رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أن محاولات الاستهداف لحزب الله من دول الخليج والنظام السعودي ومعهم أميركا ليس جديداً، إلا أنهم لن يتمكنوا فعل أكثر مما فعلوه على مدى ثلاثين سنة من استهداف متواصل ضد حزب الله، حيث جربوا الرهان على الحروب العسكرية الإسرائيلية، والعقوبات الدولية، والحملات الإعلامية، والتحريض المذهبي، ولكنهم لم يجدوا إلاّ النتيجة التي خيبت آمالهم، لأنه وبعد كل هذه الحروب والضغوط، فإن المقاومة لم تزدد إلاّ قوة وانتصاراً، مضيفاً أن المقاومة اليوم وبعد خمس سنوات على الأزمة في سوريا، وأكثر من 33 سنة من الاستهداف والعقوبات والقرارات الدولية والعربية، فإنها تزداد تألقاً وقوة وتأثيراً في المعادلات المحلية والإقليمية، بل باتت هي الرقم الصعب في المعادلات الكبرى في المنطقة، وهذا هو السبب الذي يزيد في غيظهم وحنقهم، لأنهم لم ولن يستطيعوا أن يغيروا في قرارنا شيئا، أو أن يزحزحوا حتى بموقفنا، الأمر الذي يدفعنا لقول ما بات يردده أكثر اللبنانيين: "حما الله لبنان من السياسات السعودية".
كلام الشيخ قاووق جاء خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله للشهيد زين العابدين يوسف في حسينية بلدة الشهابية الجنوبية، بحضور عدد من رجال الدين وفعاليات وشخصيات وحشد من الأهالي.
ولفت الشيخ قاووق إلى أن الجديد هذه الأيام هو وجود إسرائيل وتلك الدول في خندق واحد بالعلن وليس سراً، فإسرائيل تقول علناً إنها لا تخشى من السياسات السعودية في المنطقة، ولا من داعش في سوريا والعراق، بل إن كل خشيتها هي من المقاومة في لبنان، وهي تراهن على داعش والعصابات التكفيرية والسياسات السعودية في لبنان والمنطقة لأنها تجد فيهم فرصة استراتيجية، في مقابل أنها تجد بالمقاومة خطراً استراتيجياً، معتبراً أنه في الوقت الذي كانت فيه معركتنا مع إسرائيل علنية، كانت المعركة علينا من تلك الدول غير علنية، إلى أن وصل اليوم الذي أرادوا فيه إسقاط القناع عن وجوههم، وقرروا شنّ حرب إعلامية واقتصادية وسياسية علينا، إلا أن النتيجة كانت في تمكننا من تجاوز كل القرارات العربية والدولية الظالمة، حيث صُدم النظام السعودي بصلابة موقف حزب الله وصموده أمام كل الضغوطات السياسية العربية والخليجية، وبحجم التأييد الشعبي للمقاومة في لبنان والعالم العربي، وكذلك وبعد أن كان السعودي يسعى لتحريض اللبنانيين على بعض من أجل ابتزاز المقاومة وتغيير موقفها، فقد صُدم أيضاً بحجم الوعي لدى اللبنانيين الذين أفشلوا كل محاولات إشعال فتيل الفتنة في لبنان، والذين كانوا أكبر من كل محاولات الخارج لإيقاعهم في الفتنة، مشدداً على أن حزب الله أثبت أيضاً أنه الأكثر حرصاً على الاستقرار وإقفال أبواب الفتنة، بحيث بات باستطاعة السعودية أن تتحدث عن نجاحها في إشعال نار الفتنة في سوريا والعراق واليمن وغيرها من البلدان، ولكنها لم تنجح في ذلك في لبنان.
واعتبر الشيخ قاووق أنه لفخر وشهادة كبيرة للمقاومة في لبنان عندما تجد إسرائيل في زماننا أن الخطر الإستراتيجي والخشية على وجودها هو قوة هذه المقاومة، وليس الإجماع العربي ولا جيوش الخليج الذين لا تجد فيهم أيّ خشية أو تهديد لوجودها، بل هي اليوم تتحدث عن صداقات منذ عام 1960 مع هؤلاء، وقد بدأت بالظهور اليوم شيئاً فشيئاً، مضيفاً أن إسرائيل التي لا تخشى جيوش الدول العربية والخليجية، فإنها بالطبع لن تخشى قراراتهم، بل هي لطالما تهزأ ولا تعبأ من هذه القرارات والمؤتمرات طيلة سبعين سنة، بل نجدها تتنفس الصعداء عند صدور أيّ منها، كون إسرائيل تدرك تماماً أن لها صداقات وعلاقات سرية مع عدد من هذه الدول العربية المتواجدة في خندق واحد معها ضد المقاومة، بل هم وبقراراتهم تلك يفتحون شهية العدو على حرب جديدة، مشدداً على أنه لولا جهوزية وقدرات المقاومة لكانت إسرائيل استغلت ووظفت القرارات الظالمة من دول الخليج ضد لبنان، إلا أنها تدرك تماماً أن حدود مغامراتها تقف عند جهوزية ومفاجآت المقاومة.
وأكد الشيخ قاووق أننا استطعنا أن نتجاوز الأصعب في سوريا، فالأزمة فيها كانت قاسية، ولكننا دخلنا إليها دفاعاً عن أهلنا ووطننا وانتصرنا، وبعد خمس سنوات نقول بكل ثقة إننا تجاوزنا الأصعب، ونحن على مسارات النهاية السعيدة في إسقاط المشروع التكفيري الذي يهدد لبنان، وفي المقابل لم تتمكن السعودية من إسقاط دمشق أو النظام السوري أو تغيير هوية وموقع ودور هذا النظام، بل إنها لم تحصد إلاّ الخيبة والفشل، ولم تصل إلى نتيجة سوى افتضاح سياساتها العدوانية في سوريا، فيما كانت عاصفة الحزم التي تعصف بأرواح الناس أشد من هذه السياسات، فحجم المجازر اليومية للنظام السعودي في اليمن وصل إلى حد أن حلفاء السعودية في الخارج اضطروا لإدانة هذه المجازر، وبالأمس تحدثت الأمم المتحدة عن مجزرة سوق الخميس، وما أكبرها من فضيحة للنظام السعودي بأن يبرر قصف الأسواق بقوله إن هذا السوق هو سوق للحوثيين، فهل صار للسوق والخضار والفاكهة هوية، بحيث أن الزبائن والمشترين يكونون هدفاً للغارات السعودية، مضيفاً أن ما يحصل في اليمن هو النموذج الأوضح لحقيقة الدور السعودي في المنطقة وللمغامرات السعودية غير المحسوبة فيها، وهو النموذج الأوضح أيضاً لكيفية مساعدة النظام السعودي داعش على التمدد، فكل المناطق التي سيطر عليها النظام السعودي في جنوب اليمن تمددت فيها داعش، والتي باتت تسيطر الآن على أربع محافظات، وهي نفسها المحافظات التي سيطرت عليها السعودية، في وقت كان اليمن على وشك الانتصار النهائي على داعش، وهذا ما يؤكد أن النظام السعودي كان في خندق واحد مع داعش هناك، فكيف يريدون بعد كل ذلك أن يتزعموا تحالفاً دولياً لمحاربة داعش، معتبراً أن ما حصل في اليمن للنظام السعودي هو أسوأ من هزيمة، لأنه فضح نفسه بنفسه، وأسقط القناع عن وجهه، وخسر من صورته ومكانته كخادم للحرمين الشريفين، حيث خسر هذا الدور وهذه المكانة وهذه الصورة، ولن يستطيع أن يسترجعها ولو بذل ما بذل من مال.