كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي خلال احتفال تأبيني في حسينية بلدة طيردبا الجنوبية وقد جاء فيها: إننا حين نقف اليوم في مواجهة العدوان الصهيوني فقد أثبتنا أنه وعلى الرغم من الاستنفار الإسرائيلي في حدوده القصوى ومن انهماكنا في مواجهة الجحافل التكفيرية، إلا أننا أثبتنا بأن المقاومة على جاهزيتها وقدرتها في تسديد الضربات الموجعة للعدو ، فمن يطّلع على التفاصيل التي اطّلع عليها الإسرائيلي يدرك كم أن قبضة المقاومة قوية وكم هي قادرة، ويكفي أن نرى مكان العملية وأن العدو لم يجرؤ على سحب آلياته المدمرة من مكان العملية إلا بعد أن مضى 48 ساعة على العملية وأتت كتيبة لتنفيذ ذلك، وهنا كانت رسالة المقاومة واضحة بأن لا يراهن أحد على انشغالنا في مواجهة الخطر التكفيري، لأننا حاضرون وجاهزون وقادرون على رد العدوان الصهيوني، وهذه الرسالة قد بلغت مسامع من يجب أن يسمع وعلّمنا أن دماء شهدائنا هي دماء غالية لا نسكت عن المس بها .
إننا اليوم بتنا ندرك حقيقة الحرب التي تشن على المنطقة، ولم يعد هناك موجب للتعاطي الدبلوماسي كما أشار سماحة الأمين العام، بل إن الحقيقة تفترض أن نسمي الأشياء بأسمائها، فنحن نتعرض في المنطقة بأسرها من اليمن إلى لبنان مروراً بما بينها من بلدان لحرب ممنهجة ومنسقة بين الكيان الصهيوني العدواني وبين النظام السعودي الوهابي التكفيري الإجرامي، من خلال تنسيق بلغ مرحلة الحلف شبه المعلن، حيث يجري تقسيم وظائف العمل بين طرفي الحلف الصهيوني والسعودي اللذين يتقاسمان إمكاناتهما جميعاً في المجال الاستخباري والمجال الإعلامي والعسكري والمالي والاقتصادي، ولذلك تتآزر لوبيات النفوذ السعودي والصهيوني في العالم بأسره والعالمين الإسلامي والعربي لمواجهتنا وشن الحملات علينا، بينما ينشط اللوبي الصهيوني على المستوى الإعلامي وهو المتغلغل في أسس وسائل الإعلام الغربية، كما ينشط في قطاع المصارف وأسواق المال وهو مجال هم حاضرون فيه، وبالتالي فإن هناك حملة إعلامية واقتصادية تشن بهذا الاتجاه وتستهدف كل من هو خارج الحلف الصهيوني - السعودي، سواء من روسيا إلى إيران أو سائر القوى المقاومة للهيمنة الأمريكية في المنطقة، وما انخفاض سعر برميل النفط الذي يمكن أن يصل إلى 20 دولاراً إلا جزء من هذه الحرب التي يشارك فيها النظام السعودي بصورة مباشرة حتى ولو أدى ذلك إلى خسارته، وهو بصدد اللجوء إلى بيع ممتلكات سعودية لأسباب داخلية لها علاقة بتقاسم السلطة والصراع عليها أو بالعجز الذي أصاب الخزينة السعودية، وقد بدأ من أرامكو التي يقدر رأس مالها بحدود 800 مليار دولار.
إن النظام السعودي ومنذ أن أعلن سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله عن ضرورة الصدح بالحق في مواجهته، كان قد بادر إلى شنّ حملة ممنهجة تهدف لإثارة السنة على الشيعة في لبنان والعالم العربي والإسلامي لتشويه صورة المقاومة وقائدها، ولإخفاء الجرائم التي يرتكبها النظام السعودي، ولذلك بدت هذه الحملة المبرمجة التي اسمها "مضايا"، وقد لوحظ فيها التنسيق بين وسائل الإعلام العربية بما فيها اللبنانية التي يمتلك النظام السعودي السيطرة علىها ، وهي تحت إدارته وتخدم أهدافه، وبين وسائل الإعلام الغربية التي قامت بحملة دولية في موازاة هذه الحملة ، وبالتالي فقد كنا أمام حملة منسقة بين اللوبي الصهيوني الإعلامي الغربي، واللوبي السعودي التكفيري بالمجال العربي بهدف الإساءة إلى المقاومة وإخفاء جرائم النظام السعودي وتعبئة السنة على الشيعة، وكمثال بسيط على هذه الحملة، كان قد تحدث ممثل الأمم المتحدة في اليمن عن انتهاكات لحقوق الانسان، فصدر حينها الأمر السعودي لما يسمى رئيس اليمن الذي أخذ بدوره قراراً بطرد ممثل الأمم المتحدة، ولكننا لم نرَ هذا الخبر في وسائل الإعلام، وكذلك فإن العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظة صعدة تقصف بالقنابل العنقودية، ولكن لم نسمع حملة للترويج لهذا الخبر، وقد مضى حوالي سنة على حصار اليمن غذائياً وتموينياً وهناك مجاعة حقيقية ويعيش 20 مليوناً تحت خط الفقر، ولم نسمع حملة إعلامية من أحد، ولكن رأينا فبركة لكذبة اسمها الجوع في "مضايا" حشدت لها صور نستطيع أن نعرفها ومنها صورة الأيقونة عن الفتاة الجميلة الصغيرة التي أصبحت أيقونة الجوع هناك، والتي تبين أنها فتاة من بلدة طيرفلسيه اسمها مريانا مازح، وإذا استطعنا نحن أن نكشف هذا الأمر إلا أن من في المغرب العربي أو غيره لا يستطيع أن يعرف ذلك، وهكذا هي جميع كذباتهم، فهناك صور أشخاص من تايلند ومن أماكن أخرى حشدت جميعها في هذا الإطار، وعلى الرغم من أهمية ما قام به تلفزيون المنار من تفنيد لهذه الحملة المفبركة، إلا أن الأهم من ذلك هو العمل على إحباط أهداف هذه الحملة، لأن هدف هذه الحملة هو إخفاء جرائم النظام السعودي، ولذلك يجب علينا أن نجهر بهذه الجرائم التي تحصل وأن نسلط الضوء عليها، لأنه لا يفترض بنا أن نكون دفاعيين فقط في مواجهة الحرب السعودية الصهيونية بل يجب أن نكون مبادرين، ويجب أن نسلّط الضوء على ذلك جميعاً حتى ولو كانت وسائلنا الإعلامية ضئيلة بالمقارنة مع وسائل الإعلام الصهيونية والسعودية، فيجب أن نركز على تظهير الجرائم السعودية وما أكثرها، وفي هذا الإطار نجد اليوم أن هناك مثقفين في الغرب موجودون في البرلمانات وفي أكثر من مجال يكتبون وباتوا يعلمون ويدركون أن سبب الإرهاب الدولي هو الوهابية والتمويل السعودي، وهم يكتبون أن العدو الحقيقي للإنسانية هو الوهابية والنظام السعودي، وحتى الذين يدافعون عن مصالح الحكومات الغربية يدركون أن أصل الفساد والإرهاب هو في المدرسة الوهابية والتمويل السعودي لها، وهناك من يحاسب حكوماته ويطالبها ويسألها إلى متى تكمل مع السعوديين بإخفاء جرائمهم، إلا أنه وفي المقابل مع الأسف فإن كثيراً من رؤساء الحكومات الغربية أو رؤساء لدول غربية قد جرى شراؤهم، وعلى سبيل المثال في ذلك قد تحدثت صحيفة إيطالية بأن أحد المسؤولين الإيطاليين قد أهداه محمد بن نايف "ساعة رولكس" الغالية الثمن، وكذلك فإن هذا الذي يظهر مع صفقات سلاح بمليارات الدولارات من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، فيما يخفى أكثر من ذلك، ولكن ومع أن هذا هو الحجم الذي نواجهه، إلا أننا قادرون على فضحه وكشفه ولكن علينا أن نكون مبادرين، ولذلك يجب التركيز على تظهير الجرائم التي يرتكبها النظام السعودي.
المسألة الثانية: المطلوب هو حفظ صورة المقاومة وصورة قائدها، لأن النظام السعودي قد أوكل إلى من يتطاول على مقام المقاومة وقائدها بالكلام النابي، ونحن في المقابل لا نريد أن نرد بأساليبهم ولكننا نكشف اعمالهم .
ثالثاً: من أهداف هذه الحملة هو تعبئة السنة ضد الشيعة، لإنه وعلى الرغم من السطوة السعودية البالغة والأموال التي تنفق للهيمنة على السنة في العالم الإسلامي والعالم بأسره إلا أن النظام السعودي لم يتمكن من إطفاء الأصوات السنية المقاومة، فهناك أصوات لا تزال موجودة وتقف في كل العالم من المغرب إلى بروكسل إلى غيرها، وهناك أئمة مساجد، وقد تبين هذا الاختلاف بواحد من الاختبارات التي حصلت في الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف، حيث كان هناك مكاسرة بين المدرسة الوهابية التي تحرّم الاحتفال به، وبين مدرسة أهل السنة والجماعة التي اعتادت تاريخياً على الاحتفال البديهي والطبيعي والتلقائي في هذه المناسبة، وهنا يجب أن لا نسمح للمدرسة الوهابية باغتيال مدرسة أهل السنة والجماعة التي هي الأصل لدى شركائنا في الدين وعلى مدى التاريخ، أما المدرسة الوهابية فهي بدعة مارقة أول من رد عليها هو شقيق محمد بن عبد الوهاب "سليمان" الذي رد على بدع أخيه ونعته بالمروق من الدين، كما أن هناك عشرات الكتب التي ألفها علماء سنة يفنّدون فيها البدع الوهابية، ولذلك فإن المدرسة الوهابية لا تمثّل أهل السنة والجماعة، بل هي أقلية، إلا أن ما سمح لها أن تطغى هو مال النفط السعودي والرعاية من بريطانيا إلى الولايات المتحدة الأميركية التي انضمت إليها أوروبا عام 1979 حين قالت أنها تريد أن تجنب الشباب المسلم الأوروبي "الأفكار الخمينية"، ففتحت الأبواب لدعاة الوهابية، فاليوم في أوروبا نجد أن أجيالاً هناك قد تشربت الفكر الوهابي، وهي تشكل تهديداً للأمن القومي الأوروبي، وبالتالي فإن هذه مسوؤليتهم وهناك من يحاسب على هذا الأمر.
إن ما يعنينا هو أن لا نسمح للنظام السعودي أن يزوّر حقيقة الصراع القائم، لأن هذا الصراع قائم بين قوى المقاومة وبين الحلف الصهيوني السعودي التكفيري الوهابي الإجرامي، وليس صراعاً سنياً-شيعياً، وخير دليل على ذلك هنا في لبنان حيث أن اللغة الطائفية هي اللغة المعروفة، ومعروف أن أحزاباً معينة هي للشيعة، وأخرى للمسيحيين وللدروز، ولكن عند السنة فإن كل الإحصاءات بيّنت أن هناك 35 بالمئة على الأقل من الصوت السني في لبنان معارض للفريق السياسي المتحالف مع النظام السعودي بعلاقة ليست حلفاً بل أمر ونهي وزجر وغيرها من العبارات، ومن هنا فإنه من المهم جداً وجوب أن نمنع لعبة آل سعود من أن تنجح في تصوير النزاع على أنه مذهبي إطلاقاً، فالاختلافات المذهبية موجودة على مدى السنين وليست جديدة، وأحياناً تكون بين المذهب الواحد، كما أن هناك اختلافات بين الحنفيين والحنابلة والجعفريين وبين مجتهديهم، ولكن بالسياسة من غير المسموح أن نمكّن النظام السعودي من أن ينجح في تصوير ما يجري على أنه مذهبي أو طائفي، بل هو صراع بين المقاومين من جهة، وبين من هم متحالفون مع الصهاينة وممن هم عبيد عند الهيمنة الأميركية.
على هامش الحملة التي شنت قد حاول هؤلاء أيضاً من أجل تزكية التعبئة المذهبية استخدام عبارات من قبيل "هل أنه من المعقول أن هناك تجويع وفي تاريخكم أنتم كربلاء وما إلى ذلك"، والجواب على ذلك هو، إن فكرة مضايا هي فكرة الإعلام الذي لا يذهب للدفاع عن نفسه بل يختلق قضية ليحاربك بها بثلاثة أهداف، هي التعبئة المذهبية وتشويه صورة المقاومة وإخفاء جرائم آل سعود، وفي المقابل وللأمانة والتاريخ، نحن أبناء مدرسة محمد (ص)، وأبناء مدرسة علي بن أبي طالب (ع) وتخلّقنا بأخلاقهم التي نعتمدها في قتالنا سواء في مواجهة العدو الصهيوني أو العدو التكفيري، فيجب أن يتذكر الجميع أن مقاتلينا كانوا يهاجمون بصدور مفتوحة قلاع العدو القابعة فوق المرتفعات وحيث الجندي الإسرائيلي يتحصن بدشمة ولديه طائرات حربية ومروحية ومدرعات، فكان شبابنا يصعد بالشجاعة العلوية والشهادة الحسينية لتسقط هذه المواقع، من دون أن يوجه السلاح حتى إلى مدني من مدنيي العدو، ولذلك أن يأتي اليوم من يزعم استهداف المقاومة للمدنيين، فهذا ليس إلا كذبة صهيونية سعودية الهدف منها تشويه صورة المقاومة، إلا أنه حين تتوضح الحقائق سيعلم الجميع ما يعلمه من هم في قيادة المسلحين الذين سلمونا جريحين على وشك الموت وتلقوا علاجاً لا مثيل له إلا في المستشفيات الغربية على حد عبارة ممثل الأمم المتحدة، فنحن أهل القيم والشيم والنخوة ولا يستطيع أحد أن يبارينا في هذا المجال، ولأن هذه الحملة علينا هي حملة كذب فيجب أن نواجهها، وكما هزمنا حملة التشويه التكفيرية على مدى الأزمنة، فإننا قادرون على مواجهتها في هذا الزمان وعلى تحقيق الانتصار.