بمناسبة يوم القدس العالمي، أقام حزب الله وجمعية كشافة الإمام المهدي (عج) مراسم خاصة بالمناسبة في حديقة إيران في بلدة مارون الراس الجنوبية عند الحدود مع فلسطين المحتلة، بحضور عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي إلى جانب عدد من الشخصيات والفعاليات البلدية والاختيارية والاجتماعية وجمع من الأهالي.
بداية الحفل كانت مع دخول الفرقة الموسيقية، ثم سرايا الجوالة التي رفع عناصرها رايات حزب الله والكشافة، والتي كانت انطلقت بمسير من ساحة بلدة مارون وصولاً إلى الحديقة، ثم تلى أحد الكشفيين آيات بينات من القرآن الكريم كانت بعدها وقفة مع النشيدين الوطني اللبناني وحزب الله عزفتهما الفرقة الموسيقية التابعة لكشافة الإمام المهدي (عج)، ثم قدمت بعدها فرقة الحرية الإنشادية باقة من الأناشيد من وحي المناسبة، فيما أطلقت مئات البالونات التي حملت ألوان العلم الفلسطيني وكتب عليها باللغة العبرية: "قادمون"، لتأخذها الرياح فوق سماء المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لبلدة مارون الراس على الحدود اللبنانية الفلسطينية، ثم كانت مراسم رفع العلم الفلسطيني حيث رفعه النائب الموسوي إلى جانب عدد من القادة الكشفيين، ليؤدى بعدها القسم بالمضي على النهج الذي رسمه الإمام الخميني في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي حتى تحرير فلسطين، ثم جرت عروضات استعراضية للفرق الكشفية تنوعت بين مسيرة للدراجات النارية وتجسيد لمجسم القدس وعروض للفنون القتالية والنزول على حبال الرابيل.
وبعدها ألقى النائب الموسوي كلمة جاء فيها:
حين نقف هنا فإننا نمتلئ بمعاني فلسطين وما تعنيه، ومعاني الحرية والبطولة والشجاعة التي رأيناها وصور مجاهدي الغد في وجوه أشبال كشافة الإمام المهدي (عج)، الذين سيحملون الراية الخفّاقة الصفراء على مدى الأرض التي وإن كنا نرفعها اليوم هنا أو في الأماكن التي فرض أن نكون فيها، فإننا بعون الله تعالى سنزرعها حيث يجب أن نزرعها على أرض فلسطين التي ستستعاد، والتي لم يكن لنا في وقت من الأوقات بوصلة ووجهة غيرها، فقد جاء بعد تحرير الأراضي اللبنانية في عام 2000 من يساومنا على فلسطين ويقدم لنا المغريات السياسية والمالية والإدارية، ولكن جوابنا كان على لسان سماحة الأمين العام حفظه الله، إن وجهتنا كانت منذ البداية فلسطين وستبقى كذلك حتى النهاية.
إننا حين نقاتل اليوم في سوريا فإننا نقاتل عدواناً صهيونياً على الدولة والشعب السوري، والذي يستهدف إسقاط سوريا وإخراجها من معادلة الصراع مع العدو الصهيوني بعدما أخرجت مصر عبر التسوية السياسية من قبل، وإن الذين نقاتلهم في سوريا يحظون بالدعم الصهيوني الكامل، ويعالجون في مستشفيات العدو، ويتلقون التدريب إمّا منه أو من حليفه الذي هو الإدارة الأميركية، وقد جرى ضخ المقاتلين من أصقاع العالم بتواطؤ من الدول التي تحرص على تعزيز الدولة الصهيونية والحفاظ على أمنها وتمكينها من مواصلة عدوانها على جوارها، ولذلك فإن معركتنا في سوريا هي معركة ضد العدو الصهيوني الذي يتجلى بأشكال مختلفة تحت عناوين تكفيرية من النصرة إلى داعش وما بينهما، وهي معركة ليس لها إلاّ صورة وطبيعة واحدة ألا وهي أننا نعمل من أجل حماية بلد كان وسيبقى ركيزة في مواجهة العدو الصهيوني، ونحن على ثقة بأن معاركنا التي نخوضها وسنخوضها هناك ستكون مكلّلة بالنصر بعون الله.
إننا عملنا ونعمل للحفاظ على استقرار لبنان ودوام سلمه الأهلي وبناء الدولة العادلة والقوية والتي تكون لجميع بنيه وتقدر على أن تحميهم جميعاً، لأن الدولة في لبنان لا تقوم إلاّ حين تكون عادلة مع أبنائه وقوية في مواجهة أعدائه، فالقوة لا تكون على أبناء لبنان، بل لحمايتهم، ولذلك فإنه لا يسعنا إلاّ أن نحذّر مرة أخرى من سياسة التهميش والإقصاء والإلغاء التي تتبعها قوى سياسية في لبنان أخطأت أكثر من مرة من عام 2005 حتى الآن في سياساتها الإلغائية والتهميشية، ونحن لم ننسى أن تلك القوى السياسية قد سعت إلى إقصائنا وعملت على تهميشنا وإلغائنا نحن في حركة أمل وحزب الله والقوى السياسية المعترضة من عام 2006 حتى عام 2008، حيث عاش لبنان سنتين من الحكم المبتور المخالف للميثاقية والدستورية، واليوم وفي الوقت الذي نشهد فيه المحاولة نفسها من قبل البعض في الحكومة لإقصاء مكوّن أساسي من المعادلة اللبنانية ألا وهو التيار الوطني الحر، فإننا نتذكر ما فعلوه بنا في الأعوام الماضية، ولذلك فإنه من الطبيعي أن يكون موقفنا هو الوقوف إلى جانب التيار الوطني الحر في مواجهة الإلغاء والتهميش والإقصاء، لأن هذه السياسات لا تأتي للبنان إلاّ بالخراب والخسارة وفقدان وحدته الوطنية والإنتقاص من حقوقه الطبيعية.
إننا نذكّر أنه أثناء حكومة اللاميثاق واللادستور ارتكبت جريمة توقيع اتفاقية مع قبرص كانت سبباً في أننا اليوم محرومون من 860 كلم مربع من المنطقة الإقتصادية الخالصة، والتي لو كنا حينها موحّدين ونعترف ببعضنا البعض وكانت الحكومة ميثاقية ودستورية وليست حكومة الإقصاء والإلغاء والتهميش لما فقدناها وأصبحنا نعمل اليوم على استعادتها بعدما تمكنت المقاومة بالرسائل الواضحة التي أرسلتها عبر مسؤولين لبنانيين ودوليين ومن على المنبر من كفّ يد العدو الصهوني عن بدء التنقيب في ال 860 كلم مربع المسروقة، فما منع العدو الصهيوني ويمنعه حتى الآن من بدء التنقيب في تلك المنطقة المسلوبة هو قدرات المقاومة والرسالة التي قالتها إنه إذا مدّت اليد إلى حقوقنا في منطقتنا المسلوبة، فإننا لن نسمح لأحد أن يتمكن من حفر بئر نفط أو غاز على مدى المتوسط.
إننا نقول اليوم لرئيس الحكومة الذي هو ابن بيت عتيق في السياسة اللبنانية، ووارث لتركة سياسية قامت على أن لبنان واحد وليس لبنانيْن، ووارث لشعار سياسي يقول "لا غالب ولا مغلوب"، إننا معك في مقاومة الضغوط التي تمارس عليك لجعلك تعتمد قصراً وقهراً سياسة الغالب والمغلوب، ولا نريد لدولة الرئيس وابن البيت العريق أن يكون هو من يسجّل في تاريخه أنه عمل على إقصاء مكوّن من المكونات السياسية اللبنانية، لأنه هو الذي حرص على التوافق منذ ترأسه للحكومة، وأدار هذا المركب بحكمة ودراية، وحسناً فعل بذلك، ولهذا فإن ما ننتظره منه هو أن يواصل سياسته التوافقية، بحيث لا يعقد جلسة وأحد المكونات يشعر بالتهميش والإلغاء، أو أنه مستبعد عن الشراكة في صنع القرار، فنحن أعطينا الثقة لرئيس الحكومة وهي لا زالت قائمة حتى الآن، لأننا رأينا فيه استمراراً لسياسة الوحدة والميثاق الوطني، ونأمل في أنه سيواصل هذه السياسة التي تكون عبر احتضان الجميع وإشراكهم في صناعة القرار الوطني.
إن ما يطلبه التيار الوطني الحر هو مطلب عادل ووجيه يشبه ما نطلبه نحن في حركة أمل وحزب الله، أو ما يطلبه الوزير وليد جنبلاط وتيار المستقبل، فهو لا يطلب أكثر مما ينبغي أن يكون له، ونحن أهل الوفاء الذين تعلّمنا أن نكون أوفياء لحلفائنا من أهلنا الذين كانوا أوفياء للمقاومة حين كانت تقصف وتضرب، فكما قال سماحة الأمين العام إننا لن نترك حليفنا التيار الوطني الحر ولن نسمح باستفراده أو عزله أو إبعاده وسنقوم بما يجب لكي يواصل هذا التيار شراكته في الوحدة والقرار والوطني.
إن عدونا يريد في هذه المنطقة أن تكون هناك دولة عنصرية قائمة على عرق واحد، ونحن في المقابل نؤكد أننا نعمل في لبنان من أجل إقامة النموذج النقيض للنموذج الصهيوني، ونريد أن يكون نموذجنا هو نموذج العيش المشترك والتآلف والوحدة الوطنية، وأما النموذج الصهيوني فسننتصر عليه ولن يكون الزمان طويلاً حتى نسرح في هذه الربوع التي كانت لنا وستبقى كذلك.