كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب السيد نواف الموسوي خلال الإحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله لمناسبة مرور اسبوع على استشهاد الشهيد المجاهد موسى حسين الحاج محمد في حسينية بلدة برج الشمالي
كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب السيد نواف الموسوي خلال الإحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله لمناسبة مرور اسبوع على استشهاد الشهيد المجاهد موسى حسين الحاج محمد في حسينية بلدة برج الشمالي بحضور عدد من علماء الدين وفعاليات وشخصيات وحشد من أهالي البلدة والقرى المجاورة، وقد جاء فيها:
إننا كنّا ولا زلنا الحماة لهذا الوطن والشعب، والذي لولا انتدابنا أنفسنا من أجل دحر الإحتلال الصهيوني لكان الآن يقيم بمستوطناته في ربوعنا، ولولا إبكارنا في مواجهة الغزوة الصهيونية الدولية على المقاومة في سوريا لكان هذا الوطن اليوم يعوم في بحر من الدماء التي تسيل على أيدي المجموعات التكفيرية التي استفاق بعض الدول على أنها تشكّل خطراً على أمنه القومي بل على الأمن والسلام الدوليين، فلقد أصبحت الموضة اليوم أن يقف البعض ليتحدث عن وجوب أن يكون لبنان منضوياً إلى التحالف الدولي لمواجهة المجموعات التكفيرية، وهناك من صرح بأنه على لبنان أن يكون في هذا الموقع، وهو بالأمس كان يأخذ على الحزب مواجهته المجموعات التكفيرية في سوريا.
إن الفرق بيننا وبين القوى السياسية في الفريق الآخر هو أننا نحن نتخذ قراراتنا استناداً إلى إرادة حرة واستشراف وطني نقرر في ضوئهما الواجب والمهمة وننصرف إلى أدائهما في حين أن القوى السياسية الأخرى تنتظر أن يأتيها الوحي على شكل مؤتمرات أو إشارات لتقرر لها أين يكون موقعها وموضعها وكيف سيكون موقفها، ونحن اليوم بوسعنا أن نقول بموضوعية التي يجتمع معنا عليها كل منصف أننا لو لم نقاتل التكفيريين مسبقاً لكان حصل في لبنان ما هو أسوأ مما حصل في سوريا والعراق الذي شهد تهجيراً للمسيحيين وقتلاً للمجموعات الطائفية والمذهبية وسبياً للنساء وبيعهن في سوق النخاسة.
إننا ندعو الفريق الآخر لإجراء مراجعة لتقديره ولموقفه السياسي، ونسأل ألا تستحق التطورات أن يعيد هذا الفريق النظر في خطابه الوطني والسياسي، وأن يحسم أمره في مواجهة المجموعات التكفيرية، وأن يبادر إلى القيام بالخطوات المطلوبة لتعزيز الوحدة الوطنية اللبنانية بدل أن يستمر في حملته الإعلامية والسياسية على حزب الله وعلى فريقنا السياسي الأمر الذي من شأنه أن يفتح ثقوباً في الموقف الوطني يتسلل منها التكفيريون.
إن الفريق الآخر مدعو إلى حسم أمره باتخاذ قرار واضح لا لبس فيه مواجهة المجموعات التكفيرية وبالعمل على اجتثاث جذورها من لبنان ومحاصرة بيئتها الحاضنة إن وجدت، ويجب عليه أيضاً أن يخرج من تردده أو من محاولة استغلاله للمجموعات التكفيرية ليضغط على شركائه في الوطن من أجل دفعهم إلى تقديم تنازلات سياسية، فنحن لسنا مضطرين لتقديم تنازل سياسي لأحد في مشكلة هي في الدرجة الأولى مشكلته هو من قبل أن تكون مشكلتنا نحن.
إن المجموعات التكفيرية من يشكل التهديد الوجودي للفريق السياسي الآخر ولا تشكل تهديداً لنا لأننا سبق أن واجهنا هذا التهديد في سوريا في موقع قوته وهزمنا هذا التهديد وهذه المجموعات وحققنا عليها انتصارات ولا زلنا نحقق الإنتصارات الميدانية عليها، ولذلك ندعو الفريق الآخر إلى العمل من أجل ترسيخ الوحدة الوطنية، وهذا لا يمكن أن يتم بالتعامل مع الجرائم على قاعدة وكأن شيئاً لم يكن أو أن الزمان كفيل بجعل هذه الجريمة وراءنا، فما حصل في طرابلس من قتل للشاب فواز بزي ليس جريمة عادية، وليست نتاج إشكال جرى أو يجري نتيجة حادث أو نزاع بل إن قتل هذا الشاب هو جريمة تهدد الأمن القومي اللبناني وجريمة بحق الوحدة الوطنية اللبنانية، ولكن لا يجوز أن تقابل عملية ضبط النفس من جانبنا بتجاهل وعدم تحمل للمسؤولية من الفريق الآخر.
إننا نتوجه بالتحديد إلى وزير العدل بصفتيه، الأولى كإبن لمدينة طرابلس التي جرت فيها الجريمة، فكان ينبغي على الأقل كأهل للشهيد أو كأهل له بالمعنى السياسي العام أن نسمع منه موقفاً واضحاً يندد بالجريمة ويؤكد على بقاء طرابلس مدينة للعيش المشترك لا أن ينجح البعض في تحويلها إلى إمارة مذهبية أو إلى منطقة موقوفة على طائفة بعينها، فعندما احترقت مكتبة في مدينة طرابلس أخذ الفريق الآخر موقفاً بإدانة الحرق وأكدوا على ضرورة العمل من أجل تفعيل العيش المشترك، ولكننا لم نسمع من وزير العدل أي موقف يعلن بصدد جريمة اغتيال الشاب فواز بزي بصفته زعيماً قد جرت فيها هذه الجريمة، وبوصفه ممثلاً لقاعدة شعبية فيها، وأمّا بصفته الثانية كوزير للعدل فإننا لم نسمع منه أنه قد حرّك النيابات العامة لإلقاء القبض على القتلة المعروفين بالإسم، ولكن عندما حرق علم داعش صدّر بياناً ووجه النيابات العامة لإعتقال أو استدعاء لمن قام بعملية الحرق، ونسأل هل قتل الشاب فواز بزي الذي ينتمي إلى بيئة معينة في منطقة تنتمي إلى بيئة أخرى لا يشكل تهديداً للوحدة الوطنية، أليس من مسؤولية وزير العدل بوصفه رئيساً للنيابات العامة حث الإدعاء العام اللبناني للقيام بواجبه، فإننا لم نسمع لا مذكرات توقيف أو لائحة بحق أحد، فإذا أهل الشهيد قد ضبطوا أنفسهم فهذا لا يعني أن المسؤولية قد سقطت عن الفريق الآخر وأن لا يتحملها، فهذا الفريق مسؤول بالشراكة التامة وبالتكافل التام معنا على حماية الوحدة الوطنية التي هي حاجتنا، ولكنها بالقدر نفسه هي حاجة الفريق نفسه، فلولا أن شعبنا ليس على مستوى عالٍ من الإدراك للمسؤولية الوطنية فإن هذه الحادثة كان من الممكن أن تكون شرارة لشر مستطير.
إن السلطة السياسية لم تحسم أمرها في مواجهة المجموعات التكفيرية التي اختطفت جنود الجيش اللبناني وعسكريين من قطاعات أخرى، وحتى الآن لم تتصرف هذه السلطة على قاعدة حسم الموقف، ولا زالت في ترددها تعطي فرصة لتلك المجموعات التكفيرية بإخضاع الدولة اللبنانية وبإبتزاز اللبنانيين في مشاعرهم أكثر فاكثر وصولاً إلى حالات غير مقبولة من التعاطي مع هذه الحالة لأننا ما تعودنا أن نتعاطى إلاّ من موقع العزة والإقتدار مع أعدائنا الذين يواجهوننا لا من موقع الخاضع والذي يفتش عن طريقة للإستسلام، ومن يتحمل مسؤولية عدم حسم السلطة السياسية لقرارها هو الفريق الآخر وتحديداً شركاؤنا في المعادلة السياسية أي حزب المستقبل، فلا يقدر أن يستمر في سياسة غير واضحة في مواجهة التكفيريين، فإذا كان هناك خوف فلنتصارح، ونحن نستطيع بتضامننا جميعاً معاً كلبنانيين أن نهزم المجموعات التكفيرية أياً كان شأنها، وسيجد الجميع أننا في حزب الله وفي حركة أمل وفي فريقنا السياسي سنكون إلى جانبه في مواجهته للمجموعات التكفيرية من أجل إلحاق الهزيمة التامة بها، ونسأل ماذا ينتظر حزب المستقبل، هل ما يزال يشك في أن المجموعات التكفيرية هي خطر يهدد الأمن الوطني اللبناني مع العلم أنه هناك إجماع من حلفائه الأساسيين والدولين والإقليميين على أن هذه المجموعات تشكل خطراً على الأمن الإقليمي والوطني والدولي، فالأمر ما عاد يحتمل تسويفاً أو مماطلة لأن هذا يعطي الوقت والفرصة والوقائع التي يمكن أن يستغلها التكفيريون لزيادة تغلغلهم في بعض البيئات اللبنانية، ونحن لا نحمل المسؤولية لأحد لناحية احتضان البيئة، بل نحمّل المسؤولية لفريق في عينه بالصمت عن المواجهة.
إنه ما عاد ينبغي ترك الجيش اللبناني مقيداً بعدم الوضوح بالقرار السياسي، ولقد قلنا في مجلس الوزراء وقال رئيسه أن لدى لبنان أوراق قوة وهذا نعرفه جيداً، ففي عملية التفاوض نحن بحاجة إلى تلك الأوراق التي إذا لم نمتلكها تتحول عملية التفاوض إلى استسلام، فلماذا لا تبادر الدولة اللبنانية إلى تفعيل أوراق قوتها في مواجهة التكفيريين، فالمطلوب اتخاذ قرارات جريئة بتفعيل أوراق القوة بعد حسم القرار المطلوب في مواجهة التكفيريين، فكل من يفترض أن تأخير مواجهة التكفيريين تخدم المصلحة الوطنية اللبنانية هو واهم، فلا يمكن أن يختار أحد بين الفتنة المذهبية ومواجهة المجموعات التكفيرية.
إننا من خلال مواجهة التكفيريين نمنع لبنان من السقوط في هذه الفتنة المذهبية التي يسعى إليها التكفيريون، وغير صحيح أن تأخير المواجهة مع التكفيريين هو الذي يجنب لبنان فتنة مذهبية بل تاخيرها هو الذي يؤدي إلى فتنة مذهبية، بينما حسم القرار يؤدي إلى صيانة الوحدة الوطنية اللبنانية، ونقول ذلك من موقع العارف والمدرك والمجرب والخبير أن هؤلاء التكفيريين عندما يواجهون بإرادة صلبة سوف ينهزمون ويسقطون، وهكذا كان مصيرهم أمامنا في ساحات المواجهة التي إلتقينا فيها معاً، ولذلك ندعو الجميع إلى حسم خياراتهم في هذا الإتجاه ومواجهة التكفيريين لمنع الفتنة المذهبية، وحسم قرار السلطة السياسية تجاه تكليف الجيش اللبناني بما يراه مناسباً لتعزيز وضعه الميداني ولتعزيز وضع الدولة اللبنانية التفاوضي، وتفعيل قدرات القوة التي يمتلكها لبنان وعدم الإعتماد على إتجاه واحد.