كلمة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي خلال احتفال تأبيني أقيم في حسينية بلدة تبنين الجنوبية
كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي خلال احتفال تأبيني أقيم في حسينية بلدة تبنين الجنوبية بحضور عدد من رجال الدين وفعاليات وشخصيات، وحشد من الأهالي، وقد جاء فيها:
إننا لا زلنا اليوم وبعد تحريرنا لأرضنا نواصل بناء قوتنا العسكرية حتى لا نُمكّن العدو الصهيوني من أن يستغل أي فرصة ضعف أو أي حالة لا تكافؤ في ميزان القوة العربي للهجوم على لبنان وارتكاب المجازر فيه، ونحن إذ نخوض اليوم معركة كبرى، إلاّ أن العدو الذي يراقب عن كثب، يعرف أننا على أهبة الاستعداد لإحباط عدوانه من قبل أن يقع على لبنان، وقد صرحت صحيفة "إسرائيل اليوم" الصهيوينة بذلك، حيث أجرت لقاء مع مسؤولي الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في الساحات العربية من سوريا إلى مصر وصولاً إلى اليمن ولبنان، فمسؤول الاستخبارات العسكرية في ساحة لبنان أجرى تقييماً، ورأى أن حزب الله يقاتل في سوريا، ولكنه قال "إن قتاله في سوريا لا يشكل عبئاً عليه بقدر ما قدّم له هذا القتال فرصاً لتطوير خبراته وقدراته، وهو بعد سوريا لم يعد الحزب الذي كنّا نعرفه من قبل، حيث بات على غير ما كان عليه"، وقال "على الرغم من انهماكه في هذه المواجهة، إلاّ أنه مستعد لأي مواجهة يمكن أن تحدث في المستقبل"، ويخرج باستنتاج "أنه لا يمكن المغامرة مع حزب الله بمواجهة"، فضلاً عن إقراره بنفس العبارة التي قالها تقرير "فينوغراد"، ألا وهي "في كل مرة تواجه مقاتلوا حزب الله مع مقاتلي جيش الدفاع الإسرائيلي كانت اليد العليا لمقاتلي حزب الله"، ويقول أيضاً هذا المسؤول عن الاستخبارات العسكرية للساحة اللبنانية "إن العلامة العملياتيه لحزب الله في سوريا اليوم هي علامة متفوقة، فهو لم يخض أي معركة إلاّ وكتب له الفوز بها".
إننا نتحمّل مسؤولياتنا كما وعدنا دائماً في الدفاع عن أهلنا في مواجهة العدو الصهيوني، وإن ما يجعل لبنان آمناً اليوم في مواجهة العدوان الإسرائيلي عليه، وبإقرار العدو والصديق، هو قدرات المقاومة الآخذة في التنامي، وكذلك نحن نحمي لبنان من الخطر التكفيري الذي ما وصل إلى منطقة إلاّ وأقام فيها فساداً ومجازر وخراباً ومآسيَ وفضائح، وكذلك نحن حمينا اللبنانيين جميعاً من اجتياح المجموعات التكفيرية التي لو كتب لها أن تنتصر في سوريا لامتدت إلى لبنان وأحالت نساءه إلى سبايا، وشبابه إلى قتلى يذبحون بحد السيف أو بحد السكين، فنحن لا زلنا نتحمّل مسؤولياتنا في هذا الصدد ولا نتوانى عن ذلك، ونعرف أنه لا يمكن أن يكتب للبنان الأمان والاستقرار إذا لم يُكتبا في سوريا، فإذا لم تستقر دولة سوريا ونطمئن على استقرارها، لا يمكن للبنان أن يكون في منأى عمّا يجري فيها.
إننا لا نكتفي بمهمتنا الدفاعية في مواجهة العدوان الصهيوني، أو بمهمتنا في مواجهة العدوان التكفيري، بل أخذنا على عاتقنا أن نلاحق الفساد الحقيقي في لبنان، فوضعنا يدنا على فضيحة الاتصالات، وأنجزنا فيها ولا زلنا نضع اليد على هذا الملف الذي لم نقبل أن تقوم أي جهة بلفلفته أو إنهائه، وجدير بالقضاء اللبناني أن يرتفع إلى مستوى ما يرغب به اللبنانيون لناحية اتخاذ قرارات قاسية بحق المرتكبين، فحتى الآن لم نرَ توقيفات كبيرة في شبكة الإنترنت، ونحن لا نريد أن يقتصر الأمر في التوقيفات أو في الملاحقة على بعض الضعفاء في الأطراف، بل ينبغي أن يتجه جهد القضاء إلى المتورطين الرئيسيين، لا سيما في منطقة العاصمة وجبل لبنان، فحتى الآن لم نرصد حزماً قضائياً في هذا الاتجاه.
إن القضية الثانية التي وضعنا اليد عليها وأثرناها، هي قضية الفتيات المظلومات اللواتي سُبين في سوريا، وللأسف صارت بعض المحطات اللبنانية تفتح منبرها للمرتكبين والمجرمين والمعذبين ليدينوا الفتيات المظلومات، وهن اللواتي جرى سبيهن، فعندما نقلت هذه الفتيات إلى لبنان عبر معابر غير شرعية، كان في لبنان من يضع اليد عليهن بعنوان السبي، ليتملكهن ومن ثم يبيعهن في سوق البغاء مع الأسف، ونحن أيضاً حتى الآن لا نرى تحملاً كاملاً للمسؤولية، فهناك قرار ظني صدر حول هذا الموضوع، ولكن لا يكفي ما صدر، لأنه لم يلاحق سؤالاً من الأسئلة التي تطرح، وواحدة من هذه الأسئلة هي أين كانت الأجهزة المكلفة بمكافحة هذا النوع من الجرائم، وما كان دور الأجهزة المنتشرة في كل مكان في ملاحقة الجريمة حتى لا نقول في التواطؤ مع مركتبيها، وهل من المعقول أن هناك عميد بأحد الأجهزة يقيم في نفس المبنى الذي كانت ترتكب فيه هذه الانتهاكات وهو لا يدري ما يحصل.
إننا من خلال لجنة حقوق الإنسان سنواصل متابعة قضية الاتجار بالبشر، وعلى القضاء مجدداً أن يتحمّل مسؤولياته، وعلى القوى والشخصيات السياسية أن تكفّ عن التدخل لدى القضاء، سواء فيما يتعلّق بفضحية الإنترنت أو بفضيحة الاتجار بالبشر، ويكفي ما ارتكبوه بحق هذا البلد من المأسي التي لم نشهد مثلها في تاريخ لبنان إلاّ في زمان الهيمنة السعودية على جزء من القرار اللبناني، فعندما هيمن آل سعود على أجزاء كبيرة من القرار في لبنان، رأينا الدولة تتهاوى، وقد جرى تفريغ مؤسسات الدولة من قدراتها وصلاحياتها وإمكانياتها لصالح شركات خاصة من النفايات إلى شركة السوليدير، وجرى تجيير ما لديها لصالح الشركات الخاصة، فهذا هو النموذج السعودي في الإدارة الذي يطيح بمفهوم الدولة والمجتمع، ويحول الدولة والمجتمع إلى رعايا لدى الأمير، وشركات خاصة تعود بملكيتها في النهاية إلى الأمير.
إن أسباب الفساد العميقة في لبنان، والذي نراه قد استشرى منذ عام 2005 إلى اليوم، يقف وراءها التدخل والهيمنة السعودية بكل مجال، وكأن هناك من يريد أن ينهي هذا النموذج اللبناني، ففي ظل الإدارة السعودية للبنان، جرى ضرب مفهوم الوحدة الوطنية، حيث تولّى آل سعود تحريض المذاهب والطوائف على بعضها البعض، وكاد يصل لبنان إلى حافة الانفجار لولا تدخل جهات غربية منعت انحداره إلى هاوية هذه الحرب لأسباب تتعلق بالأمن القومي الأوروبي والأميركي في مسألتين ألا وهما وقف الهجرة من شرق البحر المتوسط، ووقف تدفق المجموعات الإرهابية التي تنشط في زمان الحروب الأهلية، وأما قرار آل سعود هو إشعال الحرب الأهلية في كل بلد عربي، ففي اليمن والعراق وسوريا إذا ما بحثنا عمّن يوقد الحرب، نصل إلى أن من يقف ورائها هم آل سعود، ولسنا نحن من يقول ذلك، بل نجده في الصحافة الغربية، وفي تصريحات المسؤولين الغربيين، فهم يقولون إن النظام السعودي بنشره للفكر الوهابي التكفيري وبرعايته للمجموعات المتطرفة هو من جعل الإرهاب ينتشر في العالم، فالإرهاب في أوروبا هو حصيلة 30 سنة من التبشير الوهابي بين المسلمين هناك، وكذلك في الولايات المتحدة الأميركية.
إن ما يعوق اليوم الحلول في اليمن هو القرار السعودي بالتصعيد، فلو لم يكن السعوديون وراء التصعيد في اليمن، لأمكن التوصل إلى وضع حد للمحنة اليمنية، وفي الوقت الذي نسمع فيه ضجة عن مدينة حلب، نؤكد أن ما حصل في اليمن من جرائم بحق الأطفال لا يقارن في أي مكان آخر، وأن حجم ما ارتكبه آل سعود هناك لا يقارن كذلك، إلى درجة أن المجتمعات المدنية الغربية هبّت لتطالب حكوماتها بوقف تسليم الأسلحة إلى آل سعود، ولا سيما الأسلحة المحرمة من القذائف الفراغية إلى القنابل العنقودية والنووية التكتيكية التي استخدم بعضها في اليمن لا سيما في منطقة "فرضة نهم" وغيرها من المناطق، وإن الصور شاهدة على ذلك، وكذلك الأمر في سوريا حيث أن من يعطل الحل هناك هو النظام السعودي الذي لا زال مصراً على سفك الدم السوري.
وبالانتقال إلى لبنان فإن ما يحول اليوم دون انتخاب رئيس للجمهورية هو الموقف السعودي، ونستغرب أن كتلة المستقبل والرئيس الحريري من آن إلى آخر يحمّلان حزب الله والتيار العوني مسؤولية عدم حصول انتخابات رئاسة الجمهورية، ونسأل ألم يبرم الرئيس سعد الحريري اتفاقاً مع التيار الوطني الحر على إجراء انتخابات رئاسية تعيد الحق إلى أصحابه، ولكن من الذي نكث بالاتفاق والوعد، ونسأل ألم يقل هو ومن حوله أن من نكث بالاتفاق وأسقطه هو النظام السعودي الذي رفض أن يأتي الجنرال عون رئيساً للجمهورية، فقد قالوا لنا ولكثير من المسؤولين اللبنانيين حين لم يجري السير في الاتفاق الذي أبرم في باريس وروما، إن الرئيس الحريري والمستقبل ليس لديهم مشكلة بأن يصل الجنرال عون إلى رئاسة الجمهورية، ولكن الڤيتو كان سعودياً، وبالتالي فإننا يجب أن نتحلى جميعاً بالجرأة للقول إن من يعطل تثبيت الوحدة الوطنية اليوم هو الموقف والڤيتو السعودي، الذي لا يريد دولة حقيقية في لبنان، بل يريد إمارة تابعة، ولذلك يبحث عن الطريقة التي يمكن من خلالها للوضع أن يبقى معطلاً حتى يبقى ممسكاً بالبلد في يده، ويبتز أصدقاءه وليس أعداءه، لأننا لا نعيره أهمية، ولكنه يستخدم الورقة اللبنانية ليبتز أصدقاءه الأميركيين والأوروبيين، ويريد أن يبقيها ليحرّكها في كل ساعة، وينبههم بأنها إذا تحركت سوف يكون هناك نزوح إضافي من لبنان، البلد الذي يقطن فيه 1.7 مليون سوري، و600 ألف فلسطيني، وحوالي مليون لبناني يرغبون بالهجرة، ولذلك فإن السعودي لا يريد الحل، ومن هنا فإن دعوتنا اليوم إلى أصدقاء لبنان جميعاً، وإلى القوى السياسية المستقلة في لبنان، بأن يسحبوا الورقة اللبنانية من يد النظام السعودي، لنمشي معاً في مسيرة إعادة بناء الدولة، ولنبدأ من انتخاب رئيس الجمهورية الذي عبّرت الإرادة المسيحية عن خيارها في هذا الشأن، ولنتفق على قانون انتخابات يؤمن تمثيلاً حقيقياً، لأن المناصفة ليست الرقمية ولا العددية وإنما الحقيقية، حيث يعبر النائب حقيقة عن إرادة ناخبيه، وليس بالطريقة التي يصادر فيها حزب المستقبل جزءاً واسعاً من التمثيل المسيحي.
إن من يقف اليوم ضد تمرير قانون عادل للانتخاب هو حزب المستقبل، لأنه لا يريد أن يخسر نواباً مسيحيين في كتلته، حتى أنه ليس مستعداً لكي يتنازل عن النواب المسيحيين لحلفائه المسيحيين، سواء كانوا من الكتائب أو القوات اللبنانية كما حصل في السابق، ولكن الوضع الآن قد تغيّر وأصبح تمسكه أكثر من ذي قبل، ولذلك فإنه ما دام هناك فئة من الفئات اللبنانية تشعر بأنها مصادرة في التمثيل النيابي والسياسي، لن يكون هناك استقرار بالمعنى الحقيقي للكلمة في لبنان، ورأينا كان دائماً أن تتمتع المكونات اللبنانية جميعاً بحقها العادل في المشاركة في صناعة القرار الوطني، وليس أن يصنع القرار أحدهم ليبحث الباقي عن فُتات من هذا القرار إذا بقي منه فُتات، فقد تكلمنا عن مشكلة سوكلين، ولكن هل كنا نحن أو حتى غيرنا الذين قررنا فيها، وعن مشكلة سوليدير، ولكن هل كنا نحن أو حتى غيرنا الذين قررنا فيها، علماً بأن مشكلة سوليدير ليست قضية طائفية، لأن أول المتضررين منها هم أبناء بيروت، الذين ركبت لهم اليوم لائحة انتخابية، الله وحده يعلم من تمثل.