
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في افتتاح مبرة السيدة خولة في بوداي 22-9-2002 في ذكرى ولادة الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام (13 رجب)
لمناسبة ولادة الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام (13 رجب) و برعاية وحضور الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، تمّ افتتاح مبرة السيدة خولة للأيتام وقاعة الإمام الخميني في مجمع المرتضى التربوي في بلدة بوداي، بحضور الوكيل الشرعي العام للإمام الخامنئي في لبنان سماحة الشيخ محمد يزبك، وزير الشؤون الإجتماعية أسعد دياب، النواب عمار الموسوي وحسين الحاج
المعاون التنفيذي لسماحة الأمين العام للشؤون البلدية السيد حسين الموسوي، ممثل مكتب السيد القائد الشيخ أنصاريان، وفعاليات حزبية وسياسية واجتماعية وعلمائيّة وبلدية ومخاتير وعدد كبير من أبناء البلدة والجوار.
وبعد كلمة ترحيبية ألقاها مدير المجمع الأستاذ محمد شمص، ألقى الوزير دياب كلمة بارك فيها إقامة هذا المشروع الذي يعتبر بوابة للخير وأحد الصروح التربوية التي تبنى في ميناء الوطن وليس غير الوطن ولأجل الوطن. ونوّه بالمقاومة التي زرعت فينا ثقافة جديدة وروحا جديدة، وأكّد أنّ هذه المقاومة حق لتحرير الأرض، ووحدتنا حق والتلاحم اللبناني ـ السوري حق ومقاومة استمرار احتلال الأرض حق إلى جانب مقاومة الفقر والجهل والتخلف، وهي السبيل الوحيد إلى النصر وقال إذا كان الداء الاستكانة فالدواء الشموخ عن الذل.
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ألقى كلمة دعا فيها إلى الاستلهام من البعد الجهادي من الإمام علي وثقافته ونَفَسِه وخطابه الاستنهاضي ولَفْتِه وحماسته وعنفوانه، وهو المقاتل بين يدي رسول الله (ص) وهو الذي أوجد واستنهض حركة المقاومة الإسلامية في لبنان والقوافل الكبيرة من الشهداء والمجاهدين.
وتطرق سماحته إلى الوضع الاقتصادي ، فحمّل الدولة مسؤولية تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية والإنسانية، وجدد قلقه لما وصلت إليه الأمور، وقال :" إنّ الأحزاب والمؤسسات والجمعيات الخيرية والقوى والمجتمع الأهلي والمجتمع المدني جميعها لا تستطيع أن تكون بديلا عن الدولة أو تتوفر لها إمكاناتها، وللأسف الشديد ما زالت الدولة تتعاطى بعقلية وروحية مختلفة وتتجاهل المحرومين في المناطق المحرومة في بعلبك الهرمل وعكار وحزام البؤس في الضاحية وبعض مناطق الجنوب وجبل لبنان والشمال، بحيث لا تخلو منطقة من مناطق لبنان من الحرمان والمحرومين من كل الطوائف والمذاهب".
وتطرق سماحته إلى موازنة العام المقبل وعناوينها العريضة ومنها سياسة التقشف، متسائلا: لماذا كانوا يتحدثون عن الحكومة السابقة طالما هناك نفس البرنامج ثم زيادة الضرائب والرسوم؟ فأي خصوصية بقيت للحكومة الحالية وما هو الجديد، فأي حكومة تأتي تقوم بفرض ضرائب على الناس. أضاف : ما هي المعجزة التي قيل عنها أنّها آتية مع الحكومة كما وُعِدْنَا بمعاجز سابقة مع الحكومات السابقة؟.
وقال :" أتصور أنّ في مجلس النواب وخارجه هذه الموازنة لا يمكن ان تناقش ولا يمكن أن تمر كما كان الحال في السنوات الماضية. بالتأكيد نحن مسؤولون والنواب مسؤولون بالدرجة الأولى كونهم موجودون داخل المجلس عن مناقشة مختلفة ومواقف مختلفة لأنّ الأمور وصلت إلى مرحلة بات الناس فيها لا يطيقون أيّة ضرائب جديدة".
وأكّد أنّ الظروف الإقليمية لا يعني أن تفرض الحكومة ضرائب جديدة وأن تمعن في سياسة إهمال المناطق المحرومة، بل بالعكس هذه الظروف تتطلب منها أن تكون أقرب من أي وقت مضى إلى الناس والمرحومين حتّى تجد هؤلاء معها وإلى جانبها في مواجهة التحديات الخطيرة. وقال إنّه :" مقابل الضرائب الجديدة لم تؤمن الحكومة الإنماء المطلوب للمناطق المحرومة، والتلطي خلف الأوضاع الإقليمية الصعبة لفرض ضرائب ورسوم وسياسيات خاطئة بحق الشعب اللبناني على المستوى الإقتصادي هو أمر خاطيء وخطير"، داعيا الجميع إلى التعاطي مع الموازنة بطريقة مختلفة مع تقديري لكل الظروف والصعاب المحيطة بنا.
وأوضح سماحته أنّه عند تعرض لبنان وسوريا للخطر الذين يدافعون عن وحدة البلد وسيادته وعروبته وانتمائه القومي وعزّته وكرامته هم بالدرجة الأولى الفقراء والمستضعفين وسكان بعض المناطق التي تشمئز نفوس بعض المسؤولين من زيارتها أو التودد إليها"، داعيا الحكومة أن تتصالح مع شعبها وأهلها، وهناك مجال للمعالجة من خلال توافر الجرأة والشجاعة لها.
وعلّق على مشروع تخفيض الرواتب للوزراء والنواب بدعوته لزيادة راتب الوزير و "تجعلوه يهدر أو يسمسر أو يجري صفقات مشبوهة من المال العام". ورأى أنّ شجاعة الحكومة بأن تفتح ملف الأموال التي أتت إلى لبنان بقروض وهي بمليارات الدولارات لتبيان أين ذهبت. وقال :" بالطبع هناك جزء منها صرف على الجسور وطرقات ومباني ومؤسسات وفي مجالات يعود نفعها على الناس بمعزل عن موضوع الجدوى، ولكن من المؤكد أن جزءا كبيرا من المال قد نُهِب وهُدِر فلتأتوا بها من أفواه وبطون أؤلئك الناهبين والدولة تستطيع استعادة مليارات الدولارات ولكن الدولة في لبنان لا تملك هذه الجرأة".
ولفت سماحته إلى الآثار السلبية للوضع الاجتماعي والاقتصادي فأكّد أنّ استنقاذ بلدنا لا يكون بأن ننقص من معاشات الوزراء بينما مزاريب الهدر والسرقة والنهب مفتوحة على مصاريعها، وهذا الأمر يحتاج إلى معالجة لما يجري من فساد أمني وويلات وفساد سياسي، محذرا أنّه غدا سنرى جيشا من العملاء حاضر لبيع لبنان للأمريكيين والصهاينة مقابل مئة دولار ثمن بخس ودراهم معدودات إضافة إلى فساد أخلاقي حيث نسمع كل يوم عن جرائم قتل وانتحار مختلفة لم تأتِ من فراغ، وهي نتائج وتبعات الأوضاع الحياتية والمعيشية الخطرة والقاسية والسيئة والتي لا تلقى معالجات حقيقية من قبل الدولة.
وفي موضوع التهديدات الإسرائيلية بشأن مياه الوزاني رأي سماحته أنّ هذه القصة لم تنتهِ فصولا بعد، وتساءل هل قوة لبنان في الموقف الذي يتخذه تكمن في اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي الذي هو مجلس أمن أمريكي، أو في اللجوء إلى الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو منظمة المؤتمر الإسلامي أو الجامعة العربية؟، منتقدا بشدة أصل دخول الأمريكيين على هذا الملف معتبرا إياه خطأ.
أضاف مؤكدا أنّ من يدخل الأمريكيين في ملف مياه الوزاني كأنّما يدخل الإسرائيليين، ومن يقول بوجود سياستين أمريكية وإسرائيلية يكون من باب التبسيط بل التضليل.
وقال : " لماذا أتى الخبراء الأمريكيون وقالوا أوقفوا ضخ المياه حتى نجد الحل! يمكن هذا ما قالوه، أصل الاحتكام أو قبول وساطة أمريكية هو خطأ إن كان قد حصل، نقول للدولة والحكومة وللشعب اللبناني إذا كنتم تريدون أن تشربوا الماء من القسطل الأمريكي فلا تفعلوا أصلا لأنّ هذا الماء الذي تسمح به أمريكا هو ما تسمح به إسرائيل". أضاف أنّنا نريد أن نشرب الماء بعزة وكرامة وشرف كما استعدنا أرضنا ووقفنا أمام العالم كله وقلنا في الجلسات مع أمين عام الأمم المتحدة والسفراء ورؤوساء الدول ووزراء الخارجية في المؤتمرات والإعلام: إنّنا استعدنا أرضنا دون أن يمن علينا أحد بأنّه أعاد إلينا أرضنا، فهي عادت فقط بدماء الشهداء وعرق المجاهدين، واليوم نستطيع أن نشرب ماءنا دون أن يمن علينا أحد لا الأمريكي ولا غيره. مشدّدا
على التماسك الداخلي وعدم السماح بالثغرات في الأداء السياسي والأداء الشعبي وسنكون عند ذلك منتصرين في ملف الوزاني، ولبنان معتمد على المقاومة وهذا الرهان صحيح.
أضاف إذا أراد الإسرائيلي أن يقول أنّنا وراء جر مياه الوزاني فلنا الشرف وبالنهاية الدولة هي التي تتحمل المسؤولية ومشكورة وممتاز هذا الأمر، وهذه سياستنا ونحن لا نعاد أحد، الحكمة عندما تتصرف صح نقول لها أحسنت ونحن نساعدك ونساندك ونحن عندك عسكر، أمّا عندما تتصرف خطأ فمن الطبيعي أنّ ننتقدها ونعترض عليها
وأشار سماحته أنّ الإسرائيلي يقدّر أنّ حزب الله نصب له كمينا يقضي بأنّه عندما يقوم بقصف المضخات والقساطل ومحطات الكهرباء الخاصة بمشروع الوزاني سيتخذ حزب الله هذا الأمر ذريعة ويبدأ بقصف المستعمرات شمالي فلسطين المحتلة وهدفه نصرة الانتفاضة في فلسطين، ولكن اللافتة ستكون الدفاع عن الشعب اللبناني ومياه لبنان.
ودعا الدولة إلى الارتكاز على نقطة القوة والمتمثلة بمقاومته، ولا يضيرنا هذا الأمر بل يسعدنا ونطالب به، مؤكدا خطأ من ينظر إلى المقاومة الإسلامية على أنّها قوة لحزب أو لطائفة أو مذهب أو فئة فهي قوة للبنان والأمّة وعلى الجميع الاستفادة من بركاتها.
وتطرق السيد نصر الله إلى حصار رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات في رام الله، منتقدا سكوت الحكام والرؤوساء العرب والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن وروسيا والصين، وقال:" قد تختلف مع الرئيس عرفات ولكن في نهاية المطاف هو رئيس عربي ومنذ يوم أمس تدمر كل البيوت المحيطة بمكتبه ويبقى مبنى واحد يتواجد فيه عرفات وتطلق عليه القذائف والرصاص العالم كله ساكت". مشيرا إلى أنّ التجربة تقول أنّ الذي يحمي الشعب الفلسطيني في مواجهة الإرهاب الاسرائيلي هو نفسه الشعب الفلسطيني بالدرجة الأولى ومعه كل شريف يتضامن ويقف إلى جانبه".
وعن الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي الأمريكي في إطار ما تسميه محاربة الإرهاب، قال السيد نصر الله إنّ :" القيم الديموقراطية التي يتحدثون عنها تعني سيطرة وهيمنة الولايات المتحدة على العالم وفرض ثقافتهم وإرادتهم وتقاليدهم وعاداتهم ونهب ثرواتنا ونفطنا وبلادنا"، مؤكدا أنّ أمريكا اليوم في قمة الطغيان والاستكابر والعلو والعنجهية وخياراتنا المفتوحة تتمثل بالمقاومة والجهاد ونحن لا نريد أن نقاتل الأمريكيين في ديارهم ولكن إذا أرادوا غزو منطقتنا فسنواجههم بالمقاومة لأننا نملك شرعية وقدرة الدفاع عن أنفسنا.
وفي ختام الحفل أزاح السيد نصر الله والحضور الستارة عن لوحتين تذكاريّتين .