
كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب السيد نواف الموسوي خلال الإحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله لمناسبة مرور اسبوع على استشهاد الأخ المجاهد علي حسن حمدان في حسينية بلدة كفرا بحضور عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات وحشد من أهالي البلدة والقرى المجاورة، وقد جاء فيها:
إن المقاومين أنفسهم الذين جاهدوا لتحرير الجنوب من الإحتلال الإسرائيلي هم الذين يقاتلون اليوم من أجل الدفاع عن لبنان وتحرير أراضيه من المجموعات الإرهابية التي تتخذ أسماء شتى من النصرة إلى داعش وصولاً إلى جيش الفتح وما إلى ذلك من أسماء، بحمد الله تعالى وفيما يشبه الإعجاز، تمكّن المجاهدون والشهداء من تحرير أجزاء واسعة من الأراضي اللبنانية التي كانت تحتلها جبهة النصرة، وحين نقول جبهة النصرة فإننا لا نتحدث عن مجموعة إرهابية تكفيرية فحسب، وإنما عن جيش لحدي سوري، لأن انتشار جبهة النصرة في الشريط الحدودي الشمالي الشرقي للبنان كان أسوء من الشريط الحدودي الجنوبي له حيث كانت تسيطر عليه إسرائيل بقوات العميل أنطوان لحد.
نحن حين استعدنا هذه الأراضي اللبنانية، فإننا استعدناها من عدوين في عدو واحد، استعدناها من العدو التكفيري الذي يريد تدمير لبنان، واستعدناها من العدو الإسرائيلي الذي كان يحتلها عبر جبهة النصرة، لأن جبهة النصرة في هذه المنطقة تعتبر جيشاً إسرائيلياً بامتياز، فسلاحهم من هناك، ويستشفون في مستشفياته ، ويتلقون الدعم اللوجستي والمعلومات وغيرها منه ، لذلك فإننا حين نحتفل في الأيام القليلة القادمة بذكرى تحرير لبنان من الإحتلال الإسرائيلي، نحتفل بتحريرين معاً، تحرير الأراضي اللبنانية الجنوبية من الإحتلال الإسرائيلي المباشر وغير المباشر، وتحرير الأراضي اللبنانية الشمالية الشرقية من الإحتلال الإسرائيلي غير المباشر، ومن الإحتلال التكفيري.
نحن نفتخر بشهدائنا وبأهلنا وبأننا أدّينا واجبنا الوطني في الدفاع عن لبنان، ولا ننتظر من أحد لا أن يعطينا إجازة ولا موافقة ولا شكراً على ما نقوم به، وإنما ندعوه إلى إلزام نفسه بما التزمه، وإذا كان الفريق الآخر أو بعض من فيه يقول إن داعش والنصرة وغيرها من الأسماء منظمات إرهابية وتكفيرية تهدد لبنان، فلماذا تحوّل في هذه الأيام إلى ناطق إعلامي بإسمها، وكيف يمكن لمن يدعي أنه ضد الإحتلال الإسرائيلي أن يناصر جبهة النصرة التي تتلقى الدعم والرعاية من جانب العدو الصهيوني، لقد آن الأوان ليتوقف البعض عن النفاق السياسي وعن اللغة المزدوجة، فيقول تارة أنه مع الديمقراطية ثم من ناحية أخرى يقدّم الدعم للمجموعات التكفيرية الإرهابية الصهيونية.
نحن من حقنا اليوم أن نرفع رؤوسنا عالياً، لأننا نقوم بواجبنا ولأننا نجحنا في القيام به، فالعملية التي كان لها من الشهداء ما اشار إليه سماحة الأمين العام بالأمس، كان ينبغي بحسب الحسابات الأولية أن تطول زمناً أكثر مما كان يقدر له البعض، وكان البعض يقدر أن كلفة تحرير هذه المناطق ستكون عالية على مستوى التضحيات البشرية، لكن وعلى نحو من الإعجاز الذي يتضمن التسديد الإلهي تمكّنت مجموعات المقاومة وهي تعد بالمئات أن تواجه الآلاف من الأعداء المباشرين وغير المباشرين، وأن تستعيد هذه المناطق التي كان يُظن أنها حصون، ويعتقد أنها ستكون مقبرة، فإذا هي مقبرة للذين احتلوها واستولوا عليها.
إننا في الوقت الذي نفتقد شهداءنا فيه، نشعر أننا مدينون لهم كما كل اللبنانيين بالأمان والإستقرار والحماية التي ننعم بها، فلولا هؤلاء الشهداء لما كان هناك منطقة آمنة في لبنان، وأما الذين يهوّنون اليوم من شأن العمليات العسكرية، نسألهم هل يتذكرون ماذا كان يقال منذ فترة، أما كان هؤلاء الذين كانوا يحتلون جرود القلمون يهددون بأنهم قادمون إلى بيروت وإلى غيرها من المدن اللبنانية، وبأنهم سيجتاحون البقاع، أين هم الآن، فهم اليوم قد قتلوا وضاع منهم من ضاع وفرّ منهم من فرّ إلى لحظة حتمية سيواجه فيها الموت، ونسأل أين تلك الأصوات، وأين الذين كانوا يمنّون النفس بأنه سيتغيّر ميزان القوى العسكري في لبنان بعد ذوبان الثلج، وسيهزم حزب الله، وسيكون هؤلاء جزء من معادلة القوّة في لبنان، وبالتالي يحاصرون المقاومة وفريقنا السياسي، أين أصبحت رهاناتهم.
إن الغضب الذي يعتمر في صدور البعض ينشأ من أن رهانهم قد سقط، فالرهان على تغيير المعادلة العسكرية الأمنية في لبنان قد سقط في جرود القلمون كما سقط أعضاء جبهة النصرة جثثاً في ساحة القتال، وكذلك قد سقطت رهاناتهم على إضعاف المقاومة، وبالتالي واجهوا مرّة أخرى خيبة كاملة مما جعلهم يخرجون عن أطوارهم، وقد لاحظنا جميعاً وكل من يراقب أن وسائل إعلامهم كانت وسائل إعلام جبهة النصرة، فكيف اتفقوا على أن مكافحة الإرهاب هي بند أساسي على جدول أعمال الحوار ومن ناحية أخرى كانوا يقدمون الدعم الإعلامي وغير الإعلامي للمنظمات الإرهابية، وقد اضطرهم غضبهم إلى الإنكشاف وبدوا من دون أي ستارة، وبدأوا برهان واضح فسقطوا معه، وحاولوا التعويض عن خسارتهم بمحاولة التقليل من حجم الإنتصار الذي تحقق، وهنا يكفي أن نقول إن المساحة التي جرى تحريرها في أيام تساوي نصف المساحة التي كان يحتلها الإسرائيلي في الشريط الحدودي، ما احتجنا لسنوات لتحريره من العدو الإسرائيلي، تمكنا اليوم بتحريره من الإحتلال التكفيري والإسرائيلي في أيام، وبتضحيات محدودة ولكن عزيزة، فلهؤلاء نقول مرة أخرى وصلتم إلى الخيبة، وسقطت رهاناتكم، وانتظرتم نصراً يأتيكم من الشمال والشرق، فلم تأتكم إلاّ صيحات الإحتضار والنزع الذي يقترب من الموت الكامل.
إن ثمّة منطقة تحت الإحتلال التكفيري الإسرائيلي، وهي منطقة عزيزة من لبنان، فماذا ستفعل الدولة اللبنانية والقوى السياسية اللبنانية من أجل تحرير عرسال وجرودها المحتلة من المجموعات الإرهابية التكفيرية، هل ستترك تلك المنطقة للإحتلال، فإذا فعلت ذلك فإننا نؤكد أن الذين لم يقبلوا أن يكون جنوب لبنان وشماله الشرقي محتلاً، لن يقبلوا أن تبقى تلك المناطق تحت الإحتلال التكفيري الإسرائيلي، وإن من تمكّن من هزيمة هؤلاء من قبل هو قادر على هزيمتهم فيما هو آتٍ، فإذا نظرنا إلى كيفية تحرير تلة موسى بكل المعايير العسكرية نجد أنه كان إعجازاً، وكل من كان يتحدث عن تحريرها قال إن من الصعوبة بمكان تسلّق هذا الجبل من هذه الناحية لشدة انحداره ولكونه مكوناً من صخور مدببة قاسية ووجود قوة نارية على رأسه، وقد رأينا كيف يتقدم المقاومون تحت النيران وفي أرض شديدة الإنحدار وصخرية لتحقيق الهدف، وقد راقب هذا الإعجاز الإسرائيليون بدقة لأنه لأول مرة يرون قتالاً من هذا المستوى بحيث أنه لم يتمكن أي جيش آخر من خوضه لا في طورا بورا ولا في جبال قندهار، فلنا أن نفخر بأبنائنا.
إننا نعيش اليوم في زمن الإنتصارات وليس في زمن إحياء ذكراها، وما الإنتصار الذي يتحقق في اليمن إلا إنتصار إضافي لمحور المقاومة يجعله متقدماً إلى الأمام، فقد عجز النظام السعودي رغم جرائمه التي فاقت الجرائم الإسرائيلية عن هزيمة الشعب اليمني، وتمكن اليمنيون الأحرار من مواصلة التقدم ببسط سيطرتهم على الأراضي اليمنية كافة، فيما يواصل النظام السعودي الظالم حصاره ومجازره التي تدينها الشرائع جميعاً، إننا واثقون من انتصار هذا الشعب لأنه سلك درب المقاومة التي سلكناها من قبل، وسيحقق نصره الإستراتيجي في منطقة شديدة الأهمية من الناحية الجيواستراتيجية ونصره السياسي في منطقة شديدة الأهمية على المستوى الجغرافي السياسي.
إننا اليوم نعيش محصنين ضد العدوان الصهيوني ببركات المقاومة ومجاهديها وشهدائها وقدراتها التي تعمل على تطويرها بشكل دائم، وتعيش مناطقنا اللبنانية استقراراً بعيداً عن عمليات التفجيرات الإنتحارية التي يقوم بها التكفيريون بسبب قتالنا لهم في سوريا، لذلك من الحق أن نقول أن لبنان مدين للمقاومة وشهدائها ومجاهديها لما هو عليه من أمان واستقرار، ونحن إذ نسجل انكشاف مواقف القوى السياسية لما حصل في القلمون بحيث بيّن عدم صدقيتها في محاربتها للإرهاب نبقى نقول إننا سنحمي بلدنا وسنحصنه من الإختراقات من أي جهة أتت، وهذا البلد لن يكون إمارة سعودية وقلناها من قبل ولن يكون حديقة خلفية للكيان الصهيوني لبنان هو لبنان المقاومة والحرية والعزة.