بمناسبة عيد المقاومة والتحرير، والذكرى السنوية لشهداء بلدة باريش، أقام حزب الله احتفالاً جماهيرياً حاشداً في حسينية البلدة، بحضور عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي إلى جانب عدد من رجال الدين، وفعاليات وشخصيات وحشد من الأهالي، حيث تخلله عرض فيلم عن سيرة شهداء البلدة، وباقة من الأناشيد الحماسية لفرقة الحرية، وبعدها ألقى النائب الموسوي كلمة جاء فيها:
يجب أن تكتب تجربتنا في المقاومة منذ انطلاقتها بكل تفاصيلها، لأن هناك سعي جاد لشطب تاريخنا، وإلغائنا من الذاكرة، واستئصال عيد المقاومة والتحرير من بال أولادنا وإخواننا واللبنانيين جميعاً، وإذا كان من الحري بنا أن لا نساعدهم على ذلك، فإنه من الواجب علينا أن نحيي هذا العيد عاماً بعد عام، وأن نحرص على مدى كل الأعوام على نقل التجربة التي عشناها إلى شبابنا الذي يستلم الراية الآن حيث باتت الخبرة والقدرات أكبر اليوم، فيما كان سابقاً أمر المقاومة صعب مستصعب، إلا أنه وبحمد الله وبفضل وعي وصمود أهلنا، أمكن لهذه المقاومة أن تنطلق وتتعاظم وتحقق الانتصار، ولذلك تمكّنا من دحر العدو عن أراضينا المحتلة دون قيد أو شرط، وكان هذا هو منهجنا الذي أدى إلى تحرير لبنان، بالمقابل فإذا نظرنا إلى ما فعله أتباع النهج الآخر الذين يعتبرون سلاح المقاومة غير شرعي، نرى أن هناك الكثير من السياسات الخاطئة لديهم، فعلى سبيل المثال، فإن حكومة السنيورة غير الشرعية، وفي غياب وزرائنا الذين استقالوا في 11/11/2006، أبرمت اتفاقية تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة في لبنان مع قبرص، وبموجب هذه الاتفاقية، ولسبب لا نزال نبحث عن خلفيته الحقيقية، لم تصر حكومة السنيورة على التمسّك بالنقطة 23 التي هي حق للبنان حتى وفق الخريطة التي يعتمدها سلاح البحرية الملكية البريطانية، فبدل أن تتمسك الحكومة آنذاك التي هي غير شرعية وغير دستورية بحق لبنان في مواجهة العدو الصهيوني، تراجعت من النقطة 23 إلى النقطة 1، وعندما ذهب القبرصي ليوقع مع الجانب الإسرائيلي اتفاقاً مماثلاً، لم يتراجع الجانب الإسرائيلي عن النقطة 23 باتجاه فلسطين، بل أصر على توقيع الاتفاق في النقطة التي تراجعت إليها حكومة فؤاد السنيورة، وعندها أصبح الإسرائيليون يقولون "أن هذه المنطقة لنا" وأن هذا كان بموجب الاتفاق مع قبرص التي بدورها تقول نعم هذا أيضاً بموجب الاتفاق مع لبنان الذي وافق على التراجع للنقطة رقم 1، وبعدما تشكلت حكومة جديدة في لبنان بعد حكومة السنيورة والتي كنّا نحن شركاء فيها، شددت على أن حقوقنا هي للنقطة 23، وعندها اعتبرت الأمم المتحدة أن هذه المنطقة متنازع عليها حيث أن كلاً من لبنان والعدو الصهيوني يعتبرها له، وهنا نعيد التوضيح أن ما بين النقطة 23 والنقطة 1 هناك 860 كلم2 من الباطن الذي يمتلك ثروات طبيعية من الهيدروجين والغاز الطبيعي وصولاً إلى النفط، وبناءً عليه فإنه وبسبب سياسة الانهزام والتراجع أمام العدو الإسرائيلي، يواجه لبنان اليوم خطر عدم قدرته على التنقيب في هذه المنطقة، بزعم أنها منطقة متنازع عليها.
إننا نذكر هذا الموضوع الآن لأمرين اثنين فالأول هو للمقارنة بين نهج المقاومة والنهج الآخر، فهل نهج المقاومة هو المكلف أم النهج الآخر المتمثل بفريق السنيورة وحكومته غير الشرعية هو الملكف، سيما وأن فريق هذا النهج جعل لبنان يخسر لبنان 860 كلم2 لثروات طبيعية تكفي لوحدها لسد الدين العام ودفع العجلة الاقتصادية إلى الأمام، بالمقابل فإن هناك نهجنا الذي نحتفل اليوم بإنجازاته في تحرير لبنان، وأما السبب الثاني، فيتمثل بما جرى بالأمس عندما كانت تعقد في لبنان ندوة عن الغاز والنفط، حيث وقف مساعد وزير شؤون الطاقة الأميركي ليقول "إن على الللبنانيين تفادي التنقيب في هذه المنطقة"، أي أن الإملاء الأميركي جاء ليستثمر هذه الخطيئة الوطنية على أقل التعبيرات التي ارتكبتها حكومة السنيورة غير الشرعية، وجاء المسؤول الأميركي ليقول للبنانيين "إن هذه المساحة التي هي عبارة عن 860 كلم2 ليس لكم دخل بها، وممنوع عليكم التنقيب بها، وإذا كنتم تريدون أن تنقبوا فنقبوا في مكان آخر"، ونحن في المقابل نطالب الرأي العام اللبناني بالانتباه لهذا العدوان الذي شنه المسؤول الأميركي على لبنان من منبر لبناني، حين أراد أن يملي على اللبنانيين أنه من غير المسموح لهم أن يبدأوا بالتنقيب من هذه المنطقة، في وقت أن هذا الحق هو حقنا، وهذه المنطقة هي منطقة تعود إلينا، ولذلك نقول إننا نرفض الإملاء الأميركي، ولا نقبل أن يقف أي مسؤول سيما المسؤول الأميركي على الأراضي اللبنانية ليهدد اللبنانيين أو ليمنعهم من ممارسة حقوقهم، كما أننا نرفض الموقف الأميركي وندينه بوصفه تواطؤاً مع العدو الصهيوني واعتداء على الحقوق اللبنانية المكتسبة، وفي هذا الإطار ندعو الحكومة اللبنانية لاتخاذ موقف واضح من تصريحات المسؤول الأميركي برفض الاملاءات الأميركية، حيث يجب أن نسمع من رئيس الحكومة ومن وزير الخارجية ومن الحكومة بأسرها موقفاً واضحاً بأن موقف المسؤول الأميركي هو موقف غير مقبول بل مرفوض ومندد به، وأن لبنان مصرّ على التمسك بحقوقه كاملة على الأقل حتى النقطة 23، وهذا القول في السياسة، أما في الفعل، فرغم كل ما نراه، إلاّ أن هناك مسائل تخصّ مصير اللبنانيين، وهذا النفط والغاز هو ملك ليس لجيلنا، بل للجيل الآتي وما سيلحق به من أجيال، وعليه فإنه يجب على الحكومة اللبنانية أن تتحرك لاستعادة الحق اللبناني، والقيام بكل ما يتطلبه ذلك من إجراءات يجب فعلها أمام القضاء الدولي أو المؤسسات الدولية.
أتوجه إلى الرئيس السنيورة بالقول: "أنت بقبولك التوقيع على اتفاقية مع قبرص في 17-1-2007 تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية والوطنية عن تضييع الحق اللبناني، وإذا قلت "إن القبارصة قد خانونا"، فالجواب على ذلك هو أنك لم تكن متمسكاً بحقك، ولم تتمسك بالنقطة 23، بل كنت مستعداً لللتتراجع إلى النقطة 1، وعليه هل من الممكن أن تنتظر من القبرصي أن يتمسك بالنقطة 23 خلال تفاوضه مع الجانب الإسرائيلي، ثم أنك أيها الرئيس الذي وقعت الاتفاق المشؤوم المتعلق في تحديد تلك المنطقة بالرغم من أنك لم تكن شرعياً في 17-1-2007 ولا دستورياً، فأنت المسؤول عما جرى، وإن كنا حتى الآن لا زلنا نسمّي ذلك خطيئة وأمراً ينمّ عن قلة وسوء تدبير، ولم نذهب بعد إلى أبعد من هذه التسمية، مع أنه سيأتي الوقت الذي سنفعل فيه ذلك، فما عليك الآن وبفعل مسؤوليتك عن هذه الخطيئة، وبما أن الأميركيين هم أصدقاؤك وحلفاء الفريق السياسي الذي تنتمي إليه، وأنتم الذين تجاهرون بحلفكم هذا مع الإدارة الأميركية، فبموجب هذا التحالف معهم، عليكم أن تذهبوا لتستعيدوا ال 860 كلم2، بالمقابل وبما يخصنا نحن والرئيس بري الذي كان منذ البداية مصراً على ضرورة أن يبدأ التنقيب والتلزيم في هذه المنطقة قبل أي منطقة أخرى، أو على الأقل أن يكون هناك تزامن بالبدء بالتنقيب والتلزيم، يعني ليس أن نبدأ بالوسط الشمالي ونترك الجنوب، فنحن ودولة الرئيس بري على الموقف الواحد بتمسكنا التام بحقنا في المنطقة الاقتصادية الخالصة حتى النقطة 23 على أقل تقدير، وملتزمون وحدة موقفنا في ضرورة التزام الحكومة التزامن في التلزيم والتنقيب بين البلوكات العشر على قاعدة أن نبدأ من البلوكات التي تقول إسرائيل إنها منطقة متنازع عليها.
إن كل ما تقدمنا به حول استعادة حقوقنا البحرية وما فيها من ثروات طبيعية لن يضمنه لنا إلاّ مقاومتنا، فقد تكلمنا عن تحركات بكل الصعد، لا سيما عن التحرك السياسي والقضائي الدولي والدبلوماسي وتحركات على المستوى الدستوري، ولكن وبفعل التجربة مع العدو الصهيوني، فإنه لن يعيد إلينا حقنا إلاّ المقاومة التي حررتنا في عام 2000، والتي حمتنا في عام 2006 من العدوان الصهيوني، والتي تحمينا الآن من العدوان التكفيري.