كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب السيد نواف الموسوي خلال احتفال تأبيني في حسينية بلدة معركة الجنوبية
كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب السيد نواف الموسوي خلال احتفال تأبيني في حسينية بلدة معركة الجنوبية، وقد جاء فيها:
إنه من الواجب أن لا ننسى تحت أي ظرف من الظروف أن عدونا هو العدو الصهيوني الذي يتربص بنا على الدوام، وأن هذا العدو ينتظر لحظة مؤاتية لكي يطبق فيها على أخناق الجميع بما يحقق غاياته التي لا يخفيها، وفي هذه الأثناء يستغل العدو الصهيوني إنشغال العرب والمسلمين بالتحديات التي يواجهونها لكي ينقض على الحرم القدسي وعلى مسرى رسول الله (ص) وعلى الموضع الذي كان منه معراجه على أولى القبلتين وعلى ثالث الحرمين، فالمسجد الأقصى مسؤولية العرب والمسلمين جميعاً، وهو بالتالي مسؤوليتنا أيضاً، ويجب أن لا نتخلّى عن مسؤولياتنا في الدفاع عن الشعائر المقدسة لأننا ما توانينا يوماً في الدفاع عن مقدسات المسلمين وعن أماكن الحرم الإلهي.
إن العدو الصهيوني يريد لهذه المدينة المقدسة أن تكون عاصمة لكيان الإغتصاب والعدوان والإحتلال، ونحن نريد للقدس أن تكون مدينة من مدن الله على الأرض يعيش الناس فيها بوئام ويمارسون شعائرهم الدينية دون تهديد إمّا بتهديم مساجدهم أو بتقويض كنائسهم أو بالإساءة إلى مقدساتهم.
إننا معنيون بالمعركة التي يخوضها الشباب المقدسي الذي يفتش عن أي طريقة لمقاومة المحتل دون استكانة، ويبتدع في كل مناسبة أسلوباً جديداً من مقاومة الإحتلال لا سيما ما بدأنا نشهده في الأيام الماضية من إقبال شباب مقدسيين على صدم جنود العدو بسياراتهم، وهذا يثبت أن شباب الأمة ليس مستعداً للإستكانة في مواجهة المحتل الصهيوني، وعلى هؤلاء الشباب خارج القدس أن يجيبوا على شباب القدس ويردوا تحيتهم بأحسن منها بالتأكيد على أنهم ما نسوا القدس وفلسطين ومواجهة العدو الصهيوني.
إننا على الرغم من انهماكنا في مواجهة العدو التكفيري الذي هو صهيوني في أدواته وفي باطنه وجوهره إلاّ أننا استعددنا لمواجهة العدو الصهيوني، وما الحملات الإعلامية التي لجأ إليها مسؤولون صهاينة بالأمس والتي بلغت درجة غير مسبوقة من الإسفاف اللفظي والأخلاقي إلاّ دليلاً على مأزق العدو في مواجهة المقاومة في لبنان، فهو لا يمتلك حيالها إلاّ العبارات الغير اللائقة والفظة، لأنه منذ عام 2006 فقد قدرته على هزيمة اللبنانيين والمقاومة اللبنانية، وهو اليوم فقد قدرته على ردع اللبنانيين والمقاومة في لبنان، ولقد بدا هذا العدو هزيلاً وضعيفاً أمام 360 كلم2 من الأرض المنبسطة والمحاصرة من جهاتها جميعاً، فكيف حاله مع مقاومة أنجزت منذ العام 2006 حتى الآن تدريباً نوعياً وكمياً لعدد غير محدود من المقاومين، وإذ ضافت إلى ترسانتها الصاروخية عدداً كمياً ونوعياً مما يعرف بعضه العدو ولا يعرف بعضه الآخر، ولذا أصبحت المقاومة على قدر من المنعة والبأس والقوة الذي يجعل العدو غير قادر على القفز بلا تأمّل وبلا تدبر إلى استخدام الخيار العسكري تجاه لبنان.
إن المسؤولين الإسرائيليين عندما يتحدثون عن أن بوسعهم أن يعيدوا لبنان إلى العصر الحجري، فإنهم يعرفون أن المقاومة بإمكانها أن تجعل أفراد الكيان الصهيوني يفضلون الهرب إلى البلدان التي يحملون جواز سفرها على الإقامة في كيان يقع تحت طائلة يدي المقاومة، ولذلك نعرف أن هذه التصريحات لا تعدو عن أن تكون محاولة لرفع معنويات شعب لم يعد يثق بأن جيشه على الرغم مما يملك يستطيع تأمين العيش بعيداً عن التهديد لأن ما لدى المقاومة غير قابل للإحتواء بالقدرات العسكرية الإسرائيلية.
إننا في الوقت الذي أرسينا فيه سوراً واقياً للبنان نواصل في الوقت نفسه حماية لبنان من التوحش التكفيري، فهم بأنفسهم اختاروا عبارة التوحش لوصف أفعالهم، ونحن نحمي لبنان من التوحش التكفيري من خلال مقاتلة المجموعات التكفيرية في أماكن انطلاقها وتكبيدها هزائم وتقويد صفوفها وضرب مفاصل القوة فيها.
إن مسؤولية القوى السياسية في لبنان هي أن لا تذهب إلى إحداث صدوع في الموقف اللبناني لأنه لن يكون قادراً على الاستفادة منها إلاّ المجموعات التكفيرية للتحريض والتعبئة الطائفية والمذهبية التي يستخدمونها لتجنيد وحوش انتحارية التي تمكنّا بعون الله تعالى وبفعل تعاون الجميع من جيش وأجهزة أمنية من تجنيب أهلنا وقع هذا التوحش التكفيري خلال ما سبق من أيام أحيينا فيها ذكرى أبي عبد الله الحسين (ع)، ونحن إذ نسجل أن إحياء مجالس أبي عبد الله الحسين(ع) التي شملت أعداداً غير محدودة من المجالس قد مرّت هذا العام في لبنان بأمان وطمأنينة وسلام لمن أحياها، وهذا إنجاز نحمد الله ونشكره عليه، ولكن ينبغي أن لا يغيب عنّا أنه هزيمة موصوفة للتكفيريين الذين توسّلوا مختلف الوسائل في محاولة استهداف محبي أبي عبد الله الحسين (ع) خلال إحياء ذكراه، ولقد تمكّنوا في بعض البلاد الإسلامية من إلحاق أذى بهؤلاء المحبين لكننا بحمد الله وبالتآزر والتعاون والوحدة تمكنّا من أن تمر هذه الأيام وستمر بعون الله تعالى وتوفيقه بعيداً عن أيدي الوحش التكفيري، وهذا يعطي مثالاً على أن اللبنانيين إذا نحّوا خلافاتهم جانباً فإن بإمكانهم مواجهة التحديات عبر عقدهم لتفاهمات فيما بينهم.
إننا في فريقنا السياسي متفقون على الأهداف الكبرى وهي الحفاظ على لبنان بلداً مستقلاً بعيداً عن السيطرة الخارجية ، ويقوم على التعدد والشراكة والتوازن وقابلاً للعيش في زمن التكفيريات الإلغائية والإقصائية، ولذلك فإن التباين الذي جرى بالأمس هو دليل عافية فريقنا السياسي الذي يتألف من أحرار يتخذون قرارهم بإرادتهم وليسوا أفرقاء يضطر البعض منهم إلى الإنقلاب على تصريحاته السابقة من أجل التزام بموقف فرض عليه من جهات خارجية إثر استدعاءات معروفة، فالعلاقة بيننا وبين التيار الوطني الحر أو العلاقة بين حركة أمل والتيار الوطني الحر هي علاقة بين حرّين، في حين أن التبعية الإكراهية والجبرية تطبع علاقات بعض من في الفريق الآخر بين بعضه البعض وبين البعض مع الخارج، ولكننا في المقابل لا زلنا في فريقنا السياسي على متانة حلفنا السياسي، وسنواصل هذا الحلف من موقع أنه حلف الأحرار لا حلف التابعين، لأن فريقنا هو فريق الأحرار في تحالفهم لا فريق الأتباع المكرهين في توافقهم.
إن الأولوية الآن هي لاستكمال تحقيق الأهداف التي نصبوا إليها جميعاً وفي طليعتها مواصلة الحوار من أجل إيجاد مشتركات إضافية بين اللبنانيين للحفاظ على لبنان في زمان تتطاير فيه الدول أشلاء وتذبح فيه الشعوب، فأقصى ما يمكن أن نعمل من أجله في لبنان هو أن نحافظ على وطننا ومجتمعنا وعلى الأفراد والجماعات وعلى المواطن والطوائف في هذا الآتون الذي يغلي في المنطقة، ولذلك فإن يدنا لا زالت ممدودة للحوار الوطني بالرغم من أننا نعرف أننا على اختلاف عميق في ما بيننا على قضايا مصيرية ووجودية، ولكن مواجهة هذا الخلاف عن طريق الحوار يبقى أفضل وأنجع وأفعل من إدارة الخلاف بالتحريض والتعبئة والمواجهة والإشتباك السياسي والكلامي لأننا في زمن يستفيد منه التكفيريون من الإشتباكات السياسية لغرز أظافرهم في الجسد اللبناني عن طريق التسلل إلى بيَء قد تكون حاضرة لأفراد يشكلون خطراً على الشعب والوطن اللبناني.
إنه من الواجب أن لا يغيب عنا كلبنانيين جميعاً أننا نتحمل مسؤولية الدفاع عن القدس بما هي مقدس للّبنانيين أياًّ كان انتماؤهم، ويجب أن لا يغيب عنا أن نبقيَ التهديد الإسرائيلي في مقامه الأول، وكما يجب أن لا يغيب عنّا وجوب الوحدة السياسية في حدّها الأدنى في مواجهة العدو التكفيري الذي ندعو الجميع إلى حسم قرارهم من أجل القضاء عليه، وأن يكفوا عن محاولة استخدامه لتحسين ظروفهم السياسية لأن الوحش التكفيري قادر على توظيف من يحاول توظيفه، وهو يستخدم من يحاول استخدامه كما حصل في أفغانستان والعراق وسوريا حيث استيقظ العالم الذي صدّر التكفيريين إلى سوريا على أن خطرهم سيرتدّ عليه، فشكّل حلفاً من أكثر من خمسين دولة لفعل ذلك ولعلّ البعض في لبنان لا زال غافلاً ويظنّ واهماً أن بإمكانه أن يستخدم التكفيريين لابتزازنا، ولكننا ندعوه لأن يخرج من وهمه هذا ولينتقل إلى مرحلة الحوار والتفاهم لأن لبنان هو المستفيد أولاً من هذا الحوار والتفاهم.