رأى وزير الدولة لشؤون مجلس النواب الحاج محمد فنيش أن المدخل السليم والصحيح والأساس للمحاسبة الحقيقية هو إقرار قانون انتخابات يمكّن المواطن من محاسبة المسؤول بعيداً عن العصبيات الطائفية والمذهبية أو المناطقية، وساعتئذ يفكّر المسؤول في دور الرأي العام في المحاسبة قبل أن يخطئ وقبل أن يكون جزء من منظومة الفساد وقبل أن يكون مقصراً أو أن يكون شريكاً في جني المغانم، وأما إذا بقي قانون الإنتخابات يفصّل على أساس هذا الزعيم أو ذاك، وبقيت المقاييس والاعتبارات التي تحكم إختيار الناس على أساس الحسابات العصبية التي يستغلها القيّمون على الشأن السياسي لمآربهم ليغطوا مساوئهم ومواقفهم وفسادهم وتقصيرهم، فيكون عبثاً محاولة البعض تغيير هذا النظام السياسي.
وخلال رعايته لنشاط إنمائي في مدينة بنت جبيل رأى الوزير فنيش أن المدخل إلى التغيير في ظل تركيبة نظامنا السياسي الحالي ومعرفتنا بتعقيداته يكون عبر إقرار قانون إنتخابات بعيداً عن شد العصبيات الطائفية وعن استخدام المال والرشوة، وعند وجود قانون محاسبة ومؤسسات رقابة وإجراء تغييرات على كيفية إجراء المناقصات يمكن أن نقلل من حجم الفسادة وتأثيره، ويمكن أن نجد الحلول والعلاج للكثير من المشاكل، فهذا الأمر لا يحتاج إلى وصفات سحرية، لأن الرؤية والبرامج وخطط المعالجة واضحة، ولكنها تحتاج أولاً وقبل أي شيء آخر إلى إرادة واستقامة سياسية ومؤسسات تؤدي دورها بالشكل الصحيح، لعلاقة مع الناس قائمة على الأخذ بعين الاعتبار دور الرأي العام في المحاسبة والاختيار.
وشدد الوزير فنيش على ضرورة أن يصغي جميع المسؤولين إلى صوت الاعتراض وتعبير الناس عن غضبهم واستيائهم، وأن يسعوا جاهدين لمعالجة هذه الإشكالات، وأن يكفّ البعض عن اعتبار المسؤولية العامة فرصة لتحصيل المغانم والمكاسب على حساب المال العام أو مصالح البلد أو المصالح العامة، بل المطلوب أن يكون هناك مقاربة مختلفة لإدارة شأن البلد، وأن تقلع بعض القوى السياسية عن البحث في كيفية الاستفادة من كل مناقصة، وعن ثقافة أن السياسة هي الفرصة المؤاتية للإثراء، أو لتكوين زعامات من خلال الاستفادة من المال العام.
وأكد الوزير فنيش أننا نجحنا في التصدي لمخاطر العدو الإسرائيلي والعدو التكفيري من خلال معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي ترسخت بدماء الشهداء، ولكن مع الأسف فإن الإدارة الداخلية لم تكن لترتقي إلى مستوى عطاء المقاومة، وهذا عائد إلى تعقيدات التركيبة السياسية اللبنانية وإلى طبيعة النظام السياسي في لبنان، وصحيح أننا جزء من الحياة السياسية، ولكن القرار السياسي ليس بيدنا، فنحن جزء مسؤول عن مواقفه وأدائه وتجربته وعمّا نتولاه من مسؤوليات، ونحن حاضرون وجاهزون لأي مساءلة أو محاسبة، لأن سجلنا ومواقفنا وبصماتنا واضحة في كل شأن توليناه في هذه الدولة، معتبراً أن بقية الأمور التي تراكمت هي نتيجة الأخطاء والقصور والمناهج المتبعة، ونتيجة غلبة الحسابات الضيقة على حساب المصلحة العامة، ونتيجة عدم الإصغاء للموقف الآخر أو للرأي المعارض، ولذلك وصلنا إلى حد أننا عاجزون عن معالجة مشكلة النفايات، وهذا لم يأتِ فجأة، بل تراكم على مدى سنين كما مشكلة الكهرباء والمياه وسائر المشكلات الحياتية التي يعاني منها الناس.