ممارسة وتأتي من المماسة وتتعزز بالممارسة.
حسناً، وصلنا إلى هذه النقطة الآن، ونحن عندما نذهب إلى الجلسة المقبلة في كل الأحول سنذهب متفاهمين متفهمين، قد نختلف في التصويت، قد نختلف في الموقف، قد نتفق، هذا كله صار له علاقة بنقاشات الأيام المقبلة ولكن، يعني أنا أدع كل الفرضيات المفتوحة حتى لا نقول أن الأمور مقفلة 100%، لا، ولكن أيًاً يكن خيارنا السياسي في الانتخاب الآتي أو خيار حركة أمل السياسي في الانتخاب الآتي هذا لن يفسد في الود قضية، وكما كنا في هذا الموقع في الموضوع الرئاسي من خلال التزامنا في الموقف منذ البداية أهل الصدق والوفاء مع الحليف على طول المسار الآتي، نحن سنكون أهل الصدق والوفاء مع الحليف، الحليف في كل موقف نتفق عليه أو نلتزم به أو نبني عليه ونؤسس عليه لن يجد منا إلا الصدق والوفاء.
نحن أيها الأخوة والأخوات، نحن في ذكرى الشهيد القائد، في أسبوع الشهيد القائد، الذين نقدم الدماء صدقوني، نحن ما نتطلع إليه هو أن يكون هذا البلد آمناً، أن يكون بلداً طيباً، أن يكون بلداً متماسكاً، أن يكون بلداً متفاهماً ولو على حسابنا، نحن لا نريد شيئاً لأنفسنا، في كل المناقشات السياسية السابقة، الآن يقول لك هذه حكومة حزب الله، اذهبوا وانظروا "شو طالع لنا" من كل هذه الحكومات، نحن ما نتطلع إليه هو هذا الوضع الوطني والمستقبل الوطني.
ولذلك أختم في هذا الشق وأقول: الأيام والأسابيع المقبلة ستثبت ذلك، العلاقة بين حزب الله وأمل أقوى وعصية على أي محاولات لإثارة نزاع أو خلاف فضلاً عن فتنة لإثارة نزاع أو خلاف، نحن كتيارين كبيرين سياسيين، شعبيين، نعم أحياناً ممكن في هذه الضيعة، في هذه البلدية، في هذا المختار، يحصل هناك خلاف، هذا يحصل داخل الحزب الواحد وداخل التنظيم الواحد وداخل التيار الواحد، وترون بعد ذلك المحاكمات الحزبية والفصل والطرد، هذه الجزئيات بسيطة، لكن بالمسار العام هذا هو الواقع لا أحد يراهن عليه.
كذلك الحال فيما يعني صديقنا العزيز الوزير سليمان فرنجية الذي طبعاً نحن نقدّر موقفه وتعاطيه الشريف معنا في هذا الاستحقاق منذ اللحظة الأولى الذي أعلن فيه ترشيح رئيس تيار المستقبل لمعاليه، يعني لمعالي الوزير كمرشح لرئاسة الجمهورية، هو تفهم موقفنا بالبعد الأخلاقي وبالبعد السياسي، الآن سليمان بيك مودته ومحبته أوقات يتكلم عن كثرة الأخلاق، كثرة الأخلاق طبعاً جيدة، فهو ليس فقط تفهم هو أيضاً على المستوى السياسي، على مستوى الأداء مارس، يعني من موقع الحليف الشريف في هذا الاستحقاق وفي هذا الموقف، بالتالي هذه العلاقة تستمر، مع بقية حلفائنا نحن على تواصل، هذه الأيام سنتواصل أكثر لنرى إلى أين نصل في المسائل....
النقطة الأخيرة هي فيما يعنينا نحن وتكتل الإصلاح والتغيير والتيار الوطني الحر، بالتالي الموقف الذي قيل إن كثراً بالبلد ينتظرونه، مع أنه معروف ومحفوظ "عن بصم".
أيضاً، في موضوع التيار الوطني الحر، للأسف الشديد، وبالإذن من العماد عون، صديقنا وحليفنا وعزيزنا، أيضاً من أخونا وصديقنا رئيس التيار أريد أن أخاطب قليلا قواعد التيار الوطني الحر، لأن التيار هو تيار بالنهاية، ربما ليس لديه بعض الخلايا الحزبية التنظيمية التي تأتي بالتوصيات من فوق إلى تحت وتنضبط الأمور. بالنهاية الشباب والصبايا بالتيار يتأثرون بما يُقال بوسائل الإعلام وبما يُكتب على وسائل التواصل الاجتماعي. كصديق لكم، صديق مخلص ـ إن شاء الله ـ لكم أتمنى أن تسمعوا مني هاتين الكلمتين:
ونحن على نهاية الشوط ـ إن شاء الله ـ المختص بالاستحقاق الرئاسي، لا تسمحوا لأحد أن يستغل أو يوظف أو يسيئ للعلاقة بيننا وبينكم، أو يحاول أن يشوه هذه العلاقة بيننا وبينكم، ولا أود الدخول بالأسماء، كل الناس تعلم الحرف الأول من الإسم والحرف الأخير.
لا تسمحوا لهذا الموضوع. والله مثلاً ان حزب الله عن جد يريد العماد عون؟ لا، لا يريد العماد عون. يا أخي كيف؟ هل تعلم بالغيب؟ أنتم ـ هذه الجهة، حتى لا اتحدث عن شخص ـ أنتم تعلمون بالغيب، تعلمون بما في الأنفس، ماذا تعملون، بالفلك؟ بصارين؟ تضربون بالرمل؟ بالمندل؟ بماذا يعني؟
هل حصلت جلسة من المفترض أن تنتخب العماد عون، وحزب الله لم ينزل؟ قاطع الجلسة ولم ينتخب العماد عون، حتى تأتوا وتتحدثوا بهذه اللغة وبهذا المنطق؟
من اللحظة الأولى، (يقولون) حزب الله لا، يكذب على العماد عون، يخادع، لا يريد، يمرّر الوقت، أصلا جاءوا، قالوا عندما اتخذنا الموقف والتزمنا بترشيح العماد عون بالرغم من ترشيح صديقنا الوزير سليمان فرنجية، لم يظهر معهم أن هذا الموقف يعبّر عن التزام معيّن، بل تبيّن معهم أن حزب الله لا يريد رئيساً، لا يريد لا سليمان فرنجية ولا ميشال عون. أنتم تجلسون بعقولنا ونوايانا؟ هذا أمر معيب بالبلد أن يتشهر بالناس بهذه الطريقة. لا، حزب الله من اليوم الأول كان يريد انتخابات رئاسية، من اليوم الأول. لو من اليوم الثاني عقدت جلسة نعتقد فيها أنه اذا حضرنا سيُنتخب فيها العماد عون رئيساً للجمهورية لحضرنا من اليوم الثاني، وهذا محسوم، وحزب الله يريد انتخابات رئاسية ويريد رئيساً من اليوم الأول الذي التزم فيه مع العماد عون. من ذلك اليوم وإلى اليوم، وهناك ناس أخذوا علينا ان بعض أخواننا تحمس قليلاً، وحتى يؤكد أكثر قال ل1000 سنة طبعا لن نبقى نعيش 1000 سنة، هذه مبالغة باللغة العربية، حتى نقول إن هذا نهائي، هذا موضوع نهائي بالنسبة لنا.
بالأيام القليلة الماضية أيضا ازداد هذا التوظيف السيء. تعرفون، الآن حزب الله يستطيع أن يبقى على التزامه بالعماد عون ووفياً للعماد عون ولهذا الالتزام، ولا يمرر الانتخابات الرئاسية بالموعد المقبل.
ليس والعياذ بالله يذهب لعمل غير سياسي أو إعلامي. لا، أنا استطيع أن أخرج على التلفزيون وأقول "ليكوا يا ناس نحن نؤيد العماد عون ولكننا نرفض تولي مثلا نرفض تولي الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة" عندها طار الاستحقاق الرئاسي. الآن الآن إذا أقول هذه الجملة يطير الاستحقاق الرئاسي، لأنه لم يكن هناك شيء بالمجان، لم يكن هناك شيء بالمجان، دار جدل لأكثر من شهر، إذا انتخبنا العماد عون لرئاسة الجمهورية، فماذا بالنسبة لرئاسة الحكومة؟ وأخذوا جواباً من العماد عون ومن الأستاذ جبران باسيل، ومع ذلك أصروا على سؤالنا والسماع منا. نحن قلنا لهم لا نمانع، ليس لدينا مانع، هذا موقف كبير بكل المقاييس السياسية والنفسية والمعنوية. الآن العالم تضحي؟ نحن أيضاً وأنا أحب ان أقول لكم اليوم: نحن نقدم تضحية كبيرة جداً عندما نقول إننا نحن لا نمانع بأن يتولى الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة، واعرفوا هذا الأمر بكل المعايير، هذه تضحية كبيرة جدا.
كان باستطاعتنا أن نقول للعماد عون: يا جنرال نحن متفقون معك إن ينتخبونك نحن نصوّت معك وليس لنا عمل، ولا يوم التزمنا معك بأنه مثلاً فلان يكون رئيس حكومة أو لا يكون رئيس حكومة، وهذا لا يتنافى مع التزامنا الأخلاقي مع العماد عون. نحن عملنا وقبلنا من أجل ان يسير البلد ويسير الاستحقاق حتى يفتح الطريق، حتى ينتهي الفراغ، هذا يجب ان يكون واضحاً عند كل اللبنانيين.
هناك كلام كثير، يمكن أن آتي اليوم وأستغل الخطاب الذي ألقاه الرئيس سعد الحريري بترشيح العماد عون، وأرد عليه بخطاب قاسٍ جداً، وأنا لا تنقصني لا المعطيات ولا الحقائق ولا اللغة ولا الأدبيات، ويتوتر البلد كله ويذهب الاستحقاق الرئاسي ستة أو سبعة أشهر إلى الأمام.
تعالوا لنلم البلد ونحن لم نتصرف هكذا لأننا نريد استحقاقاً رئاسياً ونريد انتخابات ونحن نريد بصدق أن يصل المرشح الذي دعمناه منذ اليوم الأول إلى قصر بعبدا.
هذه حقيقة موقفنا، أحببت أن أشرح هذا الموضوع كي يكون كل اللبنانيين مطلعين عليه، لكن أحببت أن يكون خطابي مباشراً إلى قواعد التيار الوطني الحر.
أتمنى أنه ـ إن شاء الله ـ أن يأتي وقت، طبعاً الكثير منهم هم مستوعبون ومتفهمون الموقف تماماً، لكن يبقى هناك وسط معين يتأثر. أتمنى أن هذه التجربة يُبنى عليها حصانة، بعد ذلك ممكن في أي قضايا سياسية، مثل ما نختلف نحن وأمل نختلف نحن والتيار الوطني ونحن والمردة، ونحن وبقية حلفائنا، هذا لا يجوز أن ينسف تحالفاً أو يستبدل الود بالعداوة وبالحقد.
هذه التحالفات انبنت على أيام صعبة، على تضحيات كبيرة، على آمال لها علاقة بالمستقبل، يجب أن نحرص عليها وأن نحافظ عليها.
أختصر القول لكل من ينتظرون وأنا أعود وأضحك لما أقول ينتظرون، موقف حزب الله من الانتخابات الرئاسية المقبلة عندما تعقد الجلسة المقبلة لانتخاب الرئيس، كتلة الوفاء للمقاومة ستحضر هذه الجلسة إن شاء الله بكامل أعضائها وستنتخب العماد ميشال عون رئيس تكتل التغيير والاصلاح رئيساً للجمهورية. وإذا كان قانون المجلس يقبل من نواب كتلة الوفاء للمقاومة أن يفتحوا الورقة أمام الكاميرات وأن يرى كل العالم أنه مكتوب اسم ميشال عون من حفظ الالقاب، كنا نناقش هذا الموضوع مع الإخوان، لأنه للأسف الشديد، في هذا البلد، في مكان ما، يوجد قلة اخلاق وقلة ضمير، إلى حد أنه بعد الانتخابات في النهاية يوجد أناس ممكن أن تصوّت للوزير سليمان فرنجية، أكيد يوجد من سيصوت للوزير سليمان فرنجية، هناك من سيعطي ورقة بيضاء، غداً سيأتي من يقول إن حزب الله وزّع أصواته بين العماد عون والوزير سليمان فرنجية.
نحن متفاهمون نحن والوزير سليمان وفرنجية، ويوجد تفهم لموقفنا، نحن كل أصواتنا للعماد ميشال عون، إذا القانون يسمح، نحن سنفتح الورقة امام الجميع.
أنا من عدة أيام أرسلت للعماد ميشال عون أنه إذا كان لا يمشي الحال هكذا، فأرسل لنا أحد النواب التابعين لتكتل التغيير والاصلاح ليجلسوا بين نوابنا ونريهم الورقة، يعني عيب في هذا البلد أن يصل الواحد إلى هذه النقطة لأنه يوجد قلة اخلاق وقلة عقل، لا تواخذوني على هاتين الجملتين.
بكل الاحوال، هذا هو موقفنا، نحن نأمل غن شاء الله من خلال التواصل مع كل القوى السياسية ومع كل الكتل النيابية، الأصدقاء والحلفاء والخصوم والكل، أن نستطيع أن نصل إلى استحقاق لا يوجد عند أحد ولا يوجد شكوك عند أحد، يوجد طمأنينة لها علاقة بالمستقبل، قد نوحد الموقف، وقد لا نوحده، لكن أن نذهب إلى استحقاق إيجابي يُبنى عليه للمرحلة المقبلة.
مجدداً، نتوجه إلى روح شهيدنا القائد الحاج علاء، ونقول له، إخوانك سينجزون ما بدأت من أجله، هذه المعركة نحن باقون فيها، وكما قال حبيبك وعزيزك وفلذة كبدك، أيضاً صغيرنا وكبيرنا يقول: سنكون حيث يجب أن نكون.
هذه المعركة معركة دفاع عن الأمة وكرامتها ووجودها وشعوبها وطوائفها وكل مكوّناتها الاجتماعية والحضارية، سندافع عنها بالدماء الزكية كالشهيد القائد حاتم أديب حمادة وكل الشهداء الذين سبقوا ولحقوا، نواصل هذا الدرب على طريق الانتصار إن شاء الله. هذا الظلام وهؤلاء الظلاميون سيُهزمون، ودماؤكم الشريفة ستنتصر على كل سيف، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته