كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله في ذكرى أسبوع الشهيد المجاهد محمد علي غسان حمود في حسينية بلدة شيحين الجنوبية، بحضور أمين عام اتحاد علماء المقاومة الشيخ ماهر حمود إلى جانب عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات، وحشد من الأهالي، وقد جاء في كلمته:
إن العالم الغربي يذوق اليوم ما جنته سياسات حكوماته، المتمثل بدايةً في فتح أبواب بلادها أمام حملة الفكر التكفيري منذ أكثر من 30 عاماً، بحيث بات الشباب الأوروبي من أصل مسلم يدين بمعظمه بالأفكار التكفيرية التي أتت مع الدعاة التكفيريين الذين فتحت لهم الأبواب من السعودية وغيرها، وبالتالي فإن الغربيين هم من أرادوا أن يتثقف الشباب الأوروبي من أصل مسلم بالثقافة التكفيرية، وها هم اليوم يدفعون ثمن هذه السياسة، لأن التكفيري لا يكون تكفيرياً فحسب منذ أن يرتدي حزامه الناسف أو يمسك ببندقيته، بل يكون خطراً من حين تشرّبه للأفكار التكفيرية الهدّامة، واستناداً إلى ذلك فإن السؤال المطروح اليوم هو هل إن ما حصل ويحصل من تفجيرات سيؤدي إلى تغيير الاستراتيجية الغربية في مواجهة المجموعات التكفيرية أم أن تلك الحكومات ستستمر في سياسة التغاضي عن نشر الفكر التكفيري وعن إعطاء التسهيلات للمجموعات التكفيرية للتنقل أو للحصول على السلاح.
إن التكفيريين قد أتوا بالسلاح من دول معروفة وبتسهيلات معروفة، وعلى مدى أكثر من سنة لم تقم الحكومات الغربية بضرب المورد الأساسي لداعش المتمثل بحقول النفط وبأسطول هائل من الشاحنات التي تنقله، ونحن بالمقابل إذا كنا نفترض اليوم أن الغرب سيعيد النظر بسياسته، فإننا لا نستطيع أن ننتظر أحداً، لأن الخطر إذا كان يطال البلاد التي هي على بعد آلاف الأميال، فإنه يحدّق ويحيط بنا ويدهمنا، ولذلك فإننا آلينا على أنفسنا أن نواجه الخطر التكفيري.
في الجلسة التشريعية التي عقدها المجلس النيابي بالأمس تقدَّم الجيش اللبناني بقائمة من الطلبات سواء فيما يتعلق ببناء منشآت أو صيانة آليات أو الحصول على أجهزة أو أسلحة، ولكن الوضع الاقتصادي في لبنان فرض تقليص ما طلبه إلى النصف، وبالتالي فمن أين للجيش أن يحصل على حاجته من السلاح وما إلى ذلك، وهذا الكلام بعد أن وُعد اللبنانيون بهبة من ثلاث مليارات هي حتى الآن يمكن القول إنها لا تجد طريقها إلى لبنان، والأرجح مما نمي إلى اللبنانيين أن الجيش اللبناني لن يكون في مقدوره الحصول على الأسلحة والأجهزة التي يحتاجها، فمن هنا كيف لهذا الجيش اللبناني أن يكون قادراً على خوض المواجهة مع التكفيريين، ومن أين يأتي بالذخيرة والآليات ويصون الطائرات التي لا تعمل بنسبة 80 بالمئة، هذا وقد شهدنا بالمعركة الصغيرة التي حصلت في سان ديني بفرنسا مع مجموعة من أربع أو خمس مسلحين بوقت قصير أن الجيش الفرنسي قد أطلق 5000 طلقة، وبالمقابل فإن الجيش اللبناني لديه معركة كبيرة أقلها في عرسال وجرودها، فمن يزوده بالسلاح.
دعونا إلى التفتيش عن مصادر أخرى لتسليح الجيش اللبناني، وهي مصادر موجودة ومتوفرة ولا تحتاج إلى بحث بالسراج والفتيل، فأولاً هناك الهبة الإيرانية التي لا زالت الدولة الإيرانية على استعدادها لتقديم ما يلزم إلى الجيش اللبناني لتحمّل مسؤولياته في مواجهة الخطرين الصهيوني والتكفيري، وبعد أن كانت الحجة أن إيران عليها عقوبات دولية، فإننا نرى اليوم أن رؤساء الدول الأوروبية ووزراؤها يتهافتون على إيران، وأن الذين يطلبون مواعيد هم أكثر من الذين وصلوا حتى الآن، وبالتالي لماذا تفتش الحكومات الغربية أو يحق لها أن تضمن مصالحها في التعامل مع إيران ولا يحق للبنان أن يفتش عن تحقيق مصالحه الخطيرة، التي تتعلق بوجود لبنان وسلامة شعبه، ولماذا لا يحق له أن يذهب إلى الجمهورية الإسلامية وأن يطلب منها الإيفاء بما تعهدت به من تقديم هبات ومساعدات، وما هو السبب، أما ثانياً فالمصدر الآخر هو الاتحاد الروسي الذي يمثّل دولة عسكرية عظمى ولها من الإمكانات ما يجعلها قادرة على تسليح لبنان وتجهيزه، فلماذا لم يقم لبنان بخطوات في مجال التعاون مع الاتحاد الروسي، وفي هذا الإطار نقول بوضوح اليوم وبعيداً عن التوريات والمواربات، لتكن الدولة اللبنانية قادرة على اتخاذ قرار بعقد معاهدة تعاون استراتيجي مع روسيا، فكل الدول تقيم الاتفاقيات ومنها مصر التي تتسلح من روسيا ومحمد بن سلمان الذي كان يوقع منذ أشهر اتفاقيات تسلح معها، وفي حين أن روسيا انضمت أيضاً إلى التحالف الدولي لمواجهة التكفيريين في سوريا، فلماذا لا ننحو النحو نفسه، وعليه فإن على المسؤولين اللبنانيين أن يبادروا إلى الاتصال بالمسؤولين الروسيين وبحث إمكانية التعاون الاستراتيجي على الصعد كافة، من تسليح وغيره، لا سيما وأنه بالمعنى الاستراتيجي قد باتت روسيا اليوم هي دولة شقيقة وجارة، وأصبحت على حدودنا وموجودة في جوارنا، فبدل أن يتسلى البعض بسفاسف الأمور، إن الأولى هو أن نرتقي إلى مستوى المسؤولية التاريخية وأن نشرع في إبرام هذا التعاون وتنفيذه بصورة عاجلة، لأننا محتاجون للدعم الروسي.
الاميركيون يرسلون إلينا الفاضل من سلاحهم وما استغنوا عنه، وكل ذلك تحت سقف اسمه ممنوع وصول أي سلاح إلى الجيش اللبناني يمكن أن يشكّل تهديداً للعدو الإسرائيلي، فلا يوجد لدى الجيش اللبناني لا صواريخ مضادة للطائرات ولا مضادة للدروع، وأما الصواريخ الفرنسية التي أرسلت إلى لبنان فهي صواريخ متخلّفة وغير قابلة للاستعمال الجدي، وهذا أمر نقوله علانية، لأنه بات يتداول في أروقة المجلس النيابي، ويعرفه أعضاء لجنة الدفاع في المجلس النيابي.