رأى وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش أن الواقعية والحكمة تقتضي أن نتعامل مع بعضنا البعض من خلال نهج الحوار على المستوى الوطني الذي يسعى لإيجاد الحلول لأزمتنا السياسية الخانقة بكل جدية ومسؤولية، مشدداً على أن المدخل السليم والصحيح هو في اعتماد قانون انتخابات يقوم على أساس الدوائر الواسعة أو الدائرة الواحدة والتمثيل النسبي، لأن الديمقراطية تقول إن من حق هؤلاء الذين يتحركون في الشارع أن يكون لديهم تمثليهم وحضورهم ورأيهم ومشاركتهم في مؤسسات إدارة شؤون البلاد، فالمجتمعات التي تريد أن تتجنب الأزمات وما ينجم عن المشكلات من تهديد للاستقرار تقوم باحتواء الاعتراض باللجوء إلى الاقتراع وإلى قوانين انتخابات تسمح لكل المكونات الاجتماعية أن يكون لها فرصتها في الحضور في المؤسسات الديمقراطية والدستورية، وهذا هو الطريق الأسلم لضمان الاستقرار في البلد، ولتجنيب لبنان ما كان يمر به كل عقد من الزمن من مشكلات أو تهديد لسلمه الأهلي، داعياً إلى التعامل مع الحوار الوطني بجدية انطلاقاً من مسألة رئاسة الجمهورية وصولاً إلى قانون الانتخابات وإلى كل المواضيع التي وردت على طاولة الحوار، وبانتظار ذلك لا بد أن نجد مخرجاً لتعود الحكومة للعمل، وهو يكون باحترام الشراكة وبمراعاة الظرف الذي نمر به للعودة مجدداً من أجل أن نتصدى لمشكلات البلد، وإلاّ فليتحمل من يرفض الحلول والمخارج مسؤولية ما ينتج عن مواقفه جراء تفاقم الأزمات وما يحصل في الشارع من احتجاج واعتراض.
كلام الوزير فنيش جاء خلال رعايته حفل التخرج السنوي الذي أقامته ثانوية المهدي (عج) - صور لطلابها الناجحين في الشهادات الرسمية، وذلك في قاعة الاستشهادي أحمد قصير في الثانوية بحضور عدد من العلماء والهيئة التعليمية والإدارية في الثانوية بالإضافة إلى حشد من أهالي الطلاب المكرمين.
وأشار الوزير فنيش إلى أنه وفي الوقت الذي يمر به البلد بمشكلات وأزمات سياسية خانقة من الشغور في موقع رئاسة الجمهورية الذي أدى بنتيجته إلى انعكاسات سلبية على دور المجلس النيابي ومن ثم إلى تعطيل عمل الحكومة، إلاّ أن هناك مشكلة هي السبب في استفحال نتائج وآثار السياسات الخاطئة ألا وهي الجنوح نحو الهيمنة والتفرد في إدارة شؤون البلاد، وهذه العقلية والذهنية قد تسببت في كل ما نتج عن السياسات السابقة نتيجةً لعدم الإصغاء للرأي الآخر وعدم احترام موقف المعارضة، وبالتالي فإن من يستمر بها ولا يقبل بمبدأ الشراكة الحقيقية في إدارة شؤون البلاد هو الذي يتسبب بتعطيل المؤسسات، لذلك وأمام التحديات التي نمر بها وتداعيات أزمة المنطقة والخطر الذي تمثله الجماعات التكفيرية والخطر الاسرائيلي الذي نعتبره دائماً خطراً داهماً ولا تغفل عنه المقاومة، علينا أن نبحث عن حلول في هذا الظرف الحساس من أجل إيجاد المخارج التي تسمح للمؤسسات بالعودة للعب دورها ولو بالحد الأدنى، لأنه ما لم تكن هناك حكومة تقوم بمسؤولياتها ومجلس نيابي يمارس دوره، لا يمكن معالجة مشكلات مياه أو كهرباء أو ما يستجد ويتفاقم من مشكلات، ونحن لا ندّعي أن هناك حلولاً شاملة وسريعة، لأن هناك تراكماً عمره أكثر من عشرين سنة، ولا يمكن معالجة آثاره ونتائجه بفترة زمنية قصيرة سيما أن هناك خلافات سياسية حادة وانقساماً بين المكونات السياسية وتعطيلاً لدور المؤسسات.
وأشار الوزير فنيش إلى أن ما نسمعه اليوم عن الفساد هو حقيقة قائمة لا يمكن إخفاؤها أو نكرانها، والشاهد عليها هي المشكلات التي يعاني منها المواطن، إن لجهة أزمة النفايات أو لجهة تدني الخدمات الحياتية من كهرباء ومياه وتقديمات اجتماعية أو غير ذلك مما نستشعره جميعاً ويشكو منه المواطن والناس والبلد الذي يئن بالمديونية العامة التي بلغت ما يقارب ال70 مليار دولار، وهذا بحد ذاته دليل صارخ على أن هناك مشكلة وهدراً في المال العام، وأن هناك فساداً ممن أداروا شؤون البلاد.
وشدد الوزير فنيش على أننا عندما بذلنا دماءنا من أجل صون هذا الوطن لم نكن يوماً جزءً من منظومة الفساد، فنحن اعتبرنا أن أولويتنا هي أن نحفظ هذا الوطن، وقدمنا الغالي والنفيس وأعز الرجال والشباب في سبيل حفظ كرامة المواطن، وحفظ أمن وحرية وسيادة الوطن، ودفعنا الخطر الإسرائيلي وخطر الجماعات التكفيرية والدول المستغلّة والطامحة في السيطرة على إرادتنا ومصادرة حريتنا وقرارنا، فمن يبذل هذه التضحيات ويسلك هذا الطريق لا يمكن أن يكون جزء من منظومة الفساد هذه، لافتاً إلى أننا في المقاومة قد نجحنا لأن قرار المقاومة بيدنا، ولأن المجاهدين قد تثقفوا ونشأوا وتربوا على نهجها، ودرسوا من خلال انتمائهم لهذا الدين، وعرفوا معنى التضحية والجهاد والتقوى والاستقامة، فكانوا القدوة والمثال في بذل الأنفس والدماء من أجل سعادة المجتمع وحرية بلدهم ووطنهم وأمتهم.
وأكد الوزير فنيش أننا لم نكن يوماً إلاّ في موقع الاعتراض على السياسات التي اتبعَت، فنحن لم نكن مقتنعين بجدواها ولا بالممارسات التي رافقتها ولا باستقامة القيمين عليها، ولذلك كنّا أساس المعارضة في المجلس النيابي، وحتى عندما شاركنا في الحكومة كانت مشاركتنا من أجل منع إسقاط موقع لبنان أو التفريط بإنجازات المقاومة، وكنّا نتصدى بالموقف والرأي والنصح من خلال التزامنا بأولوية حفظ الوطن، لكل ما نجده فاسداً أو بعيداً عن مصلحة الوطن أو متجاوزاً للقوانين، وصحيح أننا لم ننجح في هذا الأمر لأننا لسنا أصحاب القرار وحدنا، ولأن طبيعة نظامنا السياسي لا تسمح لنا أن نكون نحن وحدنا من يمتلك التصرف بالقرار أو من يمتلك منع الآخرين من اتخاذ القرار الذي يتفقون عليه.
وقال الوزير فنيش إننا عبّرنا عن دعمنا وتعاطفنا وتأييدنا للتحرك المطلبي الذي يعبر عن سخط وشكوى الناس، لأننا نعتبر أن من حق وواجب الناس أن تتحرك للتعبير عن رفضها لما تراه تجاوزاً للقانون أو هدراً للمال العام أو انتقاصاً من حقوقها أو تعرضاً لكرامتها، فمن يعتدي على المال العام وعلى الناس وعلى حقوقها وكرامتها ولا يلبي حاجتها، عليه أن يعالج مشكلات المجتمع والمواطنين جميعاً.
ونصح الوزير فنيش المشاركين في التحرك المطلبي بأن يبتعدوا عن كل ما يبعد هذا الحراك عن غاياته وأهدافه، وأن لا يلجأوا إلى التجريح الشخصي، وأن لا يسمحوا لبعض من يظهر توتراً في الإساءة إلى رموز إصلاحية ووطنية وقادة تاريخيين، وأن لا يسمحوا لأمثال هؤلاء بأن يبعدوا هذا التحرك عن أهدافه، بل ينبغي أن يبقى في إطار مطالبة المسؤولين بتصحيح السياسات ومعالجة المشكلات، وفي المقابل على المسؤولين أن يلتفتوا إلى صرخة الناس، وأن يبادروا للاستجابة لهذه المطالب، ونحن من جانبنا نعتبر أنفسنا جزء من أي حراك فيه دعوة لتصحيح السياسات الخاطئة، ونقف جنباً إلى جنب مع كل من يريد الإصلاح في هذا البلد، بل إننا من رواده، لأن الوفاء للمقاومة لا يكون بالإساءة لمجتمع المقاومة ولا للناس الذين يحتضنون المقاومة ويدافعون عن مشروعها.
وكان الحفل افتتح بتلاوة آيات بينات من القرآن الكريم، ومن ثم تم عرض فيلم "أنت الولي" والذي يحكي عن حياة السيد القائد الإمام علي الخامنئي، قبل أن يتم عرض فيلم آخر يحكي عن المراحل التعليمية التي يخضعون لها الطلاب في الثانوية طيلة فترة دراستهم، ويحكي عن عزيمة وإصرار التلميذ كاظم طالب ابن الشهيد عرفات طالب على المشاركة في الامتحان الرسمي، ليشارك بعده في تشييع والده المصادف في اليوم نفسه.
وألقى مدير ثانوية المهدي (عج) الحاج ربيع الصعيدي كلمة حذّر فيها من الحرب الناعمة وأشكالها الثقافية والاجتماعية والقيمية المتعددة سيما في الجامعات،وأن يحفظوا وصايا الشهداء ويتمسكوا بالمقاومة سبيلاً لتحرير الأرض والإنسان.
وفي الختام وزّعت الدروع التقديرية على الطلاب الناجحين.