أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض أننا نؤبن شهداء التفجير في برج البراجنة بكثير من الألم والغضب، وبكثير من المسؤولية، لأنه علينا أن ندرك أن هؤلاء التكفيريين إنما سعوا باكراً من أيام أبي مصعب الزرقاوي إلى إثارة الفتنة الطائفية، وهو الذي نشرت الصحف رسالة حواره مع الظواهري، وكان قد تحدث فيها عن الحاجة إلى تفجير الصراع مع السنة، وهذا ما يؤكد أن المجازر كانت مفتعلة في العراق، وأنهم كانوا يسعون إلى رد الفعل، وبالتالي فإنه يجب علينا أن نضع المشكلة في إطار غير طائفي، بل في إطار عربي وطني إسلامي ودولي، كما يجب أن لا يدفعنا الغضب إلى سوء الحسابات والتقدير أو الموقف.
كلام النائب فياض جاء خلال الاحتفال التكريمي الذي أقيم للشهداء محمود علي شحيمي، وعبد الله محمود عطوي، ومحمد علي سويد اللذين قضوا في التفجير الإرهابي الذي استهدف منطقة برج البراجنة، وذلك في قاعة بلدية بلدة مركبا الجنوبية، بحضور وزير المال علي حسن خليل إلى جانب عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات، وحشد من الأهالي.
وأشار النائب فياض إلى أنه وبالرغم من أن فرنسا هي الدولة الأكثر تشدداً في الموقف من النظام في سوريا، لكننا وبعد أن ضربها الإرهاب التكفيري نتعاطف ونتضامن مع شعبها، وندين ونشجب ونستنكر ما جرى، إلاّ أن الدروس التي تستخلص هي أنه على كل هذه القوى التي تسعى إلى إسقاط النظام في سوريا أن تكفّ عن الرهان على التكفيريين الذين لا يستطيعون إسقاط نظام، بل يقومون بتدمير سوريا وإزهاق أرواح الأبرياء، فهؤلاء قد تحوّلوا إلى وباء متنقل يضرب في كل مكان، وبعد أن ضربوا في باريس وبرج البراجنة ومالي، فليس من المستبعد أن يفاجأ المجتمع الدولي بأعمالهم الإرهابية في أي عاصمة إقليمية أو في العالم، مشدداً على أن المعالجة الفعلية والناجحة في مواجهة هؤلاء التكفيريين تقوم على دورين هما: دور ميداني يستهدف هذه الجماعات واستئصالها أينما وجدت، وآخر سياسي يقوم على تسريع الحل السياسي المتوازن في سوريا، بما يوفّر وحدة الدولة والمجتمع، ويعطي الشعب فرصة اختيار حكّامه ودستوره وشكل النظام فيه.
وحول مباشرة لجنة قانون الانتخاب اجتماعاتها قريباً، تساءل النائب فياض هل نحن بصدد إعادة تكرار تجربة اللجان السابقة التي بدأت عملها في العام 2012 ليتكوّن تراكم عمره ثلاث سنوات ولد متقطعاً، وكيف سنصل إلى نتيجة مرضية تصل إلى قانون يوفر ما يصبو إليه اللبنانيون، ويؤمن المصلحة الوطنية في عدالة وصحة وفاعلية التمثيل، وينسجم مع الطائف والدستور والتركيبة الاجتماعية والسياسية في لبنان، ولذلك فإذا كان البعض يريد أن يكرر المنوال ذاته في طرح أفكار تستند إلى معايير فئوية واستنسابية، فإن هذا لا يفضي إلى نتيجة، بل إن طرح مشاريع منحازة يعني قطعاً للطريق على إمكانية التفاهم على قانون جديد، وفرض واقع يستنفذ الوقت بنقاش بيزنطي بهدف العودة إلى قانون الستين الذي رفضه المسيحيون رفضاً قاطعاً ومعظم القوى السياسية.
وأكد النائب فياض أن النظام الانتخابي الأكثري قد سقط على طاولة لجنة القانون الانتخابي، وسياسياً على المستوى الوطني العام، وهو وسيلة تسهم في إطالة أمد الأزمات اللبنانية، داعياً إلى اعتماد معايير موضوعية ووطنية غير منحازة في صياغة قانون الانتخاب، مما يفضي إلى المطالبة بنظام انتخابي نسبي كامل مع دوائر كبيرة من الأفضل أن تكون دائرة واحدة لكل لبنان، وهذا اقتراح لا يستطيع أي سياسي أو حزب أو خبير أو طائفة أن يرفضه لأسباب مقنعة أو مبررة لذلك، ومن هنا فلنكن لمرة واحدة كقوى سياسة قادرين على التفكير كرجال دولة تفكر بعقل المصلحة الوطنية فقط لا غير.
بدوره وزير المال علي حسن خليل ألقى كلمة شدد فيها على ضرورة تركيز وتثبيت جو التضامن الوطني مع أهلنا الذين أصيبوا واستشهدوا في برج البراجنة كموقف وطني موحد في مكافحة الإرهاب التكفيري، وفي رسم استراتيجية واضحة لمواجهته على المستوى الثقافي والإعلامي والتربوي، وعلى مستوى تعزيز اللقاءات بين مكونات المجتمع اللبناني لتبيان الخطر، كما على مستوى الفرز الأكيد بينه وبين الإسلام الأصيل الذي ينكر ويتنكّر لكل هذه الأعمال، لأن مواجهة هذا الخطر تكون من خلال موقف وطني صلب، وهذا ما عبّرت عنه أجهزتنا وقوانا الأمنية وكل مقدراتنا.
ونوّه الوزير خليل بعمل الأجهزة والقوى الأمنية التي أثبتت قدرتها في تنسيقها وتوزيع المعلومات وتقاطعها مع بعضها البعض، مما يثبت قدرتها على إدارة الملف الأمني والوصول إلى المرحلة التي تستطيع معها أن تكتشف هذه الشبكات الإرهابية، لافتاً إلى أننا منذ اليوم الأول والثاني والثالث نسجل إنجازاً تلو إنجاز على الصعيد الأمني في كشف هذه الشبكات، وهذا الأمر يعطي للبنان ميزة استثنائية في أن يكون في طليعة الذين يستطيعون أن يقدموا خدمات في المعركة العالمية لمواجهة الإرهاب، لأنه مصاب ومعرّض ومعني من موقعه كوطن العيش المشترك وكوطن قادر على أن ينظم علاقات الطوائف على قاعدة الاختلاف مع بعضها البعض خدمة للناس.