الكلمة المتلفزة لسماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء الثلاثاء 1-3-2016
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبدالله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته .
في البداية أود أن أتوجه بأسمى آيات التبريك وأيضاً التعبير عن مشاعر المواساة لعوائل الشهداء، هذه الكوكبة من شهدائنا المجاهدين المقاومين الأبطال، ومن بينهم الشهيد القائد الحاج علي فياض المعروف باسم الحاج علاء، والذين استشهدوا في الأيام القليلة الماضية في مواجهة تنظيم داعش التكفيري والإرهابي أثناء مساعدتهم ومساهمتهم في فتح طريق طريق خناصر أثريا وفك الحصار عن منطقة حلب ومدينة حلب.
في كل الأحوال، أنا أتوجه إلى هذه العائلات الكريمة بالتبريك والتعزية، وأيضاً سوف يكون هناك فرصة إن شاء الله للحديث عن الشهيد القائد الحاج علاء وعن إخوان هذا الشهيد وعن هذه المعركة بشكل أفضل وأوسع في الأيام القليلة المقبلة عندما ـ إن شاء الله إذا بقينا على قيد الحياة وإذا وفقنا الله عز وجلّ لذلك ـ سأتحدث في ذكرى أسبوع هذا الشهيد القائد.
الهدف من الإطلالة هذه الليلة هو تناول التطورات التي حصلت في الأسابيع الأخيرة والأيام الاخيرة فيما يتعلق بالوضع في لبنان والمواقف التي أعلنتها المملكة العربية السعودية تجاه لبنان، وما حصل منذ ذلك الوقت إلى اليوم ضمن عدة عناوين أتعرض إليها قد الإمكان في الوقت المتاح.
منذ أن أعلنت السعودية في 19-2-2016 عن إيقافها للهبات المعلن عنها سابقاً، الهبات المفترضة للجيش اللبناني، بدأت في لبنان وفي المنطقة حملة سياسية وإعلامية واسعة جداً وشهدنا تصعيداً سياسياً وإعلامياً كبيراً جداً، إن من جهة السعودية نفسها ومعها بعض دول الخليج، أو من جهة بعض القوى السياسية في لبنان أيضاً دخلت في نفس هذا المناخ وفي هذا السياق منذ ذلك اليوم، ونتيجة هذا التصعيد الإعلامي والسياسي، وكما رأيتم هم يخطبون ويتكلمون ويقيمون مؤتمرات وجلسات ولقاءات، ونحن كنا نعلّق بالحد الأدنى فيما كان يقوله الإخوة وبعض الأصدقاء، لكن هذا أدخل لبنان في مناخ من التوتر الشديد على المستوى السياسي والإعلامي والشعبي، ما أدى إلى بروز مخاوف كبيرة لدى اللبنانيين أو لدى المقيمين في لبنان من غير اللبنانيين أو لدى الذين يودّون السفر إلى لبنان لأغراض متعددة انتشرت شائعات كثيرة في نفس هذا السياق. أيضاً قامت بعض وسائل الإعلام السعودية بتقديم برامج مهينة ومسيئة، وعلى خلفية هذه البرامج أيضاً حصلت تحركات شبابية في الشارع.
يجب أن نتوقف عند هذه التحركات وعند بعض ما حصل وبعض ما قيل فيها، ومن موقع المسؤولية يجب أن نتطرق لهذا الموضوع.
بكل الأحوال، من الواضح أننا منذ 19 -2 -2016 تاريخ الإعلان عن وقف الهبات وإجرءات سعودية أخرى دخلنا مرحلة جديدة من الصراع السياسي والإعلامي، قامت السعودية بتصعيده، والتوتر موجود ولكن هذا التصعيد العالي والكبير والذهاب به إلى مديات جديدة وبعيدة.
أنا سأتحدث بثلاثة عناوين :
الأول: المناخ السياسي والأمني في البلد والتحليلات والتوقعات والمقالات والإشاعات .
العنوان الثاني هو حلقة الـ "أم بي سي" وردود الأفعال وتعليقي عليها وعلى أمثالها.
والعنوان الثالث هو المشكل القائم الآن مع السعودية، تقييمنا وتشخيصنا لهذا المشكل وموقفنا وكيف سنتعاطى معه، طبعاً بالمقدارالمتاح، يمكن بالتأكيد الوقت لن يتسع لمعالجة هذا الملف من كل جوانبه، لذلك هناك جزء منه سأترك معالجته إلى ذكرى الشهيد القائد علي فياض إن شاء الله.
بالعنوان الأول: بعد مناخ التصعيد الخطابي، طبعاً السعودية قامت بإجراء وأعلنت أنها أوقفت المنح. بالمقابل في لبنان الفريق السياسي الآخر قام قيامته، خطابات وبيانات ومؤتمرات صحافية وتحركات ووفود شعبية ومواقع انترنت وتصعيد وتهييج وإثارة. كل هذا صار في ظل هذا المناخ المتوتر وحصلت عدة أمور:
1- وُزعت بيانات مجهولة المصدر، معلومة الخلفية، وراحت تتكلم عن نوايا أن حزب الله سيدخل المنطقة الفلانية، هم اختاروا مناطق ذات لون طائفي معين، وأنه يا أهل السنّة في الضاحية انتبهوا بالساعة الفلانية ماذا تعملون، مثل إعطائهم تدابير وإجراءات وإن "الطريق الجديدة" مستهدفة، ولا أعرف أين وأين.
للأسف الشديد أيضاً تم تلقف مضمون هذه البيانات، واشتغلوا فيه على المواقع الإلكترونية، واهتمت بعض وسائل الإعلام، وصار هناك قلق إلى حد أن بعض الجهات الأمنية الرسمية اضطرت أن تسأل أن هذا هل هناك شيء منه أم لا؟ إذاً واحد من الأساليب هو البيانات التي يرتفع منها بقوة صوت الفتنة. "طيّب فيه حدا" يريد فتنة، يريد توظيف هذا المناخ الذي استجد ليعمل فتنة في لبنان، خصوصاً بين السنة والشيعة.
ثانياً: السعودية وبعض دول الخليج الأخرى معها أعلنت منع سفر رعاياها إلى لبنان وطلبت من رعاياها الموجودين في لبنان مغادرة لبنان، وحكوا عن اعتبارات أمنية. طيّب أنتم اعتباركم سياسي عقابي، لماذا تُدخلون الاعتبارات الأمنية، "وما حدا عندو شي" لا أحد لديه أي مؤشر أو معلومة أو معطى أن الرعايا الخليجيين في لبنان سيتعرضون لأذى أو ما شاكل. هذا أيضاً الأمر الثاني أوجد مناخاً سلبياً.
ثالثا : المقالات والتحليلات التي صدرت في بعض وسائل الإعلام العربية واللبنانية، وخاصة اللبنانية، وهذا النائب وهذا الوزير وهذا الحربي وهذا المصدر المقرب والمصدرالمسؤول و"ما بعرف شو" الذين صاروا يتحدثون عن نوايا حزب الله وأن حزب الله غاضب ومتوتر ويخطط لـ "7 أيار" جديد وجهّز القمصان السود وأخرج السلاح من المخازن و"شوفوا شو بدو يصير بالبلد".
رابعا : الأخبار على المواقع الإلكترونية والتي أيضاً، للأسف الشديد، بعض وسائل الإعلام تعاطت معها بشكل أو بآخر أكاذيب خلال الأيام الماضية، هنا يوجد اشتباك وهنا يوجد قتلى وهنا يوجد استنفار وهنا يوجد معركة، وكله ليس له أي أساس من الصحة. طبعاً هذا أيضاً ساعد في بلبلة البلد، لا شك أيضا ـ لنعترف ـ أن الحراك الشبابي الذي حصل برد الفعل على برنامح الـ "أم بي سي" ساعد بشكل أو بآخر، هذا أبقي له عنوان لوحده بإثارة المخاوف والقلق في الأوساط اللبنانية وخصوصاً الأوساط الشعبية. بكل الأحوال هذا المقطع الأول سوف أعلق فيه بالقول بالنسبة لحزب الله والذين يحللون أو يتوقعون أو للذين يكذبون أو للذين يريدون أن تحصل فتنة في البلد أقول لهم بصراحة وبوضوح شديدين، طبعاً سوف أقول شيئاً له علاقة بالموضوعين، بالعنوانين، بل بالعناوين الثلاثة، البعض يفترض أن حزب الله مضغوط ومحشور بالزاوية و"مزنوق" و"السماء مطربقة على رأسه"، اسمحوا لي أن أتكلم بالعامية، وأنه لا نعرف ماذا سيفعل، هل سيقلب الطاولة؟ هذا الكلام كله سخيف. نحن لسنا كذلك. اقول هذا للصديق وللخصم وللعدو، العدو كي ييأس والخصم حتى تبقى حساباته واقعية، لا يقلق حتى يخطئ بالحسابات، وللصديق كي لا يتوتر، نحن أقوياء ومرتاحون، وإذا أردنا أن نقيس وضعنا من الآن حتى قبل خمس سنوات، نحن في أفضل وضع من خمس سنوات إلى الآن على كل صعيد محلي وإقليمي، نحن لسنا مضغوطين ولا محشورين، بل بالعكس وبعد قليل سوف أتكلم عن ذلك بالتقييم، لذلك هذا الكلام فليوضع جانباً.
وبالعودة إلى أسسنا ومنطلقاتنا ومبادئنا، نحن نصر ونقول: نحن حريصون على الاستقرار في لبنان، على الأمن في لبنان، على السلم الأهلي في لبنان، على الهدوء والطمأنينة في لبنان. بكل وضوح كل هذا الذي يحصل ولتضعوا فوقه كل الذي تريدون أن تضعوه.
نحن حتى حين نعاود الكلام عن سبعة ايار في ذلك الوقت تكلمنا لماذا حصل سبعة ايار، ليس لدينا سبعة أيار، ولسنا بصدد التحضير لشيء، وليس هناك قمصان سوداء، ولا أحد متوتر، وليس هناك من هو مضغوط ولا شيء من هذا القبيل.
البعض قد يقول بالسياسة يا سيد هذا خطأ يجب أن تبقي الخصم قلقاً وكذا... لا، في الموضوع الوطني هناك اعتبار أعلى، اعتبار وطني وأخلاقي وأمني.
لذلك يجب أن يعلم كل اللبنانيين وكل المقيمين في لبنان، يجب أن يعلموا، كل الذين يرغبون بزيارة لبنان يعرفون أنه ليس هناك مشكلة أمنية في البلد، والبلد ليس على حافة حرب أهلية ولا قتال ولا خطوط تماس ولا صدام ولا كل هذا، بل كل ذلك من باب التهويل وليس له أي أساس من الصحة، بالحد الأدنى من جهتنا، نحن ليس لدينا أي نوايا على الإطلاق.
في أصعب الظروف أنا قلت يجب أن نحيّد بلدنا، هذه المنطقة كلها فيها مشاكل، والبعض ما زال ينتقد عندما قلت إنه إذا أردنا أن نتقاتل ونحن ننصر فئة في سوريا وأنتم تنصرون فئة فلنذهب من أجل أن نتقاتل في سوريا، على كل حال هناك قتال في سوريا، نحن نحب أن يتوقف القتال في سوريا وسعداء بوقف إطلاق النار وسعداء بالهدنة وإن شاء الله الهدنة تستمر وتذهب الأمور إلى الحل السياسي وهذا الذي لا تريده تركيا والسعودية وبعض الدول وإسرائيل وفي مكان ما أيضاً الأمريكان.
لكن وبكل الأحوال، قلنا منذ البداية يجب أن نحيد بلدنا، ولكي يبقى خلافنا سياسياً بالبلد، وأنا أقول لكم: رغم كل ما يجري بيننا وبين السعودية أو ما تقوم به السعودية، هذا البلد (لبنان) يجب أن يبقى محيّداً عن أي صراع ميداني داخلي، قتال، حرب، اشتباكات، مواجهة، أو حتى نزول إلى الشارع، وهذا ما سوف أتكلم عنه في البند الثاني، حتى النزول إلى الشارع بهذا الشكل وحتى بالشكل السلمي يجب أن نتجنبه ما أمكن.
هذه النقطة أتمنى أن نكون واضحين جداً فيها، ونحن لم يتكلم منّا أحد ابتداءً عن قلب الطاولة، بل هناك أحد ما هو الذي خرج وقال إنه يريد أن يقلب الطاولة على حزب الله، حسنا فليقلبها، وماذا تنتظر؟ الذي يستطيع أن يقلب الطاولة على حزب الله في لبنان فليتوكل على الله ويقلب الطاولة. نحن أخي لا نريد أن قلب الطاولة على أحد، نحن نريد أن تبقى هذه الطاولة موجودة ونحن جميعاً نجلس حولها وعليها ونتكلم مع بعضنا البعض ونتواصل مع بعض ونتخاصم ويمكن نهجم على بعض بالسياسة والإعلام ولكن تبقى الطاولة ونبقى كلنا حول الطاولة، نحن لا نريد أن نقلب الطاولة، لكن من يريد أن يقلب الطاولة فليتفضل لنرى. أنا أقول للجميع، خصوصا جمهورنا وأصدقاءنا وأحباءنا لا تصغوا لكل هذا الصراخ والتهويل والوعيد، هذا تعوّدنا عليه.
من 2005، ما الذي تغير؟ الخطاب هو الخطاب والتهديد هو التهديد والتهويل و"تربيح الجميل" والاتهام و و و و و ، ولو نسترجع كل الذي حُكي منذ أسبوعين فترون أنه نسخة عن الكلام في ال 2005 وسوف لا نفتح ملفات ما قبل ال 2005، فأنا أعتقد أنه لا جديد في هذا الموضوع حتى يدعو إلى القلق والخوف، وبالحد الأدنى أنا لا أقدر أن أطمئن بالنيابة عن الأطراف الأخرى المخاصمة لنا، ولكن أقدر أن أقول عنا، وأعرف أيضاً حلفاؤنا كلهم بهذا المناخ بكل تأكيد، لكن عادةً السهام ترمى علينا، والتهم تُرمى إلينا، أنا معني بهذه النقطة أن أكون حاسماً فيها، لذلك أقول بموضوع الحكومة مثلاً، سمعنا بالأيام التي مضت عن استقالة الحكومة وهناك أناس سيستقيلونن، نحن نرى أن بقاء الحكومة مصلحة وطنية، لا ننوي الاستقالة من الحكومة، لكن "ما حدا يربّحنا جميل"، إنه نعم مكمّلين بالحكومة، فالبقاء بالحكومة مسؤولية وطنية، بقاء الحكومة مصلحة وطنية وهذه الحكومة هي حكومتكم ونحن نشارككم فيها بحصّة متواضعة، وهذه حكومتكم وليست حكومتنا نحن . لكن تصوروا أو من كان يتصور أن هذه الحكومة قامت على أنقاض الحكومة السابقة أن يقوم شخص ويقول إن هذه حكومة حزب الله ، هذا يؤكد الوهم والوهن الضعف والإرباك عند من يتحدثون بهذه اللغة.
أيضاً بالنسبة للحوار، نحن مع الحوار الثنائي مع تيار المستقبل والحوار الوطني الجامع في مجلس النواب. طبعاً نحن نرى مصلحة، مصلحة وطنية، ليس مصلحة حزبية في استمرار الحوار، ولكن الذي يحب أن يترك الحوار فهذا شأنه، ونحن لا نفرض الحوار على أحد، أيضاً لا يمكن لأحد أن يمنّ علينا أنه أنا جالس أتحاور معكم، يعني نحن لا نمن على أحد ولا نقبل أن يمن أحد علينا. نقول هذا الحوار فيه مصلحة، والذي يحب أن يكمل في هذا الحوار فنحن "مكملين"، والذي يحب أن يترك، ماذا يمكننا أن نفعل له؟
نحن نقول هذا الأمر مناسب بمعزل عن نتائجه المتواضعة، وأحياناً قد تكون المصلحة هي بنفس الحوار، بمعزل عن نتائجه، بنفس اللقاء بمعزل عن نتائج اللقاء .
بكل الأحوال، أنا في هذه النقطة أحب أن ألفت إلى شيء، أنه هناك خشية جدية، لا أريد أن أتهم بوضوح ولا التكلم بشكل قاطع، أريد أن أتكلم عن خشية أنههناك قوى سياسية بلبنان هي لا تريد انتخابات بلدية في الموعد المحدد. حاول البعض القول إننا نحن نريد التمديد للمجالس البلدية باعتبار أن شبابنا مشغولون في سوريا، حاولوا تلبيسنا هذا الثوب وتحميلنا المسؤولية، قلنا لا، نحن نريد الانتخابات، لم يعد هناك حجة. هناك احتمال أن يكون أحد ما في لبنان عنده مشكلة بإجراء الانتخابات البلدية لأسباب شعبية، لأسباب مالية، ولأسباب تنظيمية ولأسباب تحالفية، أياً كان، ويريد أن يتوتر الوضع الأمني، حتى إذا اقتربنا من هذا الاستحقاق يقول إن الأوضاع الأمنية في لبنان غير مساعدة لإجراء انتخابات بلدية، فنذهب إلى حلول أخرى والتفتيش على فتوى دستورية، أما أن تكمل المجالس الحالية أو أن تصبح الدولة هي التي تدير البلديات، القائمقاميات والمحافظات..
أنا أريد أن أحذّر من هذا الأمر وألفت اللبنانيين أن ينتبهوا لهذا الأمر، هذا بالعنوان الاول بالسياق العام ، الناس تطمئن، ترتاح "ما فيه شي، فيه خطابات وكلام بسقف عالي" ونحن منذ العام 2005 "عايشين بالبلد هيك: لكن أنا أحب أن أؤكد من جهتنا أن تكون الناس مرتاحة..
العنوان الثاني: هو الـ "أم بي سي" وردود الأفعال. عندما تلجأ بعض وسائل الإعلام في معركتها مع خصمها أو مع عدوّها، أيّا يكن، إلى هذا المستوى المتدني الهزيل، مسخرة وضحك (وطق حنك)، نحن كيف نقرأه؟ وأنا أدعو جمهورنا وأهلنا أن يقرأوه. هذا "عن جد" دليل ضعف، دليل العجز. حسناً، نحن في معركة سياسية إعلامية شعبية، صحيح نحن في سوريا نتقاتل ونحن في معركة عسكرية، نحن موقفنا باليمن واضح، وبالبحرين واضح، وموقفنا بالعراق واضح، وموقفنا بالمنطقة واضح، "طيب إنت فيك تأتي وتخوض معركة سياسية وإعلامية معنا بوسائل مفيدة تخدم معركتك معنا"، لكن لما يصل الأمر لهذا المستوى، هذا دليل أن الطرف الآخر عنده عجز وعنده فشل وعنده وهم وعنده ضعف شديد. حسناً، ماذا يفعل مقابل هؤلاء الذين اسمهم حزب الله ورموزهم وشخصياتهم وقياداتهم؟ ماذا يعمل غير هذه الأمور التافهة، حسناً نحن نتكلم منطق، ناقشنا بمنطقنا، ونعرض حقائق، قل إن هذه الحقائق كذب، نحن الآن بزمن صار يمكن توضيح الحقائق وإبرازها وتقديم مستندات بالنسبة لها، إعمل نقاشاً حقيقياً، "ما فيه مشكلة" لكن هذا المستوى نحن نعتبره هزيلاً ولا يستحق التعليق ولا يستحق الرد ويعبّر عن ضعف الطرف الآخر والعجز في خياراته.
حسناً، لما يأتي الناس ويتأثروا ويتفاعلوا، أولا هذا التحرك الذي صار بالشارع، أقول أيضاً لبعض الجهات التي هي مصرة على اتهام حزب الله: حزب الله لا علاقة له بهذا التحرك، التنظيم، القيادات، الجهات المسؤولة، بُنية الحزب وبكل صدق أنا واحد من الناس، المسؤول بحزب الله، أنا عرفت بعد بدء الاحداث وحتى يمكن بساعة أو ساعتين، كان عندي جلسة " وما حبوا يزعجوني أو تأخروا لقالوا لي" لأن كانت بالبدايات..
هذا رد فعل عفوي شبابي من مجموعة ناس اعتبروا أن هناك إهانة وهم معنيون بالرد بهذه الطريقة، أنا ليس عندي نقاش بالخلفية، يعني بالأعم الأغلب هؤلاء الناس الذين نزلوا على الشارع محبون وصادقون، ولكن هل ممكن أن يكون هناك اختراقات؟ نعم يكون، ولأن هذا البلد كله يكون فيه اختراقات، ويجب علينا أن نتنبه له، سوف نتكلم عنه بعد قليل، لكن بالأعم الأغلب، الخلفية خلفية محبة، وأنا أشكر محبة هؤلاء، لكن فلنناقش ردود الفعل هذه من أجل الوضع لاحقاً، والآن الذي صار صار، لنرى كيف نعالجه ولنستفيد منه للأمام.
أولاً هذا الاسلوب بشكل عام هو غير صحيح وغير مناسب، لما ينزل أي شباب ويقطع الطرقات على من؟ طبعا أنا رأيت هؤلاء الشباب يُنتقدون والبعض قالوا: أما نحن ـ يعني تلفزيون المستقبل ـ قالوا هم يحتكمون إلى المؤسسات والناس تحتكم الى الشارع.. يعني من كم يوم من الذي كان في الشارع وقبلها وقبلها وقبلها؟ على كل أنا أقول هذا الأسلوب خطأ، لما نقطع الطرقات على من نقطعها؟ على "أم بي سي" يعني أو على المموّل السعودي للـ "أم بي سي"؟ لا، أنت تقطع الطرقات على ناسك وأهلك وشعبك بمختلف المناطق، وبالنهاية أنت تلحق أذى بالسيارات وبالناس العائدين إلى بيوتهم وتسبب قلقاً في الأحياء والمناطق، وخصوصا بالمناخ الموجود البلد فيه الآن.
يا إخوان بدنا نعمل ردود فعل وتكون مدروسة ومحسوبة ومفيدة ولكن ليس على قاعدة "مش واحد يطلق النار على نفسه"، أحياناً يشعر الإنسان أن بعض الردات العفوية تبين أننا نطلق النار على أنفسنا، لا على عدوّنا، يعني اذا الأمر احتاج الى رصاص، يعني هذا مثال يُطلق على كل حال ..
أنا أقول لكم: لا حاجة للنزول إلى الشارع وأطلب منكم ألّا تنزلوا، وأرغب اليكم ألّا تنزلوا، وأنهاكم أن تنزلوا "يعني بعد منتدرج"؟ وأقول لكم مهما حدث، برامج، اسكتشات وما شاهدتم بالإعلام، وأينما سمعتم كلاماً، أينما كان ليكُن، يستهدفني ويستهدف حزب الله أو أي أحد ممّن يمّت إلينا بصلة، يجب أن نبحث عن ردود فعل حضارية لائقة مناسبة مجدية تخدم أهدافنا ولا تخدم أهداف العدو ولا تخدم أهداف الخصوم.
مثلاً بكل صراحة أقول لكم إسرائيل تريد فتنة بين اللبنانيين وبين الشيعة والسنة، وجهات أخرى في المنطقة تريد هذه الفتنة، السعودية تريد هذه الفتنة، السعودية أصلا مشروعها ليس الفتنة في لبنان فقط بل أينما يوجد سنة وشيعة بالعالم. السعودية تعمل ليكون هناك فتنة بينهم في سورية والعراق وفي إيران وأفغانستان وباكستان وفي اليمن والبحرين ودول الخليج ونيجيريا وأندونيسيا، "شو بدّي عدّ لكم"، لدينا شواهد على هذا الأمر.
طيب، أنا أقوم واخدم من يريد افتعال فتنة برد فعلي؟ لا لا هذا خطأ.
الآن ممكن أن يقول البعض إن السيد أو الحزب لا يطلبون منا، لا يريدون منا لأنهم محرجون، قوموا نحن نبادر، أنا رأيت شيئاً كهذا على بعض مواقع التواصل الاجتماعي.
يوم استشهاد سماحة الشيخ نمر النمر رحمه الله حصل سجال على مواقع التواصل، أنا شاهدته، بين شباب وفتيات من جمهورنا، هناك ناس طرحوا نظرية أن نذهب ونتظاهر أمام السفارة السعودية في بيروت، وهكذا موضوع لا يحتاج لإذن من حزب الله ولا قيادة حزب الله. "لا حبيباتي"، هذا يحتاج لإذن، لنحسم هذا النقاش بينكم.
البلد بلد حساس، أي تحرك يمكن أن تكون له تداعيات وانعكاسات، ولذلك يومها، شاهدتمـ حدث إجراء أن العالم لا تنزل، لأننا نحن اعتبرنا أن نزول تظاهرة كبيرة جداً ولو وجّهنا الناس أن تنزل لكانت تظاهرة ضخمة جداً في مواجهة السفارة السعودية في بيروت، الناس لدينا في حالة احتقان شديد وغضب شديد، طبيعة المنطقة ومحيط المنطقة تأخذنا لفتنة مذهبية، نحن نعتقد أن النظام السعودي قتل الشيخ نمر النمر حتى يسبّب فتنة بين الشيعة والسنة. الذهاب بمظاهرة إلى السفارة السعودية في بيروت وأن تسير بكل الناس إلى هناك قد يؤدي إلى فتنة سنية شيعية، وهذا يخدم هدف قتلة الشيخ نمر النمر.
إذاً كل واحد يمكن أن يكون لديه تشخيصه، لكن لا شباب، أنا أحب أن أقول لكل الشباب والصبايا: من يعتبر أن لديه نوعاً من العلاقة العاطفية أو العلاقة الإيمانية أو المصلحة العامة الوطنية، الذين يحترموننا، أنا أقول لهم: من غير المقبول الاجتهاد، لا لا نحن لسنا محرجين بشيء. أنا الليلة ألتزم معهم، إذا جاء يوم وكنا نحن نريد "عن جدّ" أن تنزل الناس إلى الشارع، ستجدونني على التلفاز أو نخرج ببيان رسمي على المنار أو ما شاكل أقول لكم يا شباب يا صبايا يا ناسنا تفضلوا نحن نريد النزول إلى الشارع، لكن طالما لم نقل إننا نريد النزول إلى الشارع، "يعني ما فيه مصلحة، أكيد ما فيه مصلحة"
هذا الأمر ليس مجالا للاجتهاد "مش مجال للاجتهاد" أبداً.
هذا أولاً.
ثانياً: هذا الأمر يجب أن يعالج. سأصل لإشكالية ما قيل. هذا الأمر يجب أن يُعالج. هنا أنا أوجّه خطابي لكل مسؤولي حزب الله، خصوصاً بالمناطق والقطاعات والشعب، الوحدات المعنية: من الآن فصاعداً، نتيجة حساسية البلد، عادةً نحن كيف نتعاطى؟ ناس نزلوا ماشي الحال، يغادروا ما بيأثر. الآن الوضع حساس لذلك هناك أمران مطلوبان من الإخوة المسؤولين، الآن عليهم أن يبادروا إلى الاتصال من الآن بالشباب الذين نزلوا، بكل حي، بكل شعبة، بكل منطقة يعرفون من نزل، بالنهاية الناس تعرف بعضها، ربما هؤلاء الشباب بعضهم هذه الليلة لم يكن يسمع حديثي، يا أخي اجلسوا معهم، اجمعوهم واشرحوا لهم ما أقوله الآن، وقولوا لهم أكيد "ما فيه مصلحة" ونحن ننهاهم عن هذا ولا نرضى بذلك ونرفض ذلك والمصلحة الكبرى تعني أن لا نقوم بردود فعل في الشارع.
لا يعني ذلك أننا ندعو للصمت، لا، نبحث على ردود فعل أخرى، لكن هذه الحركة في الشارع اشرحوها للشباب وقولوا لهم: علينا أن ننضبط ونلتزم. والأمر الثاني إذا شوهد بالمناطق بداية أي حركة على حادث من هذا النوع أو ما أشبه، أنا أطلب من الإخوة المسؤولين المبادرة وسريعاً، وليس بعد نصف ساعة وساعة وساعتين لنلمّ الموضوع، لا، مباشرة ومن الدقائق الأولى عندما تعلمون أن هناك حراكاً من هذا النوع في الشارع بأي منطقة من المناطق اللبنانية نحن لدينا تواجد فيها، يجب المبادرة سريعا لمعالجة هذا الأمر.
طبعاً من اللازم التنسيق مع الإخوة المسؤولين في حركة أمل، لأن هذا هو ذات توجه قيادة حركة أمل، ومع بقية الحلفاء للتعاون وطبعاً مع الدولة والجيش ومع الأجهزة الأمنية، لكن نحن علينا أن لا نصل بالأمر لأن ينزل الجيش والقوى الأمنية، تنزل وتقام حواجز وتحدث مشادات بين الشباب وبين الجيش والأجهزة الأمنية. لا، هذا خطأ، من الدقائق الأولى نحن علينا أن ننزل بكل أدب وبكل أخلاق وبما يحفظ لأن هؤلاء بالنهاية شباب وناس طيبين ومخلصين ومحبين لكن لديهم اشتباه بتشخيص الموقف علينا أن نعالجه.
في موضوع الشعارات، سواء ما قيل في هذا النزول الذي حدث أو بشكل عام الذي قد يحصل أحياناً في بعض الأحداث أو على بعض مواقع التواصل الاجتماعي التي سأعقّب عليها بعد قليل.
أولاً: طبعاً نُقِل، وهذا كان صحيحاً أنه في بعض أماكن التظاهر حدثت إساءات لبعض الرموز الإسلامية الكبيرة، وهذا الأمر ليس خطأً فقط، هذا خطيئة. فتوى سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي دام ظله الشريف وفتاوى مراجعنا الكبار والعظام في هذا الشأن واضحة جداً وهم يحرّمون مثل هذا الذي حصل، هذا السباب وهذا الشتم وهذه الإهانة وهذا التعرض بالأذية لهذه الرموز، الفتوى واضحة. إذا كان أحد مهتماً بالدين والحكم الشرعي يجب أن يعرف هذا بشكل قاطع وواضح. إضافة إلى ذلك ممكن أن يقول لك أحد الآن موضوع الشرع يهمني أو لا يهمني، حسناً، يجب أن يهمك، لكن أيضا من جهة أخرى أنت ماذا تفعل؟ انت تسيء إلى من تنتمي إليهم، تسيء إلى هذا الجمهور، إلى هؤلاء الذين تتظاهر، معهم تسيء إلى دينك، تسيء إلى شعبك، إلى المسلمين، إلى مقدسات المسلمين بهذه الطريقة. نحن ماذا نفعل؟ نحن نخدم إسرائيل التي تريد الفتنة. كما قلنا قبل قليل، أعود وأقول: السعودية تريد فتنة، وأهم مادة تقدّم للسعودية وأمثال السعودية حتى تعمل على الفتنة بين الشيعة والسنة هي هذه المادة.
لذلك هذا الأمر الذي حصل مسيء جداً ومشين وحرام من الأفراد الذين ارتكبوا هذه الخطئية، حتى لا نتهم كل الذين نزلوا إلى الشارع، لأنهم ليس الجميع من أخطأوا ولم يسئ كلّهم، لكن هناك شباب، الآن ما السبب والحيثية والخلفية هذا طبعا يحتاج إلى تدقيق، لكن في المقبل من الأيام يجب أن أعيد وأقول لهم هذا حرام وهذا ممنوع وهذا غير جائز وهذا يؤذي المقاومة ويؤذي جمهور المقاومة ويؤذي جبهة الحق ويؤذي وحدة المسلمين ويؤذي صوابية المعركة ويخدم أعداءنا على كل صعيد، يخدم أعداءنا، ويجب حتى عندما يكون هناك موقف معين واعتصام معين في مكان معين إذا أراد شخص أن يرتكب خطأ من هذا النوع يجب على الموجودين معه أن يمنعوه وأن ينهوه وأن ينهروه وأن لا يتسامحوا في شأن من هذا القبيل على الإطلاق، لأن هذا أخطر باب للفتنة اليوم مفتوح بالعالم الإسلامي، هذا أخطر باب للفتنة، ويعمل عليه جهات موجودة عند الشيعة وموجودة عند السنة وفضائيات موجودة عند السنة وفضائيات موجودة عند الشيعة وتموّلها أمريكا وتموّلها بريطانيا وتموّلها السعودية، ومعروفة هذه الفضائيات، لا يجوز لشباب يعتبرون أنفسهم أنهم يدافعون عن الحق وينصرون الحق أن يرتكبوا خطيئة بهذا الحجم.
حُكي ويوجد تقارير موجودة بالصحافة اللبنانية والعربية عن فريق في إسرائيل تابع للموساد الاسرائيلي أو الجيش الاسراىيلي، "شغلته وعملته" مواقع التواصل الاجتماعي، شباب وصبابا يتكلمون العربية والانكليزية، ويعملون في المواقع، ويظهر لديك علي وعمر وحسن وخالد وزينب وعائشة، ويبدأ كل منهم يكتبون ما يثير الفتنة، ساعتها يتأثر الناس هنا وهناك، و"يا غيرة الدين" هنا وهناك، وعندما تندلع شرارة الفتنة، يجلس الفريق الاسرائيلي سعيداً انه قام بوظيفته وأنجز المطلوب منه.
نحن يجب أن نكون منتبهين في الشارع ووسائل الإعلام والمجالس العامة ومواقع التواصل الاجتماعي، ويجب أن لا يستهين أحد بهذا الفضاء المجازي، شيء خطير جداً، يعني هذا الفضاء هو فرصة عظيمة جداً وتهديد عظيم جداً. حتى الدول التي أنشأت هذا الفضاء المجازي وتستفيد منه، هي تعترف أنه تحول إلى تهديد لها، لأمنها أو لحكومتها أو لاقتصادها أو ما شاكل، يجب أن نتعاطى بمسؤولية عالية جداً في هذا الموضوع، وبالتالي أخلاقنا، ديننا، التزامنا، دماء شهدائنا، نبينا، أنبياؤنا، أئمتنا، مراجعنا، فقهاؤنا، كلهم يقولون لنا لا تكونوا سبابين، قرءاننا يقول لنا لا تكونوا سبابين، المضمون موجود في الآيات القرآنية الكريمة، نحن حتى بهذا الصراع الموجود الآن ليس صحيحاً أن يخرج أحد ليقول مثلاً ـ نحن لا نخاف أحداً ومستمرون في مسيرتنا ـ لكن ليس من أدبنا ولا أخلاقنا أن نخرج لنقول إن فلان الملك أو فلان الأمير أو فلان الزعيم نسبّه أو نهينه أو نتعرض له على المستوى الشخصي، هذا لا يخدم معركة، أصلاً هذه ليست أخلاقنا وهذا ليس ديننا ولا هذا هو التزامنا.
نحن معنيون أن نقول حقائق، ونتكلم عن أفعالهم وننتقد أعمالهم ونكشف مؤامراتهم ونحكي عن جرائمهم، هذا كافٍ، لكن لا أذهب إلى التشنيع الشخصي وإلى المواجهة الشخصية وإلى الاستهداف الشخصي، فضلاً عن لغة الشتم والسب التي لا تؤدي إلى مكان، لا تخدم هدفاً ولا هي منسجمة مع منطق.
هذا الموضوع ان شاء الله يفترض أن يكون هناك جهد عليه، يعني لا يكتفى بأنه الليلة أنا اتكلم على التلفزيون به، يعني هذه شفافية للآخر، وهذا خطاب للجميع، ويجب على إخواننا العلماء، النخب، المسؤولين المؤسسات، يجب علينا كلنا أن نتعاون لتحصين ساحتنا وتحصين أمتنا، انا لا اتكلم فقط على المستوى اللبناني، أنا اتكلم على مستوى كل الامة، التي تواجه خطراً من هذا النوع وتهديداً من هذا النوع.
العنوان الثالث: هو المشكلة الأخيرة، هذه التطورات الأخيرة التي حصلت بموضوع السعودية.
حسنا المعروف أنه قبل مدة، بتاريخ 29-12-2013 أُعلن من قصر بعبدا أن المملكة السعودية ستقدم هبة للجيش اللبناني ب 3 مليارات دولارات، وطبعا خُتمت بعاشت المملكة العربية السعودية، وأيضا قبل سنة أو أكثر من سنة بقليل جرى الحديث عن هبة المليار دولار للجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية، ب 19 ـ 2 ـ 2016 أعلنت المملكة عن توقيف الهبات.
طبعاً، هنا يوجد نقاش، والمعطيات يمكن أن تساعد كثيراً في الموضوع، وكل المعلومات الموجودة لدينا ولدى المسؤوليين اللبنانيين أنه بمعزل عن أن المملكة تمر بوضع مالي صعب أو لا، ولكن الجميع يعرف أنه منذ وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز هذه الهبات توقفت، تجمدت. ليس الآن وليس بسبب موقفنا، وليس لأنه نتيجة حرب اليمن، خرجت أنا وتكلمت ووضحت وشرحت وهاجمت. كلا، منذ وفاة الملك عبد الله، هذا الموضوع جمّد، منذ أن عُزل رئيس الديوان الملكي ووُضع في الإقامة الجبرية واسمه "التويجري" وأنا لا أعرف أين أصبح الآن. منذ ذلك الحين الموضوع انتهى.
كل اللبنانيين يعرفون ذلك، السعوديون يعرفون ذلك، الآن أنه يوجد مشكلة مع حزب الله، ونريد أن نفتعل مشكلة في لبنان، أعود إليه بعد قليل، حسناً، دعونا نختار هذا التوقيت للإعلان عن وقف الهبة ونحمّل حزب الله المسؤولية، ونقول: أيها اللبنانيون، بسبب موقف حزب الله وصوت حزب الله العالي وتهجّمه على المملكة وعلى "مدري شو مدري شو مدري شو" هذه الأربع مليارات أو ثلاث مليارت ونصف ـ ولا أعرف كم هو المبلغ الذي دفع من المليار الرابع ـ هذه الاموال "راحت عليكم"، والذي يتحمل المسؤولية هو حزب الله، يعني نحن نُحمّل مسؤولية الثلاث مليارات ونصف أو ما يقارب الأربع مليارات، أصلا هذه الاموال موقوفة من سنة، وانتهت من سنة، وقيل وقتها في هذا الموضوع أن عودوا إلى ورثة الملك عبد الله، دعوهم يدفعون هذا المال، والمملكة لم ترضَ أن تدفع هذا المال وقتها، فليتفضل رئيس الحكومة والوزراء عندما كانوا بوفد والتقوا مع الملك سلمان وتكلموا، وسأل رئيس الوزراء الملك سلمان عن ال 3 مليار، هل قال له في وقتها، نعم نحن مستمرون بدفعها؟
بمعزل عن هل تمتلك السعودية الأموال أو هل تريد أن تدفع أو لا أو ليس باستطاعتها أن تدفع وتبحث عن حجة، فلنترك هذا جانباً. أنا أدّعي أنه منذ وفاة الملك عبد الله هذا المشروع انتهى بالكامل، وعلى كل حال أنتمنى ممّن لديه معلومات أن يؤكدوا هذه الحقيقة ويكونوا صادقين بذكر هذا الموضوع عن كل المعطيات تؤيد هذه الفكرة .
الآن ما الذي استجد؟ أن المملكة في لحظة من اللحظات اتخذت إجراءً وهددت وقامت بمجموعة إجراءات وقيل إنها هددت بإجراءات جديدة.
يعني الإجراء الأول وقف الهبات والمساعدات، الإجراء الثاني، الطلب من رعاياها عدم السفر الى لبنان، والطلب من رعاياها الموجودين في لبنان مغادرة لبنان، إلى الآن هذا حصل، ولاحقاً قيل في وسائل الاعلام إنه هم فعلاً هددوا لم يهددوا، أنا لا اعرف، لكن عندنا في لبنان على كل حال يوجد قوى سياسية ويوجد شخصيات هي تتبرع، تتكلم عن مخاوف وتقدم اقتراحات، أنه من الجيد أن تقوموا بكذا وكذا وكذا. مثلا سمعنا أنه انتشرت إشاعة بوقف الرحلات السعودية إلى لبنان، ولاحقاً تبين لنا أنه ليس لهذه الإشاعة من أساس، السفارة السعودية نفت الموضوع، أنهم يريدون أن يسحبوا الودائع من المصرف المركزي أو البنوك اللبنانية، أنهم يريدون أن يطلبوا من السعوديين أن يسحبوا ودائعهم من البنوك اللبنانية، أنهم يريدون ان يقطعوا العلاقات الدبلوماسية، او يريدون ان يخفضوا مستوى العلاقات الدبلوماسية، هذا كله قيل، إلى أن قيل إنهم يريدون أن يطردوا اللبنانيين من السعودية ومن الخليج كلياً. طبعا هم لم يقولوا هذا الشيء، ولكن في لبنان جماعتهم يتكلمون بهذا الموضوع، أنه هذا سيحصل أو يجب أن يحصل أو ما شاكل.
بعض الإعلام السعودي طبعاً يهدد بهذه اللغة، وطبعاً هذا إعلام موجه، ونحن نعرف أنه في السعودية لا يوجد إعلام على الطريقة اللبنانية، ولكن لا يوجد جهة رسمية حتى الآن أعلنت أو هددت بأنها تريد أن تطرد اللبنانيين أو الموجودين في السعودية أو في دول الخليج، ويظهر أن الامور مستمرة، يعني يظهر أن المناخ العام هو مناخ تصعيدي. الآن طبعاً، أنا أعتقد أنه يوجد أناس في لبنان، حتى من جماعة 14 آذار، يمكن أن يكونوا اقترحوا أو لا أعرف إذا أحد منهم تكلم بالإعلام، ولكن أنا عرفت انه في بعض المجالس تكلموا ويأملون بعاصفة حزم لبنانية، على أساس أن عاصفة الحزم اليمنية في اليمن، حققت أهدافها وألحقت الهزيمة النكراء وحققت إنجازاً تاريخياً وانتصاراً مبيناً وعظيماً، فهم يأملون بعاصفة حزم باتجاه لبنان، على كل حال هذه أمانيهم. جيد، هذا الذي حصل، "انعمل" على أساسه معركة سياسية بدأت في لبنان، الآن هناك شيء له علاقة بالسعودي أعود إليه بعد قليل، انفتح عنوان للمعركة اسمه عروبة لبنان، الهوية العربية، الانتماء العربي، الإجماع العربي، القضايا العربية، جيد، هل حقيقة هذا كان السبب، يعني قبل 6 أشهر مثلاً كان لبنان عربيا، والآن لم يعد كذلك!! ما الذي تغير؟ يعني في هذه الأشهر الستة أو السنة أو السنتين!! الآن شعرتم بالتهديد للهوية العربية والعنوان العربي عروبة لبنان، هذا الموضوع سأتكلم عنه لاحقاً لأن الوقت ضاق وأريد أن أصل إلى جوهر المسألة، ولكن أحب أن أقول عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، يعني نحن في هذين الاسبوعين يوجد أناس وشخصيات وأحزاب وكتّاب سمعنا منهم كلاماً عن العروبة، والهوية العربية، والإنتماء العربي، لم نكن نحلم أو نتوقع أن يأتي يوم وأن يتكلم هؤلاء بهذه اللغة. ممتاز، هذا من الفوائد، لماذا يجب علينا دوماً أن ننظر إلى السلبيات؟
من إيجابيات الهبّة الوطنية اللبنانية لتثبيت الهوية العربية للبنان، وتأكيد الانتماء العروبي للبنان أننا سمعنا هذه الأصوات، وهذه التصريحات، وإن شاء الله يسجل ذلك في التاريخ، لكن ليست هذه هي القصة.
2ـ إنهم الأن إكتشفوا أن حزب الله يسيطر على قرار الدولة اللبنانية، ما هذه النكتة؟ كل اللبنانيين يعلمون أن هذه ليست الحقيقة، ويعلمون أنه يوجد أحزاب في لبنان ـ إذا اردنا أن نحتسب القياسات بالحجم، والكم، والتأثير المحلي، والداخلي، والاقليمي ـ تأثيرها في قرار الحكومة أكبر من تأثيرنا.
أيضاّ هذا الكلام غير صحيح، ليست هذه هي القصة. ليست قصة أنه تبين أن حزب الله يسيطر على قرار الدولة في لبنان، وقرار المؤسسات في لبنان.
3ـ وزير الخارجية اللبناني "مظلوم"، قصة ما جرى في الجامعة العربية "المسكين" ـ لا يؤاخذني الاستاذ جبران "معالي الوزير" ـ في إجتماع الجامعة العربية، وإجتماع آخر، وفي ثلاثة أو أربعة مؤتمرات، ومقابلات، و"طلع الشعر ع لسانو" وهو يدين ما تعرضت له السفارة السعودية في طهرن.
القصة ليست قصة أن لبنان صوّت في الجامعة العربية أو لم يصوت، الموضوع في مكان آخر والذي سوف اتحدث به بصراحة.
ولذلك قصة وزارة الخارجية أغلبه توظيف داخلي لبناني، بإتجاه الوزير جبران باسيل أو باتجاه العماد عون أو باتجاه التيار الوطني الحر، ويوجد ضغط على حليفنا، وعلى حلفائنا، من أجل أن تبتعد الناس أجمعها، انا اقول لهم من الأن: "كلكم ابعدوا" لا يوجد مشكلة.
في هذه المعركة، حزب الله قادر، ولائق، وجدير، ويملك كفاءة، أن يواجه فيها وحده، نحن لا نطلب من أي حليف أن يحرج نفسه بكلمة ولا بموقف، أبداً. وهذا ما فعلناه منذ سنة وقبلها، وأنا طالما قلت إننا عندما ذهبنا إلى سوريا لم نخبر حلفاءنا حتى لا نحرجهم، لأننا ذاهبون ذاهبون، وعندما بدأنا منذ سنة ببداية الأحداث اليمنية نخطب في موضوع اليمن والسعودية لم نخبر حلفاءنا، حتى لا نحرجهم ولم نطلب من حلفائنا، وانا اليوم أقول لا نطلب شيئاً، ونحن "قدّها وقدود". لا يوجد مشكلة، لا يخاف أحد علينا، ولا يقلق أحد علينا، ليس لدينا مشكلة بهذا الموضوع.
هذا الإستهداف أن اللبنانيين بالخليج، وغيره، وحلفاءنا بلبنان. هذا كله حجج.
المشكل من آخرها، المشكل معنا نحن، مع حزب الله. ربما بهذا المشكل أنا لديّ حصة خاصة فيه أو أتحمل مسؤولية خاصة فيه، ونحن نقبل تحمل هذه المسؤولية، نعم نحن نتحمل هذه المسؤولية ومعنيون أن نشرح هذا الموضوع للبنانيين، ونشرحه لشعوب المنطقة، ونشرحه للناس، وللرأي العام الاقليمي، والدولي، لأنه يوجد معركة موجودة، ونحن لسنا نادمين فيها، ولا خجلانين منها، ونحن محقّون فيها، والحق بيّن وواضح، ونحن نمشي خلف هذا الحق، حتى لو بقينا وحدنا ليس لدينا مشكلة على الإطلاق، ونحن لسنا وحدنا بالمناسبة.
هذه معركة، معركة كبرى موجودة اليوم بالمنطقة ستحدد مصير المنطقة، ومن جملته لبنان، وليس أن لا علاقة للبنان بالقصة، على أساس أن لبنان موجود في مكان آخر بالمحيط أو في كوكب آخر، ربما بهذا الكوكب الجديد الذي اكتشفوه بالمنظومة الشمسية.
على كل حال، المشكل معنا نحن، مع حزب الله. وكل الذي يحدث الآن أنه مطلوب من الحكومة اللبنانية، ومن القوى السياسية اللبنانية، ومن اللبنانيين المقيمين، والمغتربين، جميعهم أن يقاتلوا حزب الله، ويضغطوا على حزب الله، ويواجهوا حزب الله، ويهددوا حزب الله، حتى يتراجع حزب الله عن الأمر "الفلاني" الذي سأتحدث عنه بعد قليل. يعني عن موقفه، عن موقفه من المملكة العربية السعودية حتى لو كان هذا الأمر يؤدي إلى الفتنة في لبنان، إلى سقوط الحكومة في لبنان، إلى حرب أهلية في لبنان، السعودية غير مهتمة بهذا الأمر، لأنها بسوريا لم تهتم، وبالعراق لم تهتم، وباليمن لم تهتم، وبليبيا لم تهتم، وفي أي مكان آخر لن تهتم لأن ما يهمها هو مصالحها، ما يهمها هو عنفوانها، ما يهمها ربما المديح لها. أو أن تهتم لما يحصل بهذا البلد فهذا لا يعنيها.
طبعاً أنا لا اعتقد أن اللبنانيين الحريصين على بلدهم، وعلى بقية مؤسساتهم، وعلى سلمهم الأهلي، بأن يأخذوا لبنان إلى هذا المستوى.
نعم، هم يخرجون، ويصرحون، ويخطبون، مثلما فعلوا خلال هذين الاسبوعين، ومثلما يفعلون دوماً، وربما يفعلون أكثر من ذلك، لكن أنا اعتقد إننا نحن اللبنانيين، نتيجة تجربة الحرب الأهلية بلبنان، وكل المصائب التي مررنا بها بهذا البلد، وكل الذي نراه في المنطقة، حسن ظني بكل الأطراف، والقوى السياسية اللبنانية، حسن ظني أنا وإخواني أنه لن يستجاب للسعودية إلى هذا المستوى.
نعم الناس تريد أن تشتم، وتعلو أصواتها، وتصرخ، وتهجم، وهذا ليس مشكلة بالنسبة لنا، نحن معتادون عليه منذ عام 2005.
إذاً لماذا المشكلة؟ نعم السعودية غاضبة من حزب الله، لكن هذا الغضب ليس جديداً، وهذه الحرب علينا ليست جديدة ـ قلت إنني لن افتح ملفات قبل عام 2005 ـ من عام 2005 الى الأن السعودية، بإعلامها المباشر، وبكل الفضائيات التي تدعمها، والإعلام غير المباشر، صحف، ومجلات، وجرائد، وفضائيات بلبنان، وبالعالم، هي فاتحة حرب على حزب الله.
يخرج أناس ويقولون لك أنتم فتحتم المشكل مع السعودية، "على مهلك يا حبيبي".
السعودية منذ عام 2005 وهي فاتحة مشكل معنا ونحن صامتون. تشهير، تزوير، واتهامات، وإشاعات، وحرب نفسية، وعمل أمني، وعمل مخابراتي، وغيرها.
وخلال عشر سنوات، أحد عشر سنة، كل ما تقدر أن تقوم به السعودية بالحرب علينا في أكثر من مجال قامت به، بالسياسة، بالأمن، بالإعلام، بالتمويل، وكل شيء.
الأن لا أريد أن أفتح مجدداً موضوع حرب تموز عام 2006، أصلاً عبارة أن هذه الحرب مطلوب منها "سحق حزب الله" هي عبارة أحد الأمراء السعوديين. ضعوا هذا جانباً، ومع ذلك نحن كنا حريصين لأنه البلد لا يحتمل، وبيننا وبين الأطراف السياسية الأخرى الموجودة في البلد، ومصالح لبنان واللبنانيين الموجودين بالمملكة، والموجودين بالخليج، ورهاننا على أن يصبح هناك حوار بالمنطقة، وعلاقات جيدة، والحل السياسي.
ونحن كنا نعمل مع قوى إقليمية مثل سوريا، مثل ايران، قبل الأحداث في سوريا انه يجب أن يصير حوار سوري ـ سعودي، وإيراني ـ سعودي يجب أن تتعالج الأمور، لم نكن فاتحين حرب مع السعودية، رغم كل الذي كانت تقوم به السعودية معنا.
لم نفتح الملف الداخلي للسعودية، وجئنا قلنا الاحساء، والقطيف، والناس، وقطع الرؤوس، وغيره. هذا معروف، كنا نُتهم، كنا نُطالب، وكنا نقول أولويتنا يا إخوان المعركة مع اسرائيل.
عندما صار الدخول الى البحرين، وقامت الدبابات السعودية بسحق عظام البحرينين المتحركين بشكل سلمي، نحن انتقدنا الموقف، ولكن لم نفتح معركة لا سياسية ولا إعلامية مع السعودية، وبقينا نقول إنه المطلوب حوار في البحرين، والإيجابية مع السعودية تساعد أن توصل الى حوار مع البحرين.
بسوريا، حرب، فتحنا ونحن منذ 5 سنوات نخطب ونقول الحرب في سوريا هي لا تستهدف النظام وحده وإنما تستهدفنا جميعاً، بايدن سيدهم الأميركي هو يقول، إن السعودية وغير السعودية، وسمى السعودية من بينهم، أنفقت مليارات الدولارات وآلاف أطنان السلاح والذخيرة في سوريا في هذه المعركة، وإلى ما قبل سنة كنا نحن ما زلنا ساكتين على السعودية، رغم أن السعودية هي التي كانت تدير المعركة التي تطحن العظام وتجز القلوب والصدور وتذبح وتقتل وتمسح وتدمر في سوريا، وقبلها في العراق، من عام 2003 السيارات المفخخة في العراق، 2003، لحم الأطفال والنساء والعمال والمزارعين وطلاب المدارس والمصلين في المساجد على الحيطان، وهذا الفكر كان من السعودية والتمويل من السعودية والسيارات من السعودية والمتفجرات من السعودية. كنا ساكتين.
حتى السيارات المفخخة في لبنان، أنا ذكرت وعندي أرقام التلفونات، السيارات المفخخة التي كانت تأتي من القلمون على الهرمل وعلى النبي عثمان وعلى الضاحية الجنوبية وعلى بيروت كانت تدار من السعودية.
حسناً، لكن حقيقةً، لمّا حصل موضوع اليمن، لنحكي الأمور مثل ما هي يعني، موضوع اليمن والحرب المباشرة، كان بعده أنه يا أخي حسناً في سوريا قيل إن التمويل والتحريض والكذا، مع أنه واضح كعين الشمس، فقط أن هذه حرب غير مباشرة، في العراق حرب غير مباشرة، في لبنان حرب غير مباشرة، لا أدري أين حرب غير مباشرة، في اليمن حرب مباشرة، الجيش السعودي جهاراً نهاراً فتح حرب على الشعب اليمني، ومن سنة إلى اليوم ترتكب في اليمن وأمس ارتكبت مجزرة، حتى بان كيمون لم يستطع أن يسكت عليها، وطبعاً "سوف يُهزّء" سعودياً، لكن لم يستطع أن يسكت على هذا الموضوع، واليوم مظاهرات في صنعاء بسبب هذه المجزرة في نهم. يومياً هناك مجازر يرتكبها النظام السعودي في اليمن، مدارس، مستشفيات، مساجد وجامعات وأسواق وقرى ومدن، والعالم بأكمله ساكت.
الذي يريد أن يسكت هو حر أن يسكت، كل واحد يستطيع أن يُشخّص تكليفه ويبحث عن المصلحة، ولكن نحن في ذاك اليوم من بداية حرب اليمن، وصلنا إلى نقطة، أنا أحكي عن حالنا، عن حزب الله، هناك كثر ممكن أن يختلفوا معنا بوجهة النظر، كل واحد حر أن يكون له رأيه، لكن نحن إنسانياً، عاطفياً، أخلاقياً وجهادياً وعربياً وعروبياً وماذا تريدون؟ بكل الموازين، بكل الاعتبارات، حتى بالمصلحة الوطنية اللبنانية، بالمصلحة الوطنية اللبنانية لم يكن بمقدورنا أن نسكت عن الجرائم التي بدأتها السعودية في اليمن، ولذلك بدأنا نتكلم على المكشوف وبوضوح وبالعلن ومكملين وما زلنا مكملين وسنبقى مكملين.
من يستطيع أن يسكت على الذي يحدث في اليمن؟ ما هي الحجة؟ النفوذ الإيراني أو لا أعرف من عنده مشكلة مع الرئيس، هذا رئيس مستقيل، أنتم عاملين حرب داحس والغبراء في سوريا برئيس منتخب وأعيد إنتخابه. العالم، المؤسسات الدينية، الحركات الإسلامية، العلماء، الأحزاب، الدول، الحكومات، كلها شأنها، تحكي تتكلم هذا شأنها، لكن نحن لا نستطيع أن نسكت. لا بحسابات الدنيا صح أن نسكت ولا بحسابات الآخرة صح أن نسكت، هذا تشخيصنا.
حسناً، هنا وقع المشكل الكبير، المشكل الكبير أين؟ أن السعودية ملوك، أمراء، يحق لهم أن يهينوا كل العالم ويشتموا كل العالم ويشهروا بكل العالم، ويعملوا شائعات على كل العالم، ووسائل إعلامهم بمليارات الدولارات تفظّع بكل العالم، ويحق لهم أن يعملوا حروب ويذبحوا ويرتكبوا مجازر ويجلسوا تحت الطاولة مع الإسرائيلي والآن فوق الطاولة، ويحق لهم أن يفعلوا ما يريدون "السبعة وذمتها"، و"ممنوع حدا يفتح فمه، ممنوع حدا يحكي"، ممنوع، وإلا الغضب السعودي والحزم السعودي، ويفتح لك، عندها تصبح قصة أهل سنة وجماعة والإسلام والحرمين الشريفين والعروبة، ما دخلك بالعروبة يا أخي؟!!
هذه جريمتنا، جريمتنا التي نفتخر بها، وأنا قلت هذا بجلسات داخلية وسأقوله الليلة، على التلفزيون سأقوله. في كل العمر الذي أنا واحد من الناس عشته، الآن أصبح عمري 56،57 سنة على اختلاف الأقوال، وبهذه الدنيا عملت منيح وعملت قبيح، لا يوجد فينا أحد معصوم، وهناك المقاومة وقاتلنا إسرائيل أنا وإخواني وقدمنا شهداء وإلى آخره... إذا الآن تقول لي أشرف شيء عملته بحياتك، أفضل شيء عملته بحياتك، أعظم شيء عملته بحياتك، أقول لك هو الخطاب الذي ألقيته ثاني يوم من الحرب السعودية على اليمن والذي نفعله الآن، هذا أعظم شيء في حياتي أنا عملته، وأشعر أن هذا هو الجهاد الحقيقي، هذا هو الجهاد، هذا أعظم من حرب تموز، أنا إحساسي هكذا، لأنك تقول كلمة حق، هذا الشعب اليمني شعب مظلوم، شعب غريب، شعب متروك، تجاوز بمظلوميته الشعب الفلسطيني، كثر اليوم في العالم يتكلمون عن الشعب الفلسطيني وعن الشعب السوري وعن الشعب العراقي، اليوم على وجه الكرة الأرضية لا يوجد مظلومية مثل مظلومية الشعب اليمني، الشعب البحريني مظلوم ولكن اليمني مظلوم أكثر لأنه كل يوم هناك مجزرة وهناك قصف وهناك دمار وهناك حرب. لما تجد شعباً بهذا المستوى من المظلومية، بهذا المستوى من الغربة، بهذا المستوى من العدوان عليه، أنا أعتبر أن إنتمائي إلى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى كتاب الله عز وجل وإلى أبي عبد الله الحسين عليه السلام هو بهذا الموقف، أنا إذاً لا آخذ هذا الموقف، حزب الله إذا لا يأخذ هذا الموقف، ليس لنا دخل لا بالنبي ولا بالقرآن ولا بالعترة ولا بالحسين.
هذه بكل صراحة، لتعرفوا نحن أين، للذين يدرسون ويناقشون ويبحثون. دعوا الموضوع الأخلاقي والمبدئي جانباً، عندما يُسكت في العالم العربي على السعودية تشن حرباً جهاراً نهاراً على اليمن، هذا سيعطيها الشرعية لتشن حرباً على أي بلد عربي آخر، على أي بلد مسلم آخر، خلص أًصبح عندها شرعية، شرعية كاملة، العالم الإسلامي والعربي كله ساكت، حسناً، تطلع اليوم تذبح اليمنيين، غداً لا أعرف من تذبح، حتى جيرانها، الآن سيقولون السيد يحرّض، "طيب ليكو" ما قصة قطر مع السعودية وقناة الجزيرة مع السعودية، لما كانت قناة الجزيرة تنتقد السعودية، ألم يصل إلى حد تهديد دولة قطر، حتى تهديدها بطردها من مجلس التعاون الخليجي، تهديدها بمحاصرتها جواً وبراً وبحراً، هذا حصل أو لم يحصل، هذا كان محكياً بالإعلام، رسمياً الأمور وصلت لهنا.
لا يوجد مصلحة وطنية لأي بلد بأن يؤذن وأن يُسمح للسعودية أن تشن حرباً على بلد آخر، أو أن ترسل المال والسلاح والإمكانات الهائلة لتحدث حرب أهلية هنا وحرب أهلية هناك، أين المصالح الوطنية؟ لبنانية أو غير لبنانية.
بكل الأحوال، نحن مشكلتنا أنه نعم، بهذا النظام العالمي الذي يشترى فيه دول مثل فرنسا وبريطانيا، بالفلوس، يشترى فيه دول بالفلوس، ويشترى فيه وسائل إعلام بالفلوس، ويشترى فيه أقلام وعقول وقلوب بالفلوس، ويشترى فيه مؤسسات دينية وفتاوى بالفلوس.
بهذا الزمن الذي أصبح الناطق بالحق قليل وغريب ومظلوم، بهذا الزمن إذا حدا غضب على حدا لازم كل العالم تذهب وتقف بالصف، طلع الناس بلبنان اسمهم حزب الله يقول له على مهلك، على مهلك، أنت ترتكب جريمة في اليمن وفي سوريا وفي البحرين وبحق فلسطين وفي لبنان وفي العراق وفي المنطقة وأنت ترتكب جرائم ليس الآن، منذ عشر سنين ومنذ مئة سنة ومنذ أن أتى نظامك.
السعودي لا يتحمل هذا الكلام، أنه أحد يملك هذه الجرأة، حدا يملك هذه الشجاعة، نعم، هذا فاجأ السعودي. حسناً، حاول خلال كل الفترة الماضية، يهدد، يرعد، يزبد، لنسكت، لم نسكت ولن نسكت، فجاء يريد أن يضغط على اللبنانيين ليسكتونا، هذه هي كل القصة، لا قصة قتال في سوريا ولا الذي يحكوا عنه في اليمن، ولا بحرين ولا كويت ولا لا أعرف أين، هذا أصبح له أربع خمس سنين، القصة الآن ليست قصة هنا يوجد فشل أو لا يوجد فشل وكم نحمل في حزب الله نسبة من المسؤولية، لا، القصة أنه أنت يا حزب الله وأنت يا فلان ويا فلان ويا فلان، تجرأتم على صاحب الجلالة وعلى أًصحاب السمو، وعلى النظام الذي لا يحق لأحد أن ينتقده أو يعترض عليه أو يشير إلى عيب من عيوبه، أنا لم أشتم ولا أشتم ولا أسب، ولكن نحن ننتقد، نحن نعترض، نحن نحكي الذي لم يجرؤ أحد أن يحكيه في هذا العالم، إلا القليل، ليس لوحدنا يعني، إلا القليل. نحن وصلنا إلى محل لا يسعنا السكوت.
الآن، الشيء الأخير الذي سأختم به، لأن هذا بحث طبعاً طويل أدعه إن شاء الله لأسبوع الشهيد القائد الحاج علاء، لكن دعوني أختم فقط بمقطع لإخواننا وأهلنا في لبنان، أقول لهم، حسناً، الآن سيقال لكم إنه بسبب حزب الله وحساباته ومصالحه والمشروع الإقليمي والمشروع الصفوي، تلحق أضرار بالمصالح الوطنية اللبنانية. السعودية حليفتكم وحبيبتكم ومملكة الخير، حسناً أنا أسأل سؤال، ماذا تريدون إذا أنا أحمل مسؤولية أو لا؟ هل يحق للسعودية أن تعاقب لبنان مثلاً والجيش اللبناني والدولة اللبنانية والشعب اللبناني والمقيمين اللبنانيين في السعودية والخليج لأن هناك حزباً لبنانياً معيناً متخذاً موقف ورافع الصوت؟ أنا أسأل اللبنانيين، هل يحق للسعودية أن تفعل ذلك؟ سؤال من الناحية الإنسانية، من الناحية الأخلاقية، من الناحية العربية، ألستم تقولون إن اللبنانيين ضيوف، ضيوف وتهددون بطردهم، هؤلاء العرب؟!! العربي عندما يعطي هبة يعود ويسحبها، لماذا؟ لأنه والله هناك أحد من جيران الموهوب أو ابن عمه أو العشيرة المتحالفة معه أنه والله قالت كلاماً مسيئاً للواهب، هذه هي العروبة التي تريدون أن تثبتوا هويتها في لبنان؟ العربي يطرد ضيوفه، هذه هي العروبة؟ الإسلام هذا هو؟ ألستم تقولون حكم إسلامي، لماذا تحملون الناس مسؤولية شيء نحن نعمله؟ إذا هناك مجرم أنا المجرم وحزب الله هو المجرم، عندكم، عند الله ليس هكذا إن شاء الله، ما دخل الناس، ما دخل الجيش اللبناني، ما دخل اللبنانيين الذين في السعودية وبالخليج، اللبنانيين الذين في السعودية وفي الخليج المتهمين بعلاقتهم مع حزب الله طردتموهم وانتهيتوا، وهناك أناس ليس لهم علاقة، هكذا. حسناً، بأي ميزان إنساني، أخلاقي، شرعي، إسلامي، قانوني يحق للسعودية أن تتصرف مع لبنان بهذه الطريقة المهينة، أنتم اللبنانيين ليس عندكم مشاعر وطنية، ما عندكم كرامة وطنية، أمس واحدة من الصحف السعودية، تعرفون ماذا يعني الصحف السعودية، تستعمل عبارة أنه نحن مددنا يدنا إلى اللبنانيين وأطعمناهم فعضوا يدنا، "روح شوف الذين أطعمتهم أنتم، حتى المال الذي دفعتموه في حرب تموز روحوا شوفوا أين صرف مالكم بحرب تموز، جايين تربحونا جميلة بهذا المال؟".
بأي معيار السعودية يحق لها أن تتصرف بهذه الطريقة مع لبنان؟ أنا أقول لكم، السعودية التي تفعل هكذا باليمن وتعمل هكذا بسوريا وتعمل هكذا بالبحرين ستعمل هكذا بلبنان، طبيعي جداً، طبيعي جداً، وهنا لما رجعت أتكلم عن المصالح الوطنية، لا، لا يحق للسعودية أن تتصرف بهذه الطريقة، ولا أن تؤذي لبنان ولا أن تؤذي اللبنانيين، وهي في الحقيقة تؤذي حلفاءها، عندك مشكلة مع حزب الله تفضل، أنا أعرف أنتم عاملين برنامج، حرب إعلامية وسياسية وأمنية ومخابراتية وأكيد الآن جالسين تحرضون إسرائيل تعمل حرب علينا، وتجهزون لتأخذونا على جامعة الدول العربية تعملونا منظمة إرهابية ومنظمة التعاون الإسلامي وبمجلس الأمن الدولي، إذهبوا وافعلوا ما تريدون، لكن ماذا تريدون من الناس، ماذا تريدون باللبنانيين، ماذا تريدون من الدولة، ماذا تريدون من الجيش، ماذا تريدون من حلفائنا، والله ليس لهم دخل، ليس لهم علاقة بهذا الموضوع، نحن، نحن المشكلة معنا، افتحوا مشكلتكم معنا، الذي تستطيع أن تفعلوه معنا نحن حزب الله اعملوه، بكل شيء، أمني وسياسي واقتصادي وحرب ولوائح إرهاب وقتل واغتيال، ليست بجديدة عليكم معنا، منذ زمن هذه القصة بيننا وبينكم، نحن كنا هادئين وساكتين والظروف خلص وصلت إلى مكان لا يصح فيها السكوت.
لذلك أنا أحببت أن أعلق وأقول: أنا أحمل مسؤولية، حزب الله يحمل مسؤولية، هذه حقيقة الموضوع، لا أحد يُشرّق ولا أحد يُغرب، لا قصة عروبة ولا إنتماء عربي ولا هوية عربية ولا دولة ولا قرار الدولة ولا وزارة الخارجية ولا وزير الخارجية ولا كل هذا الكلام الذي أصبح لنا أسبوعين نسمعه، القصة معنا ونحن موافقين أن نحمل مسؤولية ونحن حاضرين أن نُسأل ونُناقِش ونُناقَش في هذا الأمر وهذا موقفنا، والذي له مشكل معنا يكمل مشكله معنا ولكن ماذا يريد من البلد وماذا يريد من الناس وماذا يريد من اللبنانيين.
للبحث صلة إن شاء الله لأننا تجاوزنا الوقت أكثر من اللازم. يعطيكم العافية، إن شاء الله بلدنا يبقى آمناً مستقراً، وإذا رفعنا الصوت قليلاً في الآخر لأنه طبيعة المرحلة تحتاج أن نحكي بوضوح وأيضاً بالجرأة المطلوبة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.