في أجواء الذكرى التاسعة للانتصار الإلهي في عام 2006، وبرعاية بلدية الخيام أقام حزب الله وملتقى ألوان الفني احتفالاً جماهيرياً بالمناسبة قرب نبع الدردارة في سهل الخيام بحضور عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي إلى جانب عدد من علماء الدين من مختلف الطوائف الدينية، وعدد من الشخصيات والفعاليات وحشد من الأهالي.
افتتح الحفل بآيات من القرآن الكريم ثم كانت كلمة لرئيس البلدية عباس عواضة بارك فيها للبنانيين جميعاً بمناسبة الذكرى التاسعة للانتصار الإلهي، مؤكداً أن هذا الانتصار كان ثمرة لإيمان وثبات وصمود وتضحيات شعب المقاومة، مشدداً على أن شكر النعمة على هذا الانتصار يستلزم منا الثبات على النهج والعهد، وتقديم التضحيات في شتى الميادين، لأنه وإن اختلف العدو في الظاهر فإن حقيقته واحدة هي ظلم وإرهاب وقتل ودمار.
وبعدها ألقى النائب الموسوي كلمة جاء فيها: "اليوم وإذ نقف هنا لنحيي ذكرى انتصارنا فإننا لا نتحدث عن أمر حدث في الماضي وانتهى، بل نقف متحملّين لمسؤولياتنا في الدفاع عن لبنان بأسره من جنوبه إلى شماله ومن شرقه إلى غربه في مواجهة العدو التكفيري الذي لو لم نقاتله ولا زلنا نفعل في سوريا لكان دخل إلى لبنان وارتكب فيه بحق اللبنانيين من الطوائف جميعاً أعظم مما ارتكبه في العراق وفي سوريا، فمن هذه البلدة ومن هذه المنطقة التي تشهد للعيش المشترك بين اللبنانيين من مسيحيين ومسلمين ودروز وشيعة وسنة وأورثوذكس وموارنة وكاثوليك وما إلى ذلك من طوائف في لبنان نشهد أن دمنا الذي يسيل في سوريا هو ليس دفاعاً عن طائفتنا وجماعتنا، بل هو دفاع عن اللبنانيين جميعاً وعن السنة قبل الشيعة وعن المسيحيين قبل المسلمين، لأن سيف التكفير يطال الرؤوس جميعاً، وسكّينه تقطع رأس خالد الأسعد ابن الثمانين سنة والسني ابن السني قبل أن تقطع أي رأس آخر.
إننا نقف اليوم لا لنحيي ذكرى الانتصار فحسب، بل لنقول للعدو الصهيوني، إننا كما وجدتنا في عام 2006 وفوجئت بنا، فإننا في هذه الأعوام وما هو قادم من الأيام سيكون أقوى وأشدّ، ومفاجأتك ستكون أعظم، وبالرغم من أننا نعرف أنه في الكيان الصهيوني لم يعد هناك من يستسهل قرار الحرب على لبنان، ولكنه وبالنظر إلى ما يحصل في الجولان فيجب أن يكون واضحاً لهذا العدو أن المقاومة وإن كانت تخوض حرباً مفروضة عليها في سوريا، إلاّ أنها على أتمّ الجاهزية لمواجهة عدوانه على لبنان وتكبيده خسائر لم يستطع تقديرها حتى الآن، وفي هذا الإطار على هذا العدو أن يستذكر أن مخابراته فشلت في عام 2006 في تقدير قدرتنا على القتال والمواجهة وضرب الجبهة الداخلية لديه، وهي اليوم أكثر فشلاً، ومعلوماتها أشدّ نقصاناً، واستعداداتنا أكبر مما كانت عليه من قبل، ولذلك فإن على هذا العدو أن يفكر آلاف المرات قبل اتخاذ القرار بشن الحرب على المقاومين في لبنان أو في سوريا، لأنه كما قال سماحة الأمين العام لم يعد هناك من تجزئة في الجبهات.
إننا نحمل مسؤولية عظيمة، ألا وهي حماية لبنان من العدوان الصهيوني التي يوجد البعض في لبنان ممن لا يقدّر حجمها وما تفترضه، فيتصرف وكأنه لا عدوان صهيونياً محدقاً بلبنان، ونحن نقول لهؤلاء زوروا الجنوب وانظروا واقرأوا العدو وافهموا واعرفوا أن ما يمنعه عن غزونا هي ليست الضمانات الدولية ولا فيتوات ما يسمى القوى الكبرى، وإنما هي بفعل توازن الردع الذي بنته المقاومة بصمود وتضحيات أهلنا والمجاهدين، ونحن نحمل أيضاً مسؤولية مواجهة العدوان التكفيري الذي حاول البعض التقليل منه وتجاهله، ولكنه فشل، لأن اللبنانيين باتوا يدركون اليوم أنه لولا القتال في سوريا لكان لبنان مباحاً أمام الجحافل التكفيرية والبربرية، ونحن إذ أننا نتحمل مسؤوليتنا على هذين الصعيدين، فإننا لا ننسى مسؤولياتنا تجاه أهلنا في لبنان فيما يصيبهم بشؤونهم الداخلية.
إن القوى الأمنية المكلفة بضبط الأمن في بيروت كانت بالأمس تتجاوز حدودها حيال المتظاهرين الذين هم أصحاب الحق المشروع في التعبير عن رأيهم وآلامهم، وفي حين أن لبنان هو بلد الحريات، وقد تحمل تظاهرات وشهد اعتصامات كثيرة، فإننا نسأل لماذا يضيق صدر البعض بالاعتصام القائم في وسط بيروت، ولماذا تستخدم ضد المتظاهرين القوة وهم يعبرون عن صيحة مشروعة لما يعانون ونعاني منه من تقاعس للدولة وقصور لها عن القيام بواجباتها الخدماتية في حدها الأدنى تجاه المواطنين، فمن هنا نحن ندعو القوى الأمنية إلى تمكين المتظاهرين والمعتصمين من التعبير عن آرائهم، لا ممارسة العنف ضدهم أكان مفرطاً أو غير مفرط، لأنه بإمكان لبنان أن يتحمل أصواتاً كثيرة، ولأن البيت اللبناني هو بيت واحد ولكن بمنازل كثيرة.
إننا دعونا دائماً لأن تتحمل الدولة مسؤولياتها، ولكن هل يعقل أن نقدم الدم في مواجهة العدو الصهيوني وفي مواجهة العدو التكفيري ثم لا تتحمل الدولة ولا سيما أصحاب شعار العبور إليها مسؤولياتهم تجاه أهلنا اللبنانيين جميعاً، وهل المطلوب أن نحمل البندقية في مواجهة العدو التكفيري والعدو الصهيوني، ونحمل نعوش الشهداء على أكتافنا، وأن نحمل في الوقت نفسه المكانس وأسلاك الكهرباء، أليس بإمكان هذه الدولة التي يدعون إليها أن تتحمل على الأقل هذه الواجبات البديهية حتى تقنعنا أنها قادرة على تحمل المسؤولية في مواجهة العدوان الصهيوني أو العدوان التكفيري، وكيف يمكن أن يثق اللبناني ويقتنع بأن دولة لا تستطيع أن تؤمن الكهرباء له، هي قادرة على تأمين الأمن له، وهل المطلوب دفعنا إلى اتخاذ إجراءات أحادية وهو الأمر الذي لن نقبل به، لأننا مصرون على أن يبقى لبنان واحداً، ولن نقبل بالتقسيم لا في لبنان ولا في سوريا ولا في العراق، فنحن الذين قاتلنا العدو الصهيوني والعدو التكفيري سنقاتل التقسيم في أي منطقة أطلّ منها، لأنه هو إيذان ببناء إسرائيليات تكون في خدمة إسرائيل هذه.
إننا ندعو المعنيين في لبنان للخروج من حالة تعطيل الدولة، لأننا نعتقد أن العقبات الأساسية أزيلت أمام انتخاب رئيس مسيحي قوي للجمهورية، ونرى في اتفاق القوات اللبنانية مع التيار الوطني الحر تأكيداً على أن الجنرال عون هو مرشح قوي لا يواجه اعتراضات من القوى السياسية المسيحية الأساسية، ولذلك فإن على تيار المستقبل أن يكف عن القول إن العقدة لا تزال في الطرف المسيحي، فالاتفاق بين القوات والتيار الوطني الحر قد ألغى هذه المقولة، ووفقاً له لن نسمع اعتراضاً من أحد على انتخاب الجنرال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية، لأنه يمثل الأكثرية المسيحية، ولأنه باتفاقه مع الدكتور سمير جعجع أزال الاعتراضات والعوائق التي يمكن أن يتذرع بها البعض لمنع انتخابه، وفي هذا الإطار يجب القول بصراحة إن من يمنع انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان هو الطرف الإقليمي الذي يصرّ على ربط الملفات جميعاً من اليمن إلى العراق وإلى سوريا ولبنان، ونحن ندعو هذا الطرف الإقليمي والأطراف الإقليمية الأخرى إلى تحرير الملف اللبناني من عقدة ربطه القسري بالملفات الأخرى ليترك للبنانيين الحرية بانتخاب رئيس يعكس إرادة الأكثرية المسيحية، لأن الشراكة والتوازن لا تحققان إلا بالتمثيل الحقيقي والفعلي الذي يعبر عنه الجنرال عون وتياره الوطني الحر.
إننا نرى أنه بإمكاننا استعادة المبادرة، فينتخب الجنرال عون رئيساً للجمهورية، ونذهب إلى إعادة بناء المؤسسات الدستورية جميعاً، من قانون الانتخاب إلى أي موضوع يطرح، فبإمكاننا أن نتوصل إلى توافق بشأن المواضيع كافة، ولكن علينا أن نخطو الخطوة الأولى، وفي جميع الأحوال نرى أنه من اللازم أن نواصل تفعيل عمل المؤسسات الدستورية القائمة على أساس الشراكة والتوازن، ونؤكد على ضرورة أن يعمل مجلس الوزراء ويتحمل مسؤولياته على أساس الوفاق الميثاقي وليس على أساس كسر فريق أساسي يمثل المسيحيين في الحكومة، وندعو إلى فتح أبواب المجلس النيابي لإقرار القوانين التي يحتاجها اللبنانيون في تحسين عيشهم أو في عيشهم بالحد الأدنى.
ثم ألقت المسؤولة الإعلامية في ملتقى ألوان الفني آلاء كركي كلمة قالت فيها: "إننا نجتمع اليوم في هذه الأرض الطيبة لنعيد مشهداً من مشاهد الانتصار حين تحولت الأسطورة التي لا تقهر إلى خردة في كل سهل وكل واد، لافتة إلى أن ملتقى ألوان الفني قد أخذ على عاتقه أن يحكي كل حدث وطني بلغة الفن الذي هو وجه من أوجه المقاومة يعبر فيه الفنان عن حبه ودعمه وولائه للمقاومة.
كما وتخلل الحفل عرض فني جسّد تدمير دبابة الميركافا التي هزمت وأحرقت ودمّرت في سهل الخيام عام 2006، وتأدية لقسم العهد والوفاء من قبل أشبال في كشافة الإمام المهدي (عج) بالسير على نهج المجاهدين والشهداء وسط مؤثرات سمعية وبصرية.