الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في مؤتمر وملتقى العودة إلى فلسطين، الساحة 2/12/2014م.الملتقى الدولي الثاني للتضامن مع فلسطين
الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في مؤتمر وملتقى العودة إلى فلسطين، الساحة 2/12/2014م.الملتقى الدولي الثاني للتضامن مع فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق حبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه الأبرار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدي
السلام عليكم أيها الحفل الكريم، ورحمة الله وبركاته.
كل تحية للأخوة والأخوات المشرفين على هذا الملتقى من أجل التضامن مع فلسطين وقضيتها وقدسها، وتعزيزًا لحق العودة المقدس إلى فلسطين الحبيبة.
في هذا المجال سأتناول البحث بطريقة مختصرة من عدة نقاط:
أولًا: حق العودة، نحن نعتبر أن حق العودة هو فرعٌ لأصل، وهو تحرير الأرض، ولا يمكن مناقشة حق العودة بشكلٍ منفصلٍ عن المقاومة، فالحق لا يسترد إلاَّ بقوة المقاومة، قال تعالى: "قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ" .
أمَّا لو اعتمدنا المنظومة الدولية القائمة فسنجد أنها قائمة على مشروع سلب الحقوق وتغليب المصالح التي تتقدم من جهة المستكبرين على ما عداها، لذا لا اعتماد على المنظومة الدولية لإعادة الفلسطينيين إلى أرضهم، بل كل الاعتماد على الله تعالى أولًا وعلى المقاومة ثانيًا، ليكون حق العودة تحصيل حاصل ونتاجًا طبيعيًا في هذه الظروف.
علينا أن نركز على حق العودة لتعبئة الأجيال الفلسطينية بحقها، وما ضاع حق وراءه مُطالِب، علينا أن نرفع شعار حق العودة كجزءٌ لا يتجزأ من الهوية الفلسطينية، علينا أن ندعو إلى حق العودة لتذكيرٌ الدول والشعوب بمظلومية الشعب الفلسطيني وبحقه وبحشدٌ المؤيدين والمناصرين للقضية الفلسطينية.
يجب أن يسمع العالم دائمًا عن فلسطين، وأن يشاهد دائمًا ما تقوم به الصهيونية اللئيمة الخبيثة، يجب أن نضع فلسطين في واجهة الأحداث، وسواءًا أحب البعض أم رفض هذا الاتجاه ففلسطين هي أم المشاكل وأم الحلول، منها تبدأ الحلول لقضايانا كافة في منطقتنا، ومع استمرار الاغتصاب الإسرائيلي سيستمر الوضع قائمًا على حاله بل باتجاه المزيد من المشاكل، علينا أن لا نهدأ في حراكنا في المطالبة عن حق العودة، سواءًا بالمقاومة أو الإعلام أو السياسة أو المؤتمرات أو الدعم، بحيث يسمع الجميع دائمًا وأبدًا أننا مع العودة ولسنا مع التوطين، والحمد لله نحن نعتبر أن التوطين في لبنان سقط إلى غير رجعة، لا داعي أن نفكر بالأساليب المناسبة لإلغائه فقد إلتغى حكمًا بفعل مقاومة لبنان وشعب لبنان وبفعل هذا التضامن الكبير من الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية مع هذه الرؤية وهذا المنهج.
ثانيًا: فلسطين قبلة المقاومة والأحرار، فكما لا تتم الصلاة إلاَّ باتجاه القبلة في مكة المكرمة، لا تكون المقاومة صحيحة إلاَّ إذا كانت في اتجاه فلسطين.
الاتجاه إلى قبلة المقاومة مسارٌ يرسم الهدف الأصلي وهو تحرير فلسطين كامل فلسطين من البحر إلى النهر ومن دون إنقاص لحبة تراب واحدة، عندها تكون العودة إلى كل بقعة من بقاع فلسطين.
وفي هذا الاتجاه رفض الهيمنة الأمريكية والتبعية لها ولمشاريعها، والتأكيد على استقلال بلداننا وتحريرها، والارتباط بربنا وإيماننا ومنهجنا وثقافتنا والرسالات السماوية.
هذا مشروعٌ متكامل، ونحن نؤيد كل أشكال المقاومة التي يقوم بها المجاهدون الفلسطينيون وهي حقهم، أقاوموا بالسلاح أم بالسكين أم بالسيارة أم بأي وسيلة من الوسائل، هذا حقٌ مشروع في مواجهة غاصبٍ لئيم.
ثالثًا: نواجه محورًا خطيرًا يتمثل بالمشروع الأمريكي الصهيوني التكفيري، الذي يوزع الأدوار بين مكوناته على كل منطقتنا، وعلى رأس اهتماماته شرعنة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، عن طريق القتل والتهجير وانتهاك حرمة الأقصى، وعن طريق فتنة الإرهاب التكفيري لاستنزاف طاقات الأمة، واستخدام الأنظمة الاستبدادية لقمع شعوبها، وتخريب بلدان محور المقاومة.
من هنا نحن نعتبر أن هذا المشروع الخطر يمكن هزيمته بثلاثة أمور:
أولًا: وضوح الهدف وهو تحرير فلسطين، وتعزيز الاتجاه نحو قبلة المقاومة.
ثانيًا: القيام بالمقاومة بأشكالها كافة، وبالاستفادة من كل طاقات الأمة، كل واحدٍ بحسب موقعه ظروفه وإمكانات مساهمته.
ثالثًا:الوحدة وهي مطلبٌ ملح كي لا تتشتت الطاقات والإمكانات. يجب العمل على تذليل العقبات من طريق الوحدة، ولا وحدة من دون تنازلات متبادلة بين الأخوة، ونحن ندعم الوحدة بين فتح وحماس وكل الفصائل الفلسطينية، على قاعدة أن الوحدة خيرٌ محض، وأن التفرقة شرٌ محض. (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، لأن مسار الوحدة يحتاج إلى صبر كبير.
رابعًا: أيُّ حركة جهادية لا تساهم في المقاومة الفلسطينية، ولا تعطي نتائج جهادها في خدمة مشروع المقاومة وفلسطين، ليست من الجهاد في شيء، بل هي حركة صهيونية بأهدافها ولو رفعت شعارات الإسلام والمسيحية وكل الشعارات الأخرى.
نحن نعتبر أن الإرهاب التكفيري هو صنيعة الاستكبار، ويخدم الصهيونية، ولا وجود لفلسطين وتحريرها في قاموسه، وكما سمعنا في بعض التحليلات يريدون تحرير كل الوطن العربي، وكل الوطن الإسلامي وإذا دخلوا إلى غزة تحريرها من حماس والفصائل المقاومة، وبعد ذلك يقاتلون إسرائيل، هؤلاء هم رمز الصهيونية بلبوسٍ خداعٍ وفتنةٍ عمياء.
خامسًا: حزب الله بنى أولويته ومنظومة جهاده على مقاومة الاحتلال، ماذا نتج عن هذه الأولوية؟ هذه جردة بسيطة لنتائج هذه نتج عن هذه الأولوية:
- الالتحاق بمحور المقاومة.
- الدعوة والتركيز على الوحدة الإسلامية والوطنية مهما كلفت.
- مواجهة مشروع تدمير سوريا، وقد نجحنا بهذه المواجهة.
- التأكيد على دور الولاية والقيادة لإمام الأمة الإمام الخامنئي(دام حفظه)، كراعٍ وموجه للمسلمين في العالم.
- دور الجمهورية الإسلامية في دعم شعوب المنطقة ومقاوماتها.
حزب الله حقق ثلاثة أمور في مواجهة إسرائيل: التحرير والانتصار والردع.
التحرير في عام 2000م، والانتصار في عام 2006م، والردع خلال كل تلك الفترة التي مضت من 2006 إلى الآن، ونحن مستمرون في ردعنا وفي جهوزيتنا باتجاه البوصلة الأساس وهي فلسطين، هذه نتائج أولويتنا فليقدم لنا أصحاب الأولويات الأخرى جردة بنتائج أعمالهم، نحن نترك التقييم للناس، ولولا نجاح خياراتنا وملامستها لحاجات شعوب منطقتنا لما كان هذا الحب الكبير والتقدير لحزب الله ومقاومته.
وهنا استعاد لبنان عافيته وبنى مكانته ببركة ثلاثي الجيش والشعب والمقاومة، وأفضل صيغة للبنان تكون بتلازم المقاومة والإعمار، ضمن منظومة بناء الدولة التي تحترم مكوناتها، وتستفيد من إمكاناتها لتصمد أمام أعاصير السرطان الصهيوني، وتحصِّن الداخل بالوحدة والبناء.
تحية إلى المجاهدين والشهداء من أبناء فلسطين الأبية من فصائلها وشعبها ومقاوميها، تحية إلى صمود غزة المتتالي والذي سيكون عنوان فخرٍ في جبين التاريخ وفي صناعة المستقبل، تحية إلى الجرحى والأسرى وإلى كل صانعي عزة أمتنا وراسمي مستقبلنا المشرق، وإن شاء الله تعالى ما دامت المقاومة في قلوب هذا الشعب الأبي الشعب الفلسطيني ومعه الأحرار والثوار في العالم، فإنَّ فلسطين ستعود عاجلًا أم آجلًا، نقول للصهاينة مهما دنستم فالقدس سيلفظكم والشعب الفلسطيني قادرٌ إن شاء الله تعالى بالتعاون مع شعوب المنطقة أن يصل على هدفه وأن يحرر فلسطين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.