شدد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور حسن فضل الله على أن موقف حزب الله واضح، وينطلق من كون أن لبنان قائم على قاعدة أساسية ألا وهي قاعدة الشراكة الوطنية، وبالتالي لا يمكن لفريق أو لطائفة أو لجهة أياً تكن قوتها أو حجمها السياسي أو العددي أو الدعم الخارجي لها أن تستفرد أو تتفرّد بلبنان، وقد جرّب الجميع باستثنائنا نحن وحركة أمل أن يتفرّدوا بلبنان، فيما كان الإمام الصدر منذ الستينيات والسبعينيات يرفع شعار الشراكة الوطنية.
كلام النائب فضل الله جاء خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله لمناسبة مرور ثلاثة أيام على استشهاد الأخ المجاهد محمد سميح العلي في حسينية بلدة شقرا الجنوبية، بحضور عدد من العلماء والشخصيات والفعاليات وحشد من الأهالي.
وأكد النائب فضل الله أن هناك تيار ومكوّن أساسي في البلد يمثله التيار الوطني الحر وعلى رأسه العماد ميشال عون لديه مطالب محقة، وهو الذي قد وقف موقفاً وطنياً تاريخياً في تموز عام 2006 وما بعده، وأن موقفنا المتضامن مع هذا التيار ليس فقط معادلة أخلاقية أو رداً للجميل، بل نحن على اقتناع بضرورة أن يكون هناك شراكة، ونعتبر أنفسنا شركاء معه في الموقف المطالب بالشراكة الوطنية، فهذا مطلبنا كما هو مطلبه، ولذلك فإننا دعونا في الحكومة إلى العمل على تلبية مطالب هذا التيار ورمزه، كما أننا وفي الحوار مع تيار المستقبل دعونا إلى فتح أبواب للحوار معه، لأن الاستمرار بالعناد والمكابرة وإدارة الظهر لا يعالج الأزمة الموجودة داخل الحكومة بل يعقّدها ويزيد من المشاكل، لافتا إلى أن المعالجة تكون بالعودة إلى آلية العمل التي اتفقنا عليها في الحكومة، وبالتفاهم والتوافق مع المكونات الأساسية، وبالعمل من أجل الارتقاء إلى مستوى الحماية الحقيقية في لبنان وهي الحماية الاجتماعية.
وأشار النائب فضل الله إلى أن هناك وجع وصرخة لدى الناس، وبالرغم من أن البعض يأخذ بالشعارات "الصالح بعزا الطالح"، ولكن ليس الجميع في لبنان فاسدين ومرتكبين ومشاركين فيما نشهده من احتراق على مستوى إدارات ومؤسسات الدولة، وليس الجميع بالمستوى نفسه في تحمل المسؤولية حيال الأزمات المستشرية في البلد، ومع ذلك فإننا نطالب الجميع بأن يتحملوا المسؤولية، ولكن مكافحة الفساد في مواضيع الكهرباء والمياه وأزمة النفايات والفساد المستشري في إدارات ودوائر الدولة والموجود أينما مددنا يدنا يتطلب رفع الحمايات السياسية والطائفية والمذهبية عن المفسدين الذين يدمّرون الدولة والمؤسسات والمجتمع ومصالح الناس، لافتاً إلى أنه عندما نشير إلى المفسدين بالإصبع ونريد محاسبتهم يصبح هذا الذي نشير إليه ينتمي إلى طائفة وكأننا نريد محاسبة طائفته أو مذهبه، في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون المذاهب والطوائف والقوى السياسية براء من كل فاسد، لأنه يسيء إليها، ولا يجوز لأحد التمسك بعنوانه المذهبي، فالمفسدون ينتمون إلى طائفة إسمها الفساد والرشوة ومحاولة تعطيل مصالح الناس.
وشدد النائب فضل الله على أننا كنا ولا نزال مع كل مطلب محقّ من قبل الناس الذين نحن جزء منهم ونعيش معاناتهم، ومن حقهم أن يعبروا عن هذه المطالب بطريقة سلمية وحضارية لكي يصل صوتهم إلى المسؤولين الذين بدورهم عليهم أن يستمعوا لهم، لأنهم إذا لم يسمعوا للناس فإنهم سيتظاهرون ويصرخون ويعبرون أكثر، مما يحتّم على الجميع الارتقاء إلى مستوى آلام الناس وأوجاعهم، وأن لا يكون هناك أي حمايات لأي أحد، فلو بدأنا بشكل بسيط بالمساءلة سنرجع بذلك الثقة شيئا فشيئاً بالدولة ومؤسساتها التي فقدها الناس، في حين أنه لا بد من معالجة الأزمة السياسية لأنها هي المدخل لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد النائب فضل الله على أننا مستمرون في معركتنا في مواجهة العدو التكفيري حتى تحقيق النصر الذي سيتحقق إن شاء الله بفضل الشهداء الذين يحققون الإنجاز تلو الآخر، فأين كنا منذ سنوات وأين نحن اليوم، مشيرا إلى أننا استطعنا أن نهزم عند حدودنا العدو التكفيري وأن نوقفه عند حدّه في بقية المناطق السورية، وهذا كان لأجل كل لبنان، فمعركتنا في القصير وحمص وجرود عرسال والزبداني هي معركة حماية لبنان في مواجهة خطر حقيقي يتهدد مصير الجغرافيا والسكان والمؤسسات والدولة وصيغة العيش الواحد والوطن كله، سواء كان بعض من في هذا الوطن يؤيد هذا الفريق وبعضه يؤيد الآخر، لأننا نحمي كل لبنان الذي لولا هذه المقاومة لكنا نبحث عنه اليوم في مخيمات اللاجئين وفي أروقة الأمم وبين إمارة لهذا الأمير الداعشي ولذاك الأمير من جبهة النصرة، ولما كان بقي لنا لبنان ولا دولة ولا مؤسسات، فلبنان اليوم هو مدين للشهداء بأنه باق على خريطة الجغرافيا، لأنه لولاهم كان سيخرب كما يحاولون أن يخربوا في سوريا والعراق، حيث أغرقوا هذين البلدين في بحر من الدماء، ولكن لبنان اليوم محمي ومستقر نسبياً وقادر على الاستمرار بفضل معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي تأسست في وجه العدو الصهيوني، إلا أنه يحتاج أيضاً إلى إرادة سياسية داخلية تواكب هذه الحماية بحماية الشأن الاجتماعي وصيغة الدولة القائمة على الشراكة والتفاهم.