كلمة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب السيد نواف الموسوي خلال احتفال تأبيني أقيم في حسينية بلدة ياطر الجنوبية للفقيد خليل مصطفى كوراني والد الشهيدين مصطفى ومحمود كوراني: وقد جاء فيها:
لولا المقاومة في لبنان لما كتب لهذا البلد لا حرية ولا تحرر، ولا كان هناك لا دولة ولا مؤسسات، فالمقاومة هي الموقف الصلب والأساسي والوحيد الذي يمكن من خلاله إيجاد قدر من التوازن مع عدوٍ لا يقيم وزناً لمبادئ وقيم حين يشن الحروب على محيطه، وهي التي تعمل جنباً إلى جنب مع أهلها ومجتمعها ووطنها وجيشه والمؤسسات الأمنية فيه، وهي التي لا تريد توظيف جهدها من أجل زيادة موقعها في السلطة، فنحن لم نطلب يوماً سلطة لأجل السلطة، وإنما طلبنا إقامة العدل والحفاظ على حقوق أهلها.
إن المقاومة في لبنان لا تجد لها خصماً ولا عدواً، وإنما تعتبر أن عدوها الأول والأخير هو العدو الصهيوني، وهي لم تخطئ يوماً في توجيه فوهة البندقية باتجاه هذا العدو، ومن اختلط عليه الأمر في مرحلة من المراحل فظنّ أن سلاح المقاومة في غير وجهته الأصلية عليه أن ينظر إلى ما حصل في القنيطرة، فمنذ أربع سنوات تُشن الحرب الإسرائيلية على سوريا، ولكنها كانت بأدوات مموهة وبأقنعة تشارك فيها دول وأنظمة، وكان الهدف منها هو القضاء على المقاومة وفرض الإستسلام على جميع العرب لكي تكون إسرائيل هي صاحبة الدور الأول في هذا الإقليم.
إننا عرفنا منذ اللحظة الأولى أن الحرب في سوريا هي الحرب الإسرائيلية على قرارها المقاوم، ولذلك واجهنا الأدوات التي كانت تقوم بالمهمة نيابة عن صاحبها الأصلي ألا وهو العدو الصهيوني، ولكن عندما بدا أن هذا الساتر وهذه الأداة غير قادرة على مواجهتنا كشف الإسرائيلي عن وجهه وخاض المعركة معنا على نحو مباشر، وكان يظن أن ما ألقاه علينا من تبعات كبيرة في المواجهة غير المباشرة التي فرضها علينا عبر الأدوات والواجهات والسواتر ستعجزنا عن التعامل مع عدوانه المباشر، وكم منّى النفس رئيس حكومة العدو والمرشح للإنتخابات القادمة بنيامين نتنياهو أن يشكّل عدوان القنيطرة رافعة انتخابية له تقدمه على صورة الذي يواجه حزب الله ولا يتمكن الحزب من مواجهته، ولكننا قلنا عندما كنّا نشيع شهداء عملية القنيطرة إن ما يراهن عليه العدو الصهيوني لناحية تصوير ما حصل على أنه إنجاز يستحق عليه مكافأة، لن يلبث أن يشعر بالندم على ما فعل لأن عدوانه سيرتد عليه، فالموالون لرئيس حكومة العدو والمعارضون له أجمعوا بالأمس على أن اتخاذه قرار اغتيال المجموعة المقاتلة من حزب الله في القنيطرة كان عملاً طائشاً بحسب تعبيرهم، وأضرّ بمصالح إسرائيل الأمنية وخرّب قدرتها على الردع.
إن ما قام به حزب الله في مواجهة العدو الإسرائيلي كشف عن أن المقاومة قادرة على فعل ما تريد ولا يردعها العدوّ، وأثبتت عملية شبعا البطولية التي حصلت في لحظة قمة استنفار العدو أن المقاومة في لبنان لا زالت على نهجها في الإستعداد الكامل لخوض المواجهة مع العدو إذا فرضت عليها المواجهة، وهنا نذكّر الإسرائيلي أن محاولته خلال حرب 2006 لردع المقاومة من خلال الخسائر التي أوقعها بالمدنيين قد سقطت من جديد اليوم، وتأكد للجميع في كيان العدو على اختلاف اتجاهاتهم وأحزابهم أن حرب عام 2006 كانت بلا إنجاز لهم، حيث أنهم لم يخرجوا بأي معادلة تردع المقاومة آنذاك وهي لم تكن قائمة بالأصل.
يجب النظر جيداً إلى خطاب سماحة الأمين العام الذي يشكل بحد ذاته وبما تضمنه من مواقف، يشكل عملية سياسية نوعية موجهة للعدو الصهيوني ومن وراءه، فنحن لا نفكر بغير هذا العدو، لذلك فإننا نعتبر أن خطاب سماحة الأمين العام الذي كان موجهاً للعدو ومن وراءه، هو عملية سياسية نوعية بحجم العملية العسكرية التي نفذها المقاومون في منطقة مزارع شبعا.
إن الإسرائيليين ومن معهم عاكفون على قراءة خطاب الأمين العام وأبعاده لأنه قد أسس لمرحلة جديدة في الصراع مع العدو الصهيوني، ويجب النظر إليه على هذا الأساس، حيث أن ما قبل عملية المزارع وخطاب الأمين العام ليس كما بعدهما، فلقد دخلنا في زمن جديد يسهم في انقشاع الرؤية بحيث ألقيت الحجة على الجميع وما عاد بوسع أحدٍ أن يتحدث عن التباس، فالمعركة باتت واضحة، وأن المقاومة تخوضها ضد العدو الصهيوني وحلفائه الذين ينتشرون على خطوط التماس معه في الجولان، ويتلقون الدعم اللوجستي من سلاح ومعلومات،ومساعدة سلاح الجو الإسرائيلي.
إن جبهة النصرة وداعش وغيرها من تسميات تطلق على المجموعات المسلحة في سوريا، هي أسماء وهمية ولكن الإسم الحقيقي هو الذي أطلقه الأمين العام بأنهم جيش لحد سوري حكمه مثل حكم جيش لحد اللبناني، فهم يتدربون لدى العدو ويتعالجون عنده ويأخذون السلاح منه ويساعدهم في اعتداءاتهم، بل هو من يخطط لهم ويشارك معهم، حتى باتوا مثل جيش لحد السابق بصرف النظر عن تسمياتهم الحالية.
إن لبنان لم يعد يحتمل الالتباس لأن جماعة النصرة وكل هذه التسميات هم عملاء لإسرائيل وليسوا مناضلين من أجل الحرية، ولا هم يعملون من أجل إقامة الديمقراطية، وبالتالي فإن جميع القوى السياسية اللبنانية معنية بفهم هذا الواقع بأن المعركة باتت واضحة بين العدو وعملائه أياً كانت تسمياتهم، وبين الوطنيين المقاومين للعدو الصهيوني أياً كانت انتماءاتهم، ولذلك فإن كل من يقاوم عملاء إسرائيل من النصرة وغيرها فهو في خط المقاومة التي ستدعمه وتقف إلى جانبه، لأن مقاومة العملاء هي فرع من مقاومة العدو الأصلي. و إنّنا دائما نسعى لأن تكون مواجهتنا مع العدو مباشرة وليس عبر الأدوات والسواتر، ولذلك بمعنى من المعاني فإن العدو الصهيوني قدم خدمة للمقاومة عندما اعتدى عليها، حيث جعل المواجهة معها وجهاً لوجه، وبالرغم من أنه قد قضى لنا شهداء، إلا أن المقاومة كانت على قدر التحدي وواجهته وجهاً لوجه، وأصبحنا في زمن حدد ملامحه سماحة الأمين العام في خطابه الأخير.