رأى رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله سماحة السيد هاشم صفي الدين أن المنطقة كلها دخلت في مرحلة من التعقيدات السياسية والمذهبية والقومية والعرقية، ولا أحد يعرف ما هو المستقبل الذي يكتب لهذه المنطقة، وفي الوقت الذي نعرف نحن من موقع تجربتنا ما لا يعرفه الآخرون، فإن كثيراً من الناس اليوم هم ضائعون وتائهون، فلو نظرنا إلى معظم السياسيين في عالمنا العربي ومعظم العلماء والنخب الثقافية، ومعظم من يتصدر الشأن العام، سنجد أن هؤلاء في حال تيه وضياع، ولا يعرفون الواقع ولا الحاضر ولا المستقبل، لأن أميركا ومن معها أدخلوا المنطقة في هذا الآتون وفي هذه الفتنة العمياء والكبيرة، مضيفاً أننا نحن أبناء المقاومة عرفنا طريقنا، واستقمنا حيث فُتن الناس، وعرفنا ما الذي يجب أن نفعله، وأخذنا خيارنا حيث ضاع وتاه الآخرون، وإذا دققنا وتفحّصنا فيما يحصل اليوم بدءً من سوريا واليمن والعراق وصولاً إلى السعودية والخليج، وخاصة في الموقف الروسي الذي سيترك حتماً نتائجه وتأثيراته على سوريا وعلى كل المنطقة، نعرف تماماً أين أصبحنا وفي أية نقطة نحن.
وخلال احتفال تأبيني في بلدة قبريخا الجنوبية أكد السيد صفي الدين أننا وصلنا إلى خطوة متقدمة جداً في مواجهة هذه الهجمة التكفيرية وفي مواجهة هذا المشروع الأميركي التكفيري الذي أراد أن يفتت الأمة ويشتت قدراتها وطاقاتها، ولم يعد هناك سوى القليل من أجل الوصول إلى النقطة الأخيرة في إنهاء هذا الصراع الذي هو لمصلحة بقاء الأمّة قوية وموحّدة وقادرة على مواجهة التحديات، مضيفاً أن الأميركي سينهزم في هذه المواجهة، ودلائل الضعف أصبحت بادية، فهم اليوم يتحدثون بلهجة في الصباح وبلهجة أخرى في المساء، ولم يعد الأميركي يمسك بالمنطقة كما يتخيّل أو كما لا يحب إلاّ أن يتخيل البعض ممن هم في لبنان، حيث أننا حينما نقول لهم إن أميركا قد ضعفت، فلا يصدقون، ويستمرون في المراهنة على السراب والوهم والخيال، فبعض هؤلاء ينتظر سراباً حينما يراهن على القدرة الأميركية لتنتشله أو لتنقذه أو لتؤمن له مستقبلاً فقده.
ورأى السيد صفي الدين أن إيران فرضت حقها ونفسها في المعادلة والمنطقة، وأصبحت رقماً لا يمكن لأية قوة في المنطقة أو في العالم أن يتجاوزه، وذلك بعد الإنجاز الكبير الذي حصل على مستوى الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، كما أن المنطقة أمام مستقبل سوف تتعدل فيه موازين القوى والتغيير، متسائلاً أين نحن أمام هذه المتغيرات، وأين هو موقعنا، وهل أن ما يتحدث به بعض اللبنانيين عن إقحام أنفسنا في حرب لا شأن لنا بها هو صحيح، أم أن هؤلاء الذين راهنوا على رهانات خاطئة هم الذين طالما أقحموا لبنان في رهانات سياسية خاطئة وفاشلة.
وأكد السيد صفي الدين أن المقاومة قد تمكنت في هذه التحديات الإقليمية والعالمية الكبيرة، أن تحجز للبنان موقعاً مهماً على مستوى المعادلة، وما أنجزته وتنجزه في كل يوم سوف يكون حاضراً في أي معادلة أو خريطة لمستقبل المنطقة، وهذه حقيقة يتحدث عنها الإسرائيلي والعدو قبل الصديق، فهذه قوّة حصلت عليها المقاومة بفعل استقامتها وخيارها الصحيح.
ورأى السيد صفي الدين أنه في المستقبل الآتي سيكون هناك خريطة جديدة للشرق الأوسط ولكل المنطقة، مشدداً على ضرورة أن نحدد موقعنا في هذه الخريطة والمعادلة، وأن نكون أقوياء ليكون لنا وجود ومحل، ومن هذه الزاوية نتطلع إلى ما يحصل في لبنان لكي يكون كل اللبنانيين مطالبين بالإسراع في معالجة الأزمات والملفات الصعبة والمتنقلة قبل أن يفوت الأمر، أي قبل أن تحدث متغيرات في المنطقة، وحينها يصبح اللبنانيون عاجزين عن إدراك ما حصل في هذه المنطقة، فكلما أسرع اللبنانيون في حل مشاكلهم بالحوار والمنطق والعقلانية، كلما أمكنهم أن يحموا البلد أمام كل هذه المتغيرات التي تحصل في المنطقة، وهذا هو المنطق الذي يحفظ لنا بلدنا وواقعنا ومستقبلنا، وفي غير ذلك لن يكون لنا أي قيمة أو أي وجود في هذه المنطقة وفي هذه المتغيرات.