كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في حفل جمعية الإمداد الخيرية الإسلامية بمناسبة مولد الرسول الأكرم (ص)
كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في حفل جمعية الإمداد الخيرية الإسلامية بمناسبة مولد الرسول الأكرم (ص)
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الانبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته، وأتوجه بالتحية والسلام إلى كل الذين يشاركوننا هذا الحفل المبارك، سواء في هذه القاعة االكريمة في الضاحية الجنوبية أو في مدينة بعلبك أو في مدينة الهرمل أو في مدينة النبطية أو في بلدة حناويه، وإلى كل الذين يشاهدون ويسمعون، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته. إنني في البداية أتوجه بأسمى آيات التهنئة والتبريك للمسلمين جميعاً والبشرية جمعاء في ذكرى ولادة رسول الله الأعظم خاتم النبيين وسيد المرسلين أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، وكذلك بمناسبة ذكرى ولادة حفيده أستاذ الأئمة والفقهاء الإمام جعفر الصادق عليه السلام.
وما دمنا أيضاً في الأجواء المباركة لولادة السيد المسيح عليه السلام الذي نتوجه أيضاً في عيد ميلاده المبارك إلى جميع المسيحيين والمسلمين بالتهنئة والتبريك بهذه الذكرى الطيبة والعطرة وبداية عام ميلادي جديد .
أول من يجب أن نبارك لهم وأن نتوجه لهم وأن نتطلع إليهم في هذه اللحظة هم كل أولئك المرابطين في التلال وفي الجبال وعلى الحدود من ضباط وجنود الجيش اللبناني والقوى الأمنية ومجاهدي المقاومة الذين يحرسون حدود هذا البلد ويؤمّنون أمنه وسلامه، سواء في مواجهة الاعتداءات أو التهديدات الاسرائيلية أو في مواجهة الاعتداءات أو التهديدات التكفيرية والإرهابية، في هذه الأيام، خصوصاً في الأيام والليالي الماضية، وما زال الوضع إلى الآن، هؤلاء الذين يدافعون عن بلدهم وعن شعبهم، عن الحدود وعلى طرفي الحدود داخل الأراضي اللبنانية وأيضاً على طرف الحدود داخل الأراضي السورية، في الثلج، في البرد، في الصقيع، في المواقع المرتفعة، في التلال العالية، على علو ألفي متر وألفين وخمسمئة متر، وفي هذه الظروف القاسية والصعبة ويصرّون على البقاء وعلى الثبات وعلى تحمل هذه المسؤولية الوطنية والشرعية والأخلاقية الكبرى، أتوجه إليهم لأنهم الأتباع الحقيقيون لرسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلّم) والحماة الحقيقيون للبنانيين والشعب اللبناني وللإنسانية في هذا البلد، وأيضاً لعوائل الشهداء الذين لولا تضحيات ودماء شهدائهم لكان لبنان ولكانت المنطقة في موقع آخر.
أيضاً في البداية قبل أن ندخل في عناوين الخطاب، يجب أن نتوقف عند حادثة رحيل قامة وطنية كبيرة، وأعني دولة الرئيس عمر كرامي رحمه الله، والذي كان يُمثل موقعاً وطنياً كبيراً وموقعاً قومياً وسنداً حقيقياً لقضايا الأمة، ولحركات المقاومة في لبنان وفي فلسطين في مواجهة المشروع الصهيوني، ونموذجاً للوطني وللسياسي الشريف والنزيه والمضحي والملتزم. أسأل الله تعالى أن يتغمده برحمته، وأن يُلهم عائلته الكريمة الصبر والسلوان، وأن يُوفّق نجله العزيز معالي الوزير فيصل كرامي إلى مواصلة دربه، وحمل أمانته وهو جديرٌ بذلك.
أيضاً بمناسبة هذا الحفل وأسبوع كفالة اليتيم أتوجه إلى جميع الإخوة والأخوات في جمعية الإمداد الخيرية، في لجنة إمداد الإمام الخميني(قدس سره الشريف)، سواءً في لبنان أو في الإدارة المركزية في الجمهورية الإسلامية في إيران، وأشكرهم باسمكم جميعاً، وخصوصاً العاملين والعاملات والمتطوعين والمتطوعات على جهودهم وعلى اهتمامهم ورعايتهم للعائلات الشريفة التي لا معيل لها، وبالأخص رعايتهم للأيتام معنوياً وعاطفياً وتربوياً ومادياً، وهذا من أعظم وأشرف الأعمال التي يرضى الله عنها وتُقرّب إليه عز وجل.
أيها الأخوة والأخوات، في هذا الحفل الكريم وفي الوقت المتاح أود مثل العادة أن أضع فهرساً صغيراً: كلمة في المناسبة، كلمة عن الأيتام والإمداد، وكلمة عن الوضع اللبناني وكلمة في وضع المنطقة، وإن شاء الله كله ضمن الاختصار الممكن وضمن الوقت المتاح.
أولاً: في المناسبة، نحن اخترنا هذا العام حتى في الشعار وفي المناسبة عنوان "محمد نبي الرحمة"، لا شك أن رسول الله محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) كان من أعظم تجليات الرحمة الإلهية في هذا الوجود، وعلى مستوى البشرية، وعلى مستوى الخلائق أجمعين.
الله سبحانه وتعالى عندما يُخاطبه "وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين"، كل ما جاء به نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقيقته وفي جوهره وفي روحه هو رحمة من الله سبحانه وتعالى للبشر وللناس وللخلائق، في الدنيا وفي الآخرة أيضاً. منذ التنشئة ومنذ البداية رسول الله محمدٌ (صلى الله عليه وآله وسلم) وجّه أصحابه وأتباعه والمؤمنين به طوال التاريخ إلى قيام الساعة، أن يُربوا أنفسهم وأن يصبغوا أرواحهم وذاتهم بصبغة الله، التي هي صبغة الرحمة، ودعاهم إلى أن يتخلقوا بأخلاق الله سبحانه وتعالى، ولذلك طبعاً نحن لا نحتاج إلى أن نستدلّ، ولكن للأسف في هذا الزمن نحن مضطرون أن نستدل، لذلك علّمنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلّمنا أن نبدأ هذا في كل قولٍ وعند كل عمل، وأن نُربي أطفالنا وأن ننشىء أجيالنا على ذلك، من المستحبات المؤكدة عند المسلمين وفي دين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يبدأ الإنسان كل قولٍ وكل عملٍ بهذا القول: "بسم الله الرحمن الرحيم"، مع أن لله الأسماء الحسنى، كلها لله، ولكن الدعوة المركزية والرئيسية أن ندعو الله بالرحمن وبالرحيم، وأن نتوسل إليه برحمته، فاتحة قرآننا وأول سورةٍ في قرآن محمدٍ (صلى الله عليه وآله وسلم) بسم الله الرحمن الرحيم: "الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم"، عندما الله الذي أراد محمدٌ (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يُعرفنا إليه وعليه، وهذه من جملة وظائف الأنبياء، أن يُعرفوا البشرية على ربهم وعلى خالقهم وعلى موجدهم وعلى رازقهم وعلى من بيده أمورهم ونواصيهم وأرزاقهم وأعمارهم وآجالهم ومصائرهم، وعرفنا على الله الرحمن الرحيم، هذه التربية وهذا التركيز وهذا التوجيه هو ليس على مستوى الشعار أو القول، وإنما ليسري هذا القول في قلوبنا وفي أرواحنا وفي سلوكنا وفي عملنا وفي أجسادنا وأنفسنا، لأن ترداد هذا القول وهذا الذكر الذي بالمناسبة يُستحب أن يُذكر على كل حال، حتى إذا لم أقل شيئاً أو لم أعمل شيئاً، بل قاعد، ويوجد بعض الأحاديث الشريفة، هذا موجود وأيضاً هذا رأي بعض العلماء الكبار الذين يقولون: أن أفضل الذكر هو "بسم الله الرحمن الرحيم"، أو من أفضل الذكر " بسم الله الرحمن الرحيم"، وترداد هذه الكلمة هدفه أن يسري هذا الأمر في أرواحنا وفي نفوسنا لنكون من أهل الرحمة. سنجد الرحمة في سلوكه ( صلى الله عليه وآله وسلم)، مع زوجاته ومع عائلته ومع أرحامه ومع أصدقائه ومع أعدائه ومع المحيطين به، رحمته في السلم ورحمته في الحرب، رحمته وتواضعه وأخلاقه، سوف نجد هذا في كل تفاصيل حياته المباركة، في سيرته وفي أقواله وفي تعاليمه وفي أحكام شريعته، الرحمة هي السارية في هذا كله، على كل حال، كان هذا التوصيف من المسلمات على مدى مئات السنين، ولم نكن نحتاج لا أنا ولا أحد أن يقف ليتحدث عن محمدٍ (صلى الله عليه وآله وسلم) كنبيٍ للرحمة، لكن للأسف الشديد في هذا الزمن أصبحنا بحاجةٍ ماسةٍ إلى ذلك، بسبب سلوك بعض الجماعات الإرهابية والتكفيرية التي تنسب نفسها إلى الإسلام وإلى رسول الإسلام وإلى راية الإسلام، وهذه من خلال أقوالها وأفعالها، وممارساتها المشينة والشنيعة والعنيفة واللاإنسانية والوحشية، أساءت إلى رسول الله وإلى دين الله، وإلى أنبياء الله وإلى كتاب الله وإلى أمة المسلمين أكثر مما أساء إليه أعداؤه، حتى أولئك الذين قاموا بالإعتداء على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من خلال تأليف كتب مسيئة للرسول أو صنع أفلام مسيئة للرسول، أو رسم رسوم مسيئة للرسول، هؤلاء أساءوا إلى رسول الله أكثر، كلهم مسيئون، ولكن عندما تُقطع الرؤوس وتُشق الصدور وتُراق القلوب والأكباد وتُرتكب المجازرويُذبح الآلاف في دقائق وفي ساعات، ويُصور هذا للعالم،عندما يُقتل الناس في اليمن وفي غير اليمن لأنهم يُحيون مولد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فقط، لأنهم يحيون مولد النبي، وفي نظر هؤلاء أن هذا كفر، وأن هذا خروج عن الدين، هل يصح أن يُقدم أنفسهم هؤلاء أنهم مدافعون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! أو أنهم يُعبّرون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! هذا اليوم هو من أكبر التهديدات والمحن التي يُواجهها ديننا، وتواجهها أمتنا، للأسف الشديد، من الآلام التي تتغلب على كل فرح وعلى كل سعادة في مثل هذه المناسبة، وساعد على هذه الإساءات وضخامة هذه الإساءات، يعني تأثير هذه الإساءات مجموعة عوامل:
أولاً: حجم ونوع الممارسات القاسية والمنفرة والمتوحشة، إمتدادها الجغرافي يعني في سوريا وفي العراق وفي لبنان وفي باكستان وفي أفغانستان وفي اليمن، وفي كل أنحاء العالم، والآن وصلت النوبة إلى الدول التي صدّرت هؤلاء إلينا وأعطتهم الفيزا وقدمت لهم التسهيلات، وهذا كان متوقعاً وقيل منذ الأيام الأولى.
ثانياً: وسائل الإعلام التي تنقل هذه الفظائع وتُدخلها إلى كل بيت.
وثالثاً: مكر الأعداء المتربصين بهذا النبي وبهذا الدين وبهذه الأمة.
هذه من جملة العوامل التي أستطيع من خلالها أن اقول أن هؤلاء في هذا أساؤوا لرسول الله (ص) كما لم يتم الإساءة لرسول الله طوال التاريخ، على مسؤوليتي، تستطيعون التحقيق وتدققون وترون التاريخ منذ بعثة رسول الله (ص)، حجم الاساءة التي تقدم من هذه الجماعات هو كبير وخطير ولا مثيل له طوال التاريخ، وهذه من أكبر التحديات اليوم أمام الأمة الإسلامية، أمام المسلمين، أمام علماء المسلمين، أمام الحركات الاسلامية، ويجب أن نتحمل المسؤولية جميعاً.
في هذا الإطار لا شك أن هناك مهاماً ملقاة على عاتقنا جميعاً يجب التذكير بها في ذكرى مولد رسول الله (ص) منها مسؤولية التعريف بالنببي وقرآنه وبدينه وتعاليمه وأخلاقه وسيرته وتقديمها للعالم بكل الأشكال المتاحة والممكنة، ولكن أيضاً ـ طبعاً ـ هذا الجانب الإيجابي. هناك أمر آخر يجب أن ننتبه إليه ويحظى بعناية فائقة وهو أن تتكاتف الأمة الإسلامية وأتباع المذاهب الإسلامية، ونحن في أسبوع الوحدة بين المسلمين، أن نتكاتف جميعاً في مواجهة هذه الممارسات، في نفي أي علاقة للإسلام بها، وأيضاً في مواجهة هذه الجماعات التكفيرية الإرهابية والعمل على عزلها والعمل على محاصرتها، بل والعمل بكل صراحة على إنهائها.
اليوم أود أن أقول لكم بكل وضوح إن هذه الجماعات كانت تشكل ـ وما زالت تشكل ـ تهديداً لشعوب المنطقة ولدول المنطقة ولخريطة المنطقة، للدماء والأموال والأعراض والكرامات والمصائر والمستقبل والحاضر لكل شيء صحيح، ولكن بات واضحاً أيضاً أنها باتت تشكل خطراً على ما هو فوق السياسة وفوق الأمن وفوق الكرامة وفوق كل شيء وهو الإسلام نفسه، النبي، القرآن، هؤلاء يشكلون أكبر تهديد للإسلام كإسلام، كدين، كرسالة، ولرسول الله (ص) ومكانة رسول الله (ص) ولهذا الكتاب العزيز، والسادة العلماء يعرفون أنه عندما تصل النوبة والمرحلة للدفاع عن الإسلام كإسلام، عن الدين كدين، عن رسالة السماء كرسالة سماء، تسقط الكثير من الشروط والاعتبارات والقيود التي تؤخذ في مسألة وجوب المواجهة وتحمل المسؤولية، بل قد يصل الأمر إلى المستوى الذي ذهب اليه أبو عبد الله الحسين عليه السلام في كربلاء بقلّة الناصر والمعين وبالإمكانات المتواضعة، لأن المعركة في كربلاء كانت بالدرجة الأولى، كما نقول في كل المناسبات العاشورائية، كانت دفاعاً عن الإسلام. اليوم، علماء المسلمين والمسلمون جميعاً أمام هذا الاستحقاق في مواجهة الجماعات الإرهابية التكفيرية لم تعد المسألة فقط دفاعاً عن مناطق وعن شعوب وعن أقليات أو أكثريات وعن معتدلين وعن حكومات وعن خريطة سياسية وعن مستقبل المنطقة، بل هي أرفع من ذلك وأعلى، وأصبحت دفاعاً عن الإسلام الذي يتهدده سلوك هؤلاء ومنطق هؤلاء وممارسات هؤلاء على مستوى كل العالم وليس على مستوى بلد من البلدان أو منطقة من المناطق، هذه المسؤولية يجب أن نتحملها جميعاً .
ثانياً: في الأيتام والإمداد: من مصاديق الرحمة في هذا الدين الإلهي هو هذا الاهتمام العالي بشريحة اجتماعية معينة، بالفقراء والمساكين، وخصوصا الأيتام، بالرغم أنه ليس من مهمة القرآن الكريم هو التعرض إلى كل التفاصيل وخصوصا التفاصيل التشريعية، والتي كانت المسؤولية الأساسية للنبي والرسول (ص)، إلا إننا نجد تأكيداً قرآنياً شريفاً في موضوع هذه الشريحة وفي موضوع الأيتام بالتحديد. في القرآن ذكر الايتام واليتامى في 23 مرة في 12 سورة في 22 آية يعني في مناسبات وأزمنة مختلفة.
وعندما يذكر هذا الامر يذكر في إطار التوجيهات الأساسية وليس في إطار توجيهات هامشية أو تفصيلية أو جانبية، وإنما في إطار التوجيات المركزية والأسياسية التي خاطب بها الله سبحانه وتعالى من خلال القرآن عباده، يقول الله عز وجل "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسان وبذي القربى واليتامى"، الوالدان وصلة الرحم ومباشرة يأتي الايتام، "والمساكين والجار ذي القربى، والجار الجنب والصاحب بالجنب، وابن السبيل وما ملكت ايمانكم، ان الله لا يحب من كان مختالا"، وعلى هذا توجد العديد من الآيات القرآنية الكريمة أكدت وأوصت بالأيتام، بحفظ كراماتهم، بالاهتمام بأوضاعهم الروحية، بمستقبلهم الاجتماعي، بتزويجهم. ومن أهم الأمور التي أيضاً أوصت بها الآيات القرآنية هي حفظ مال اليتيم إلى حد أنّ الله سبحانه وتعالى توعد من يأكل مال اليتيم، توعده بالنار، أنظروا إلى هذا الاهتمام الشديد، يعني الأمر ليس فقط توجيهاً أخلاقياً وإرشادياً، كلا، فعلى مستوى الأحكام الإرشادية وعلى مستوى الإلزامية وعلى مستوى أيضاً التبشير بالجنة والوعيد بالنار لمن يمس مال هذا اليتيم أو يلحق الأذى بهذا اليتيم.
نبيّنا محمد (ص) وهو الذي كان يتيماً أيضاً، كان لديه عناية فائقة بهذا الأمر من خلال الأحاديث الشريفة، من خلال سلوكه وسيرته وتأكيده على هذا المعنى، وعندما نتحدث الآن عن كفالة اليتيم، طبعاً لا نقصد فقط الكفالة المالية أو الإطعام أو المدرسة أو الجانب الصحي، إنما الكفالة بمعناها الشامل والعام. اليتيم بحاجة إلى رعاية معنوية وروحية، فهو عندما فقد الأب لم يفقد المعيل فقط، إنما فقد أيضاً الأب الحنون والملجأ والملاذ والموجّه والمرشد، ومن يأخذ بيده في صعوبات هذه الحياة، العناية هنا مطلوب أن تكون عناية معنوية وروحية وتربوية وتوجيهية. نعم جزء من الكفالة هو الجانب المالي والمادي وتأمين متطلبات العيش لهؤلاء الايتام، على سبيل التأكيد على هذا المعنى في وصية أمير المؤمنين عليه السلام قبل الموت: "الله الله في الأيتام، فلا تغبّوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم، فقد سمعت رسول الله (ص)" من هنا الشاهد من رسول الله لينقله علي عليه السلام، يتابع ويقول "من عال يتيماً حتى يستغني أوجب الله عز وجل له بذلك الجنة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار"، ويوجه الرسول بقوله "كن لليتيم كالأب الرحيم"، ثم يرفع مستوى الترغيب في هذا النوع من الأعمال أو المهام في هذه الرواية الموجودة عند كل المسلمين، أن رسول الله (ص) قال: أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة، إذا اتقى الله عز وجل، وأشار بالسبابة والوسطى. يعني هذا الحديث ماذا يقول؟ هو لا يعني فقط الدخول إلى الجنة، وأيضاً يقول إن مقامه في الجنة في جوار مقام رسول الله (ص)، وهو أعلى المقامات وأرفع المقامات في تلك الدار، ولذلك هو أشار بالإصبعين، يعني هو قريب من مقام رسول الله (ص)، هذا مقام اليتيم، وقلما في موضوع من الموضوعات ورد تشبيه من هذا النوع أو تعبير عن درجة أو مقام من هذا النوع، قد تكون هناك موارد أخرى، ولكن هذه من الموارد النادرة والخاصة، بل أكثر من ذلك، يوجه رسول الله (ص) حتى من يقسو قلبه ـ وفي هذا الزمن هذا الحديث ينفعنا كثيرا، لأن قساة القلوب كثيرون كثيرون كثيرون، نحن محتاجون أن تلين قلوبنا في بيوتنا وعلى عائلاتنا وعلى أولادنا وزوجاتنا وأرحامنا وجيراننا وأهل بلدنا ومَن حولنا، على كلٍّ الرسول (ص) يخاطب رجلاً "أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟" يعني من جهة يلين القلب، ما الشيء الذي يلين القلب؟ الآن يجب على علماء النفس أن يعملوا على هذا الموضوع، بل أكثر من ذلك يعين على أن تدرك حاجتك، إذا كان لك حاجة، عند الله سبحانه وتعالى، حاجة للدنيا حاجة للآخرة، مطلق حاجة، وتجد بأن الأمر مغلق أمامك ومعثّر، وأمامك حائط مسدود، من جملة الوسائل التي تساعدك على أن تدرك حاجتك، أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ إرحم اليتيم، أنظر، الأمر ليس فقط فلوس ومصاري أكل وشرب ودواء، "إرحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك"، فلتأتِ به إلى منزلك، إلى مائدتك، وأجلسه بين زوجتك وأولادك، وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك". هذا المستوى المطلوب، طبعاً نحن من خلال كل هذه التوجيهات، نفهم أن الأصل في كفالة اليتيم والاعتناء بالايتام، هو أن يعتني بهم في بيوت عائلاتهم، إذاً نحن نستطيع أن نبقي اليتيم عند والدته والأولية عند والدته، ولترعاه وتربّيه وتهتم به وتعطيه من حنانه ونساعد هذه الأم ونساعد هذا اليتيم ونساعد هذه العائلة، هذه أولوية مطلقة لأن هذا يضمن الرعاية والكفالة من جوانبها المختلفة، وهنا يجب أن نوجّه التحية إلى كل الأمهات، إلى الأمهات اللاتي فقدنَ أزواجهن، سواء بالشهادة أو بالموت الطبيعي، أو لأي سبب، وزوجات الشهداء وأمهات الايتام، مطلق الأيتام وليس فقط أيتام الشهداء، نوجه لهم التحية، أنا أعرف أن الكثير الكثير من هذه الأمهات ضحيّن حتى بمستقبلهنّ الشخصي، بحياتهّن الشخصية، من أجل تربية هؤلاء الايتام، وهذا من أعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى، ومن أعظم الجهاد في سيبل الله سبحانه وتعالى الذي يمكن أن تقوم به سيدة وامرأة أو أم أو زوجة، إذا لم نستطع أن نتركه عند امه، فيجب أن يبقى عند أهله، جده، جدته، وأقاربه، أو إذا لم نستطع عند بيت (عائلة)، المهم أن يكون في عائلة، دور الايتام يجب أن تكون استثناء، هي ضرورية ولازمة ولا بديل عنها في بعض المراحل، ولكن يجب أن تكون الموقع الأخير والحصن الأخير ، ويجب أن يكون برنامج كل المؤسسات الخيرية التي تهتم برعاية الأيتام، أن يلتزم بهذه الأولويات لأنها أولويات تم التوجيه اليها بشكل واضح من خلال مضمون الأحاديث والروايات الشريفة.
هناك عدد كبير، والحمد لله، من الجمعيات والمؤسسات التي ترعى الايتام، في مقدمها تأتي جمعية الإمداد التي تفتخر بهذه الخصوصية، أن مؤسسها هو الإمام الخميني (قدس) وأنها نمت وكبرت في رعاية الإمام الخميني (قدس) وهي تواصل عملها في إيران ولبنان ودول عديدة في العالم برعاية مباشرة من سماحة الإمام السيد الخامنئي (دام ظله الشريف) وما زالت أيضا تنتسب إلى هذا الإسم "لجنة امداد الامام الخميني". الأمل من جميع المؤمنين والمؤمنات ومن جميع الناس الطيبين والطيبات، أن يقدموا المساندة والدعم لجمعية الإمداد وللجمعيات المشابهة لتتمكن من تحمل هذه المسؤولية بالنيابة عنا جميعاً، لأنّ هذا التحمل الجماعي والاجتماعي لهذه المسؤولية يقرّبنا جميعاً من الله سبحانه وتعالى ويجعل مجتمعنا وعائلاتنا موضع نظر ورحمة الله سبحانه وتعالى.
الإخوة والأخوات في جمعية الإمداد أطلقوا أو دعوا إلى حملة ـ وأنا أساندهم وأدعو لمساندتهم أيضاً ـ إلى حملة تكفل 4050 يتيما، وكل واحد بما يمكنه وبما يستطيعه، يجب أن لا يبقى هذا الحمل متروكاً، يجب أن نحمله جميعاً ونتعاون جميعاً، كما المؤمل أيضاً من الإخوة والأخوات في مؤسسة الإمداد إن شاء الله، كما كانوا دائما وبالفعل بمستوى الأمانة وبمستوى المسؤولية وعلى المستوى الأخلاقي والسلوكي والروحي والإجرائي والتنفيذي سابقاً وحالياً، أيضاً أن يتحملوا ويستمروا في تحمل هذه المسؤولية فيما يعني كل العائلات التي لا معيل لها، وبالأخص الأيتام لأن هؤلاء وصية نبينا (ص).
بالموضوع اللبناني عدد من النقاط السريعة.
النقطة الأولى: مسألة الحوار القائم بين حزب الله وتيار المستقبل برعاية كريمة من دولة الرئيس نبيه بري. هذا الحوار ـ أنا أريد أن أؤكد وأطمئن اللبنانيين أنه ـ يسير بالجدية المطلوبة من الطرفين، وفيه مصلحة كبيرة للبلد.
يكفي أننا كلنا، من يوم بدء الحديث عن هذا الحوار إلى أن بدأ فعلاً، البلد ارتاح بدرجة كبيرة. لا ندّعي أنه لم يعد هناك توتر سياسي أو لم يعد هناك احتقان، لكن صار هناك حد أدنى وحدوده الدنيا لا شك هذا مصلحة للبلد مصلحة لكل اللبنانيين.
البعض حاول بالبداية، عندما تمت الدعوة للحوار، أن يشكك بحصول حوار أو لا يحصل، الجواب عليه أنه حصل، لكن البعض ما زال مستمراً بالتشكيك بالنتيجة، الجدوى، الفائدة، يصل لنتيجة أو لا يصل لنتيجة. أنا أقول لكم من خلال جلستين حصلتا طبيعة النقاط التي تم بحثها أجواء الحوار، أجواء الأطراف الموجودة في الحوار، أستطيع أن أتحدث عن إيجابية كبيرة، عن إمكانية الوصول إلى نتائج، وهذا الأمر هو الأقوى وهو الأغلب، ونحن وكل المعنيين بهذا الحوار نحن واقعيون من اليوم الأول، لم نأتِ و"نعلّي الأسقف"، لم نأتِ ونتفق على جدول أعمال، نحن نعرف، كلنا نعرف، أنه من الصعب الوصول إلى نتيجة في هذه القضايا في الظروف الحالية، هل مكتوب علينا أن هناك مبدأ في أصل نتفق عليه نحن كلبنانيين إما نتفق على كل شيء إما يجب ان نتقاتل ونتخاصم ونهاجم بعضنا في الإعلام ونقاطع بعضنا بالسياسة ونوتّر ساحتنا وبلدنا ووطننا، لا يوجد إلا هذان البديلان؟ ألا يوجد خيار ثالث؟
"ما فيه" خيار ثالث أن نتحاور ونتقارب ونتواصل، ما نتفق عليه نذهب ونعمل به، وما نختلف عليه ننظّمه، نؤجله، نجد له آلية لاستمرار الحوار؟ أليس هذا المنطق والعقل "يقول هيك" الدين "يقول هيك" والأخلاق "تقول هيك" المصلحة الوطنية "تقول هيك". طبعاً هناك ناس لا يناسبهم، هناك ناس في البلد، لا أود أن أتهم قوى أو ممكن أشخاص، لنتحدث، ممكن بحدود أشخاص، ربما ليس لديهم مصلحة أن يلتم اللبنانيون على بعضهم، لا ان يجلس الشيعة والسنة ليتفاهموا ويتحدثوا مع بعضهم كشيعة وسنة عموماً أو كقوى سياسية لأن لا نحن ندعي أننا لوحدنا نمثّل الشيعة، ولا أحد يدعي ولا مفترض أن يدعي أحد أن تيار المستقبل بمفرده يمثل السنة. لكن لا شك بأن هذا الحوار يترك آثاراً طيبة وإيجابية على المناخ المذهبي العام في لبنان، هناك ناس ربما لا يتحملون أن يجلس المسلمون والمسيحيون في لبنان ويتفاهموا ويتحاوروا ويجدوا حلولاً لأنه في مكان ما في العالم وليس فقط في لبنان أو في المنطقة هناك من يريد حرباً إسلامية مسيحية مرجعها للنقطة الأولى التي تحدثنا فيها.
هناك من يريد حرباً إسلامية مسيحية، ويساعده عليها هؤلاء الحمقى من الجماعات الإرهابية والتكفيرية. هناك ناس لا يناسبهم، هناك دول لا يناسبها، لكن نحن مصلحتنا كلبنانيين، كشعب لبناني بل مصلحة كل شعب من شعوب المنطقة أن القوى الموجودة فيه، الأطراف، الجهات المؤثرة والفاعلة تقعد وتجلس وتتحاور وتجد حلولاً لمشاكلها بالحوار وبالحكمة والموعظة الحسنة وبالوسائل السلمية، هذا ما نحن ذهبنا إليه. ولذلك نحن لم نرفع الأسقف، لم يأتِ أحد ليقول إن هذا الحوار سيحل الخلاف الموجود حول موضوع الاستراتيجية الدفاعية أو سلاح المقاومة أو الوجود في سورية أو أو أو الخ.
أتينا من البداية، قلنا إن هناك بلداً اسمه لبنان في منطقة ـ مرت فيها عاصفة ثلجية لكن ـ هي من أربع سنوات تعيش في قلب العاصفة وفي أعنف العواصف الأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والنفسية والعقلية والفكرية.. نستطيع أن نحافظ على هذا البلد، نستطيع أن نمنع سقوطه، نمنع انهياره. إذا كان هناك مجالات نستطيع التفاهم عليها نفعلها، إذا كان هناك مجالات إن تفاهمنا عليها نستطيع أن نصل بها لتفاهم وطني لنتكل على الله. لذلك كلكم اّطلعتم على جدول الأعمال، جدول الأعمال يجب أن يوصل إلى هذه النتيجة، هذا سقفه.
هل هذا السقف ممكن؟ نعم ممكن وأكيد إذا بقيت الجدية مستمرة عند الطرفين، وعلى ما يبدو كذلك بكل تأكيد يمكن أن نصل إلى النتائج المرضية.
من جهة أخرى، هذا الحوار هو لا يقوم مقام ولا ينوب عن بقية القوى السياسية في لبنان على الإطلاق. هذا حوار بين طرفين لكن هذا ليس هو البديل عن حوار وطني أو تفاهم وطني، لكن هذا طريق لحوار وطني ولتفاهم وطني هذا يوصل. تذكرون، بمناسبة من المناسبات، أنا قلت إنه إذا لم نستطع أن نجتمع على طاولة واحدة الآن، لا يوجد رئيس جمهورية، ولا نستطيع أن نجري حواراً وطنياً أو إذا كان هناك صعوبات على طاولة الحوار بهذه السعة، طيّب لنقم بحوار ثنائي، حوار ثلاثي، طبعا لم أجرؤ على القول حوار رباعي حتى لا يقول أحد (إنني أتحدث عن) تحالف رباعي.
طيب، تقوم جهتان أو ثلاث جهات يجلس (ممثلوها) مع بعضهم، ربما أحياناً عشر جهات جالسون على طاولة ثماني ليس لديهم مشكلة واثنين مع بعضهم هناك مشكلة، ليجلس الاثنان جانباً إذا استطاعوا حل مشاكلهم جيد، لاحقاً يجتمع العشرة ويقولون يا أخي نحن توصلنا لهذه النتائج إذا كنتم أنتم موافقين لنتكل على الله.
إذاً، نحن لا نتحدث عن هذا الحوار كبديل عن حوار وطني ولا أيضاً كبديل عن حوار القوى السياسية ونحن نساند ونؤيد كل أشكال الحوار الثنائي والثلاثي بين أي تيارات وقوى سياسية لبنانية أو أي جهات في لبنان.
في السابق عندما فتح باب الحوار بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وجاء بعض الناس يكتبون أموراً منها أن حزب الله منزعج وكذا، أبداً لم نكن منزعجين بالعكس، نحن تحدثنا مع حلفائنا وقلنا لهم نحن ندعم هذا الحوار ونؤيد هذا الحوار وندعو له بالنجاح لأنه إذا وصل إلى نتيجة هذا بركته وفائدته ستعود على اللبنانيين جميعاً.
اليوم أيضا أي حوار بين أحزاب سياسية، بين قوى سياسية، بين تيارات سياسية، مسلمين مسيحيين من الطرفين هذا بالتأكيد نحن نحتاج إليه على مستوى لبنان، وهذه الحوارات إذا بنيت يمكن ان تمهد لحوار وطني جامع وشامل ومنتج ومثمر ويؤدي إلى نتائج بالتأكيد، وليس إلى جلسات عقيمة قد تؤدي إلى مزيد من الإحباط واليأس بدل أن تؤدي إلى نتائج مطلوبة.
عندما يثق الإنسان بنفسه ويثق بحلفائه يجب أن يذهب هو إلى الحوار وإذا ذهب أيّ من حلفائه إلى الحوار يجب أن يكون سعيداً ومطمئناً وواثقاً ومشجعاً وهذا هو في الحقيقة موقعنا اليوم.
اللبنانيون أيضا بمناسبات سابقة وكانو الوضع الإعلامي ضاغطاً وعالياً جدا تذكرون دائما كنت أقول أبقوا خط رجعة، لا أحد يرفع السقف كثيراً بالخطاب والتوتر السياسي، لأننا نحن اللبنانيين ليس لدينا خيار سوى ان نجلس ونعيش سوياً ونتحاور ونبني بلدنا سوياً ونكمل سوياً.
وبالتالي السقف العالي مهما ارتفع سيعود وينزل، كل الناس تعود وتجلس مع بعض وتتواضع لبعض وتأخذ وتعطي مع بعض وتسعى لتصل لنتائج. وهذا أيضا يدخلنا إلى الاستحقاق الرئاسي في ظل انشغال الدول والإقليم عنا. بالتأكيد نحن من الأفرقاء الذين أيضا يصرون على إجراء انتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن ولكن المسعى الجدي هو في الحوار الداخلي،وأي حوار داخلي وخصوصا حوار مسيحي مسيحي أو بين قوى مسيحية هو بالتأكيد يمكن أن يساعد لإنجاز هذا الاستحقاق، واليوم من يستطيع أن يوصل اللبنانيين إلى انتخاب رئيس ـ أقول هذا لكل المعنيين بهذا الملف ـ هم اللبنانيين أنفسهم. لا ينتظروا شيئاً من الخارج.
الخارج لا يستطيع أن يفعل لنا شيئاً، لا تفاهم دولي ولا تفاهم إقليمي، مطلوب أن نصل لتفاهم داخلي، التفاهم الداخلي هو الذي يمكن أن يوصل إلى إنجاز هذا الاستحقاق.
في الشأن الداخلي أيضاً دعوة إلى تعاون اللبنانيين حكومة وشعباً وكل المؤسسات الرسمية والأهلية لمعالجة تداعيات ونتائج العاصفة الثلجية على الناس، وخصوصا على أهل المناطق التي تعرضت ولحق بها أضرار زراعية، وغير ذلك هذا طبعاً يحتاج إلى عناية من الدولة وأيضا إلى تكاتف اجتماعي.
الناس تساعد بعضها البعض لأنه أحياناً قد تكون الدولة قاصرة أو مقصرة.
ثلاثة: الشيء الذي جدّ أمس بسبب الخلاف على ملف النفايات، وبالنهاية رفعت جلسة الحكومة ورئيس الوزراء قال إنه لن يعقد جلسة بعد الآن للحكومة قبل أن يعالج هذا الملف.
نحن نأمل أن تتدخل المرجعيات السياسية المؤثرة والفاعلة والمخلصة، وأن لا يترك هذا الملف. يعني لا أحد يجلس ويمترس نتيجة الخلاف الموجود في داخل مجلس الوزراء، والخلاف أصبح معروفاً على ماذا وبين من، هنا شخص يعمل متراس وهنا شخص يعمل متراس، وتأخذ القصة أياماً وأسابيع وشهوراً، يعني غرق البلد في مكان آخر، الآن لا يوجد داعي أن نفصّل بهذه التعابير، أخذوا البلد إلى مكان آخر، وهذا الأذى يلحق بكل اللبنانيين وبكل المناطق اللبنانية، وهذا سيكون شديداً. من المعيب أن يستخدم أحد النفايات أو ورقة النفايات في معركة أياً يكن طابع هذه المعركة.
المؤمل من رئيس الوزراء، من الوزراء وأيضاً من المرجعيات السياسية لأنّ هؤلاء الوزراء لهم مرجعيات، أن لا يترك الموضوع ليتفاعل ويأخذ وقته على الطريقة اللبنانية، كل شيء يمد عندنا ستة أشهر، سنة. هذا موضوع لا يتحمل ولا يستأهل أن تتعطل الحكومة من أجله ويتعطل البلد من أجله، والمنطقة كلها أين، وفي وقت نحن ليس لدينا رئيس جمهورية تريد حكومتنا أن تتعطل، لأن بعض الجهات السياسية وبعض الوزراء مختلفون على معالجة ملف النفايات في البلد، أيضاً هذا يجب أن نرفع فيه صرخة عالية.
أما عن الموضوع الأمني والتهديد الحدودي، لا يوجد شك أنه خلال الأشهر الماضية كان الوضع الأمني جيداً كثيراً، وبفضل وإنجازات الجيش اللبناني والقوى الأمنية وهنا مجدداً تحية للشهداء والجرحى جميعاً ولكل الذين بذلوا جهوداً كبيرة ومضنية لتحقيق هذا الأمن على المستوى الداخلي وأيضاً على مستوى الحدود، لكن يبقى الحذر مطلوباً.
الآن كل مدة ومدة، أنا أحب أن ألفت قليلاً أيضاً، نحن لا نريد أن نقيّد وسائل الإعلام ولا نريد أن نحدّ من حريتها، ولكن أحيانأ نحن نساعد على بلدنا، يعني أن الجماعات الإرهابية تشنّ حرباً نفسية على البلد، مثل ما يعملون في ملف المخطوفين، المحتجزين العسكريين، كل مدة ومدة تخرج تسريبات مفادها أنهم يريدون أن يهاجموا الضيع، يريدون أن يعتدوا، يريدون أن يحتلوا، يريدون، يريدون، يريدون.. بعض وسائل الإعلام تعتبر هذا سبقاً صحفياً، وتعمل على الموضوع. يمكن من زاوية من الزوايا شخص يقول هذا نحن لنا مصلحة فيه، لأن هذا يعطي حجة ودليل أنه يوجد تهديد حقيقي والعالم يجب أن تصعد إلى الجبال والجرود وإلى التلال وتحمل سلاحها وتدافع وتواجه. كلا نحن ليس لدينا مصلحة بهذا، نحن مصلحتنا الحقيقية أن يعيش الناس في أمن وسلام وإستقرار، حتى في سلام نفسي، وفي إستقرار نفسي. الجيش اللبناني والقوى الأمنية ومجاهدو المقاومة أخذوا على عاتقهم أن يحملوا هم هذا العبء، هم جالسون في الجبال، وهم جالسون في الثلج، وهم جالسون في المخاطر، وهم جالسون في التحدي، وهم الذين يتألمون، هم الذين يصابون، هم الذين يستشهدون هم الذين يُجرحون. لكن بقدر ما يمكننا أن نترك الناس بالها مرتاح، هادئة الخاطر، لا نهز لها أعصابها، لا نوترها يكون هذا جيداً.
إلى ذلك، هذا (الكلام) يوجد كثير منه ليس له أساس، يوجد كثير منه هو حرب نفسية، هؤلاء أعجز من أن يقوموا بعمليات واسعة كالتي تطالعنا بها أحياناً بعض وسائل الإعلام.
في كثير من المعلومات التي تنشر أيضاً ، هي خاطئة غير صحيحة لا أساس لها، بعضها لا أساس لها، وبعضها يتم تضخيمها، لأنه طبعاً الجماعات المسلحة خصوصاً في الجرود وعلى الحدود الشرقية هي بحاجة إلى أي مكسب معنوي، وأنتم تعرفون أنه كل الجهد خلال الأشهر الماضية في منطقة القلمون تركز من قبل الجماعات المسلحة على إستعادة ولو بلدة واحدة، بلدة واحدة، بلدة فليطة مثلاً أو الجبة أو عسال الورد، وكل هذه الجماعات المتراكمة والإمكانات المتاحة لهم لم يستطيعوا أن يفعلوا ذلك، وهذا لا يعني أنهم لن يحاولوا، هم دائماً في حالة محاولة.
بكل الأحوال، أنا في هذه النقطة فقط أريد أن أقول لأهلنا في البقاع بالتحديد، في القرى البقاعية، في القرى الحدودية، وأيضاً لكل الشعب اللبناني، أنه في مواجهة هذا الخطر اللبنانيون ليسوا عاجزين، ليسوا ضعافاً، وليسوا بحاجة إلى مساعدة أحد، بقوانا الذاتية، بالجيش والشعب والمقاومة، كما هزمنا الإسرائيليين نهزم الإرهابيين والتكفيريين ونهزم كل من يفكر أن يعتدي على لبنان أو أن يطال من كرامة وعزة وأمن اللبنانيين.
في هذه النقطة يكون هناك إطمئنان، لا الثلج ولا البرد ولا العواصف الثلجية ولا الشهداء ولا التضحيات ولا الجراح ولا الآلام ولا الأعباء ولا الإتهامات يمكن أن تغير شيئاً من إرادة وعزم وتصميم هؤلاء جيميعاً وخصوصاً هؤلاء المجاهدين عن حماية شعبهم وبلدهم وأهلهم وقراهم، وهم الذين فعلوا ونفذوا وحموا ومستعدون أن يتحملوا هذه المسؤولية إلى آخر الخط.
في هذه النقطة أنا أتمنى، أرجع وأؤكد، أن لا يشارك أحد في التهويل، لا أحد يخوف الناس، الآن في النهاية لا أحد يمكن أن يضمن أن لا تحصل عملية هنا أو عملية هناك، هذا أمر يحصل الآن في أي بلد، الآن فرنسا وبريطانيا وإسبانيا، وكل الدول مستنفرة الآن في العالم. لكن ما يقال عن عمل عسكري واسع، على كل حال الناس لم تمت والبلد مليئ بالرجال وبالشجعان وحتى بالنساء الرجال، لا يوجد مشكلة في ذلك الموضوع على الإطلاق، ونحن إن شاء الله في وجه أعتى القوى والجيوش في العالم، صمدنا وإنتصرنا فكيف في مواجهة هذه الجماعات الإرهابية "الملزقة تلزيق".
هذا بالموضوع المحلي. كلمة أخيرة بالموضوع الإقليمي لا أريد أن أطيل عليكم، طبعاً أحداث المنطقة كبيرة ومهمة جداً، من فلسطين والتطورات في فلسطين، تطورات على درجة عالية من الخطورة، فيما يعني الشعب الفلسطيني أو في ما يعني القضية الفلسطينية، أو القدس والمسجد الأقصى، أو قطاع غزة أو الأسرى في السجون، إلى سوريا إلى العراق، إلى اليمن، إلى البحرين إلى أماكن أخرى في منطقتنا وفي العالم. الآن الوقت لا يساعد أن أدخل بالموضوع الإقليمي لكن أنا لدي حديث خلال الأيام القادمة إن شاء الله مع فضائيات، فنتكلم إن شاء الله في الوضع الإقليمي، الذي يحب أن يسمعنا، يسمعنا وقتها. لكن في الدقائق المتبقية، بالوقت المتاح، أجد نفسي واجباً عليّ أن أتوقف عند موضوع البحرين.
في الأيام القليلة الماضية قامت السلطات في البحرين باعتقال الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية سماحة الشيخ علي سلمان حفظه الله وحرسه الله. طبعاً هذه الخطوة كانت خطيرة جداً، والاستمرار في اعتقاله وفي احتجازه هو أمر خطير جداً. لكن في الدلالات ـ مهما تكلم الشخص في الادانة سيكون مقصراً ـ في الاقدام على هذه الخطوة يوجد شيء مهم جداً يجب أن نتوقف عنده وهو وصول السلطات البحرينية إلى حائط مسدود وسقوط كل رهاناتها، رغم كل ما فعلته خلال السنوات الماضية، وهناك شعب في البحرين يطالب بحقوقه، وحقوق مشروعة ولا يستطيع أن يناقش بها أحد، ومن أبسط الحقوق المشروعة في هذا الزمن ـ الذي كل الناس تتكلم فيه عن الديموقراطية ـ أن يكون لديهم مجلس نيابي منتخب، وأن يكون المجلس الذي يسن القوانين هو مجلس منتخب، لا أن يكون هناك مجلس منتخب وتعيين على عدد أعضائه المنتخبين أعضاء يشاركونهم، يعني تعينهم الحكومة ليشاركوا بسن القوانين وبالعملية السياسية.
هذا الشعب بماذا يطالب؟
1ـ الشعب البحريني يقول إنه يريد مجلساً نيابياً منتخباً، طبعاً يريد قانون انتخابات سليماً وصحيحاً، ويريد مجلساً نيابياً منتخباً لديه صلاحيات كاملة.
2ـ هذا الشعب منذ اليوم الأول اختار السلمية في حركته ـ يمكن ان يقول لي أي أحد إنك يا سيد تتكلم عن البحرين ويوجد حركات في بلدان أخرى ـ هنا نتكلم عن بلد، قال الناس فيه منذ اليوم الاول هذه حقوقنا وهي حقوق طبيعية ومنطقية وسليمة، هي مجموعة حقوق ولكن هذا هو الأبرز فيها، وثانياً قد اختاروا السلمية.
أُطلق عليهم النار ولم يُطلقوا النار، وقُتلوا في الطرقات ولم يبادروا إلى القتل، لا إنهم لم يستخدموا سلاحاً ومتفجرات أو جلبوا مقاتلين أو جماعات مقاتلة من الخارج، ولكن حتى السكين لم يستخدموا، وهم مصرون على سلمية الحركة وهذا الذي أحرج السلطة أكثر خلال هذه السنوات.
قيادة المعارضة العُلَمَائية، والقيادة السياسية كلهم متفقون على سلمية الحراك، وعلى رأسهم سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم حفظه الله، وفي مقدمتهم جمعية الوفاق وعلى رأسها سماحة الشيخ علي سلمان حفظه الله.
أنتم تعرفون، ونحن اللبنانيون نعرف، أن السلمية هو عمل صعب، من أهون الأشياء أن يلجأ الشخص ـ في حال تم ضربه أو إطلاق الرصاص عليه أو يغضب أو يعصّب ـ إلى أن يحمل السلاح ويبدأ بإطلاق النار، اذا كان لديه سلاح وفي حال ليس لديه يذهب ويشتري سلاحاً، ويأتي بالسلاح ويصبح يفكر بالليل وبالنهار بالسلاح، أليس كذلك؟
هؤلاء الناس يُعتدى على منازلهم وعلى أعراضهم، وعلماؤهم في السجون، ورموزهم في السجون، وقياداتهم في السجون، نساؤهم في السجون، وتعرفون الذي يحصل في السجون، قتلوا في الطرقات ولم يلجأوا إلى العنف، لم يلجأوا إلى أي وسيلة من وسائل العنف، استمروا بالإصرار على الاعتصام والتظاهر والاحتفال والخطاب والوسائل السلمية، بل الوسائل الأكثر سلمية، يعني ربما هناك بعض الوسائل التي قد تصنف سلمية ولا تصنف عنفاً، حتى هذه لم يلجأوا إليها في أغلب الأحيان.
السلطة كانت دائماً تتحدث عن حوار شكلي ولا تدخل في حوار حقيقي وجدي، وهذه المعارضة كانت دائماً مستعدة للحوار، لأن سنخية الحركة التي تقوم بها وسنخية الأهداف التابعة لها السلمية والطبيعية تنسجم مع طريقة الحوار ووسيلة الحوار.
لكن دائماً كانت السلطة تتهرب من أي حوار ومن نتائج أي حوار، رهان السلطة كان خلال السنوات الماضية على أن يتعب الناس في النهاية، ولكن مع مرور أول يوم، ثاني يوم، أول شهر، ثاني شهر، أول سنة، ثاني سنة، ثالث سنة ـ نحن في لبنان نتعب من مظاهرات خلال شهرين ثلاثة ونقول إن المظاهرات لن توصلنا إلى محل ـ وهناك شعب في البحرين يتظاهر منذ 4 سنوات، ويعتصم منذ 4 سنوات، ويمارس الحراك الشعبي السلمي منذ 4 سنوات، طبعاً هذا نموذج مميز مختلف بالعالم. في كل الساحات انحدرت هذه الساحات أو أغلبها إلى العنف بشكل سريع، ولكن هذه الساحة لم تنحدر إلى العنف.
ليس لأنه لا يوجد رجال في البحرين، بل يوجد رجال في البحرين، أهل البحرين معروفون بالرجولة وبالشجاعة وبالشهامة وبالحماسة وبالإقدام، هذا تاريخهم.
وليس لأنه لا أحد يستطيع أن يستخدم السلاح في البحرين ـ دعوني أنا اتكلم هذه الامور وليأتِ آل خليفة ويأخذوني إلى السجن ـ وليس لأن لا أحد يستطيع أن يوصل السلاح الى البحرين، وليس لأن لا أحد يستطيع أن يرسل مقاتلين إلى البحرين، كلا، ليس هكذا، البحرين مثلها كمثل أي بلد في العالم.
أكثر بلد مضبوط، يدخل عليه السلاح، ويدخل عليه مقاتلون، ويدخل عليه مسلحون، ويستطيع الدخول إليه أي كان، وتستطيع مجموعات صغيرة أن تخرب أي بلد.
المسألة الحقيقية أن إرادة العلماء والقيادات السياسة والشعب في البحرين هي التي تمنع من ذلك وهي التي تصر على المسار السلمي. هم راهنوا أن الشعب سييأس، ولكن لم ييأس الشعب بعد 4 سنوات، مع أن العالم قد تركهم، والعالم قد خذلهم، والمجتمع الدولي، والدول والحكومات، حتى الكثير من الذين وقفوا مع الربيع العربي عندما يصلون عند البحرين يتوقفون، وصنفوا موضوع البحرين ـ ظلماً وعدواناً ـ موضوعاً طائفياً ومذهبياً، وهو ليس كذلك على الاطلاق.
الآن الوقت لا يتسع حتى أفتح موضوع البحرين وما تعرض له هذا الشعب، تعرفون ماذا يوجد في البحرين، أنا لم أكن أريد أن أستعمل هذه العبارة لكن ليست بمشكلة ولو لمرة واحدة، يوجد مشروع شبيه بالمشروع الصهيوني، يعني يوجد إستيطان في البحرين، يوجد اجتياح، يوجد تجنيس له أول وليس له آخر ومتسارع، يؤتى بالناس من كل أنحاء العالم، يعطونهم جنسية، تؤمن لهم فرصة عمل ومعاش كريم وأمن وإحترام وكرامة، وإبن البلد الأصلي، الذي آباؤه وأجداده من مئات السنين من آلاف السنين هم موجودون في هذا البلد، لا يعطى، يسلب منه أبسط الحقوق وأمام أي موقف سياسي يُطرد أو يُسجن أو تُنزع منه الجنسية، وهناك عمل دؤوب في الليل وفي النهار لتغيير هوية الشعب البحريني، يعني يأتي يوم الذي يسكن البحرين ليس الشعب البحريني، شعب آخر، كما أن الذي يعمل له الصهاينة في فلسطين هو أن يأتي يوم الذي يسكن فلسطين فيه اليهود الذين جيئ بهم من كل أنحاء العالم، أليس هذا ظلماً، أليس عدواناً.
حسناً، هذا الشعب استمر في الحراك، رغم كل هذا الخذلان، هو لم ييأس، الدولة رأتهم أنهم لم ييأسوا.
ثانياً: راهنت الدولة على استسلام القيادات العلمائية والسياسية، أنه بالنهاية الناس ستطالب العلماء وستطالب القيادات السياسية. حسناً، تظاهرنا أول سنة، ثاني سنة ، ثالث سنة ، رابع سنة، طيب وين، أنه آخر شيء القيادات السياسة تقول انتهينا. مع ذلك هذه القيادات العلمائية والسياسية مصرة على مواصلة الطريق، راهنت السلطة، وعلى ذمتي، وأنا أتمنى من أهلنا في البحرين أن يسمعوا تقدير الموقف هذا مني، راهنت السلطة على دفع الشباب البحريني إلى العنف، من خلال ممارساتها القمعية، وهي مصلحتها أن تذهب الناس للعنف، لأنه في ظل العنف عندما تتهم به المعارضة أو تمارسه المعارضة ستأتي السلطة وتتحدث عن الأمن الوطني والأمن القومي وتقوم بضرب المعارضة وطرد قياداتها وسحقها وبالتالي إنهاء هذه المعارضة.
السلطة عملت خلال أربع سنوات على جر المعارضة في البحرين إلى صدام مسلح وإلى ممارسة العنف وفشلت. وأعود وأقول: من أهم عوامل تمسك الشعب البحريني بالسلمية هو ثقافته وأيضاً قيادته، لأنه حتى لو كان يوجد قيادة وعندها إصرار على السلمية لكن الشعب ثقافته مختلفة، ثقافته ثقافة المسارعة إلى القتال، حتى هذه القيادات ستعمل معجزات يعني. ثقافة هذا الشعب وقيادة هذا الشعب هي التي وصلت أن يكمل بالحراك السلمي. حسناً، كيف نفهم موضوع إعتقال سماحة الشيخ علي سلمان لأنه هو من رموز وقيادات الحراك السلمي الذي يصر على السلمية، وقد نشهد، وهذا ما يجب أن ينتبه له الجميع، أن كل القيادات المصرة على الحراك السلمي تؤخذ إلى السجون من أجل ضرب الحراك السلمي، من أجل ضرب الحراك بشكل عام، ثم ما هي التهم التي وجهت إلى الأخ الشيخ علي التحريض على العنف، يعني إذا شخص يريد أن يتهم شخصاً بتهمة يفتش على شيء، خلينا نحكي شعبي، "على تهمة بتظبط، على تهمة بتركب"، كل البحرانيين وكل الناس تعرف الأخ الشيخ علي سلمان، سلمي، سلمي، سلم يحتى ينقطع النفس إلى حد أنه حتى من يوافقه في السلمية يقول له يا شيخ أنت "مثقّلها" يعني، هذا الشيخ وهذا القائد وهذا المناضل بماذا يتهم؟ بأنه يحرض على العنف، أو يدعو أو يحرض على العنف من أجل ماذا؟ من أجل إسقاط النظام، مع العلم أن الشيخ علي، تعرفون في المعارضة يوجد نقاش هناك من يتبنى فكرة إسقاط النظام وهناك من يتبنى فكرة يعني إسقاط النظام الآل خليفة يعني، وهناك من يتبنى فكرة إصلاحية معينة، يقول مجلس منتخب، حكومة منتخبة، كما هو موجود في أدبيات المعارضة، والشيخ علي من الجزء الثاني، لم يطرح لا إسقاط النظام ولم يحرّض على العنف، هذه حجة كاذبة وواهية تم اللجوء إليها. الذي ستكتشفه واكتشفته حتى الآن حكومة البحرين ونظام البحرين أن ما ترتكبه حماقة وما تقوم به هو غباء. هي لم تسطيع أن توقف هذا الحراك، لا باعتقال العلماء والرموز السابقين ولا اعتقال الأخ الشيخ علي السلمان ولا باعتقال آخرين. إذا استطاعت حكومة البحرين أن تسجن كل الشعب البحريني أو الأغلبية الساحقة من الشعب البحريني. يمكن أن توقف الحراك بالشارع، ولكنها لن توقف الحراك بالسجون، هذا شعب مصرّ على أن يواصل حركته خلف قيادته المخلصة والشجاعة والعلمائية، وهو أيضاً مصرّ على هذه السلمية، وأنا أعبّر اليوم عن تضامننا وعن وقوفنا وعن تأييدنا، ونحن منذ اليوم الأول نقف إلى جانب هذا الحراك الشعبي السلمي وأهدافه المنطقية وأسلوبه الحضاري وندعو الجميع إلى التضامن مع هذا الشعب وإلى شرح مظلوميته، و(ندعو) كل الدول والمؤسسات الدولية إلى الضغط على هذه الحكومة الطاغية والظالمة لإعطاء هذا الشعب حقوقه ولإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين جميعهم، علماءَ ورموز، وفي مقدمتهم سماحة الأخ الشيخ علي السلمان.
ومن جهة أخرى أؤكد وأساند ـ نحن كلنا نساند ـ دعوة علمائكم وقيادتكم، والدعوة التي أكدها ايضاً سماحة الشيخ علي السلمان من السجن هو الاصرار على السلمية، يجب أن نحتمل أن السلطة تريد من خلال هذا الاعتقال أو ما يشابهه من اعتقالات هو دفع الشارع البحريني إلى العنف وإلى المواجهة المسلحة، وهذه ليست مصلحة البحرين ولا مصلحة شعب البحرين.
أنظروا، هذه دول موجودة في المنطقة، هذه الدول كلها في المنطقة، عندما تم اللجوء إلى السلاح ماذا كانت النتيجة؟ وماذا يمكن أن تكون النتيجة في أي بلد؟
بكل الأحوال أحببت أن أتحدث عن هذا الأمر في هذه المناسبة التي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيدها علينا في السنة المقبلة وقد استطاعت أمتنا أن تخرج من هذه الامتحانات بنجاح وأن تواجه هذه التحديات بانتصار حقيقي، وأن تتجاوز هذه المراحل الصعبة من خلال الوحدة، من خلال الوعي، من خلال الحكمة، من خلال تحمّل المسؤولية، ومن خلال إسقاط كل هذه المخططات والمؤامرات من داخل الأمة ومن خارج الأمة التي يمكن ان تودي بهذه الأمة في الوديان السحيقة.
أسأل الله سبحانه وتعالى لكم التوفيق ومشكورين جميعاً، وكل عام وأنتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.