رأى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أن إيران قد فتحت اليوم صفحة جديدة في العالم بفعل الاتفاق الذي حصل بالأمس مع الدول العظمى، ونحن نقول بكل ثقة إن ما بعد الاتفاق مع إيران ليس كما ما قبله، فكثير من المعادلات والموازين ستتغير، لأن العالم الآن أصبح معترفاً بوجود قوة تلتزم بقوة المنطق الذي استطاع على مدى 11 عاماً من التفاوض، وليس فقط في السنتين الأخيرتين، أن يرغم أنف القوى التي تحكم العالم، مشدداً على أن إيران اليوم هي دولة عظمى باعتراف العظماء، وهي اليوم دولة قوية وعاقلة ويراهن على دورها لتحقيق التسويات والمعالجات للأزمات المتوترة في منطقتنا، ولكنها لن تعترف بإسرائيل كياناً غاصباً للقدس وفلسطين، وهذا يجب أن لا يغيب عن بال أحد، وهي قالت ذلك والتزمته وعرضته متحدية بذلك على طاولة التفاوض في فيينا حين قال السيد القائد علي الخامنئي (حفظه الله)، إن إيران لن تعترف بالكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين، ولو ذهب كل من يفاوضها على طاولة المفاوضات في فيينا، لأن هذا الكيان هو غير مشروع ولقيط ويقوم على العدوان وسلب أراضي الآخرين وحقوقهم بالقوة، وهو نشأ بفعل العدوان ولا يمكن أن يتعايش معه الآخرون.
كلام النائب رعد جاء خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله لمناسبة مرور ثلاثة أيام على استشهاد الأخ القائد حسين خليل منصور (حيدر عيتا) في حسينية بلدة عيتا الشعب بحضور مسؤول حزب الله في منطقة الجنوب الأولى أحمد صفي الدين إلى جانب عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات، وحشد من أهالي البلدة والقرى المجاورة، وقد تخلل الحفل تلاوة عطرة للقرآن الكريم، والنشيدين اللبناني وحزب الله، وعرض لوصية الشهيد، وكلمة لشقيقه عاهد خلالها المضي على درب الجهاد والمقاومة والدفاع عن الوطن والمقدسات.
ولفت النائب رعد إلى أن الشعب الإيراني قد صبر لمدة 36 سنة، وتعرّض لأبشع حصار دولي، وتنكر له كل العالم وحاصره، وامتلك إرادة المواجهة، وتوجّهت به القيادة نحو العزة والكرامة، وبلغت به مرحلة الإكتفاء الذاتي، وحين انتصرت الثورة لم يكن هناك حرس ثوري الذي يعتبر اليوم من أقوى القوى المسلحة في دول العالم، ولم تكن تملك إيران إقتصاداً ولا صناعة ولا مؤسسات دولة، وفي وسط الحصار وخضم المواجهة، ورغم أنها قد فرضت عليها حرب دامية قاسية بشعة مدمرة كلّفتها الكثير من التضحيات والخسائر، وموّلها كل أولئك الذين حاصروها ودفعوا الأموال للقوى الاستكبارية من أجل أن تفرض عليها الحصار، ومن أجل أن يمنعوا عنها العلم والتكنولوجيا والمواد الغذائية، ولكن إيران بلغت مرحلة الاكتفاء الذاتي على المستوى الزراعي والصناعي والتكنولوجي والعلمي والتربوي والثقافي، وأصبحت تصدر علمها وثقافتها وفنونها وتكنولوجيتها وصناعتها، وأصبحت دولة عظمى يحسب لها ألف حساب، الأمر الذي أذعن له كل من حاصرها، وخضع لإرادتها وجاء ليفاوضها ليحفظ ماء وجهه حين يقر بموقعيتها ودورها وفعاليتها بين الأمم.
وأشار النائب رعد إلى أن دول العالم العظمى الممثلة بالخمسة زائد واحد، والتي انتصرت في الحرب العالمية الثانية وتقاسمت النفوذ في العالم، يقفون اليوم على طرف الطاولة من جهة، بينما تقف إيران لوحدها يقودها السيد علي الخامنئي "حفظه الله" في الطرف المقابل تفاوضهم إلى أن أذعنوا لإرادتها وأقرّوا بحقها في المشروع النووي، وأذعنوا للاعتراف بأهميتها وأهمية دورها حتى قيل أن أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط رهن تعاون إيران مع القوى النافذة من أجل تحقيقهما، وإيجاد التسويات المنصفة لأصحاب الحقوق والمطالب في هذه المنطقة، مضيفاً أنه بالرغم من أن لا مجال للمقايسة والمقارنة بين ما بلغته إيران خلال 36 عاماً أثناء الحصار وخلاله ووسط المواجهة مع كل قوى العالم المتوحش، فهل هناك مجال لنقارن بين ما أنجزته إيران في هذه السنوات، وبين ما هم عليه دول وحكّام أنظمة الدول العربية في منطقتنا الذين لم يستطيعوا أن ينشئوا مصنعاً لصناعة عود كبريت، وخذلوا قضية فلسطين والقدس والمسجد الأقصى، ويتآمرون على بعضهم بنشاط وجِد، ويتخاذلون أمام أي استهداف من عدو أو غازٍ، ويتواطؤون مع عدو الأمة وينسقون فيما بينهم استخباراتياً ومعلوماتياً، ويزحفون لمصالحته، وفي المقابل نجدهم يحقدون على إيران وما تمثله من قيم ونموذج، لأنهم لم يستطيعوا أن يبلغوا ما بلغته رغم كل التذلل والخنوع والخضوع ودفع الأموال، وتمرير ثروات الأمة، متسائلاً أليس من المعيب أن يذهب بالأمس القريب ولي ولي العهد في أكبر دول الخليج إلى فرنسا من أجل أن يقنعها بأن تعطل الاتفاق مع إيران، فيغريها بصفقة سلاح بـ 15 مليار دولار، فما كان من الفرنسي إلا أن أخذ هذه الأموال، ووضعها في جيبه، ثم ذهب إلى فيينا ليوافق على المشروع النووي الإيراني، مشدداً على أن العالم لا يتعاطى وفق التزامات وأخلاق وقيم ومناقب ومكرمات، بل يتعاطى وفق منطق القوة، ونحن نريد لمنطق القوة أن يكون بقوة الحق والمنطق، بينما هم يريدون منطق قوة من دون منطق، ونحن نريد منطقاً تدعمه القوة، لأننا نملك حقاً وقوة تحميه، ونستطيع أن نستدرج الآخرين للاعتراف بحقنا ومنطقنا، وأما الذي يملك حقاً ولا يستطيع أن يدافع عنه، فيصبح الحق لديه باطلاً في ما بعد، ويصبح مسوقاً للباطل ومتماهياً مع الطامعين والحاقدين والغزاة والمتآمرين واللصوص الدوليين، فيما نحن نريد لمنطق الحق أن يسود.
وأشار النائب رعد إلى أنه لم يعد للسعوديين أي هدف عسكري يستهدفه طيران هؤلاء اللئام في اليمن، فكل الأهداف التي تقصفها منذ تغيير إسم عاصفة الحزم إلى عاصفة الأمل هي أهداف مدنية موزعة على الأسواق والمحلات التجارية والمؤسسات والبيوت والأحياء والمدارس والجامعات والمستشفيات وغيرها، مضيفاً إنهم لم يقرأوا في مدرستنا ومنهجنا، ولم يعرفوا أن هذا المنهج والأسلوب الذي يعتمدونه هو منهج إسرائيلي فشل في حرب تموز على لبنان خلال العام 2006 من تحقيق أهدافه ونتائجه، وهو منهج عنصري إسرائيلي صهيوني لا يستطيع أحد أن يتحمل تداعياته البشرية ولا العيش مع من يمارسه، مشيراً إلى أن أنصار الله في اليمن كان يأمل في أن يتعرف الشعب اليمني على حقد آل سعود وزعمائهم وسياساتهم التدميرية في المنطقة، وكانوا يحتاجون من أجل تحقيق ذلك إلى أربعين عاماً، ولكنه تحقق بظرف أربعة أشهر بفعل الأداء الجاهلي الذي يعتمده القادة والشركاء والمتآمرون في عاصفة الحزم والأمل التي دمرت الإنسان والحياة.