كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب السيد نواف الموسوي خلال احتفال تأبيني في بلدة طيرفلسيه الجنوبية، وقد جاء فيها:
إن اللبنانيين اليوم آمنون من العدوان الإسرائيلي عليهم لأن ثمة مقاومة ما تركت ليلاً ولا نهاراً إلاّ وقضته في تأمين القدرات التي من شأنها إحباط أي عدوان إسرائيلي على لبنان فضلاً عن إحباط أهدافه السياسية والعسكرية، وهذه المقاومة لا تزال على عهدها من القوة والبأس والشدة، وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها إلاّ أنها كانت لها اليد العليا في كل نزال مع العدو الصهيوني بحيث كان يتمكن مجاهدوها من تكبيده الهزيمة تلو الأخرى، ونحن حررنا بلدنا ودافعنا عنه بها ومستمرون بذلك، وهي التي لن يعرف الضعف إليها طريقاً لأنها أمانة الله في عباده يحملونها على خير وجه ويضحّون في سبيل حماية هذه الأمانة بأغلى ما لديهم، فكم من الأمهات اللواتي قدمن فلذات أكبادهم شهداء في طريق المقاومة وما بكين إلاّ افتخاراً لأنهم قد تمكنّ من أن يواسينّ حرم رسول الله (ص) في مصابه بالحسين وأهل بيته وأصحابه (ع).
إن المقاومة اليوم ومن موقع مسؤوليتها حيال وطنها وأهلها كانت حريصة على اعتماد سبل الحوار مع الذين يختلفون معها، وما تأخرت عن أي دعوة له وجهت إليها، بل إن هذه المقاومة على ثقة ببرنامجها وأفكارها ورؤيتها وبرامجها، ولديها من الحجج ما يجعلها حاضرة لأن تفتح حواراً حول أي موضوع لأنها ما سلكت سبيلها إلاّ بالإستناد إلى الدراسة العلمية المعمقة في الوقائع، واستخلصت العبر وتوصلت إلى الموقف، فهي حين اختارت سبيلها لمواجهة العدو الصهيوني اختارته لأنها رأت أن لا التحالفات ولا الهيئات الدولية ولا المفاوضات السياسية تنفع معه ، بل إن ما نفع في مواجهته هي المقاومة التي تسقط القدرات العسكرية الإحتلالية والعدوانية للعدو الصهيوني.
إن المقاومة جاهزة لتقديم نموذجها في أي حوار يجري الحديث بشأنه، ولديها من الأدلة والتجارب ما هو كافٍ في هذا المجال، ومن هنا كان من الطبيعي أن نلبي الدعوة إليه، ولا زلنا نعمل لعقده مع الأطراف جميعاً، حيث أن فائدته قد تكون كثيرة أو متواضعة، ولكن بالتأكيد من فوائده الهامة هو أن يختلف الحراك بين اللبنانيين من تحريض وتعبئة وتباغض إلى حوار هادئ يفتش عن كيفية تنظيم الاختلاف والاستفادة من نقاط الاتفاق والتفاهم، ونحن نتعامل مع أي حوار بجدية كاملة ورغبة أكيدة في التوصل إلى تفاهمات، وسنذلل الجهد من أجل تحقيق التفاهم الذي يجب أن يشمل القوى السياسية جميعاً فلا يكون تفاهما ثنائياً.
إننا حين أبرمنا تفاهمنا مع التيار الوطني الحر قلنا إنه هو طريق يمكن أن نسلكه جميعاً من أجل الوصول إلى توافقات تشكل ركائز فعلية للإستقرار في لبنان ولتفعيل المؤسسات الدستورية فيه، وفي هذا الحوار المرتقب سنكون معنيين بالتحاور حول الموضوعات التي تهم اللبنانيين في مجال تفعيل السلطة التنفيذية والتشريعية وفي ما يتعلق بقانون الإنتخاب وبالتحديات التي يواجهها لبنان لا سيما الإرهاب التكفيري منه، ونأمل في أن يتمكن هذا الحوار من أن يصل باللبنانيين إلى وحدة موقف في مواجهة العدو الإسرائيلي المعتدي على لبنان.
إن العدو الصهيوني لا زال يقوم باعتداءين موصوفين على مياهنا الإقليمية ومنطقتنا الإقتصادية الخالصة وهي المسافة التي توجد في المياه الإقليمية بعد 12 ميل بحري إلى منتصف المسافة فيما لو كان هناك دولة أمامنا أو إلى 200 ميل إذا لم يكن، وكل الثروات الموجودة في هذه المنطقة هي حق لهذه الدولة سواء بقلب البحر من أسماك وثمار بحرية وصولاً إلى ما في جوف الأرض تحت سطح البحر من ثروات طبيعية لا سيما الغاز والنفط.
إن لبنان اليوم هو تحت العدوان الإسرائيلي أولاً في مياهه الإقليمية، ففي عام 2000 تجاوز الإسرائيليون خط الحدود البحرية لهذه المياه، وقاموا بتقديم خط الطفافات 800 متر في المياه اللبنانية، ومنذ أشهر قليلة عادوا وقدموا الطفافات عشرات الأمتار الإضافية، وهذا ما أثاره الوفد اللبناني في اللقاء الثلاثي الذي يعقد في الناقورة وهو أمر لا يكفي، بل على اللبنانيين جميعا أن يعرفوا أنه جرى العدوان على حقهم في مياههم الإقليمية، وأن عليهم العمل من أجل استعادة حقوقهم وليس إعادتهم إلى ما قبل أسابيع أي إلى خط الحدود البحرية في المياه الإقليمية اللبنانية، ونسأل ماذا على الحكومة اللبنانية أن تفعل في هذا الصدد، ما هي هذه المسؤولية التي يجب أن ينهض بها المجلس النيابي لا سيما أن الدولة بجميع أجهزتها وشعبها وجيشها ومقاومتها يجب أن تكون مسؤولة عن استعادة الحق اللبناني المعتدى عليه، وأما في المنطقة الإقتصادية الخالصة فمنذ عام 2010 أي منذ أن وقعت إسرائيل إتفاقية تحديد حدود هذه المنطقة مع قبرص قامت بجعل النقطة الثلاثية الأبعاد بين لبنان وفلسطين وقبرص هي النقطة رقم واحد متوغلة أميال في المنطقة الإقتصاية اللبنانية، أي أن الإسرائيلي يزعم بأن حوالي 860 كلم مربع على الأقل هي جزء من منطقته الإقتصادية الخالصة.
إن لبنان أبلغ الأمم المتحدة بإحداثيات منطقته الإقتصادية الخالصة، ونحن الآن أمام موقف من الأمم المتحدة يطلب من لبنان ومن الكيان الصهيوني عدم القيام بأنشطة في هذه المنطقة التي هي 860 كلم مربع بسبب الدعوة التي قدمتها إسرائيل، وهذا يعني أن لبنان لم يعد قادراً على الإستفادة من هذه المنطقة إذا لم يبادر إلى استعادة حقه، ونحن لا نتكلم عن مياه عائمة في هذه المنطقة بل نتكلم عن ثروات نفط وغاز موجودة في قعر البحر وبباطن الأرض، ونسأل ماذا فعل لبنان الرسمي من أجل استعادة حقه المعتدى عليه من جانب العدو الإسرائيلي، وهل وضع خطة لإثارة النزاع حول هذه النقطة، وإذا لم نرد إثارة النزاع لاعتبارات ما، هل وضعنا خطة لا تقوم على أساس إثارة النزاع بل تقوم على استخدام وسائل تمكّن من الإستفادة من هذه المنطقة، وحتى الآن لم تقم أي جهة في الدولة اللبنانية بمناقشة الخيارات التي يجب استخدامها من أجل استعادة هذا الحق، فمنذ عام 2010 إلى عام 2014 ونحن في حالة نزاع سياسي شلّ المؤسسات الدستورية، فلا الحكومة ولا المجلس النيابي كانا يعملان، في المقابل ومنذ سبع سنوات بدأ العدو الإسرائيلي بالإستكشاف والتنقيب والإستخراج في المنطقة الإقتصادية الخالصة لفلسطين المحتلة.
إن قدرات المقاومة أسهمت في تعزيز القدرات اللبنانية لأن منصات النفط والغاز اللبنانية باتت محصنة بالقدرات الصاروخية للمقاومة بحيث أن العدو الإسرائيلي يعرف أن ثمة توازن في هذا المجال، فلا يستطيع الإعتداء على المنصات اللبنانية، ولذلك فإن المطلوب اليوم أن يكون هناك نوع من هيئة وطنية جامعة تتضمن وزراء ونواب واختصاصيين بشؤون الغاز والنفط والقانون الدولي والحدود وما إلى ذلك لتضع خطة وطنية يُجمع عليها الجميع من أجل استعادة حقنا، فبلدنا الآن فقير ومدين، وصار لزاماً علينا أن نعمل من أجل التنقيب عن الثروات الموجودة في البحر وفي البر لكي ننقل بلدنا من حالة الفقر إلى حالة النمو والرفاه.