كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب السيد نواف الموسوي خلال الإحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله لمناسبة مرور اسبوع على استشهاد الأخ المجاهد باسل محمد بسما في حسينية بلدة عين بعال بحضور عضو كتلة التنمية والتحرير النائب عبد المجيد صالح إلى جانب عدد من العلماء والفعاليات والشخصيات وحشد من اهالي البلدة والقرى المجاورة، وقد جاء فيها:
إن شهيدنا الذي قدّم نفسه وجسده دفاعاً عن شعبه ووطنه وأهله، وجعل من نفسه سياجاً يذود به عن الجميع أكانوا من الفريق السياسي الذي ينتمي إليه أم لم يكونوا، هو أفضل من الذي يعتدي على المال والملك العام وأملاك الدولة ويسيء الأمانة، ومن الذي ينهج سياسة خدمة هذا الفريق الخارجي أو ذاك.
إن الذين يشنون الحملات على حربنا الدفاعية عن لبنان في مواجهة التكفيريين، يعلمون في قرارة أنفسهم أنه لو لم نتمكن من منع التكفيريين من الدخول إلى لبنان لكانوا هم أنفسهم ووسائل إعلامهم ليسوا قادرين على البقاء فيه، وشخصياتهم السياسية إما ستكون منفية أو في المعتقلات، والدليل عل ذلك أن جبهة النصرة وداعش قد تمكنا من بسط السيطرة على بعض المدن السورية، ولكن الإئتلاف السوري الذي يقال أنه يمثل المعارضة السورية المعتدلة لم يستطع أن يدخل إلى قرية واحدة منها، ولم يجرؤ من ينعتون بأنهم ثوار سوريون على الدخول إلى الرقة أو إدلب أو جسر الشغور، وهذا حال الفريق أو القوى السياسية التي تشن علينا الحملات في ما ندافع عن وطننا في وجه التكفيريين، فلو فرضنا أن هؤلاء التكفيريين تمكنوا من الدخول إلى منطقة تسيطر عليها إحدى القوى السياسية التي تعارضنا، لما بقي منهم أحد في منطقته، ولذلك من الصحيح تماماً القول إن هؤلاء الذين أداروا ولا زالوا يديرون الحملة الإعلامية على المعركة التي نخوضها في القلمون هم أنفسهم مدينون بحرية القول وبقدرتهم على البقاء في لبنان لهؤلاء المجاهدين والشهداء، لأننا لو لم نتمكن من صد الهجمة التكفيرية لما تبقى منهم أحد في لبنان، وحتى هؤلاء الذين يلقون تصريحات وكلمات سياسية في ظل سيطرة داعش والنصرة لن تكون لهم الفرصة حتى لمهاجمتنا من على المنابر التي يهاجموننا عليها.
إننا نقول لهؤلاء الذين لازالوا يحملون علينا ونحن نقدم التضحيات دفاعاً عن وطننا، إنكم تعلمون في قرارة أنفسكم أنكم مدينون لنا، ولو تمكنت داعش أو النصرة أو من تسمونها الثورة من السيطرة على مناطقكم ستهجرون أو ستعتقلون، ومضى سنة أو أكثر على ثلاث معارضين ومعارضات سوريات معتقلين عند زهران علوش في دوما، ولم يستطع أحد أن يحررهم، وأنتم تعلمون يا من تعدون البرامج أو تستضافون فيها أنه لولانا ولولا شهداؤنا ليست لكم الفرصة حتى لمهاجمتنا، ولذلك نعم جميلنا عليكم، فنحن الذين سمحنا لكم بفرصة أن تهجموا علينا، فتخيلوا أنفسكم في مكان يوجد فيه داعش والنصرة، فعندئذ ستضع النساء النقاب ولن تتمكن من الظهور على التلفاز، وستطول لحية الرجل وإلاّ لن يبقى في تلك المنطقة.
إننا تصرفنا من منطلق وطني ودافعنا عن لبنان بأسره وعن طوائفه جميعاً، ولذلك فإن لبنان اليوم بجميع طوائفه ومناطقه محصّن بفعل جهادنا وقتالنا وتضحياتنا التي قدمناها في ساحة الميدان، ونسأل الفريق الآخر لماذا تحوّل إعلامكم السياسي أكان تصريحات رسمية أم برامج إخبارية وإعلامية إلى جيش مسخّر لهذه المنظمات الإرهابية في الوقت الذي اتفقنا فيه أنه من الأولويات التي يلتقي عليها اللبنانيون هي مكافحة الإرهاب، وأن المنظمات من داعش إلى النصرة هي منظمات إرهابية، أليس على جدول أعمالنا بند العمل معاً من أجل مكافحة الإرهاب، كيف يستقيم العمل بمكافحة الإرهاب إذا كنتم تتصرفون على أنكم الناطق الإعلامي بإسم المنظمات الإرهابية، فأنظروا كيف تدرج خطابكم، حيث كان يقال فيه أن تلك المنظمات ستجتاح قرى ومناطق، وكنتم تنقلون على وسائل إعلامكم تصريحات فلان وفلان من الإرهابيين أنهم قادمون إلى بيروت وإلى الضاحية وغيرها من المناطق، وعندما تبين لكم أننا جديون في خوض معركة ضد الإرهابيين في القلمون رفعتم الصوت عالياً تحذّرون من حملة بربرية نشنها نحن على القلمون متناسين أن من في جرود القلمون إرهابيون موصوفون فخخوا السيارات وقتلوا واعتدوا على الجيش اللبناني والمدنيين اللبنانيين، ورحتم تحذّرون من أن نقوم بهذه المعركة، ونحن كالعادة لم نأبه بتصريحاتكم حتى إذا بدأت العملية رحتم تتحدثون عن مقتلة عظيمة وكبيرة جرت بنا وانتصارات يحققها هؤلاء الإرهابيون، فلّما كشف واقع الميدان عن انتصارات مذهلة تحققت في القتال، رحتم تشككون في هذه الإنتصارات، وعندما ثبت رحتم تقللون من شأنها، فتارة تلة موسى هي موقع إستراتيجي مهم فإذا حررته المقاومة أصبح تلة جرداء عادية لا تقدم ولا تؤخر.
إن ما حققناه في الأيام القليلة الماضية في تحرير هذه المساحات الواسعة ونوعية القتال الذي خضناه لا يمكن أن نصفه إلاّ بأنه كان إعجازياً، وما حصل كان معجزة يراقبها الإسرائيليون بدقة، فهم لم يروا من قبل ومنذ عقود طويلة أن مقاتلين يتقدمون على منطقة جرداء نسبة إنحنائها حوالي سبعين درجة، وصخورها مسننة ويتقدمون صعوداً تحت النيران لتحرير هذه المواقع، فالعدو كان يراقب ما يجري ورأى بأمّ العين أنه أمام نوعية مختلفة من المقاتلين القادرين على أن يحققوا أهدافهم تحت النار وفي بيئة قاسية، وتحديداً تلة موسى التي لم يكن ليصل إليها أحد إلاّ من ناحية عرسال، وأن يجري إعتلاؤها بهذه الطريقة هو إعجاز ومنّة إلهية علينا، وأن تجري هزيمة عشرات الآلاف من المسلحين بهذا العدد المحدود من التضحيات العزيزة لهو أمر لا يمكن توصيفه إلاّ بأنه تسديد وتوفيق من الله سبحانه وتعالى، فالذين يعلمون بالشؤون العسكرية يدركون أن ما تحقق كان مذهلاً، وأن نوعية المقاتلين هي من نوعية عالية، ونتحدث بهذه التفاصيل لأنه حتى الآن قد لا نكون قادرين على الإحاطة بنوعية البطولة التي يتحلّى بها شهداؤنا، ونوعية الشجاعة التي يتمتع بها هؤلاء المقاتلون، فالذي تعمدتم أن تتجاهلوه في الخطاب هو قول سماحة الأمين العام أن المهمة لم تنتهي لأن ثمة منطقة على الدولة اللبنانية أن تتحمل مسؤولياتها باستعادتها، وقال إذا لم تتحمل الدولة المسؤولية عن استعادة هذه المنطقة فإن أهل المنطقة أنفسهم لن يقبلوا أن تبقى منطقتهم مرتعاً للإرهابيين، أما انتبهتم للرسالة وفهمتموها، ولكن بالرغم من ذلك تواصل وسائل إعلام المنظمات الإرهابية في لبنان تضليل جمهورهم البائس، فوعدتموه أن القلمون ستكون مقبرة، فرأى رايات مرفوعة والناس تتقدم، فكيف ستدارون إحباط جمهوركم.
إنكم تسيئون يا وسائل إعلام المنظمات الإرهابية إلى جمهوركم، فتعدونه وعوداً ينكشف كذبها، وعندها تدارون كذبكم بالهروب إلى الأمام إلى مزيد من الكذب، وهذا يعني أنكم تواصلون لحس المبرد، ولا تحققون سوى الهزيمة التي ستؤدي إلى إحباط جمهوركم، فإذا كنتم تتحاورون حول مكافحة الإرهاب، فلماذا صار إعلامكم إعلاما للدفاع عن الإرهاب، ونحن مسؤولياتنا الوطنية والدينية والشرعية نتحملها حين لا نرى أحداً من المعنيين بتحملها يتصدى لها، ونحن لا ننتظر لا إذناً دولياً ولا إقليمياً ولا محلياً لندحر الإسرائيلي عن أرضنا المحتلة، وكذلك لا نريد ولا ننتظر طلباً من أحد حتى ندافع عن أهلنا ونواجه التكفيريين ونقضي عليهم، فهذا واجب على الجميع أن يقوم به دون طلب، فإذا قصّر البعض فإننا لا نسمح لأنفسنا بالتقصير، وما حصل في القلمون انتصار واضح وحاسم وسريع التي هي من العبارات التي يحرص الإسرائيلي على تسمية نصره بها، والإنتصار يكتمل عندما تستعيد الدولة سيطرتها على ما تبقى من جرود يتحصن بها الإرهابيين، ولذلك فإذا قامت مؤسسات الدولة بمسؤولياتها بهذا المجال كان به، وإذا لم تقم لن نتوان عن القيام بواجبنا الديني والوطني والشرعي، فبعض المرات في لبنان ثمة أناس يجب أن تقودهم إلى الحرية رغم أنوفهم، ولو كنا نستمع لبعض التصريحات في مرحلة التسعينيات لكان لبنان لا يزال تحت الإحتلال، ولكن بعون الله لن نستمع لتلك الأصوات، وسنكمل طريقنا واثقين بقدرتنا على تحقيق الإنتصار لأنه وعد إلهي إن نصرنا الله.
نحن عندما كنا نُقصف وكان يعتدى علينا، كانت العاصمة الوحيدة التي شهدت مسيرات تأييد للبنانيين والمقاومة في لبنان هي العاصمة اليمنية صنعاء، والإخوة في اليمن تقدموا علينا حين نصرونا في أوقات محنتنا وأزماتنا، وإن أقل الواجب الأخلاقي والإنساني أن نقف اليوم إلى جانبهم لنصرتهم في مواجهة العدوان الإجرامي السعودي الذي يشن عليهم، ونحن واثقون بأنهم قادرون على إفشال العدوان السعودي بأهدافه العسكرية والسياسية، ولكن للعدوان السعودي على اليمن وجه إنساني صعب يتمثل بهذا العدوان الجائر والظالم وبالمجازر التي ارتكبت بحق المدنيين، ولذلك ندعو بكل قوة إلى رفع الحصار عن اليمن ووقف العدوان عليه، ونقول للذين فقدوا اليمن إلى غير رجعة، لن يزيد اليمنيين عدوانكم عليهم إلاّ عداء لكم، وإذا كنتم بعشر سنوات تستطيعون العودة إلى اليمن، فبمئات السنين لن تستطيعوا ذلك بعد عدوانكم، وما تحقق حتى الآن في اليمن هو إنتصار للشعب اليمني الذي قرر أن يكون حراً بعيدا عن الهيمنة السعودية الإجرامية المتخلفة، فهذا شعب أراد أن يعيش بحرية، وستكتب له هذه الحرية لأنه سلك كما سلكنا من قبل طريق المقاومة والجهاد والشهادة.