كلمة النائب نواف الموسوي خلال احتفال تأبيني في بلدة شحور 14-9-2014
كلمة لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب السيد نواف الموسوي خلال احتفال تأبيني في بلدة شحور الجنوبية، جاء فيها:
إننا قدمنا التضحيات من أجل تحرير بلدنا من الإحتلال الإسرائيلي، وحررناه دون أن يكون لأحد علينا منّة في تحرير هذه الأرض من المحتل، ويوم كان يشك معظم الناس في جدوى أسلوب المقاومة اعتمدناه وأظهرنا للناس ولو بعد حين أنه لولاها لما تحررت الأرض، وبهذه الثقة نفسها واجهنا الخطر الذي قرأناه باكراً منذ أكثر من سنتين للدفاع عن المقاومة وعن لبنان بطوائفه جميعاً حيث أن هذا الخطر تمثّل على شكل هجوم متعدد الجنسيات على الأشقاء في سوريا وكان هدفه ولا يزال إسقاط المقاومة على مستوى الدولة والشعب في سوريا وإسقاطها أيضاً في لبنان.
إنه ومنذ أكثر من سنتين ونحن نقدم الشهداء منتصرين في كل معركة خضناها مع المجموعات التكفيرية، وكتب الله لنا النصر عليهم، وهزمناهم ونخبرهم جيداً ونعرف نقاط ضعفهم ولا يُهيبون أحداً من مقاتلينا، وكان لمقاتلينا في ساحة المواجهة اليد العليا حين نتواجه قبال بعضنا البعض، وأخرجناهم من حصونهم ومن القرى التي اتخذوا أهلها رهائن ومن جحورهم وليس من أنفاقهم، لأن الأنفاق هي للمقاومة والجحور هي لهم.
إنه حين يشعر العالم بأسره اليوم بخطر المجموعات التكفيرية عليه، فإننا نسمع حينها ملكاً عربياً يتحدث عن الخطر، بل يجمع في بلده ممثلين لأكثر من عشرين دولة تدعمهم عشرون دولة أخرى ويناقشون في كيفية مواجهة هذه المجموعات التكفيرية، ويقف رئيس دولة أوروبية تبعد آلاف الكيلو مترات عن لبنان ليرفع ويعلن حالة التأهّب إزاء خطر المجموعات التكفيرية، ويصل الشعور بالخطر أيضاً إلى حد الولايات المتحدة الأميركية نفسها صاحبة القوة العسكرية العظمى في العالم، فما اكتشفه العالم بالأمس على أن المجموعات التكفيرية هي خطر يتهدد أمنه واستقراره وسلامته ووجوده نحن استشعرناه منذ أكثر من سنتين، وعرفنا أن لبنان سيكون في مهب الرياح وأنه لن يبقى لا بطوائفه ولا بمجموعاته ولا بأحزابه وبأفكاره لو تمكنت المجموعات التكفيرية من السيطرة على سوريا، ولكان هجّر من هجّر وسبي من سبي وقتل من قتل مثل ما رأى العالم بأمّ عينه ما جرى في الموصل من تهجير للمسيحيين ومن سبيٍ للنساء الإيزيديات وبيعهم في سوق النخاسة، وهذه الصورة كانت ستكون صورة لبنان لولا أننا لم نقف منذ سنتين لنهزم التكفيريين عند خطوط صلبة غير قابلة للإختراق.
إن من صنع الحصانة والمناعة للبنان في مواجهة الخطر التكفيري هم الشهداء والمجاهدون الذين لازالوا حتى الآن في مواقع القتال يواجهون التكفيريين، ولذلك نحن نعرف أن اللبنانيين جميعاً قلقون من خطر المجموعات التكفيرية حتى لو كابر بعض الزعماء السياسيين ونفوا ذلك، فنحن نعرف بعضنا جيداً في لبنان وليس هناك أحد بعيد عن الآخر، وكلنا نعرف حجم القلق الذي يساور اللبنانيين بطوائفهم جميعاً، ولكن أقول إننا وأهلنا لسنا قلقين لأن هذا الخطر سبق أن جربنا مواجهته وانتصرنا عليه، وبيدنا القدرة على أن نهزم المجموعات التكفيرية من قبل أن تصل إلى لبنان كما فعلنا في سوريا، ولكن المسؤولية ليست علينا، فهي مسؤولية السياسيين جميعاً في لبنان خصوصاً من يكابر على الخطر التكفيري ومن لا يزال مصراً على افتعال المشاكل السياسية مع حزب الله الذي يحرص على عدم الدخول في سجال سياسي مع أحد على الرغم من قساوة الحملات السياسية والإعلامية التي تشن علينا والتي نحن قادرون أن نرد عليها، ونسأل هل مصلحة البلد الآن هي في إذكاء السجالات السياسية التي تصدّع الوحدة الوطنية، ولذلك نقول للإعلام والسياسيين في لبنان إتقوا الله في هذا البلد، فاللعب اليوم على الغرائز المذهبية والطائفية يمكن أن يطيح بلبنان بأسره، فلا تستغلوا الصغائر لكي تقلّبوا اللبنانيين على بعضهم البعض، فاللبنانيون مهددون بخطر يُجمع العالم على توصيفه.
إننا بالأمس عضضنا على الجرح حين قام قتلة معروفون بالإسم بقتل الشاب فواز بزي بباب التبانة في طرابلس، ونسأل هل صدّعنا الوحدة الوطنية وأقمنا السجالات أم ضبطنا النفس وتصرفنا بمسؤولية حتى لا نسمح لأحد أن يستغل أي شعور أو غضب لكي يفجر البلد في نزاعات داخلية، فيتمكن التكفيريون حينها من القضاء على المتنازعين كما فعلوا في الموصل، لأن النزاعات هناك هي من أوصل الأمور إلى ما هي عليه، وقد باتوا يشكون من سيطرة التكفيريين عليهم.
إن المسؤولية الوطنية اليوم تفرض على الجميع إعلاميين وسياسيين أن يعملوا على إبعاد كل ما من شأنه أن يصدع الوحدة الوطنية ولا سيما إثارة السجالات السياسية والفتن المذهبية، ونقول للجميع إذا كنتم مصرين على السجال معنا فثقوا أنكم لم ولن تغيروا من موقفنا شيئاً، فأنتم تساجلوننا منذ عام 2005 وما زلتم حتى اليوم ، فهذا ليس إلاّ أنكم تعبئون جمهوركم من جهة وتستفزون جمهورنا من جهة أخرى وتضعون البلد على حافة المواجهة، فكفّوا عن السجال وأعلنوها وقفة مسؤولة لمواجهة الخطر التكفيري، واعملوا معاً ونحن أمامكم من أجل تدعيم الوحدة الوطنية وترسيخها.
إن لبنان ليس ضعيفاً، ولبنان الذي كان قادراً على دحر المحتل الإسرائيلي لا يجوز أن يخضع لمجموعة من التكفيريين تكمن في جرود عرسال، فهو أقوى من أن يمارس عليه مجموعة من التكفيريين عربدتهم وتعجرفهم وتكبرهم من حيث فرض الشروط عليهم، فنحن لسنا ضعفاء ولبنان الدولة والشعب ليس ضعيفاً في مواجهة التكفيريين، فلدينا كلبنانيين الكثير من أوراق القوة التي تضع التكفيريين عند حدهم، وبات من الواجب أن نبادر إلى استخدام هذه الأوراق، ولكن أن يتصرف البعض معنا من موقع الإبتزاز والإستضعاف، فهذا لم نتعوّد عليه، ونحن حتى في مواجهة الإسرائيلي الذي كان يعتقل العشرات ومن ثم الآلاف من شبابنا ما خضعنا له وانتزعنا حقوقنا بالقوة.
إن سبب الضعف الذي يبدو عليه الموقف اللبناني الآن هو أن فريقاً سياسياً آخر لم يأخذ قراراً حتى الآن بمواجهة التكفيريين، ولا يزال يكابر ويطلق النار سياسياً علينا ويتفادى أي مواجهة مع التكفيريين، ونسأل لماذا أيها الفريق الآخر لا تجرؤ على مواجهة التكفيريين، فأنت تقول أنك تمثل 95% من قاعدتك الشعبية، فالذي يملك هكذا نسبة لماذا لا يحاصر ال5% من التكفيريين ويخلّص لبنان من شرهم وأذاهم.
إننا نقول بوضوح أنه يجب أن يخرج الفريق الآخر من مكابرته أو تردده أو خوفه من مواجهة التكفيريين، لأن المكابرة والتردد والخوف لن تفيده بشيء، بل إن هذه العناصر الثلاث تجرّئ التكفيريين عليه، ونحن نقول لهم إننا نمد يدنا إليكم، فإذا كنتم خائفين من الخطر التكفيري أن يستفرد بكم نقول لكم إننا سنكون إلى جانبكم وسنهزم معاً التكفيريين، وليتأكد الفريق الآخر أننا لن نوظف مواجهتهم للتكفيريين سياسياً بالصراع القائم بيننا، فنحن نحيّد كل ما يتعلق بالدفاع عن لبنان في مواجهة التكفيريين عن نزاعنا السياسي، فخذوا قراراً واضحاً بمواجهة التكفيريين ونحن سنكون إلى جانبكم.
إننا نقول ذلك لأننا إذا أردنا حماية لبنان فعلى اللبنانيين جميعاً أن ينخرطوا بطوائفهم وأحزابهم وفرقهم وتياراتهم السياسية في مواجهة التكفيريين، فلا نقول ذلك من موقع الحاجة إلى الشراكة مع أحد بل من موقع ضرورة أن لبنان يُدافع عنه بوحدة وطنية وبجيش لبناني مطلق الأيدي لا مقيد لا يستطيع أن يواجه.