كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب السيد نواف الموسوي خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله لمناسبة مرور ثلاثة أيام على استشهاد الأخ المجاهد حمزة جعفر زلزلة، والذكرى السنوية لشهداء الدفاع المقدس الشهيدان المجاهدان حسين علي الريس وحمزة علي ياسين، والذكرى السنوية لشهيد عملية الوعد الصادق الأخ المجاهد ناصر محمد عبد الغني، وذلك في حسينية بلدة العباسية الجنوبية بحضور مسؤول منطقة الجنوب الأولى في الحزب أحمد صفي الدين إلى جانب عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات، وحشد من أهالي البلدة والقرى المجاورة، وقد جاء في كلمته:
إننا أظهرنا قدرة على بناء مؤسسة فاعلة قوية قادرة قد تمكّنت من هزيمة أعتى قوة احتلال في العالم، وتمكّنت من دحر المحتل الصهيوني عن الأراضي اللبنانية في معظمها، وتمكّنت من أن تبني قوة عسكرية دفاعية يتحسّب العدو حيالها عند أي محاولة للتفكير بشن عدوان على لبنان، وهذا ما يجب أن يكون واضحاً للجميع في لبنان.
إننا أظهرنا قدراتنا في الدفاع عن أهلنا وفي تحرير بلدنا، وبالتالي فإن لدينا القدرة التامة على حماية أهلنا مما يصيبهم من تعسّف في الخدمات من إهمال في قيام الدولة بواجباتها في الحد الأدنى، فنحن لسنا قاصرين بأن نقدم لأهلنا الحياة الهنيئة الكريمة بعيداً عن المناظر المشوّهة التي نراها بمناطقنا في بيروت، وعن حالة الأسر التي عاشها الجنوبيون بالأمس في طريقهم إلى العاصمة بيروت، فمن دافع عنهم في وجه العدو الصهيوني وفي مواجهة العدو التكفيري، هو قادر على أن يخدمهم في أي قضية من القضايا التي تتعلق بحالة العيش الكريم والهنيء.
إننا نتوجّه إلى الجنوبيين الكرام وإلى أهلنا جميعاً بالشكر على صبرهم على ما يعانونه وما عانوه من احتجاز في الطرقات أو من إساءة في الخدمات، فهم قد أظهروا أنهم صابرون لا من موقع الضعف بل من موقع القوّة والوعي ومعرفة أن كل الهدف من وراء ما حدث هو دفع الناس إلى الإستسلام لإرادة تقوم على النظر إلى الوطن على أنه جبنة للتقاسم لا على أنه مذبح تُقدّم على جوانبه قرابين الشهادة.
إن لبناننا هذا يستحق منّا أن نقدم أبناءنا شهداء من أجل وحدته وكرامته وسيادته وحريته، لا من أجل لبنان الذي تريده فئة من الطبقة الحاكمة كعكة يجري تقاسم إيراداتها وما إلى ذلك، فنحن اليوم كما كنّا دائماً بين نهجين، نهج المقاومة المضحية القادرة على بناء وطن ودولة قادرة وقوية وعادلة، وبين نهج الاستغنام الذي يتعامل مع الدولة على أنها بقرة حلوب جرى الشك بضروعها حتى صارت تنزل بدل الحليب دما، ونحن بدورنا لن نختار الانضمام إلى نهج الانتهازيين الاستغلاليين الذين يستفيدون من معاناة الناس لأرصدة في البنوك، فنحن قدّمنا نموذجاً هو محل احترام اللبنانيين في تقديم أنفسنا شهداء من أجل أهلنا لا من أجل أن نجعل رغادتهم وسلامة عيشهم سبيلاً للوصول إلى تقاسم المغانم في هذا المشروع أو ذاك.
إننا أصحاب مشروع الدولة القوية العادلة وهم أصحاب مشروع الشركة الخاصة التي تجوّف الدولة وتصادر حقها لتحلّ محلها وتعطلها إذا ما تعطلت مصالحها، ولذلك فإننا نريد من اللبنانيين جميعاً أن يستيقظوا من حالة الانقسامات الطائفية والمذهبية والسياسية والحزبية التي تحول دون رؤية الواقع بحقيقته، لأنه شتّان بين من يبني لهم بدمائه بلداً حراً وسيداً، وبين من يستخدم آلامهم لكي تزيد ثروته، فلبنان ليس قاصراً عن مواجهة التحديات من أصغرها إلى أعلاها، وقد واجه أعلى التحديات وهو العدوان التكفيري الذي يجتمع العالم لمواجهته والذي أثبتنا أننا قادرون على دحره وهزيمته كما هزمنا الاحتلال والعدوان الصهيوني من قبل، ولكن بما أنه يوجد من يعطّل الدولة اليوم، فيجب أن نشير بالإصبع إلى هؤلاء الذين يريدون للشركة أن تحلّ محل الدولة، لأنه من حق اللبنانيين أن يتطلعوا إلى حياة هانئة بعد ما قدموه من تضحيات، ونحن قد شعرنا معهم بعد أن كنّا في تشييع أحد الشهداء في الصباح وانتظرنا بعدها لساعات على الطريق في عودتنا إلى بيروت، ولكن تعاملنا بالصبر لأن من ضحّى بدمه من أجل وطنه لا يعزّ عليه أن يضحي ببعض حرّ إذا كان بذلك سلامة للوطن.
إننا نتوجه إلى السياسيين بالسؤال، إلى متى يراهنون على صبر الناس عليهم من جميع الطوائف، في حين أن كل القضايا التي تختلف عليها القوى السياسية لها حل إذا ما اتخذ القرار في الحكومة على أساس الطريق الذي خطه لنفسه منذ البداية رئيس الحكومة تمام سلام وهو التوافق الميثاقي والنهج التوافقي الذي يجب أن يكمل به، في الوقت الذي تحاول الضغوط فرض طريق اتخاذ القرار الأحادي عليه وعزل قوى سياسية أساسية، ونحن نطالب بأن يؤخذ الموقف في مجلس الوزراء بالتوافق بين الجميع، ونريد للمجلس النيابي أن يستعيد عمله التشريعي الهام والضروري في هذه المرحلة، وعمله الرقابي على السلطة التنفيذية وعلى الشركات والمؤسسات والصناديق ليحاسب المقصرين، لأن ما حصل لا يمكن السكوت عليه، فالاعتداء على حقوق الناس لن يقابل منّا بالسكوت، بل سنضع النقاط على الحروف، وسنضع يدنا على الأيدي التي امتدت إلى المال العام، وهم يكشفون بعضهم البعض، فكل واحد يكشف ما لديه ويكشف الآخر، ونحن في المقابل سنقوم بهذه المسؤولية في إطار المؤسسات الدستورية حرصاً على استقرار لبنان الذي حميناه بدمائنا وصبر أهلنا وحكمتهم حتى لا يتحول إلى سوريا أخرى أو عراق آخر، وسنواصل طريق تقديم التضحيات والصبر والحكمة ولكننا لن نفرط بحقوقنا أبداً.
وقد تخلل الحفل كلمة من وحي المناسبة لإمام البلدة فضيلة الشيخ كاظم ياسين، وكلمة باسم عوائل الشهداء ألقاها الأخ عباس زلزلة، ومجلس عزاء حسيني عن أرواح شهداء المقاومة الإسلامية لفضيلة السيد اسماعيل حجازي.