أقام حزب الله بالتعاون مع بلدية الرمادية إحتفالاً تكريمياً للطلاب الناجحين في الشهادات الرسمية في حسينية بلدة الرمادية الجنوبية، بحضور عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب السيد نواف الموسوي إلى جانب عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات، وحشد من أهالي الطلاب المكرمين، وقد ألقى النائب الموسوي كلمة جاء فيها:
إنني أتوجه إلى أولياء الطلاب والطالبات بالتهنئة والتبريك على تخرّج أبنائهم وبناتهم من مرحلة تعليمية إلى مرحلة تعليمية أعلى، وأتوجه إلى أبنائنا وبناتنا والخريجين والخريجات بالتهنئة والتبريك على ما بذلوه من جهد وما حققوه من فوز ونجاح، ولكن اسمحوا لي أن أتوجه دائماً إلى الذين سمحوا للفرحة أن تصل إلى قلوبنا، وندين لهم اليوم بوجودنا هنا، أي إلى مجاهدي المقاومة الإسلامية المرابطين على الثغور في مواجهة العدو الصهيوني، وإلى مجاهدي المقاومة الإسلامية الذين يخوضون بدمائهم الزكية المعركة القاسية ضد العدو التكفيري، فلولا جهاد مجاهدينا والشهداء ما كان للجنوب أن يتحرر في معظم أراضيه، ولولا الشهداء الذين شيّعنا واحداً منهم بالأمس لما كان لنا نحن اللبنانيين جميعاً أن نعيش في وطننا آمنين، ولولاهم لكان حالنا حال السوريين الذين يقتلون بسكاكين التكفيري، فيفرّون إلى شواطئ أوروبا ليموتوا هناك هم وأطفالهم، ولولا المجاهدون المقاتلون الآن في الزبداني وتدمر وإدلب وحلب وحمص وفي كل معركة يخوضونها لما كان لأحد في لبنان أن يعيش مستقراً آمناً سالماً، وما كان بإمكانه أن ينشغل بأي قضية أخرى غير قضية الحفاظ على حياته وعلى سلامة أهله، ولولا هؤلاء والعياذ بالله لذبح اللبنانيون ولسبيت اللبنانيات، لذلك فإن هذا الدم الزاكي هو الذي يسيّج وطننا اليوم.
إن الخطين الأحمرين على العلم اللبناني هما من دمائنا، فالخط الأول هو في مواجهة العدو الصهيوني، والخط الثاني هو في مواجهة العدو التكفيري، ولولا هذان الخطان لما كان لأرزة أن تخفق، ولما كان للون الأبيض أن يزهر في بساتيننا وفي مروجنا، ولذلك نحن لا ننسى الشهداء، فهم الحاضرون بيننا ولكن لا نشعر، ونحن لا ننسى مجاهدينا الآن في سوريا وفي غيرها وهم يذودون عنّا، فنحن لم نتوقف عن المواجهة منذ أن انطلقنا في عام 1982، واليوم حين نرى العدو الصهيوني يستفرد بأخواتنا وإخواننا في المسجد الأقصى، فإن دماءنا تغلي، ولكن الذي يتحمل مسؤولية استفراد الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى هو الذي طعن المقاومة في ظهرها وفي ظهيرها.
إن الذي شنّ العدوان على سوريا بغية إسقاطها من موقعها المقاوم وبهدف الالتفاف على المقاومة من وراء ظهرها، هو اليوم الذي سمح للعدو الصهيوني أن ينصرف إلى محاولة تهويد المسجد الأقصى دون أن يتحرك العالم الإسلامي الذي انشغل بجرائم التكفيريين وفظائعهم، فكيف للمسلمين الذين رأوا بأمّ أعينهم كيف تقوم المجموعات التكفيرية بتدمير المساجد والمقامات أن تبقى لهم نخوة تدفعهم للاهتمام بما يجري بالمسجد الأقصى وهو على حافة الهدم والتدمير، وبالتالي فإن الأيدي التكفيرية التي امتدت إلى المسجد والمقامات بالتفجير والتدمير هي التي تمهد للعدو الصهيوني للقضاء على المسجد الأقصى، ولذلك فإن أول عمل ينبغي القيام به من أجل الدفاع عن المسجد الأقصى والشعب الفلسطيني المستفرد هو إغلاق الجرح السوري ووقف العدوان على سوريا المقاومة، وعلى المقاومة في ظهرها وظهيرها، وذلك بأن تتوقف الأنظمة العربية الداعمة للتكفيريين الذين يقاتلون في سوريا عن مدّهم بأسباب القوة والاستمرار، فإذا فعلت ذلك تكون قد خطت خطوة متقدمة في مجال إنهاء المحنة السورية التي ستكون طريقاً لإنهاء المحنة الفلسطينية، لأن العدو الصهيوني ما كان ليتجرّأ على المسجد الأقصى إلاّ بعد ما أصاب سوريا من عدوان عليها، فلو أننا كنا ولا نزال نحن وإخواننا السوريون على أهبة الاستعداد في مواجهة العدو بكامل قوتنا وعديدنا وعدتنا لما أمكن للعدو أن يصل بجرأته إلى ما وصل إليه، ونحن يعرفنا الجميع كما يعرفنا العدو الصهيوني أننا لازلنا في خانة من يواجهه وبقوة، وأننا لسنا من الذين يسكتون على المساس بالمسجد الأقصى، إلاّ أن ما فعلته الأنظمة العربية هو ما جعل حال الفلسطينيين على ما هو عليه.
إننا نعلن أننا كنا وسنبقى دائماً إلى جانب المحرومين والمستضعفين، فنحن أبناء نهج الإمام الصدر وقد تحركنا من أجل المحرومين، كما أننا أبناء نهج الإمام الخميني الذي لا زال يرعاه الإمام الخامنئي وهو نهج نصرة المستضعفين، ولذلك فحين تدور المواجهة بين المستكبرين والمستضعفين أو بين ناهبي المال العام والمحرومين فإننا إلى جانب المستضعفين والمحرومين، فالمحرومون والمستضعفون في لبنان هم الأعزة الذين صنعوا له عزته، ولولا تضحيات المحرومين والمستضعفين لكان لبنان بأسره يباع في سوق نخاسة الاحتلال والاعتقال، ولبنان هو رخيص حين يكون تحت الاحتلال وتحت سكين التكفير، وأما لبنان الغالي والنفيس هو الذي حرّره أبناؤه المستضعفون والمحرومون بدمائهم وأرواحهم ومهجهم، وبالتالي فإن ما قيل بالأمس كان شهادة ورمية من غير رامي، وبعد أن قلنا قبل أسبوعين أن هناك من سطى على قلب بيروت التي كانت قلباً للوطن وحوّلها إلى شركة خاصة وإلى مساحة معزولة عن لبنان ومخصصة لطبقة بعينها هي طبقة الأثرياء الذين يقدمون من الخارج دون سائر أفراد الشعب اللبناني، وقف من قال إن قلب بيروت هو شركة وطنية، وقد سمعنا بالأمس من يقول "إنه لن يسمح لقلب بيروت أن يعود كما كان بل يجب أن يبقى للأثرياء اللبنانيين والعرب"، ووصف سائر اللبنانيين من غير الأثرياء بوصف يليق بصاحبه، لأنه لا يليق بالشعب اللبناني إلاّ العزة والكرامة والشموخ، ولولا هذا الشعب ما كان لأمثاله أن يعيشوا في لبنان، بل كانوا قد قاموا بجمع حقائبهم وسافروا، والأدهى أن من نطق الحقيقة بشأن قلب بيروت المستعمر من طبقة بعينها في لبنان وخارجه يغيب عنه أنه ينتمي إلى الشريحة التي امتصت دماء اللبنانيين، وما كتبه عام 2006 هنري إده الذي هو من الذين هندسوا بدايات شركة وسط بيروت من قبل أن تأخذ منحى آخر، "إن من أصل الدين اللبناني الذي كان 30 مليار دولار، هناك 22 مليار دولار هي أرباح المصارف اللبنانية"، التي يشكّل القائل أحد أفرادها، ألا يكفي أصحاب المصارف أنهم نهبوا هذا الشعب فباتوا يتطاولون عليه ويصفونه بالرخص، فيما أموالهم التي حصلوا عليها هي ديون على عاتق الشعب اللبناني الذي يولد كل مولود منه وفي عنقه دين 15 ألف دولار، وهكذا هم حيث لا يكتفون بنهب المال العام بل تمتد أيديهم إلى كرامة اللبنانيين.
يا أيها اللبنانيون من عكار إلى جرود جبيل إلى الهرمل وإلى كل مستضعف وفقير، إسمعوا جيداً فهم لا يأبهون لكم، بل لهم مشروع واحد هو كيف ينهبون المال العام وقد نهبوه بخطة محكمة للسيطرة على مفاصل الدولة وعلى مراكز المجتمع المدني والأهلي والسياسي، فبات بإمكانهم إلقاء القبض على قلب بيروت وقلوب اللبنانيين جميعاً، إننا نخاطب ابن عكار وابن البقاع ونسأله على ماذا حصل من الديون المتراكمة غير أنها تدفعه إلى الهجرة فيموت في مراكب الغرق، فهل نسينا ما جرى منذ بضعة أشهر عندما غرق اللبنانيون في الطريق إلى ماليزيا وأندونيسيا، فعلى ماذا حصل المستضعفون في لبنان من أصحاب نهج الفساد الذين ما كان همهم لا تنمية ولا تطوير ولا حداثة ولا إعادة إعمار، فكيف تفسّر هذه المفارقة، حيث كان هناك موظف زميلاً لآخر وكلاهما في البنك نفسه، ولكن أحدهم ديونه تزيد عليه، والآخر بلغت ثروته ما فوق المليار وأصبح مالكاً لأراض شاسعة، فضلاً عن موقعه السياسي الذي حصل عليه.
إننا ندعو اللبنانيين إلى أن يتجاوزا انقساماتهم السياسية وغيرها وأن يلتفتوا لمواجهة الفساد الذي بدأ منذ عام 1992 وما قبلها بقليل حين سيطر الأخطبوط على مرافق الدولة والمجتمع وأفقر الشعب، ولذلك فإننا اليوم وفي مواجهة هذا الفساد المستشري نقف لنقول إننا وكما اعتمدنا في التحرير على ذواتنا فإننا مضطرون في الاعتماد بالتنمية على ذواتنا أيضاً، ومن هنا فإننا نشكر الإخوان والأخوات الذين تصرفوا بحكمة وكرم حين أخذوا على عاتقهم أن يكمل عدد من الخريجين تعليمهم العالي على نفقته الخاصة، فنحن لا يمكننا النهوض إلا هكذا، ولا نستطيع النهوض متّكلين على دولة سرقتها شركة، بل إننا مضطرون للاعتماد على قدراتنا، وكما أخرجنا المحتل من أرضنا وواجهنا العدو التكفيري ووضعنا سدّاً مانعاً يحول دون وصوله إلى لبنان سنربح معركة التنمية معاً، وكما تقاسمنا دماءنا معاً سنتقاسم التنمية معاً.