كلمة رئيس المجلس السياسي في حزب الله سماحة السيد إبراهيم أمين السيد بمناسبة يوم الشهيد
بمناسبة 11 تشرين الثاني يوم شهيد حزب الله والذكرى السنوية ال32 لفاتح عهد الإستشهاديين الإستشهادي أحمد قصير، أقام حزب الله إحتفالاً حاشداً في حسينية شهداء بلدة ديرقانون النهر بحضور رئيس المجلس السياسي في حزب الله سماحة السيد إبراهيم أمين السيد، عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور علي فياض، النائب السابق الحاج عبد الله قصير، مسؤول منطقة الجنوب الأولى في الحزب أحمد صفي الدين، مدير عام مؤسسة الشهيد السيد جواد نور الدين، ممثلي عن الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية إلى جانب عدد من علماء الدين وفعاليات وشخصيات ورؤساء وأعضاء مجالس بلدية وإختيارية، بالإضافة إلى والدي الشهيد قصير وحشد من عوائل الشهداء وآباء الإستشهاديين، وحشد من أهالي البلدة والقرى المجاورة.
وفي بداية مراسم الإحتفال وضع السيد إبراهيم أمين السيد إكليلاً من الزهر أمام نصب الاستشهادي أحمد قصير مقابل المدخل الرئيسي للحسينية على وقع موسيقى فرقة من كشافة الإمام المهدي (عج)، ليبدأ الاحتفال بتقديم من الأستاذ محمد حمود، ثم تلاوة آيات بينات من القرآن الكريم للقاريء جمال رضا، والنشيدين الوطني اللبناني وحزب الله، ثم قدمت مشهدية تمثيلية جسدها عدد من بنات الشهداء تضمنت دلالات إسم الشهيد "أحمد" المكون من أربعة أحرف بما يحمل كل حرف من قيم لها علاقة بالمجتمع والوطن والإنسان والمقاومة، ثم تبعها تجسيدٌ للسان حال الإستشهادي أحمد قصير الذي عبر عنه أحد المجاهدين مستعرضاً مسيرة المقلومة وانجازاتها تاريخاً وحاضراً ومستقبلا.
ومن ثم ألقى السيد إبراهيم أمين السيد كلمة رأى فيها أن المسلمين كانوا قد اتفقوا على أن العدو الصهيوني هو العدو الأساسي الأول للإسلام والمسلمين لاغتصابه فلسطين والقدس، وكانت المعركة معه ولا تزال هي معركة من أجل تحريرهما، وهذا ألقى على كتفنا الأيمن ثقلا كبيرا من مسؤولية عظيمة واجهنا فيها العدو المغتصب، ثم شاءت الأقدار والزمن والتطورات ومسارات الصراعات الطويلة والعريضة أن يلقى على كتفنا الأيسر ثقل مسؤولية أخرى ممتدة من كربلاء، وهي الحرب ضد المسلمين لكن باسم الإسلام والقرآن ومحمد بن عبد الله والقيم والأخلاق الإسلامية، وهي حرب المسلمين ضد بعضهم البعض بهدف شرذمتهم وتفريقهم وإضعافهم، وهنا لا بد من الإشارة إلى مفارقة معينة هي ليست من باب التفاضل ولكن من باب الواقعية، أنه باستطاعة إسرائيل أن تدمر وتقتل لكنها لا تستطيع أن تسقط من داخلنا ديننا وثقافتنا، فهي لا تقاتلنا باسم الإسلام ولا باسم الدين والقرآن بل تقاتلنا باسم الكيان الصهيوني ووراءه الدول الإستكبارية وقد مضى عليهم أكثر من خمسين سنة وبعد خمسين سنة قادمة لن يستطيعوا أن يسقطوا الإسلام من عقول المسلمين ولا من قلوبهم، بل العكس فإن قتال المسلمين ضد العدو الصهيوني قد وحدّهم.
وأكد أن جميع حركات المقاومة في المنطقة وفي مقدمتها المقاومة الإسلامية في لبنان تمكنت بشهدائها ومجاهديها من أن تمنع المجتمع الدولي الحليف للكيان الصهيوني أن يحقق كامل أغراضه وأهدافه على مستوى المنطقة والعالم الإسلامي، ولذلك لجأت هذه الدول وبسرعة هائلة إلى تحويل صراع المسلمين ضد الكيان الصهيوني إلى صراع فيما بين المسلمين أنفسهم، وقد نقلوا هذا الصراع في لحظة سياسية حسّاسة بعد أن شعر الكيان الصهيوني ومن وراءه بالهزيمة والإخفاق أمام قوى المقاومة في المنطقة، وقد شكلوا محورا دوليا في عملية تحويل الصراع إلى جانب كثير من دول المنطقة والحركات والنخب التي بعضها إما حليف أو عميل وبعضها الآخر لديه تقاطع مصالح، إلى أن وصل الأمر اليوم إلى حد أن الكيان الصهيوني يداوي جرحى الحركات الإسلامية الموجودة في ذلك المحور، وهذا هو آخر مظهر من المظاهر الموجودة حاليا في هذا الصراع.
واعتبر أن المعركة لازالت واحدة ولكنها بمحاور متعددة هي محور الكيان الصهيوني ومحور الحركات التكفيرية الإرهابية الموجودة، لكن الأميركيين والأوروبيين والإسرائيليين تمكنوا ومن خلال المحور الآخر الذي اسمه محور المجموعات المسلحة التكفيرية الإرهابية التي تفعل ما تفعل باسم الإسلام والدين والقرآن والنبوة ومحمد بن عبد الله، من إلحاق الضرر والخطر على الإسلام كرسالة ودين وقيم وأخلاق، إلى أن وصلنا إلى حقيقة مفادها واضح بأن كل ما فعله الغرب في محاولاته لتشويه الإسلام، للأسف هو أقل بكثير مما يحققه هؤلاء التكفيريون من ضرر وخطر على الإسلام والمسلمين. لذلك فإننا وفي هذا الصراع المتعدد الأوجه لم يعد للمقاومة ظهر بل أصبح لها وجوه في كل الاتجاهات، وتقاتل في محاور متعددة من أجل الدفاع عن الإسلام.
وأشار إلى أنه من نتائج هذه الحرب والمعركة هناك تصريح للإسرائيليين منذ ما يقارب العشرة أيام أو أكثر يقولون فيه: "أن الأمريكيين يخطئون في محاربة داعش لأن محاربة داعش تنفع حزب الله" وهذا يعني أن المحور الذي تقيس عليه إسرائيل مواقفها من ضرر ونفع هو حزب الله، وهنا فلنتصور كيف أن هناك حركة إسلامية حليفة لإسرائيل وأعلنت قبل أن تنتصر أنها لا تريد حربا مع إسرائيل ولا تريد الأقصى ولا فلسطين ولا القدس، وليس ذلك في حساباتها ولا في خططها ولا في استراتيجيتها، وبالتالي فنحن اليوم أمام مشهد يقدم الإسلام المفترض أن يكون الإسلام المحمدي النبوي القرآني على أنه حليف للكيان الصهيوني.
ورأى أن ما نشهده اليوم في القدس والمسجد الأقصى والضفة الغربية وأراضي ال 48 يعيد إلينا شيئاً من الأمل حول إعادة تصحيح المسار الحقيقي للصراع ووضع المسلمين مجدداً أمام مسؤولياتهم الدينية والسياسية والتاريخية وتوجيه العيون والقلوب والأيدي إلى العدو الحقيقي وهو الكيان الصهيوني من جديد، بالرغم من أن السياسات الدولية والإقليمية عملت على فرض خيار وحيد أمام الشعب الفلسطيني وهو خيار التفاوض، إضافة إلى تجريد الفلسطينيين من كل أسباب القوة حتى لا يبقى أمامهم إلا خيار التفاوض والتنازل والتخاذل أمام العدو الصهيوني ولا يكون أمامهم أية قوة يمكن أن يلجأوا إليها من جديد، وبذلك يكونوا قد أدخلوا الإحباط واليأس إلى هذا الشعب الفلسطيني المؤمن والصابر والمقاوم.
وأكد أن ما حدث في هذه المنطقة وفي سوريا وغيرها كان يأذن بمشهد لا نرى فيه أي بصيص أمل لوجود مقاومة في فلسطين، فنستفيق مجدداً لنرى الشعب الفلسطيني يقوم ويحمل رايته وقدسه وأقصاه أمام هذا العدو الصهيوني، في ظل تخلّ عربي عن القضية والصراع، فيما هم أنفسهم لا يتحركون إلا من أجل الأحداث في سوريا فكانت جامعتهم تلتئم كل يومين، ولكن عندما تصبح القضية تتعلق بالقدس وفلسطين فلا يكون هناك جامعة عربية، لأنها فقط معنية بما يجري بين الشعوب العربية والإسلامية، وليس لها علاقة بالصراع ضد العدو الصهيوني.
وختم بالقول إننا نقول هذا الأمر ليس من باب اليأس والإحباط وإنما من باب أن نعرف مسؤولياتنا وما هو مترتب عليها، لنكون أوفياء لدماء هؤلاء الشهداء وجهاد أولئك المجاهدين الموجودين اليوم في مقابل العدو الصهيوني أو في مواجهة التكفيريين، فالله تعالى أكرمنا أن وضعنا في مرتبة عالية من المسؤولية وهي التي ستغير وجه المنطقة من جديد.