
رأى وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش أن هناك في لبنان من أراد أن يستخدم التحريض المذهبي ليكون قادراً على وضع حواجز وعراقيل بين المقاومة وسائر أبناء الأمة ليتمكن عن طريق هذا الأسلوب والخطاب من اكتساب شعبية ما يوظفها في خدمة أغراضه السياسية، مؤكدا أن المقاومة تعاملت بمنتهى الوعي والحكمة ولم تسمح لهم باستدراجها رغم كل الإستفزازات إلى حادث واحد يمكن أن توصف فيه بأنها تحركت بدافع عصبي أو فئوي أو مذهبي.
كلام الوزير فنيش جاء خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله لمناسبة مرور أسبوع على استشهاد الشهيد المجاهد علي محمد صالح في حسينية بلدة عيتا الشعب، بحضور شخصيات علمائية واجتماعية وبلدية وحشد من أهالي البلدة والقرى المجاورة.
وأشار الوزير فنيش إلى أن لبنان اليوم أمام فرصة في حال كان هناك جدية حقيقية من قبل القوى السياسية التي طرأ على موقفها بعض التحول والذي لاقيناه بكل إيجابية من أجل مصلحة الوطن، وقد وفر توافقا في الحكومة الموجودة أعطى غطاء سياسياً للجيش والقوى الأمنية ساهم في إضعاف وتفكيك الشبكات الإرهابية لهؤلاء التكفيريين، حيث تكامل الدور مرة أخرى بين المقاومة في مواجهتها العسكرية لهذا المشروع وبين دور الجيش والقوى الأمنية بالتصدي لهذه الشبكات، مضيفا أنه وبعد ما حققته المقاومة في القلمون وما تحقق على يد الجيش والقوى الأمنية في الداخل بقي موضوع جرود عرسال وهي أراض لبنانية مساحتها تتجاوز ال 400 كلم مربع ويحتلها هؤلاء المسلحون، وكذلك بقيت عرسال التي تشكومن غياب الدولة وسيطرة المسلحين، وخوف أهلها من تصرفات وأفعال هؤلاء المسلحين، داعيا إلى موقف حاسم يوفر للجيش قراراً سياسياً واضحاً يصدر عن الحكومة، وعندما تقوم الدولة بواجبها، فالمقاومة تدعم وتؤيد وتكتفي بدور الدولة، وعندما تؤدي الدولة وظيفتها ودورها وتقوم بواجبها لا يستطيع أحد أن يتدخل أو ينافس الدولة على هذا الدور، لكن المطلوب أن يكون هناك قرار لمصلحة لبنان أولاً ولمصلحة أهل عرسال ثانياً ولمصلحة سائر اللبنانيين، فهناك فرصة متاحة تتمثل في أن نقفل هذه الحدود ونغلق آثار المرحلة السابقة، ونجعل لبنان بمنأى عن تداعيات ما يحصل في المنطقة، ونصون استقرار وأمن كل اللبنانيين، فهذا هو المطلوب اليوم، أما من يحاول أن يصور الأمر كأن هناك استهدافاً لأهل عرسال فهذا قلب للحقائق مرة أخرى، وهذا يندرج في إطار تغطية وجوه هؤلاء المسلحين وفي استمرار الرهان على وظيفتهم من أجل إحداث تغيير في المعادلات الإقليمية والدولية.
وأكد الوزير فنيش أننا مع الحوار في الداخل ومع استمراره من أجل تحصين بلدنا، إلا أنه يجب أن يتلازم مع إعادة النظر في الخطاب السياسي، فالعودة إلى لغة التحريض واستخدام التجريح والتجني والافتراء لا يساعد على بلوغ الأهداف المرجوة من الحوار، ولا يساعد المتحاورين على تكريس ما اتفقوا عليه لتحصين الاستقرار والتقليل من أجواء التشنج والتوتر، فالمطلوب أن نقلع عن التفكير الضيق، وإن كان هناك بعض المسؤولين في لبنان مع الأسف لا يستطيع أن يرتفع إلى مستوى مسؤولياته كرجل دولة بل هو اعتاد أن يكون أميراً على شارع من الشوارع، واعتاد أن يمارس هذا الدور ولا يستطيع أن يغادره في خطابه ومواقفه بحيث أن من يقرأها لا يرى أمامه مسؤولاً معنياً بالشأن العام بل تكرار لنسخة أولئك الذين كانوا متفلتين في شوارع تلك المدينة وهم اليوم موقوفون، معتبراً أن المطلوب هو أن نترفع لمصلحة الوطن إلى مكانة تكون أعلى من حسابات بعض الطامحين في الوصول إلى دور أو وظيفة أو موقع، فمصلحة الوطن أرفع وأهم بكثير من حسابات بعض القوى التي لا تستطيع أن تغادر دورها التاريخي في البحث عما يخدم مصالحها الذاتية، كما أن على البعض أن يقتدي بمسيرة المجاهدين والشهداء، على الأقل بالثوابت الوطنية وفيما له علاقة بحماية لبنان.
ورأى الوزير فنيش أنه إذا كان هناك بحسب الظاهر إجماع وإقرار بخطر هذه الجماعات التكفيرية، فمن غير المفهوم أن يكون هناك اختلاف في أن يكون هناك قرار واحد، وإذا كان مأخذ البعض علينا أننا نبادر لنكون محل الدولة، فعليه أن يرد علينا بتعزيز دور الدولة أولاً ثم يوجه لنا الإنتقادات، وإلا فمن غير المقبول الإكتفاء بتوجيه الإنتقادات لمن يعزز مسيرة الدولة بتكامل جهده وجهاده وعطائه مع مشروع الدولة، لأنه أمر مستغرب لا ينسجم لا مع الواقع ولا مع المنطق، أم أن هذا البعض يريد أن يبقي أجزاء من أرضنا تحت سيطرة المحتل الإسرائيلي أو تحت سيطرة هؤلاء التكفيريين، مضيفا أنه إذا كان البعض صادقاً ويريد الدولة فعلاً فعليه أن يبادر للاستفادة من هذه الفرصة بدعم الجيش بوضوح وبقرار سياسي واضح يصدر عن الحكومة لأن المكونات الأساسية موجودة في الحكومة، وبالتالي فإن المطلوب هو قرار سياسي حازم ينفذه الجيش اللبناني بحسب الوسيلة والطريقة التي يقررها أو يراها مناسبة، إلا أن الأهم هو تحرير أرضنا وبلداتنا وتحصين وطننا من هذا الخطر التكفيري.