في أجواء ذكرى الانتصار الإلهي عام 2006، أقام حزب الله إحتفالاً تكريماً لشهداء المقاومة الإسلامية في قطاع قانا، وذلك في ملعب بلدة كفرا الجنوبية بحضور عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب السيد نواف الموسوي، عوائل الشهداء إلى جانب عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات، وحشد من الأهالي.
وبعد تلاوة آيات بينات من القرآن الكريم، تم عرض فيلم مصّور يحكي عن الشهداء وعن تاريخهم الجهادي في مسيرة المقاومة.
وبعدها ألقى النائب الموسوي كلمة جاء فيها: إن معظم العالم العربي قد أدرك اليوم حقيقة القتال في سوريا حين رأى كيف تقوم القوات الإسرائيلية بدعم المجموعات التكفيرية إلى حد أنها تنقل جرحى هذه المجموعات بسيارات الاسعاف العسكرية إلى المشافي الإسرائيلية، وهذا ما يؤكد أن الذي يقدم الرعاية الصحية يقدم المعلومات الاستخبارية، ويقوم بالتدريب وبتقديم السلاح والذخائر التي يعثر عليها المجاهدون في الأماكن التي يحررونها من السيطرة التكفيرية.
إن الطوائف والأحزاب اللبنانية جميعاً بمن فيها تلك التي تختلف معنا تدرك اليوم أنه لولا الشهداء الذين نقدمهم في سوريا لما أمكن لأي أحد أن يواجه الاجتياح التكفيري، ولذلك نسأل هل يثق اللبنانيون الذين يرون دولتهم عاجزة عن معالجة نفايات بأنها قادرة على مواجهة العدوان التكفيري، وهل يثقون بقدرتها على مواجهة العدو الصهيوني، فهم يدركون في قرارة أنفسهم أنهم مدينون لشهداء المقاومة ولمجاهدي حزب الله من خلال الأمان الذي يشعرون به تجاه أي محاولة إسرائيلية للعدوان على لبنان، ومن خلال تمكّن حزب الله من إقامة سور يحمي المناطق اللبنانية التي كانت تهدد الجماعات التكفيرية بأنها بعد ذوبان الثلج ستجتاح البقاع والشمال وصولاً إلى بيروت، فأين أصبحت هذه المجموعات الآن، ومن الذي دفعهم إلى الوراء وقضى عليهم.
إن المحاولات الأميركية بأصوات محلية الهادفة إلى تشويه صورة حزب الله ستبوء بالفشل كما سبق للمحاولات من قبلها أن باءت بالفشل، وسيبقى مجاهدو حزب الله عنواناً للفخر وللإعتزاز للسيادة والحرية والاستقلال في معانيها الفعلية والحقيقية، وأما ما نواجهه اليوم، فإننا نرى بأمّ العين تعطل المؤسسات الدستورية اللبنانية عن القيام بواجبها، ولنبدأ من الشغور في مقام رئاسة الجمهورية، فإن الذي يتحمّل المسؤولية عن الشغور في رئاسة الجمهورية هو الطرف الإقليمي الذي يضع فيتو ويمنع وصول رئيس الأكثرية المسيحية إلى سدّة الرئاسة، فلبنان القائم على الشراكة والتوازن لا يتحقق وفاقه إلاّ حين يترأس كل رئيس من رؤساء المؤسسات الدستورية أكثريته الطائفية، أو بموافقة أكثريته الطائفية، ولا يمكن أن يكون هناك رئيس مجلس نيابي أو رئيس للحكومة أو للجمهورية ولا يحظى بتأييد أو بعدم إعتراض الأكثرية من طائفته.
إن هناك من يربط الملف اللبناني مع الملف السوري والملف اليمني من أجل المساومة على لبنان، فيمسك بالشغور في مقام رئاسة الجمهورية حتى يساوم عليه في مواقع أخرى، ولكن قناعة اللبنانيين فهي أن المرشح القادر على ملء منصب رئاسة الجمهورية هو رئيس الأكثرية المسيحية الجنرال ميشال عون، ولا سيما بعد اتفاقه مع القوات اللبنانية، بحيث لم يعد ثمة اعتراض حقيقي على وصوله إلى هذا الموقع، وأما تعطيل الحكومة فيتحمل مسؤوليته الذي انعطف لأسباب مجهولة وغير مبررة من منطق التوافق الميثاقي إلى منطق الإخلال بالميثاق والشراكة والوازن وإبعاد ممثل الأكثرية المسيحية في الحكومة عن الشراكة في اتخاذ القرار الحكومي، بالرغم من أن هذه الحكومة قد بدأت على أنها تعمل بالتوافق، ولكن ما الذي تغيّر حتى أصبح هناك من يريد أن يتخذ القرار بالأكثرية أو بالنصف زائد واحد، ويجهروا باستبعادهم للتيار الوطني الحر ولتكتل التغيير والإصلاح بوزرائه وممثليه داخل الحكومة، وهم أنفسهم لم يقبلوا من قبل إلاّ أن يكون ثلاثة وزراء لرئيس سابق شركاء في التوقيع على المراسيم الحكومية، فكيف يبررون اليوم أن تصدر المراسيم من دون موافقة رئيس الأكثرية النيابية المسيحية والممثل الأساسي للمسيحيين في الحكومة، وأما التعطيل في المجلس النيابي فلطالما كان فريقنا مصرّاً على فتح أبواب هذا المجلس أمام التشريع، ولكننا كنا نقابل بمن يقول إن لا تشريع قبل انتخابات الرئاسة ولاحقاً إنه ليس هناك من تشريع إلاّ تشريع الضرورة وبعدها إن الضرورة ليست إلاّ في القانون الفلاني أو غيره، ولذلك فإننا ندعو إلى وقف التعطيل بالمؤسسات جميعاً من خلال المبادرة إلى انتخاب رئيس الأكثرية المسيحية رئيساً للجمهورية، وإلى أن يعيد مجلس الوزراء عمله على أساس التوافق الميثاقي، وإلى أن يفتح المجلس النيابي فوراً لإقرار القوانين التي يحتاج إليها اللبنانيون في عيشهم اليومي، وأما بما يخص الدعوة إلى التغيير، فلطالما كنا دعاة له، فتغيير الطبقة السياسية في لبنان ممكن ولكن طريقه محدد ألا وهو إجراء انتخابات على أساس الإقتراع النسبي، مع ضمان التوزيع الطائفي والمناطقي، فالانتخابات على أساس النسبية هي خريطة التغيير.
إننا تحملنا منذ عام 1982 مسؤولية كبرى وهي تحرير بلدنا، ولم يكن من أحد معنا حينها، وعندما بدأنا كان هناك من يلومنا ومن لم يتوقع أن نحرر، والبعض في لبنان لم يكن يصدق لغاية 25 أيار من العام 2000 أن المقاومة ستتمكن من تحرير الشريط الحدودي المحتل، ولكننا حققنا هذا الانتصار، وكذلك فإن البعض توهم أنه ليس بإمكاننا أن نوقف الاجتياح التكفيري الذي ليس في الحقيقة إلا أداة للاجتياح الأمريكي-الإسرائيلي، ولكننا وبحمد الله أوقفناه وغيرنا وجهة السياسة والآن نحن غيرنا الموازين، وكل ذلك بفضل هؤلاء الشهداء.
وفي الختام قدمت فرقة الإسراء باقة من الأناشيد التي تحكي عن المقاومة وانتصاراتها في وجه العدو الإسرائيلي.