أحيا حزب الله الذكرى السنوية لشهداء مجزرة قانا 2006 وشهداء الوعد الصادق باحتفال تكريمي أقيم في باحة أضرحة شهداء المجزرة في البلدة، بحضور عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي إلى جانب عدد من العلماء والفعاليات وعوائل الشهداء.
افتتح الحفل بآيات بينات من القرآن الكريم ألقى بعدها رئيس البلدية الدكتور صلاح سلامي كلمة أكد فيها أن الشهداء الذين يعودون في كل عام من خلال إحياء ذكراهم لم يفارقوا وجدان محبيهم وأهلهم، بل لا زالوا في القلوب والذاكرة، مشدداً على أن يوم الشهداء هو يوم النصر الذي تحقق بعون الله وصمود الشعب وتضحيات المجاهدين، وأن هذا النصر قد حقق الأمن والإستقرار والإطمئنان لنا طوال تسع سنوات بعد انتهاء الحرب إلى الحد الذي أصبحت منطقتنا المنطقة الأكثر أمناً وسط هذا المحيط العربي المتماوج بالدماء والأشلاء.
وقد ألقى النائب الموسوي كلمة جاء فيها:
"إن النصر الذي تحقق في عام 2006 بفعل تضحيات ودماء المجاهدين والشهداء هو أمانة في أعناق المقاومة لا يمكن أن نفرط بها، وما شهده العالم وخاصةً العالم العربي بعد عام 2006 كان محاولات ولا زال كذلك للتعويض عن الهزيمة الصهيونية، لأنهم في ذلك العام أدركوا أن المقاومة في لبنان ليست الحلقة الأضعف وأنهم إذا واجهوها كُسروا، فكان خيارهم الإلتفاف من وراء ظهرها لطعنها في حلفائها وفي طريق إمدادها وفيما يشكّل مقومات وجودها، والقرار باستهداف الدولة السورية قد اختمر بعد هزيمة العدو في عام 2006 حيث كانت الإدارة الأميركية آنذاك صاحبة القرار، فعندما عجزوا عن مواجهتنا في أرضنا هاجموا من سوريا وكان هدفهم من خلال محاولتهم إسقاط الدولة هناك هو عزلنا عن حلفائنا ومحاصرتنا من الجهتين الجنوبية والشمالية-الشرقية، بحيث نكون بين فكّي كماشة الجيش الصهيوني من الجنوب والمجموعات التكفيرية من الشمال والشرق، وقد أفصحت هذه المجموعات التكفيرية علناً أن قرارها ومشروعها هو مهاجمة لبنان ومقاتلتنا فيه من قبل أن يكون للمقاومة أي تدخل بعد في الأزمة السورية حينها.
إننا حين أخذنا على عاتقنا مسؤولية الدفاع عن أهلنا وجب علينا أن لا نتهاون في مواجهة الخطر الذي يتهددنا، ففي مواجهة العدو الصهيوني بنينا ولا زلنا نبني قدرات دفاعية من التدريب والخبرات القتالية والأسلحة والصواريخ وكل ما يلزم لكي نمنع هذا العدو من اتخاذ قرار بالعدوان على لبنان وهو بات يعرف أن عدوانه علينا سيكون مكلفاً جداً له، وقد تمكنّا من بناء قوة استطاعت على الرغم من الإنكسار الهائل في ميزان القوى الإقليمي أن تؤمّن لأهلنا في لبنان ولا سيما في الجنوب حصانة أمام عدوان كان يمكن أن يقع لو أن العدو كان يطمئنّ بأن هجومه لن يقابل بردّ قاس، فالظروف التي تمرّ بها المنطقة من اليمن إلى العراق وسوريا تشكّل من وجهة استراتيجية اللحظة المثلى للعدو الصهيوني ليشنّ حربه التدميرية على لبنان، لأنه ليس هناك من توازن، وأن العملية مكسورة لصالحه، إلا أن ما يحول بينه وبين ذلك هو أن هذه المقاومة تثبت في ميدان المواجهة وفي مجال مراكمة القدرات أنها ستحوّل أي اعتداء صهيوني على لبنان إلى ما يشكّل بداية النهاية لهذا الكيان، وبالتالي فلولا هذه الحقيقة لكان الجنوب وكل لبنان قد استبيح للعدوان الصهيوني بغض طرفٍ من أنظمة عربية فضلاً عن القوى الدولية.
كما واجهنا في المجال نفسه الفك الآخر من الكماشة ألا وهو المجموعات التكفيرية التي لولا التضحيات التي قدمها أهلنا لكانت القرى اللبنانية في الشمال والبقاع عرضة للهجوم التكفيري والمجازر والسبي والحرق والنهب كما يفعلون في أي منطقة يصلون إليها، ولكننا بنينا حزاماً من الأمن حول تلك القرى بحيث يستطيع أهلها أن يبقوا فيها آمنين إلى مصيرهم، في حين أن أبناءنا يواجهون في ساحات القتال عدواً بوجه تكفيري ويمثل في الحقيقة هجمة كبرى على المنطقة من دول وأنظمة يأتي في طليعتها الكيان الصهيوني الذي يقدم الدعم المعلوماتي والتسليحي والصحي والرعائي للمجموعات التكفيرية في الجولان ومناطق القلمون بصورة علنية، حتى أن تدخله بالأمس كان واضحاً في هذا الصدد.
إننا تمكنّا الآن من إيجاد وضع يحول دون أن يكون لبنان غرضاً للعدوان التكفيري أو الصهيوني، وهذه مهمة لا يستطيع النهوض بها تحالف دولي من 30 دولة لا زالت تعجز عن استعادة الموصل، في الوقت الذي تمكنّا فيه نحن وحلفاؤنا في سوريا وإيران من استعادة الكثير من المواقع التي كانت تشكّل ثغور حماية في لبنان وسوريا، ولكن وفي الوقت الذي نقوم فيه بهذه المهمة، نجد أن القوى السياسية اللبنانية التي تمسك بالجزء الأكبر من القرار الإداري والسياسي لا تقوم بمسؤولياتها الوطنية في تحمّل الواجبات تجاه المواطنين في أدنى الحقوق على ما نراه في الأزمات التي تتناسل، ولذلك فإننا نسأل هؤلاء هل تريدون أن تحمّلوا مسؤولية فشلكم بالقيام بالواجبات الأساسية للمقاومة أيضاً، أم هل أن عجزكم عن إزالة النفايات كان سببه تدخل حزب الله في سوريا، أم هل أن عدم قدرة الدولة عن إزالة النفايات كان سببه هو أن المقاومة لا زالت ناشطة في مواجهة العدو الصهيوني، وبالتالي فإننا نجد اللبنانيين يقولون في قرارة أنفسهم ما يقوله أهلنا علناً وهو أنه إذا لم تكن هذه الدولة أهلاً للاعتماد عليها في إزالة النفايات وتأمين التيار الكهربائي وتزويد المناطق بمياه الشفا، فكيف تدعوننا إلى الاعتماد عليها لمواجهة العدو الصهيوني والخطر التكفيري، ولذلك فلولا المقاومة لكانت النفايات الصهيونية والتكفيرية تملأ لبنان اليوم بأسره من جنوبه إلى شماله ومن شرقه إلى غربه ولكانت المستوطنات قد انتشرت في ربوعنا وسُرقت المياه، وعاث التكفيريون في أرضنا فساداً، ولهذا فإن المقاومة اليوم تستحق من اللبنانيين أن يرفعوا لها التحية، لأنها أثبتت قدرتها على بناء جسم نهض بمسؤوليات جسام لا تنهض بها إلا دول قادرة وقوية.
إننا نشدد على التزامنا الثابت ببناء الدولة القادرة والقوية والعادلة، لأننا نريد لبنان دولة واحدة موحدة وفيه مؤسسات دستورية قادرة على النهوض بمسؤولياتها، فما يحصل يشجعنا على العمل من أجل بناء الدولة الحقيقية لأنه يكشف أن الدولة التي زعموا أنهم يعبرون إليها أو يبنونها لم تكن كذلك بل كانت مجموعة من الشركات الخاصة التي تلزَّم أموال اللبنانيين لها ثم لا تستطيع أن تدفع لهم ما عليها من مسؤوليات وواجبات، ونحن في المقابل حريصون على بناء الدولة التي لن تبنى إلا على أساس العيش المشترك والتضحية من أجلها وليس على أساس تغانم المصالح، فكما نقدم دماءنا في المقاومة من أجل حماية وطننا، فعلى القوى السياسية أن تتخلى عن مصالحها الخاصة وأن تقدم التضحيات من أجل بناء الوطن الدولة الذي يحضن الشعب، ونحن لن نتراجع عن مسؤوليتنا في محاسبة المقصرين ومساءلة الذين أوصلونا إلى حالة الدولة العاجزة وهم الذين كانوا موجودين على الدوام طيلة أيام الجمهورية اللبنانية، لكنهم لا يرون بالوطن وطناً بل يرونه شركة، أما نحن أصحاب خط الشهادة والتضحية والمقاومة فقادرون معاً على بناء لبنان الجديد الذي لن نتوانى عن السعي لبنائه كما حميناه ليكون دولة بما للكلمة من معنى".
وفي الختام تليت السيرة الحسينية عن أرواح الشهداء.