أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور حسن فضل الله أن إقدام النظام السعودي على إعدام الشيخ نمر باقر النمر هو جريمة خطرة بكل المعايير، وهي سابقة في تاريخنا المعاصر، لأنها جريمة تريد أن تعدم الصوت الحر والمطلب المحق، وأن تدفع الناس إلى خيارات لا يريدونها، فسلوك هذا النظام قد أصاب كل الأمة، ولو استقرأنا تاريخنا المعاصر لا نجد دولة ولا نظاماً قد تجرأ على ممارسة ما أقدم عليه آل سعود، بإعدامهم للعالم المجاهد الإصلاحي، بسبب حرية التعبير وانتقاده السلمي لسلوك النظام من خلال الرأي والموقف الذي يدعو إلى إصلاح حال بلاده، والمطالبة بحقوق شعبه المهمش والمظلوم والمقهور والمضغوط على أمره، مشدداً على أنه عندما أطلقنا الموقف الثابت بإدانة واستنكار هذه الجريمة، وبمطالبة الجميع بموقف واضح، إنما من أجل أن نحصّن أمتنا ووحدتها التي يريد لها نظام آل سعود التفتت والتمزق من خلال سلوكه الشائن ليس فقط ضد أبناء شعبه، وإنما على امتداد عالمنا العربي والإسلامي.
وأوضح النائب فضل الله خلال احتفال تأبيني في بلدة شقراء الجنوبية أننا كنا في السابق نحاول أن لا نقول كل ما لدينا، لأننا كنا ولا نزال حريصين على إيجاد مساحات للإلتقاء، وعناوين من الممكن أن نتفاهم عليها كي لا تذهب الأمة إلى مزيد من الإنزلاق والشرذمة، إلا أن هؤلاء أقفلوا كل الأبواب، ولم يتركوا مجالاً ولا مساحة من مساحات الإلتقاء إلاّ وضيّقوها وألغوها وأعدموها، فباقترافهم جريمة إعدام هذا العالم الإصلاحي، إنما أرادوا أن يبعثوا رسالة للجميع أنه لا مكان للتعقل ولا للإلتقاء ولا للمعالجات، بل مارسوا تصعيداً تلو آخر، من أجل الهروب إلى الأمام في محاولة لتخطي مشكلاتهم البنيوية عبر إثارة فتن ومشكلات هنا وهناك، وهو ما لا ينطلي على أحد، لأن ذلك لا يمكن أن يغيّر الحقيقة الثابتة بأن أساس المشكلة هو سلوك هذا النظام وممارساته ضد شعوب أمتنا ووحدتها فضلا عن أبناء شعبه، معتبراّ أن هذه القضية هي قضية حق وعدالة وحقوق إنسان وحرية يجمع عليها العالم، فلا يمكن لأي حرّ أو صاحب ضمير أن يسكت عن هذه الجريمة، لأنه ليس صحيحاً أنها قضية داخلية أو كما يحاول البعض أن يبررها بأن مواطناً سعودياً ادعوا عليه بأنه ينتقد السلطة، ومن حقهم أن يعدموا من ينتقد السلطة.
وأشار النائب فضل الله إلى أن النظام السعودي لم يجد على امتداد العالم حتى من حلفائه وداعميه من يبرر له هذه الجريمة، إلاّ بعض الأصوات التي تسترزق على فتات هذا النظام، لأن أي صاحب ضمير لا بد أن يأخذ موقفاً مما اقترفوه، كونها قضية إنسانية وعدالة وحرية وحق معطى في شرائع السماء وشرائع أهل الأرض، منتقداً بعض الأطراف في لبنان ممن لا يوجد لديهم معيار أخلاقي ثابت في الحكم على القضايا المحقّة، فنجدهم يقفون إلى جانب قضية بعنوان الحرية وحقوق الإنسان ثم يكونون ضد قضية أخرى تحمل العنوان نفسه، وانطلاقاً من ذلك فإن عليهم أن يثبتوا بأنهم إذا كانوا مع الحرية فيجب أن يكونوا ضد إعدام هذا العالم الربّاني، لأنه أعدم بسبب حرية الرأي، وإذا كانوا مع حقوق الإنسان فعليهم أن يقفوا ضد ممارسات الجماعات التكفيرية التي تقتل وتجوّع وتمنع وصول المساعدات إلى القرى المحاصرة في سوريا، إلا أن الواقع لدى هذه الأطراف في لبنان يدل على أنه ليس لديهم معياراً أخلاقياً في الوقوف إلى جانب القضايا المحقة، لأن معيارهم هو المصلحة والإنتماء إلى المحاور الإقليمية، كما أن معيار بعضهم مذهبي وطائفي وعنصري، معتبراً أن من يقف مع حق الإنسان في التعبير عن رأيه، يقف معه في أي مكان كان في العالم، وأن من يقف مع حق الإنسان في الحياة العزيزة الكريمة، يقف مع أي إنسان أياً كان انتماؤه أو طائفته، إلا أننا لم نسمع صوتاً لا من لبنان ولا من خارجه من الذين يدّعون بالمعيار الأخلاقي في الوقوف إلى جانب حقوق الإنسان، فلا نجدهم يتحدثون عن قرى في سوريا قابعة تحت نير الحصار التكفيري الذي يمارس التجويع والقتل والتدمير بحق أهلها منذ سنوات، مؤكداً أنه وفي مواجهة ما نمرّ به من تحديات وصعاب فإن علينا أن نتمسك بالمعايير الحاكمة على سلوكنا وأدائنا، ألا وهي معايير الدفاع عن الحق والعدالة والحرية وحقوق الإنسان، سواء كان المرتكب نظاماً كنظام آل سعود، أو دولة معتدية كالكيان الإسرائيلي الذي يعتدي على الشعب الفلسطيني، أو سياسة هيمنة واستكبار كما تفعل الولايات المتحدة الأميركية.
ورأى النائب فضل الله أننا وعلى الرغم مما نواجهه من حرب كبرى في منطقتنا يراد منها إسقاط بلادنا كما يحصل في سوريا والعراق، إلا أننا نشهد اليوم تقدماً في الميدان للمحور المناهض للفتنة والتكفيريين وسياسة الهيمنة الأميركية، وكما يعرف الجميع فإن من يتقدم في الميدان يكون هو الذي يغيّر المعادلة السياسية، وهذا ما تؤكده تجربتنا في لبنان، حيث أننا عندما ثبتنا في حرب 2006 في الميدان واستطعنا أن نهزم آلة القتل الإسرائيلية، تمكنا من تغيير المعادلة السياسية، وهو ما يرى نتائجه الجميع في لبنان والمنطقة، مؤكداً أن المعادلة السياسية ستتغير بفضل التضحيات والدماء العزيزة التي تقدم في المعركة، وأن هناك تغييرات كبرى في سوريا على مستوى الميدان من خلال التقدم الذي يحرزه الجيش السوري وحلفاؤه، كما أن هناك تقدم ميداني في العراق، معتبراً أن الذي دفع نظام آل سعود ومن معه إلى هذا الجنون وهذه الحماقات والارتكابات الإجرامية والتصعيد والهروب من أزمتهم ومشكلاتهم، هو التقدم في الميدان وبالتالي فشل مشروع هؤلاء، لأنه كلما رأينا تصعيداً سياسياً وإعلامياً وعقوبات وإجراءات من الجانب الأميركي أو من هذا النظام أو ذاك ضد مقاومتنا ومشروعنا، فعلى الجميع أن يعلموا أن محور المقاومة يتقدم ويحقق الإنجازات التي ستغيّر المعادلة الإقليمية، والتي لن تكون إلاّ في مصلحة أمتنا وشعبنا، مؤكدا أن دماء الشهيد الشيخ النمر ستلطخ وجه هؤلاء في الحاضر والمستقبل وإلى يوم القيامة، وسيتحول هذا الدم الزاكي إلى نهر جارف لنحقق مزيداً من الإنجازات والانتصارات لصالح رفعة وعزة أمتنا.