كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي خلال الإحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله في ذكرى مرور أسبوع على استشهاد الأخ المجاهد حسين علي عزت باجوق في حسينية عيتا الشعب الجنوبية بحضور عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات وحشد من الأهالي، وقد جاء فيها:
لقد استجبنا للنداء الواجب في مواجهة التكفيريين لضرورة حماية المقدسات، فكافأنا الله بأن حما مناطقنا من أن تكون عرضة للهجوم المباشر من المجموعات التكفيرية، ففي العراق يفوقنا عدد أمثالنا 18 ضعف، ولكن لأنهم لم يبادروا إلى مقاتلة التكفيريين في عقر دارهم بلغت سكاكين التكفير تخوم النجف وكربلاء فضلاً عن سامراء وسقطت الموصل ومعظم الأراضي العراقية في يد هؤلاء التكفيريين، وفي المقابل نحن حمينا الهرمل وبعلبك وصور وزحلة وكل قرانا ومدننا المسيحية منها والسنية من أن يصلوا إليها، ولو أننا لم نقاتل في سوريا لكانت الصورة التي رأيناها منذ عام في العراق يمكن والعياذ بالله أن تتكرر، فنشاهد الجحافل التكفيرية تقتحم المدن والقرى من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وشرقاً وغرباً، ولذلك فإننا إذا كنا نتمتع اليوم بهذا الاستقرار والأمان في لبنان الذي ينعم به الجميع من الطوائف كلها، فهو بفضل هؤلاء الشهداء وأمثالهم الذين لولاهم ما كنا قادرين اليوم على البقاء لا في قرانا ولا مدننا.
إننا قاتلنا التكفيريين في وقت كانت الحكومات الغربية والأنظمة العربية هي من يرعى هؤلاء بالسلاح والعديد، ونحن كنا نقول للجميع منذ سنوات إن الوحش التكفيري الذي تستخدمونه لا يلبث أن ينقلب عليكم وستكونون من ضحاياه، إلا أنهم كابروا واستمروا في تغذيتهم، فكانت النتيجة أنهم بطشوا في كل مكان، وهنا نذكر الجميع الذين كانوا يقولون عندما كانت تحصل التفجيرات في الضاحية الجنوبية إن سببها هو التدخل في سوريا، لنسأل اليوم هل الإنفجارات في السعودية وتونس وتركيا وغير ذلك من الاعتداءات الانتحارية في العالم سببها تدخل حزب الله في سوريا، وبالتالي فإن الذريعة التي كان يستخدمها هؤلاء قد تهاوت، وقد أصبحوا اليوم جميعاً يقولون في سرهم ما تجرأ الجنرال عون من قوله علانية وهو إنه لولا قتال حزب الله في سوريا لحلّ بالمسيحيين في لبنان ما حل بهم في نينوى والموصل، وهم يقرون به بين بعضهم البعض في غرفهم المغلقة وفي قرارة أنفسهم، حتى أن أحد الزملاء النواب من مدينة زحلة قال لنا إنه لولا وجود رجال المقاومة فوق التلال لكان بإمكان داعش أو النصرة أن تكون في مدينتنا في غضون عشرة دقائق، ولذلك فإننا نقول كلمة الحق وليس امتناناً على اللبنانيين فيما فعلناه انطلاقاً من واجبنا الشرعي والوطني ولرضا الله ولحماية أهلنا وشعبنا ووطننا إنه لولا تضحيات شعبنا وقتاله وتقديمه لأبنائه شهداء لما كانت لتكون هذه هي صورة لبنان بل كانت إما صورة العراق أو سوريا، فكل الشكر والتحية والاحترام منا جميعاً كلبنانيين لأولياء الشهداء وأمهاتهم وآبائهم، لأن كل ما لدينا اليوم هو من الشهداء ولولاهم لما كان في لبنان مساحة صغيرة آمنة ومستقرة.
إننا لم نقصر في تقديم التضحيات، ولكن الذين زعموا أن مشروعهم السياسي هو العبور إلى الدولة لم نرى منهم ذلك بل رأينا عبوراً بالدولة إلى الشركة الخاصة، ورأينا من يضعّف مؤسسات الدولة ويفككها من أجل أن يثرى على حساب أموال اللبنانيين عبر شركات خاصة تتولّى هي الأعمال، لتقع بعدها الكارثة عندما يحاول المتشاركون إعادة تقاسم المغانم بينهم، بعد أن اختلفوا على تقاسم العائدات في ملف معالجة النفايات التي لم يكونوا يعالجونها، ويدفع اللبنانيون الثمن مرة أخرى من صحتهم وراحتهم، فلم يكفي أنهم استنفذوا جيوب اللبنانيين بالأموال التي أخذوها بدعوى معالجة النفايات بل ألقوها في شوارع بيروت والضاحية وغيرها من المناطق لكي يدفعوا الجميع إلى إعادة فتح حساب التقاسم والربح، فهل يعقل أن دولة لا تستطيع أن تعالج أزمة نفايات في هذا الزمان الذي يوجد فيه أكثر من وسيلة للمعالجة، إلا أن الذي يحول دون ذلك هو أن المسيطرين على القرار السياسي والمساهمين الأساسيين في صناعته اختلفوا، فدفع المواطن ثمن اختلافهم.
إننا سعينا على الدوام من موقعنا الحكومي والنيابي إلى تصحيح عمل الدولة في شأن تحمّل مسؤولياتها تجاه المواطنين، ولكن النتيجة على الدوام كانت محاولة تهميش الدور أو إلغائه، ففي الفترة الممتدة من عام 2006 إلى عام 2008 همشونا ووضعونا جانباً، والآن في هذه الفترة يعملون على تهميش التيار الوطني الحر، وبدلاً من أن ينصب عمل الحكومة على قاعدة التوافق التي قامت عليها راح ينشغل أعضاؤها في كيفية الدفاع عن حق مكون رئيسي فيها ألا وهو التيار الوطني الحر في أن يكون شريكاً في القرار الإداري والوطني، فشلّت هذه الحكومة لأن هناك من أراد أن يلغي قاعدة التوافق التي عمل بها منذ تشكيلها، وقرر مرة جديد انتهاج سياسة التفرد والانفراد التي أدت من قبل إلى ما أدت إليه، فحتى الآن لم يتخلى تيار المستقبل عن محاولته للتفرد بالقرار السياسي والاستفراد بآلية اتخاذ القرارات، والمشاكل مستمرة داخل مجلس الوزراء والمجلس النيابي، ولذلك فإننا نسأل إلى متى سيستمر هذا الفريق في سياسة التفرد.
إن هذه الحكومة مؤلفة من مكونات، والمكون المسيحي الرئيسي فيها هو التيار الوطني الحر بحسب نتائج الإنتخابات النيابية في عام 2009 التي يأتي فيها هو في أول الترتيب ثم يأتي بعده بمسافات القوات اللبنانية وحزب الكتائب من بعدها، فهل يعقل أن يغيّب هذا المكون المسيحي الرئيسي في الحكومة عن اتخاذ القرار، ووهل يمكن أن نقبل لغيرنا ما لم نقبله لأنفسنا نحن والأخوة في حركة أمل، ولذلك يجب أن يتوقف الجدل بشأن آلية اتخاذ القرار في الحكومة على قاعدة الاقرار بحق التيار الوطني الحر بأن يكون شريكاً كاملاً في اتخاذ قرارتها، لا أن يتم تهريب القرارات من خلال زيارات ليلية خارج الدوام للوزارات لتوقيع مراسيم، فالدولة لا تدار هكذا بل بالتوافق.
إن الناس لم تعد تحتمل الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحالي، ولولا الخشية من الأسوء لما كانت الناس قد سكتت على الحال الذي هي عليه، لكنها تخاف من أن تصادف المجهول الذي لا نعلمه في حال الذهاب نحو الفوضى، وبالتالي فالناس حتى الآن هم يتحلون بوعي سياسي أعلى من الوعي السياسي الذي تمتلكه بعض القيادات السياسية في لبنان والتي تدار من الخارج، فبالرغم من أننا نقول أن المشكلة هي عند التيار والجهة الفلانية إلا أنه إذا دققنا فالمشكلة هي في الخارج وفي من لا يريد للبنان أن يكون دولة مستقلة، بل ينظر إليه على أنه إمارة من الإمارات التي تلحق به، لكننا نقول إن لبنان ليس إمارة ولا متصرفية جبل لبنان ولا قائمقامية بل دولة مستقلة.
إننا نطالب الحكومة في حال قررت أن تجتمع وتتحمل مسؤولياتها كما يجب بأن تعمل على الفور ودون تلكؤ أو إبطاء إلى القبول بعروض المساعدة التي قدمتها جمهورية إيران الإسلامية على الصعد كافة سواء لتسليح الجيش اللبناني أو غيره، فآنذاك كانوا قد تذرعوا أن إيران هي تحت الحصار والعقوبات، حتى أنهم لم يناقشوا عرضها، وادعوا أن قبول هذه الهبة سيعرض لبنان للعقوبات، ولكننا اليوم نرى أن وزراء الخارجية الأوروبيين يتهافتون إلى طهران ليحجز كل واحد منهم مساحته في الإستثمارات القادمة، فلماذا يحق للأوروبيين وحتى من قبل رفع العقوبات أن يأتوا إلى طهران ويوقّعوا عقوداً معها ويبادروا للانفتاح على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ونحن حتى الآن لا نقبل بالعرض السخي الذي قدمته في تسليح الجيش اللبناني الذي هو في أمس الحاجة إليه، وفي حين أن المعنيين في الدولة والجيش يعلمون أن الهبة الأخرى كانت تقدمة شخصية وأنها ذهبت مع شخص معطيها، فنجد اليوم أنه ليس هناك من مورد لتسليح الجيش، وأمامنا عرض من الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي أعربت عن استعدادها لوضع إمكاناتها بين يدي الدولة اللبنانية من أجل المساعدة على حل مشكلة الكهرباء، فلذلك ندعو وزير الطاقة لأن يذهب إلى الجمهورية الإسلامية في إيران ويتكلم مع الإيرانيين في موضوع الكهرباء، وأن يذهب كل وزير ضمن اختصاصه ويطلب المساعدة في أي شأن من الشؤون فهي أعربت في أكثر من مناسبة عن استعدادها لتقديم العون لأشقائها في لبنان على الصعد كافة، ونحن من جانبنا نتجنب القيام بخطوات أحادية مع أخواننا في حركة أمل حتى لا نفسح المجال لأحد أن يمشي في طريق تقسيم الدولة اللبنانية التي ندافع عن قيامها، ولكنهم ومع الأسف يذهبون ويستجدون المال من دول تعطيهم حثالة المائدة مما تبقى من قطع أسلحة يكلف نقلها من أوروبا والولايات المتحدة أكثر من تصريفها في لبنان، وترسل هذه الدول صواريخ تمتلك المعارضة السورية أحدث منها، والتي أعطتها الحكومات الغربية للمعارضة المعتدلة لتصل بقدرة قادر منها إلى النصرة وداعش على غرار ما يحصل في سهل الغاب وفي أكثر من مكان.
إننا باسم من نمثل من الأمة جمعاء نطالب السلطة التنفيذية والحكومة اللبنانية بأن تتصرف على نحو عاجل وتبادر إلى زيارة الجمهورية الإسلامية وإبرام العقود اللازمة التي تمكنها من القيام بواجباتها التي تعتقد بها تجاه أشقائها في لبنان، وقد رأينا أنها لم تقصر من قبل، فإنجازات الشهيد حسام خوش نويس لا تزال شاهدة على ذكراه الطيبة، وإذا كنتم تتذرعون أنه ليس هناك من مال فلا أحد يقول لكم أن عليكم أن تدفعوا فهذه هبات، وأما إذا كنتم تتذرعون بالموانع فقد زال الحصار ولم يعد هنك من حجة ولا ذريعة، ولذلك فإننا نقول بادروا وبسرعة إلى أخذ الهبات من الصديق والحليف، وأنتم لطالما كنتم تذهبون لاستجدائها من الإتحاد الأوروبي.
إننا نعرف أن المعاناة الاقتصادية والاجتماعية والإنمائية التي نعيشها هي وجه من وجوه الحرب علينا، والمطلوب أن يصل كل واحد منا لأن يصبح كل همه هو كيفية إزالة أكياس النفايات من أمام منزله قبل أن يفكر بأي شيء آخر، فيهمل موضوع إسرائيل والتكفيريين وغيرها، وهذه خطط سبق أن اعتمدت عبر تجويع الناس ليصبح همهم الرغيف وتهديم بيوتهم ليصبح همهم السكن، لكننا نحن من مدرسة نموذجها هو الإمام الحسين (ع) واعتادت على العطش في حرب الصحراء وهي تدافع عن المبادئ العليا.