شدد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش على أن منهجنا هو أن نبذل التضحيات لنحفظ هذا الوطن ونصونه، وهذا أمر لا نخالف فيه لا مسألة قوانين، ولا ننتهك فيه سيادة دولة، كما أنه لا يتعارض مع علاقتنا بالدولة، فنحن نتكامل مع الدولة تماماً كما في تجربة تحرير الأرض من الاحتلال الإسرائيلي، حيث أنه لا دولة بدون شعب، معتبراً أنه وكما هو واضح فإن دولتنا ليست قائمة على تحمّل إدارة الصراع القائم، لأن الخلافات والإرتهانات والعلاقات الخارجية، وممارسة العمل السياسي من خلال قاعدة المصالح الخاصة، هذه كلها لا تسمح بضمان أمن الوطن، وبالتالي فإن الكلام عن دور المقاومة وسلاحها والتدخل في سوريا هو كلام ينافي مصلحة الوطن، فالأمر ليس تدخلاً بل تصدياً لمن انتهكوا حرمة سوريا وسيادتها وأمنها، ويهددون أمن لبنان، مؤكداً أننا لن نفرط بتضحيات شهدائنا ولن نقبل بأن يهدد أحد أمن وطننا وبلدنا، فنحن نتدخل في سوريا حماية للبنان، ودفاعاً عن مشروع المقاومة، وتصدياً لمشروع استكباري يريد تكريس هيمنة الكيان الصهيوني في منطقتنا، وهذه هي الحقيقة ولا شيء غير ذلك.
كلام الوزير فنيش جاء خلال الاحتفال الذي أقامه حزب الله تكريماً للشهيدين المجاهدين حسن راجي دياب وعباس عيسى صالح في حسينية بلدة السماعية الجنوبية بحضور عضو كتلة التنمية والتحرير النائب عبد المجيد صالح، وعدد من القيادات الحزبية، ولفيف من العلماء والفعاليات والشخصيات وحشد من أهالي البلدة والقرى المجاورة.
ورأى الوزير فنيش أن دولتنا لا تملك القرار في مسألة التصدي للخطر الخارجي، ولكن وفي وقت نحن نملك فيه قرارنا، وهو ما يعطي قوة وفائدة للبنان، نجد أن هناك للأسف من يريد إضعاف هذه القوة من خلال التصويب والافتراء والتجني واختلاق الأكاذيب، إلا أنه وفي مقابل ذلك فإننا لن نبالي كما لم نبالِ في السابق، لمثل هذه الأصوات، لأن مصير الوطن أكبر من أن تشغلنا مثل هذه الترهات والتفاهات، فبعض الناس لا يهمهم مصير المجتمع وأمنه وأمن الوطن، بل يجعلون كل شيء مادة وأداة في حسابات الاتجار السياسي، أما نحن فأمر الوطن بالنسبة لنا هو ما رسمت حدوده دماء شهدائنا من مسؤولية وواجب، مشيراً إلى أن تحوّلاً كبيراً حصل في لبنان وهو ما صنعته المقاومة بدماء شهدائها وتضحياتها وإنجازاتها بالتصدي للمشروع التكفيري الإرهابي في سوريا، لنثبت من جديد جدوى وفعالية وضرورة معادلة الشعب والجيش والمقاومة، كما أثبتت ذلك في التصدي للمشروع الصهيوني.
ورأى الوزير فنيش أنه في الوقت الذي نتحمل فيه مسؤوليتنا بقدر ما نملك من صلاحيات في إدارة الشأن الداخلي، ولكن مع الأسف فإن هناك حالة من التفكك والضعف والانقسام الحاد والعميق على المستوى الداخلي، لأن هناك بعض القوى اللبنانية لا تستطيع أن تمتلك هامشاً من الحرية في قرارها، بل لا تزال أسيرة علاقاتها ورهاناتها على متغيرات، إلا أن من ينتظر تغييراً يسمح له بالهيمنة على القرار في لبنان أو في سوريا فإنه سينتظر كثيراً، لأنه طالما هناك مقاومة فلن يكون بمقدور هؤلاء أن يصلوا إلى أهدافهم، مشيراً إلى أننا غلّبنا منطق التعاون والحوار في الإدارة الداخلية، لأننا ندرك أنه ليس باستطاعة فريق واحد أن يدير الشأن الداخلي في لبنان، فتركيبة بلدنا وطبيعته ومكوناته والمخاطر والتدخلات الخارجية لا تسمح لأي فريق سياسي أن يتحمل وحده مسؤولية القرار، وبالتالي فإن منطقنا ودعوتنا الدائمة كانت للحوار واحترام قواعد الشراكة، ولو جرى احترام ذلك لكنا تجنبنا الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية، لأن مقتضى الشراكة وبحسب العرف المعمول به، فإن من يمتلك التمثيل الشعبي الأوسع في طائفته، هو الأجدر والأولى في تولي هذا الموقع، مضيفاً أنه إذا كانت وللأسف هذه الأعراف قائمة في لبنان وهذه هي طبيعة نظامنا السياسي سواء في موقع رئاسة الحكومة أو في موقع رئاسة مجلس النواب، فلماذا لا تطبق هذه القاعدة على مسألة ملء الشغور في رئاسة الجمهورية، لأن الخلل في تطبيق هذه القاعدة هو السبب في استمرار حالة الشغور.
وختم الوزير فنيش بالقول إذا لم يكن هناك اتفاق بيننا، وبقي الانقسام السياسي حاداً، واستمر التدخل الخارجي بعدم السماح لبعض الفرقاء أن يفوا بتعهداتهم، فعلى الأقل تعالوا لنحيّد المؤسسات الأخرى، فهناك دعوة للمجلس النيابي الذي يمثل الشعب وليس طائفة أو مذهبا، وبالتالي فإن كل الطوائف والمذاهب والقوى السياسية ممثلة فيه، وهو يمتلك صلاحيات إقرار القوانين والقيام بواجبه ودوره في محاسبة السلطة التنفيذية، فلا شيء ينبغي أن يعطّل دور المجلس النيابي، لأن في ذلك تعطيل لممثلي الشعب، وهذا يعني تهديداً لبنية الدولة، ومزيداً من التفكيك في وضعها، مضيفاً أن هناك دعوة لانعقاد جلسة للمجلس النيابي هي أكثر من ضرورة، فانعقاد المجلس بالأصل لا يتعارض مع شيء، ولا شيء ينبغي أن يعطل انعقاده، ومع ذلك فهناك ضرورات باعتراف الجميع تحتم انعقاده، مثل الوضع المالي، والقروض الميسرة، والمشاريع الإنمائية، ورواتب الموظفين، فإذا كان ما حصل مع مسألة رواتب العسكريين هو أمر غير مقبول على الإطلاق، فلماذا يتكرر الأمر مع رواتب موظفي القطاع العام، وبالتالي فإن هذا أمر يحتاج إلى تشريع، والتشريع هنا ضرورة ومصلحة للجميع، ولدللك فإننا نأمل أن تثمر الجهود في إزالة المعوقات أمام انعقاد المجلس النيابي لإقرار مشاريع هي ضرورية وملحّة لمصلحة إنماء كل المناطق اللبنانية ولمصلحة جميع اللبنانيين.