اعتبر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور حسن فضل الله أن أي وقوف بوجه المقررات التي صدرت عن الحكومة اللبنانية والتي تقتضي بإعطاء الجيش اللبناني الغطاء الكامل من أجل تحرير بلدة عرسال وتخليص أهلها قبل تخليص أهل القرى المجاورة من الأشرار والقتلة الذين يتربصون بأهلنا وبشعبنا وببلدنا شراً، أو أي محاولة لتمييعها إنما هو موقف التغطية لاحتلال بلدة لبنانية، وموقف الدّعم والتأييد لهؤلاء التكفيريين، فلم يعد هناك أي مبرر لأي فريق سياسي في الداخل للعرقلة، لأنهم دائماً كانوا يطالبون الدولة بتحمّل المسؤولية، وها هي اليوم اتخذت قراراً على مستوى الحكومة، والجيش قادر على التصدي عندما يعطى له الإمكانيات الكاملة، ولذلك نحن اليوم أمام مقررات بحاجة إلى تنفيذ، ولا يوجد أي مبرر لأي تلكؤ، مشيراً إلى أن أي محاولة للعرقلة من بعض القوى السياسية، أو حجب الإمكانات عن الجيش، أو ممارسة الضغوط الخفية، تعني الخروج عن مقررات الحكومة والدولة، وتعني أن كل اللغة التي كنّا نسمعها في الأيام الماضية بأن المسؤولية والقرار هما للدولة هي لغة تضليل وتزوير، ولا يوجد اليوم أمام الدولة إلاّ أن تقوم بالخطوات المطلوبة لتخليص هذه البلدة وأهلها من هذه الجماعات وأفعالها.
كلام النائب فضل الله جاء خلال الاحتفال الجماهيري الذي أقامته بلدية بليدا لمناسبة ولادة الإمام المهدي (عج) وعيد المقاومة والتحرير في باحة مدرسة الإمام السيد موسى الصدر في بلدة بليدا بحضور عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات البلدية والاختيارية والثقافية والاجتماعية والتربوية وحشد من الأهالي.
وأكد النائب فضل الله أننا سنكمل في معركتنا ضد التكفيريين، سواء كانوا على أرض لبنانية أو في أي منطقة تتطلب وجوداً للمقاومة، فكل التهويل والتضليل ومحاولة تصوير ما يجري في سوريا على أن تحوّلات كبيرة تحصل إنما هي من خيالات بعض القوى والجهات، وهذا لن يغيّر في حقيقة المعركة ولا في اتجاهاتها، مشيراً إلى أن البعض في لبنان يراهن على أوهام وسيبقى يراهن عليها، فكما راهن على إمكانية صمود بعض الجماعات التكفيرية في الجرود سابقاً سواء في القلمون أو في جرود عرسال وسقط رهانه، فإن الرهان على متغيّرات في سوريا سيكون من الأوهام والسراب وسيسقط أيضاً، داعياً الأفرقاء الآخرين في لبنان الذين لا يزالون يعيشون على الأوهام والرهانات أن يتعلّموا من التجربة، ويروا بأمّ العين ما حلّ بهذه الجماعات التي كانوا يريدون لها أن تبقى في تلك الجرود وتربح المعركة التي خسرتها وخسروا رهاناتهم معها، فليتعظوا إن كان لهم عقول تفكّر أو قدرة على اتخاذ قراراتهم بمعزل عن إرادات الآخرين.
ولفت النائب فضل الله إلى أن المواجهات التي تحصل اليوم في منطقة الحدود في جرود عرسال تخوضها المقاومة برجال أشداء يبذلون دمهم من أجل حماية بلدهم وأهلهم وشعبهم، ونحن لا نتحدث عن شعارات ولا عن مواقف سياسية، بل هذا واقع موجود، ولو لم تكن هذه التضحيات والدماء لكنّا رأينا مثل هذا الخطر في كل مدينة ومنطقة، فوجود هؤلاء الرجال المقاومين في تلك الجرود استطاع أن يحرّر أجزاء واسعة من أرضنا اللبنانية، وأن يسقط أهداف أولئك التكفيريين، وأن يدمّر مواقعهم ويخرجهم من تلك الجحور التي كانوا فيها يحضّرون السيارات المفخخة أو يمارسون الاعتداءات على قرانا في البقاع أو يتحضّرون لغزو هذه القرية أو تلك، مؤكداً أن كل الضجيج الذي أثير في لبنان وكل التهويل ومحاولات الابتزاز لن تمنع هذه المقاومة من القيام بدورها وتأدية مهامها، وهي ستستمر حتى لا يبقى أي تكفيري في أي منطقة من هذه الجرود، وقد أثبتت التجربة والمواجهات أن لدى هذا الشعب مقاومة مقتدرة تستطيع أن تحمي وتحرّر وتلاحق هذه الفلول، وأكدت أنه عندما يكون هناك قرار جدي بإخراجهم، فإننا نتمكن من ذلك ولا يستطيعون الصمود أمام أبطال هذا الشعب وهذه المقاومة.
وأكد النائب فضل الله أن عناصر القوة التي تمتلكها المقاومة هي التي ستؤدي بنا جميعاً إلى تحقيق أهدافنا في الحماية والدفاع وإسقاط المشروع التكفيري الذي يستهدف كل منطقتنا وبلدنا، وكل من يعتقد أن الخطر التكفيري يطال فريقاً دون آخر أو طائفة أو جهة دون الأخرى فهو واهم، فالبعض في عالمنا العربي والإسلامي فكّر بهذه الطريقة مما أدى إلى تفتيت واضطراب وتدمير وتشويه وتخريب معظم دول هذا العالم، لافتاً إلى أن وعينا المسبق للخطر التكفيري ومواجهته في المكان والتاريخ الصحيحين جعل بلدنا لبنان اليوم أفضل حالاً من محيطنا ومن الكثير من الدول، ولو لم نتخذ هذا القرار التاريخي الجريء بمواجهة الخطر التكفيري في سوريا لكنّا اليوم بلداً يتعرض للعدوان والمجازر والإرتكابات في قرانا وبلداتنا ومدننا، فهذا المشروع كان يستهدف كل هذه المنطقة، ولا يزال يستهدفها، ولكن وجود مظلّة الحماية الحقيقية المتمثلة بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة هي التي استطاعت أن تحمي بلدنا كما حمته وتحميه في مواجهة العدو الإسرائيلي، حيث حققت التحرير عام 2000 والانتصار في تموز عام 2006، وهي التي توفّر اليوم لنا الحماية لبلدنا ولجسمنا الداخلي على الرغم من كل الضجيج والمواقف ومحاولات ذرّ الرماد في العيون وممارسة التضليل، وهي التي تمنع اليوم انتقال هذا الخطر إلى كل مدننا وبلداتنا، فهو محصور في منطقة الحدود لأننا منعنا تمدده جراء مواجهتنا له، ومنع الجيش اللبناني من خلال تضحياته في أكثر من منطقة من تمكّن هذه الخلايا من التحوّل إلى بؤر حقيقية قادرة على إقامة إمارات هنا أو هناك.
بدوره قبلان قبلان لفت فيها إلى أننا في هذا البلد اليوم وفي ظل الأجواء المكفهرة نختلف على الكثير من العناوين، ولكن هناك عناوين نتفق عليها، وأهمها الجيش اللبناني الذي يجب أن نتكاتف جميعنا حوله ومعه كي يستطيع القيام بدوره على الحدود الجنوبية والشمالية والشرقية وفي الداخل وفي كل مكان، ويجب أن توجّه له كل الإمكانات والطاقات لدعمه كي يستطيع أن يقوم بدوره لحماية أمننا واستقرارنا في الداخل والخارج، فإذا حفظنا المقاومة والجيش واخلصنا لشعبنا فإننا نحفظ الثالوث الذي انتصرنا به بكل معاركنا والمتمثل بالجيش والشعب والمقاومة.
وشدد قبلان على ضرورة أن نحافظ على إنتصار لبنان على العدو الإسرائيلي الذي تحقق في العام 2000، وأن لا ننسى دماء شهدائنا وتضحيات أهلنا وعذاباتهم في هذه القرى والبلدات، وأن لا ننسى أن هذا العدو ما زال يتربّص بنا، فهو يناور ويستعد ويحذّر من أجل أن يستعيد كرامة جيشه الذي لا يقهر، ولكنه كما هزم في المرّة الأولى وفي المرات السابقة سيهزم إن حاول مرة جديدة الإعتداء على لبنان بشرط أن نستمر بنفس الموقف والطريقة والأسلوب، وأن لا يدخل اليأس إلى نفوسنا وعقولنا، فإذا أردنا أن نعيش بعزة وكرامة علينا أن نتمسك بوسائل قوتنا ومنعتنا التي تحفظنا وتحفظ أرضنا وأولها المقاومة التي هي الضوء المنير والمشع في هذا العالم العربي والإسلامي، وهي الدواء الناجح والمجرّب في وجه هذا العدو المتربص بنا.
بدوره رئيس بلدية بليدا محمد ضاهر ألقى كلمة قال فيها إننا نجدد العهد لدماء الشهداء الطاهرة وللمجاهدين المرابطين في عيون الليل وعلى وجنات الصباحات ودمهم على أكفهم أن هذه الدماء التي تجري في الشرايين والأوردة نهبها لله وللأرض في سبيل محمد (ص) ودينه ونهجه وأهل بيته حفاظاً على أعراضنا وحياتنا.
وفي الختام قدّم المنشد علي العطار وفرقته باقة من الأناشيد الإسلامية قبل أن يقام عشاء قروي من تراث الأجداد على شرف الحاضرين.